استقبال القبلة عند قضاء الحاجة حكمه….؟
السؤال:
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «لا تستقبلوا القبلة بغائط ولا بول، ولكن شرقوا أو غربوا» الحديث، والسؤال هنا: أن بعض المراحيض والحمامات في البيوت والمنازل تجاه القبلة، فما الحكم؟
الجواب:
الأحاديث الصحيحة في النهي عن استقبال القبلة واستدبارها حول قضاء الحاجة كثيرة، تدل على تحريم استقبال القبلة واستدبارها عند قضاء الحاجة؛ البول أو الغائط، وهذا في الصحراء، وهو أمر واضح، وهو الحق؛ لأن الأحاديث صريحة في ذلك، فلا ينبغي ولا يجوز أبدًا استقبال القبلة واستدبارها في الصحراء بالبول أو الغائط، أما في البنيان فاختلف العلماء في ذلك، فقال بعضهم: يجوز في البناء؛ لأنه ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- «أنه في بيت حفصة قضى حاجته مستقبل الشام، مستدبر الكعبة»، كما رواه البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث ابن عمر-رضي الله تعالى عنهما-. قالوا: هذا يدل على أنه لا بأس في استقبالها واستدبارها في البناء، لأن الإنسان مستور بالأبنية، والأصل أنه يفعل ذلك للتشريع، ويتأسى به -عليه الصلاة والسلام- في أفعاله، فلما فعل ذلك دل على جوازه؛ لأنه -عليه الصلاة والسلام- «قضى حاجته على لبنتين مستقبل الشام مستدبر الكعبة»، هذا يدل على جوازه في البناء، وقال آخرون: هذا خاص به- صلى الله عليه وسلم- ؛ لأنه إنما فعله في البيت، ولم يشتهر، ولم يفعله في الصحراء، فيدل هذا على أنه خاص به، وأنه يجب على المسلمين عدم استقبالها وعدم استدبارها حتى في البناء؛ عملا بالأحاديث العامة في هذا التعميم، وعدم التخصيص، وهذا القول أظهر أنه ينبغي عدم الاستقبال، وعدم الاستدبار مطلقا في البناء والصحراء، لكن كونه محرما في البناء محل نظر؛ لأن الأصل عدم التخصيص بالنبي -صلى الله عليه وسلم- ، لكنه يحتمل أن يكون هذا قبل النهي، ويحتمل أنه خاص به -عليه الصلاة والسلام- ، فلهذا لا يكون التحريم فيه مثل التحريم في الصحراء، فالأولى بالمؤمن أن لا يستقبل في الصحراء، ولا في البناء، وأن لا يستدبر، لكن البناء أسهل وأيسر، ولا سيما عند عدم تيسر ذلك؛ لوجود المراحيض الكثيرة إلى القبلة، فحينئذ يكون الإنسان معذورا لأمرين؛ الأمر الأول: وجود المراحيض التي في القبلة ويشق عليه الانحراف عنها، والأمر الثاني: ما عرفت من حديث ابن عمر في استقبال النبي -صلى الله عليه وسلم- الشام، واستدبارها الكعبة في قضاء حاجته في بيت حفصة، هذا يدل على الجواز، والأصل عدم التخصيص له -صلى الله عليه وسلم- بذلك، فيكون فعلا جائزا، مع أن الأولى ترك ذلك في البناء، ويكون في الصحراء محرما؛ لعدم ما يخص ذلك، هذا هو الأقرب في هذه المسألة، والله -جل وعلا- أعلم.