المحتويات
تحضير درس صلح الحديبية وفتح مكة أولى باك
– قال تعالى :” لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آَمِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمْ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَ فَعَلِمَ مَا لَمْ تَعْلَمُوا فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذَلِكَ فَتْحًا قَرِيبًا” سورة الفتح:27
النص الثاني:
– قال تعالى :” قَالَ لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ” سورة يوسف:92
مضامين النصوص:
1-تأكيد الآية الكريمة على تحقق رؤيا الرسول صلى الله عليه وسلم بدخول البيت الحرام.
2-بيان الآية الكريمة فضيلة العفو والصفح عن المذنبين والمخطئين عند المقدرة.
تحليلدرس صلح الحديبية وفتح مكة دروس وعبر :
المحور الأول: صلح الحديبية: الأسباب والنتائج والعبر
1-أسباب صلح الحديبية:
وقعت هذه الحادثة في ذي القعدة من السنة السادسة للهجرة بعدما رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه أنه دخل البيت الحرام هو وصحابته معتمرين آمنين، فأخبر صحابته بذلك ففرحوا وتجهزوا للخروج لأداء العمرة والطواف بالبيت العتيق بعدما حرموا من ذلك مدة ست سنوات.
فتوجه الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته نحو مكة المكرمة بدون سلاح حتى بلغوا ذي الحليفة فأحرموا بنية العمرة وكانوا نحوا من ألف وخمسمائة فلما وصلوا عسفان أخبر النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته بأن قريشا تريد حرب المسلمين لمنعهم من دخول مكة، فسار النبي صلى الله عليه وسلم بصحابته حتى وصلوا الحديبية جاء بعض رسل خزاعة ليسألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سبب قدومه فلما أخبرهم أنه جاء معتمرا وأخبروا قريشا بذلك رفضت قريش السماح للصحابة بأداء عمرتهم؛ فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عثمان بن عفان رضي الله عنه ليحاورهم ويبين لهم غرض الرسول صلى الله عليه وسلم وصحابته فأبطأ في العودة وأشيع خبر وفاة عثمان بين الصحابة؛ فقرر النبي صلى الله عليه وسلم مقاتلة القوم بسبب ذلك وبايعه الصحابة على القتال وهي البيعة التي سميت ببيعة الرضوان، فلما سمعت قريش بأمر البيعة سارعت إلى مصالحة النبي صلى الله عليه وسلم.
2-نتائج صلح الحديبية
كان من نتائج هذه الواقعة أن زاد تماسك المسلمين والتفافهم حول رسول الله صلى الله عليه وسلم والتزامهم أوامره واتضح ذلك جليا من خلال خروجهم معه للاعتمار ومبايعتهم له بيعة الرضوان على مقاتلة المشركين بعد أن شاع خبر الغدر بعثمان بن عفان رضي الله عنه، كما أسفرت هذه الحادثة عن صلح بين المسلمين وقريش كانت بنوده كما يلي:
– أن يرجع المسلمون عامهم هذا ولا يدخلون مكة معتمرين إلا في العام المقبل فيقيمون بها ثلاثة أيام ومعهم سلاح الراكب فقط.
– أن تضع الحرب أوزاها بين الفريقين مدة عشر سنوات.
– يجب على محمد صلى الله عليه وسلم رد كل من جاءه من القرشيين مسلما ولا ترد قريش من جاءها مرتدا من المسلمين.
– من أحب من القبائل الأخرى التحالف مع أي الفريقين تحالفت.
ومن النتائج العظيمة لهذا الصلح أن امن النبي صلى الله عليه وسلم مكر قريش فتفرغ لدعوة الأمم الأخرى فبث بعوثه ورسله إلى الممالك والأقوام المجاورة فبدأ الإسلام ينتشر خارج الجزيرة العربية
ومنها أيضا أن هذه البنود وإن كانت قاسية على المسلمين إلا أنها شكلت بوادر النصر العظيم والفتح المبين والقضاء التام على وثنية قريش وغطرستها (كما سنبين لاحقا).
3-الدروس والعبر لصلح الحدبيية
– الوفاء بالعهود والسعي إلى التسامح والتصالح وتجاوز الأحقاد بعزة نفس من سمات المؤمنين الصادقين.
– المسام الحق شديد الثقة بموعود الله له ونصره إياه مهما تعقدت الظروف واشتدت الصعاب وتوالت المصائب والمشاكل وتأخر الفرج.
– الحرص الدائم على مصالح البشرية وسعادتها وهدايتها إلى سبل الحق والفلاح في الدنيا والآخرة غاية كل مسلم صادق.
– محبة النبي صلى الله عليه وسلم تستلزم طاعته والتزام أوامره وتصديقه في كل ما يخبر به عن ربه والاقتداء بسنته كما كان شأن الصحابة .
– الاسلام دين الأمن والسلام والعدل والرحمة؛ لذا فهو يأبى الظلم ويسعى إلى نشر قيم التسامح وبث الأمن وتجنيب البشرية أسباب الهلاك بعزة وأنفة ولكنه مع ذلك يرفض الاستسلام والهوان والضعف .
– الشدائد والمحن تصنع الرجال الأبطال والقادة الشجعان كما تمييز بين الصادق والمنافق الكذاب، وكل محنة تخفي وراءها منح وانتصارات
– النبي صلى الله عليه وسلم رسول مبلغ يلتزم شرع ربه وأوامره ولا يتجاوز ما أمر به.
– للمرأة دور كبير في نصرة الدين ونشره ومعالجة قضاياه ومشاكله ومشاركة الرجل في حمل همومه؛ كما هو شأن أم سلمة رضي الله عنها التي أسهمت في إنهاء حيرة الصحابة وغضبهم بحكمتها.
المحور الثاني: فتح مكة: النتائج والدروس
1-نتائج فتح مكة:
ومن أعظم نتائج هذه الحادثة دخول الرسول صى الله وسلم وصحابته مكة فاتحين منصورين والقضاء على غطرسة قريش وجبروتها وإنهاء الشرك واجتثاث عبادة الأصنام من جزيرة العرب حيث تم بعد الفتح هدم كل الأصنام التي كانت محيطة بالبيت الحرام كما هدمت سواع والعزى ومناة، هذا بالإضافة إلى أن هذا الفتح قضى على موانع إقبال الناس على دين الله فتشجع من كان يكتم إسلامه على إعلان إسلامه بالإضافة إلى كسر أنفة وكبرياء العديد من صناديد قريش فأسلموا لما رأوا من تأييد الله لنبيه كأبي سفيان وهند بنت عتبة؛ كما تشجعت قبائل كثيرة برمتها على الدخول في دين الله أفواجا فتحقق وعد الله الذي وعد به نبيه صلى الله عليه وسلم بعد الحديبية .
2-الدروس والعبر المستفادة من فتح مكة
– الظلم والطغيان مهما تعجرف وطال زمانه وقويت شوكته وامتلك أهله من المال والعتاد والعدد فهو إلى زوال واندثار.
– المسلم يتجنب سفك الدماء أو استباحة الأموال بدعوى هداية الناس.
– الإسلام دين العفو والمسامحة وليس دين الثأر “اذهبوا فأنتم الطلقاء” لذا وجب على المسلم تمثل هذا الخلق في سلوكه بالصفح عمن ظلمه.
– كبر و أنفة بعض الناس لا تكسره إلا الحجة الباهرة الواضحة لذا على المسلم الاعتماد بعد الله على إظهار آيات الله والدعوة بها والاستناد إليها.
– العقيدة السليمة أساس الهداية والرشاد والفلاح فعلى المسلم أن يسعى جاهدا إلى ترسيخ قيم العقيدة الاسلامية الصحيحة ويقبر الخرافات والأوهام وأن يقضي على مصادرها كما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم وصحابته.