المحتويات
تاريخ وفاة الرسول بالهجري
كم كان تاريخ وفاة النبي بالتقويم الهجري؟ إنّ الناس قديمًا لم يكونوا يعيرون تاريخ المولد والوفاة اهتمامًا بالغًا، ولذلك فقد كان في تحديد يوم وفاة النبي -صلّى الله عليه وسلّم- بعض المشقّة لاختلاف الروايات في ذلك، فتحديد العام كان ممكنًا وهو عام تحفظه الأمّة الإسلاميّة كلّها وهو العام 11 من الهجرة المباركة، وكذلك لا خلاف حول اسم اليوم الذي مات فيه وهو يوم الاثنين، ولكنّ تاريخ اليوم الذي مات فيه -عليه الصلاة والسلام- هو محلّ خلاف، وفيما يأتي تفصيل للخلاف مع الأدلّة:
2 ربيع الأوّل:
ذكره سليمان بن طرخان التيميّ في المغازي ونقله عنه العيني في عمدة القاري، وقال إنّ المرض بدأ مع النبي -عليه الصلاة والسلام- يوم 22 صفر، فكان أول يوم مرض فيه هو السبت، ووفاته كانت الاثنين 2 ربيع الأول، وكذا قال جماعة من المؤرّخين.
1 ربيع الأوّل:
وهو قول منقول عن الليث بن سعد.
12 ربيع الأوّل:
وذكره محمد بن إسحاق في سيرته، ونُقِلَ عن حَبر الأمّة ابن عبّاس أنّه قال كذلك.
قول السهيلي والخوارزمي:
يرى السهيلي في الرّوض الأُنُف أنّ أكثر أهل السِّيَر قد اتّفقوا على أنّ وفاته كانت يوم الاثنين، وقال إنّ أكثرهم كذلك قد ذهب إلى أنّه توفّي -عليه الصلاة والسلام- يوم 12 ربيع الأوّل، وهذا لا يمكن؛ بل لا يمكن أن يكون تاريخ وفاة الرسول هجريًا إلّا في أيّام: 2 أو 13 أو 14 أو 15 من شهر ربيع الأوّل.
وذلك لأنّ المسلمين قد أجمعوا على أنّ وقفة عرفة في حجّة الوداع كانت يوم الجمعة، وبذلك يكون ذو الحجة قد دخل يوم خميس، وشهر المحرّم يكون قد أتى الجمعة أو السبت، فإن كان الجمعة فإنّ شهر صفر يكون قد أتى السبت أو الأحد، فإن كان صفرٌ قد أتى السبت فإنّ ربيع الأوّل يكون قد أتى الأحد أو الاثنين، وعلى أيّ حال دارت الأيّام فإنّ السهيليّ يمنع أن يكون يوم 12 من ربيع كان يوم اثنين، وعلى هذا فيرى السهيلي أنّ أقرب كلام للواقع هو ما قاله الطبري، وأقرب ممّا قاله الطبري ما ذكره الخوارزميّ عالِم الحساب المعروف أنّه توفّي أوّل يوم من ربيع الأوّل، والله أعلم
ما هو تاريخ ولادة الرسول؟
لما بلغ عبد الله بن عبد المطلب ثماني عشرة أو خمساً وعشرين سنة، زوّجه أبوه آمنة بنت وهب من عمّها “وهيب بن عبد مناف” وقد كانت تعيش عنده. فبنى بها عبد الله في مكة فحملت بمحمد، وكانت آمنة تحدّث أنّها حين حملت به أُتِيَت فقيل لها «إنّك قد حملت بسيّد هذه الأمّة، فإذا وقعَ على الأرض فقولي “أعيذه بالواحد من شرِّ كل حاسد”، ثم سمّيه “محمدًا”». ثم لم يلبث أبوه عبد الله حتى خرج إلى الشام للتجارة، فمرّ بالمدينة فأقام عندهم مريضًا شهرًا ثم تُوفي عن عمر خمسة وعشرين عامًا، ودُفن في “دار النابغة” (وهو رجل من بني عدي بن النجار)، وكانت آمنة يومئذٍ حامل بمحمد لشهرين (رأي الجمهور)، تاركًا وراءه خمسة جمال، وقطعة غنم، وجارية حبشية اسمها “بركة” وكنيتها أم أيمن. وبعد أن بقي محمد في بطن أمه تسعة أشهر كملّاً، وُلد في مكة في شعب أبي طالب، في الدار التي صارت تُعرف بدار “ابن يوسف”. وتولّت ولادته “الشِّفاء” أم عبد الرحمن بن عوف.
وقد كان مولده يوم الإثنين، 8 ربيع الأول، أو 9 ربيع الأول أو 12 ربيع الأول (المشهور عند أهل السنة)، أو 17 ربيع الأول (المشهور عند الشيعة)، من عام الفيل، بعدما حاول أبرهة الأشرم غزو مكة وهدم الكعبة، قيل بعده بشهر، وقيل بأربعين يومًا، وقيل بخمسين يومًا (وهو المشهور)، ويوافق ذلك 20 أبريل أو 22 أبريل سنة 571 م على الأصحّ (أو 570 وحتى 568 أو 569 حسب بعض الدراسات).
ويُروى بأن محمدًا قد وُلد مختونًا مسرورًا (مقطوع السرّة)، بينما هناك روايات أخرى تؤيد أن عبد المطلب ختنه يوم سابعه وجعل له مأدبة. وكانت أمّه تحدّث أنّها لم تجد حين حملت به ما تجده الحوامل من ثقل ولا وحم، ولمّا وضعته وقع إلى الأرض مستقبل القبلة رافعًا رأسه إلى السماء، مقبوضة أصابع يديه مشيرًا بالسبابة كالمسبّح بها.
وأنّها رأت حين ولدته كأنّه خرج منها نور أضاءت له قصور الشام. قالت أمّ عثمان بن أبي العاص «حضرتُ ولادة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرأيت البيتَ حين وضع قد امتلأ نورًا، ورأيت النجوم تدنو حتى ظننتُ أنها ستقعَ عليّ». وبعدما ولدته أرسلت إلى عبد المطلب تبشّره بحفيده، ففرح به فرحًا شديدًا، ودخل به الكعبة شاكرًا الله، وقال «ليكوننّ لابني هذا شأن»، واختار له اسم “محمّد” ولم تكن العرب تسمي به آنذاك، إلا ثلاثة طمع آباؤهم حين سمعوا بذكر محمد وبقرب زمانه وأنه يُبعث في تهامة فيكون ولدًا لهم. وقد علمت اليهود آنذاك بولادة محمد، يقول حسان بن ثابت «والله إني لغلام يفعة، ابن سبع سنين أو ثمان، أعقل كل ما سمعت، إذ سمعت يهوديًا يصرخ بأعلى صوته على أطمة بيثرب: يا معشر يهود، حتى إذا اجتمعوا إليه، قالوا له: ويلك ما لك؟ قال: طلع الليلة نجم أحمد