بالله ارد انشدك ماي شربته مكتوبة
البِدارَ البِدارَ آلَ نِزارِ قدْ فُنِيتُمْ بِينَ بِيضِ الشِّفارِ
سَلَبَتْكُم بِالطَفِّ أيُّ نُفوسٍ ألبَسَتْكُمْ أَسىً مَدى الأَعمارِ
يَومَ جُذَّتْ بِالطَفِّ كُلُّ يَمينٍ مِنْ بَنِي غَالِبٍ وَكُلُّ يَسارِ
لا تَلِدْ هَاشِمِيَّةٌ عَلَوِياً إنْ تَرَكْتُمْ أُمَيَّةَ بِقَرارِ
طَأطِئُوا الرُؤوسَ إنَّ رَأْسَ حُسَينٍ رَفَعَتْهُ فَوْقَ القَنا الخَطَّارِ
لا تَذوقُوا المَعينَ واقضُوا ظَمَايا بَعْدَ ظَامٍ قَضَى بِحَدِّ الغِرارِ
أَنِزارُ نُضُّوا بُرودَ التهانِي فَحُسينٌ على البَسِيطَةِ عاري
لا تَمُدُّوا لَكُمْ عنِ الشمسِ ظِلَّاً إنَّ في الشمسِ مُهجَةَ المُختارِ
|
حَقَّ أنْ لا تُكَفِّنوا عَلَوِيّاً بَعدَما كَفَّنَ الحُسينَ الذَاري
لا تَشُقُّوا لِآلِ فِهْرٍ قُبوراً فَابنُ طَهَ مُلْقىً بِلا إقْبارِ
هَتِّكُوا عنْ نِسائِكُمْ كُلَّ خِدْرٍ هذهِ زَينبٌ على الأَكوار
ِأبوذيّة:
يناعي لو شفت شيعة وساده اخبرهم بالجره اعلينه وساده
احسين الرمل صاير له وساده ثلث تيّام مرمي اعلى الوطيّه
شعبي:
يجدي گوم شوف احسين مذبوح على الشاطي وعلى التربان مطروح
يجدي ما بگت له من الطعن روح يجدي قلب اخوي احسين فطّر
يجدي مات محّد وگف دونه ولا نغّار غمضله اعيونه
يعالج بالشمس منخطف لونه ولا واحد ابحلگه ماي قطّر
لمّا ارتحل عسكر ابن سعد عن كربلاء وساروا بالسبايا والرؤوس، مشت نساء يني أسد إلى المعركة وكانت في حيٍّ قريب من الواقعة، فرأت جثث أولاد الرسول وأفلاذ حشاشة الزهراء البتول وجثث أنصارهم تشخب الدماء من جراحاتهم فتداخل النساء من ذلك تمام العجب، فابتدرن إلى حيِّهن وقلن لأزواجهن ما شهدن ثمّ قلن لهم: بماذا تعتذرون من رسول الله وأمير المؤمنين وفاطمة الزهراء إذا وردتم عليهم حيث إنَّكم لم تنصروا أولادهم ولا دفعتم عنهم بضربة سيف ولا بطعنة رمح؟!.
وبقيت النسوة يجلن ويقلن لهم: إن فاتتكم نصرة تلك العصابة النبويّة فقوموا الآن إلى أجسادهم الزكيّة فواروها، فبادِروا إلى مواراة أجساد آل الرسول وادفعوا عنكم بذلك العار.
فقالوا: إنّا نخاف من عبيد الله بن زياد وابن سعد تصبحنا خيولهم وينهبوننا أو يقتلوا أحدنا.
وقال كبيرهم: الرأي أن نجعل عيناً على طريق الكوفة ونحن نتولّى دفنهم، قالوا: هذا الرأي السديد.
ثمّ إنّهم وضعوا لهم عيناً وأقبلوا إلى جسد الحسين عليه السلام ، وصار لهم بكاء وعويل، ثمّ إنّهم اجتهدوا على أن يحرّكوه من مكانه ليشقّوا له ضريحاً فلم يقدروا أن يحرّكوا عضواً من
أعضائه، فقال أحدهم: ما ترون؟ قالوا: نجتهد أوّلاً في دفن أهل بيته ونرى رأينا فيه (في جسد الحسين عليه السلام ).
فقال كبيرهم: كيف يكون دفنكم لهم وما فيكم من يعرف هذا من هذا، وهم كما ترون جثث بلا رؤوس قد غيّرت محاسنهم الشمس والتراب؟
وإذا بفارس طلع عليهم على متن جواده وقد ضيّق لثامه فلمّا رأوه انكشفوا عن تلك الجثث الزواكي، فأقبل ونزل عن جواده وصار منحنياً كهيئة الراكع حتّى أتى ورمى بنفسه على جسد الحسين عليه السلام ، فجعل يشمّه تارة ويقبّله أخرى، وقد بلَّ لثامه من دموع عينيه، ثمّ رفع رأسه ونظر إلى بني أسد وقال: ما وقوفكم حول هذه الجثث؟ قالوا: أتينا للتفرّج عليها، قال: ما كان هذا قصدكم، فقالوا: نعم يا أخا العرب الآن نطلعك على ما في ضمائرنا، أتينا لندفن جسد الحسين عليه السلام..
قال بنو أسد: فخطَّ لنا خطّاً في الأرض وقال: احفروا هاهنا ففعلنا، ووضعنا فيها، سبعة عشرة جثّة. ثمّ خطَّ لنا خطّاً آخر وقال: احفروا هاهنا ففعلنا، ووضعنا فيها باقي الجثث واستثنى جثّة واحدة فأمرنا أن نشقَّ لها ضريحاً ممّا يلي الرأس الشريف ففعلنا.
وقال لهم: أمّا الحفيرة الأولى ففيها أهل بيته، وأمّا الحفيرة الثانية ففيها أصحابه، وأمّا القبر المنفرد ممّا يلي الرأس الشريف، فهو حامل راية الحسين عليه السلام حبيب ابن مظاهر.
ثمّ أقبلنا لنعينه على جسد الحسين عليه السلام وإذا هو يقول لنا: أنا أكفيكم أمره، فقلنا: يا أخا العرب كيف تكفينا أمره وكلّنا اجتهدنا على أن نحرّك عضواً من أعضائه فلم نقدر عليه، فبكى بكاءً شديداً وقال: إنّ معي من يعينني عليه، ثمّ جثى على الأرض وبسط كفّيه تحت ظهره الشريف وهو يقول: بسم الله وبالله، وفي سبيل الله، وعلى ملّة رسول الله، هذا ما وعد الله ورسوله، وصدق الله ورسوله، ما شاء الله، لا حول ولا قوّة إلّا بالله العليّ العظيم.
وقيل إنّه قال: يا بني أسد عليّ بحصيرة!! قالوا: ما تصنع بها. قال: لأضع عليها أوصال الحسين عليه السلام المقطّعة، فناولوه حصيرة جمع عليها أوصال الحسين عليه السلام.
وقيل أيضاً: إنّه عليه السلام أخذ يبحث قريباً من جسد الحسين عليه السلام عن شيء لم يكن يدري ما هو، وإذا به ينحني إلى الأرض فيحمل إصبعاً كان قد قطع من أصابع الحسين عليه السلام ثمّ وضعه في محلّه من يد أبيه الحسين وأنزل أباه في قبره وحده لم يشرك
معه أحداً من بني أسد.
(العادة عندما يودّع الميّت يقبّل في جبينه! أو يوضع الخدّ على خدّه! ولكن الحسين عليه السلام كان جثّة بلا رأس، فكيف ودّعه الإمام زين العابدين عليه السلام ؟!)..
قال بنو أسد: فرأيناه قد وضع خدّه على نحره الشريف، وهو يبكي وسمعناه يقول: طوبى لأرض تضمّنت جسدك الشريف، أمّا الدنيا فبعدك مظلمة، وأمّا الآخرة فبنورك مشرقة، أمّا الحزن فسرمد، وأمّا الليل فمسهّد، حتّى يختار الله لأهل بيتك دارك التي أنت مقيم بها، وعليك منّي سلام الله يا بن رسول الله ورحمة الله وبركاته. ثمّ أشرج عليه اللِّبن وأهال عليه التراب.
ثمّ وضع كفّه على القبر وجعل يخطّ القبر بأنامله، وقال بعضهم إنّه كتب: هذا قبر الحسين بن عليّ بن أبي طالب الذي قتلوه عطشاناً غريباً.
وقيل: وضع الطفل الرضيع إلى جنب والده في قبره، بناءً على وصيّة سابقة من الحسين عليه السلام لولده زين العابدين عليه السلام قال له: بني إذا جئت لمواراة الأجساد وسِّد رضيعي إلى جنبي.
بويه الطفل خلّه اعلى صدري وابرفق حط نحره اعلى نحري
لا ينثلم جرحه يذخري
قال بنو أسد: ثمّ التفت إلينا وقال: انظروا عل بقي أحد؟ فقالوا: نعم يا أخا العرب بقي بطل مطروح حول المسنّاة، كلّما حملنا جانباً منه سقط الآخر، لكثرة ضرب السيوف والسهام.
فقال عليه السلام: امضوا بنا إليه، فمضينا فلمّا رآه انكبّ عليه يقبّله وهو يقول: على الدنيا بعدك العفا يا قمر بني هاشم!
يعمي اخلاف عينك يسرتنا اعداك گوم انهض واشهر سيفك الفتاك
هذا الواك ما تنهض تشيل الواك نايم يا ذخر زينب او كلثومه
ثمّ أمرهم أن يشقّوا له ضريحاً، قال بنو أسد: ففعلنا ثمّ أنزله وحده ولم يشرك معه أحداً منّا، ثمّ أشرج عليه اللِّبن وأهال عليه التراب.
ثمّ مضى إلى جواده فتبعناه ودرنا عليه نسأله عن نفسه فعرّفهم أوّلاً بالقبور قبراً قبرا، وأمرهم أن يعملوا النّاس ويعرّفوهم قبر الحسين عليه السلام وأصحابه، ثمّ قال: وأمّا أنا فإمامكم عليّ بن الحسين عليهما السلام ، فقلنا له: أنت عليّ؟! فقال: نعم، فأقبلوا عليه يقبّلونه ويقولون: عظّم الله لك الأجر بأبيك الحسين، قالوا فغاب عن أبصارنا.
قال الراوي: ورجع إلى الكوفة وإذا بعمّته زينب عليها السلام التي كانت قلقة عليه تستقبله بقولها: يا بن أخي أين كنت هذا اليوم إلى هذه الساعة؟ قال: عمّه مضيت إلى دفن أبي الغريب، فبكت وقالت: يا بن أخي إلى الآن لم يدفن أبوك الحسين؟!
بالله ارد انشدك ماي شربته يدفّان بخيّت قلبه لو دفنت احسين عطشان
بالله ارد انشدك ماي شربته يدفّان بخيّت قلبه لو دفنت احسين عطشان
بالله يدفّان ارد انشدك رد عليّه عطشان خويه لو شرب قطرة اميّه
وحين الدفنته كان بخيّت المنيّه خاطر ترد روحه تراه مات لهفان
بالله يحفّار القبر وسّع باب قبره وسهم لبقلبه من تنزّله بهون جرّه
من نزّله بهيده ترى مكسور صدره ظل بالمعركة تلعب عليه الخيل ميدان
يا نازِلِينَ بِكَرْبَلا هَلْ عِنْدَكُمْ خَبَرٌ بِقَتلانا وَما أَعْلامُها
مَا حَالُ جُثَّةِ مَيِّتٍ في أَرْضِكُم بَقِيَتْ ثَلاثاً لا يُزَارُ مَقامُها
باللهِ هَلْ وَاريْتُمُوها في الثَرى وهَلْ استقرَّتْ في اللحودِ مَرامُها