سؤال وجواب

ما هو اصح الكتب بعد كتاب الله

اصح الكتب بعد كتاب الله

يتسائل البعض عن اصح الكتب بعد كتاب الله القران الكريم ، وسر بلوغ هذا الكتاب هذه المنزلة الرفيعة عند المسلمين؟ فيما يلي نسرد لكم التفاصيل الكاملة حول هذا الموضوع المهم ، حيث أن اصح الكتب بعد كتاب الله هو «الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه»، الشهير بِاْسم «صحيح البخاري» هو أبرز كتب الحديث النبوي عند المسلمين من أهل السنة والجماعة. صنّفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري واستغرق في تحريره ستة عشر عاماً، وانتقى أحاديثه من ستمائة ألف حديث جمعها، ويحتلّ الكتاب مكانة متقدمة عند أهل السنّة حيث إنه أحد الكتب الستّة التي تعتبر من أمهات مصادر الحديث عندهم، وهو أوّل كتاب مصنّف في الحديث الصحيح المجرّد كما يعتبر لديهم أصحّ كتاب بعد القرآن الكريم.(1) ويعتبر كتاب صحيح البخاري أحد كتب الجوامع وهي التي احتوت على جميع أبواب الحديث من العقائد والأحكام والتفسير والتاريخ والزهد والآداب وغيرها.

اكتسب الكتاب شهرة واسعة في حياة الإمام البخاري فروي أنه سمعه منه أكثر من سبعين ألفاً، وامتدت شهرته إلى الزمن المعاصر ولاقى قبولاً واهتماماً فائقين من العلماء فألفت حوله الكتب الكثيرة من شروح ومختصرات وتعليقات ومستدركات ومستخرجات وغيرها مما يتعلّق بعلوم الحديث، حتى نقل بعض المؤرخين أن عدد شروحه وحدها بلغ أكثر من اثنين وثمانين شرحاً.


اسم الكتاب
لم يقع خلاف بين العلماء أن الاسم الكامل للكتاب هو «الجامع المسند الصحيح المختصر من أُمور رسول الله صلى الله عليه وسلّم وسننه وأيامه» وأن هذا الاسم هو ما سمّاه به البخاريّ نفسه. ذكر ذلك عدد من العلماء ومنهم ابن خير الإشبيلي وابن الصلاح والقاضي عياض والنووي وابن الملقن وغيرهم. وكان البخاري يذكر الكتاب أحياناً باختصار فيسمّيه: «الصحيح» أو «الجامع الصحيح» وسمّاه بذلك عدد من العلماء منهم ابن الأثير وابن نقطة والحاكم النيسابوري والصفدي والذهبي وابن ماكولا وأبو الوليد الباجي وغيرهم. وقد عُرف الكتاب قديماً وحديثاً على ألسنة الناس والعلماء بِاْسم «صحيح البخاري» وأصبح هذا الاختصار معهوداً معزواً إلى الإمام البخاري للشهرة الواسعة للكتاب ومصنّفه.

نسبته للمصنّف
لم يرد شكّ عند العلماء والمؤرخين في نسبة كتاب الجامع الصحيح لمصنّفه الإمام محمد بن إسماعيل البخاري، حيث ثبت ذلك من عدّة وجوه منها أن جمعاً غفيراً من الناس وصل عددهم لعشرات الآلاف سمعوا الكتاب من البخاري نفسه، فروى الخطيب البغدادي عن محمد بن يوسف الفربري أحد أكبر تلاميذ البخاري أنه قال: «سمع الصحيح من البخاري معي نحوٌ من سبعين ألفاً.» وروي أن عدد من سمع منه كتابه الصحيح بلغ تسعين ألفاً. وحدّث تلاميذ البخاري بالكتاب ونقلوه عنه واتصلت رواية الكتاب سماعاً وقراءةً ونَسخاً بالأسانيد المتّصلة منذ زمن البخاري إلى الزمن المعاصر فتواترت نسبة الكتاب لمصنّفه. بالإضافة إلى عدد من الأمور التي تُثبت صحّة نسبة الكتاب لمصنّفه، منها:

استفاضة ذكره بين العلماء المختصين بهذا الشأن قديماً وحديثاً.
عزو الكتاب إلى مصنّفه في جميع المخطوطات الموجودة للكتاب.
وجود أسانيد رواة الكتاب إلى المؤلف وإثباتها على النسخ الخطية.
النقل والاستفادة من الكتاب ونسبة الكتاب لمؤلفه عند علماء الإسلام الذين عاصروه وجاؤوا بعده وصنفوا الكتب في هذا العلم.

لماذا كان صحيح البخاري أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى؟

يتساءل البعض عن السر في بلوغ الإمام البخاري هذه المنزلة الرفيعة عند المسلمين؟ولماذا أصبح كتابه: أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى؟!

والجواب: أن الجهود العظيمة التي خدم فيها الحديث النبوي هي التي بوأته هذه المكانة، وأن قياس الأثر الذي أحدثه فيما يتعلق بميدان الحديث النبوي يكفي للتدليل على هذه المقولة، وهذا البحث هو محاولة لبيان ذلك.

ومن يدرس حياة الإمام البخاري يجد أنه كان صاحب هدف كبير، ألهمه وهو في ابن عشر سنوات، ووفق لتنفيذه في مدة نصف قرن. وأصبح كتابه أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى. وصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم القائل: “لا يزال الله يغرس في هذا الدين غرساً يستعملهم في طاعته”

ولدى دراستي لهذا الموضوع ظهر لي أن السر الكامن وراء اختيار الأمة لذلك أسباباً كثيرة لعل أهمها أربعة أسباب، وهي:

السبب الأول: أخذ الإمام البخاري الحديث النبوي عن كبار المحدثين، ورحلاته الواسعة في طلبه:

نشأ الإمام البخاري (194-256هـ). في أعظم مدن ما وراء النهر في وسط آسيا: بخارى. وكانت ضمن ما يسمى بخراسان، وكانت تشمل عدة مدن، منها مثلاً: بخارى وسمرقند وخوارزم في أوزباكستان، ونيسابور في إيران، وبلخ وهراة في أفغانستان، ومرو في تركمانستان، وفاراب في كازاخستان.

وكانت خراسان الكبرى تنعم بالأمن، وتشجيع العلماء من قبل ولاتها الطاهريين.

وقد نشأ في أسرة صالحة، فقد مات أبوه وهو صغير، فنشأ في حِجْر أمِّه، وكان أبوه قد ترك مالاً حلالا أعانها على تربيته التربية الصالحة، قال أبوه “إسماعيل” عند وفاته: “لا أعلم في مالي درهمًا من حرامٍ ولا شبهةٍ”

وفي صغره ذهبت عيناه في صِغَره، فألهم الله سبحانه أمه أنْ تلجأ إليه، وتتوسل بكرمه وجوده. فكانت إذا أسدلَ الليلُ أستارَه تقومُ فتتوضأ وتقفُ بين يدي مولاها باكيةً داعيةً شاكيةً إليه ما نزَلَ بعيْنَي “محمدٍ” مِنْ عمى، وما نزَلَ بقلبها مِن همٍّ، وما نزَلَ بالبيت مِنْ حُزن.

وذات ليلةٍ رأت خليلَ الرحمن إبراهيم – عليه الصلاة والسلام – في المنام، فقال لها: “يا هذه، قد ردَّ الله على ابنك بصره بكثرة دعائك أو بكائك”، فأصبح وقد ردَّ الله له بصره

وعاش في مطلع القرن الثالث الهجري، وهو العصر الذهبي للحديث النبوي.

فأخذ عن محدثي بلده، ثم قام برحلات واسعة في أهم مدن العالم الإسلامي، فقد طاف بلادَ: خراسان، والحجاز، والعراق والشام ومصر، وكتب الحديث النبوي عن ألف وثمانين شيخاً، هم شيوخ الحديث في ذلك القرن، خمسة منهم لقبوا بأمراء المؤمنين في الحديث، وهم: الفضل بن دكين الكوفي (ت:210هـ)، وهشام بن عبدالملك الطيالسي البصري(ت:227هـ) وعلي بن المديني البصري (ت:234هـ)، وإسحق بن راهويه المروزي (ت:235هـ)، ومحمد بن يحيى الذهلي النيسابوري  (ت:258هـ)، وأخذ عن الإمام أحمد بن حنبل، ويحيى بن معين رضي الله عنهم أجمعين.

وفيهم من وصف بأنه من أتباع التابعين، مثل الإمام مكي بن إبراهيم (ت:214هـ)، وغيره. فنال بذلك رتبة تَبَع الأتباع.

ولهذا كان عدد مروياته كثيرة جدا، وقد قال مرة: “ما نمت البارحة حتى عددت كم أدخلت مصنفاتي من الحديث، فإذا نحو مئتي ألف حديث مسندة”

ومروياته أكثر من هذا العدد بكثير، فقد كان يقال: “صنَّفْتُ “الجامع” من ستمائة ألف حديث، في ست عشرة سنة، وجعلته حُجَّةٌ فيما بيني وبين الله”

وهذا يعني أنه أحاط بالسنة في عصره.

السبب الثاني: جهوده المباركة في خدمة الحديث النبوي وعلومه من خلال التصنيف:

وكان من أعظم جهوده في خدمة الحديث النبوي وعلومه تلك المؤلفات الكثير المباركة التي صنفها، فقد ابتدأ البخاري بالتصنيف منذ حدَاثة سنه؛ وعندما بلَغ الثامنة عشرة عامًا صنَّف: “قضايا الصحابة والتابعين وأقاويلهم”. وقد تجاوز عدد مؤلفاته (30) كتاباً منها ما حفظ ونقل، ومنها ما فقد واختفى.

وكان رحمه الله موفقا في التأليف، فهو يراعي المستويات والتخصصات، فتراه يألف الجامع الكبير للمختصين، ويألف الجامع المختصر لكل المستويات كما يظهر ذلم من مؤلفاته.

وكان متقنا في التصنيف، فقد جاء عنه أنه قال: “صنفت جميع كتبي ثلاث مرات”

وكان مخلصاً يبتغي بذلك وجه الله تعالى، وكان يدعو الله أن يبارك بمؤلفاته، فكان يقول: «أرجو أن الله تبارك وتعالى يبارك للمسلمين في هذه المصنفات..»

وأرى أنَّ الله استجاب دعاءه، وبارك في مؤلفاته، ولاسيما كتابه: الجامع الصحيح.

 

                     
السابق
نتائج التوجيهي – الثانوية العامة فلسطين مسربة 2021
التالي
سبايدر مان يأشر على نفسه

اترك تعليقاً