المحتويات
حكم الزنا في الإسلام
يحرم الإسلام الزنا ، وهو من أعظم الكبائر التي نهى عنها الدين الاسلامي ، ومن أخطر الأخطار التي تصيب الأفراد والمجتمع ، لأنه يفسد الشباب والأسر ، ويفكك بنية المجتمع ، فقال تعالى في كتابه العزيز: {وَلا تَقرَبُوا الزِّنى إِنَّهُ كانَ فاحِشَةً وَساءَ سَبيلًا}، وقال تعالى أيضًا: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَٰهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ ۚ وَمَن يَفْعَلْ ذَٰلِكَ يَلْقَ أَثَامًا* يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا}، وجاء في السنّة النبوية قوله صلّى الله عليه وسلّم: “لَا يَزْنِي الزَّانِي حِينَ يَزْنِي وَهُوَ مُؤْمِنٌ”
الزنا في الإسلام للمتزوج
إنَّ عقوبه الزنا شديدة في الإسلام، لذلك أوجب حدًّا لهذه الفاحشة، والحدُّ هو العقوبة المُقدَّرة شرعًا وسيتم التعرُّف على حكم الزنا في الإسلام للمتزوج ولغير المتزوج
ما حكم الزنا في الإسلام للمتزوج؟
عندما يتعلق الأمر بالزّنا، فإنَّ المُتزوٍج يُعبَّر عنه في الفقه الإسلامي بلفظ “المُحْصَن” والإحصان هنا يعني التَّحَصًّن والاحتماء من الزنا، فالزاني المحصن عقوبتة أشدّ من الزاني غير المحصن، إذ أنَّ المُحصن لا عذر له أبداً فقد تَوفَّرَ له ما يمنعه من الزنا ويحميه من الوقوع فيه، وعليه فإنَّ عقوبة الزاني المحصن هي الرجم حتى الموت بإجماع الصحابة ومن بعدهم،ونُقل الإجماع كذلك على أن الزواج لا يكون مُحصِنًا للزاني إلا بعد الدخول، أي أنه إن كان الزنا من متزوج لم يدخل بعد لا يكون الزاني مُحصَنًا ولا يُعاقب بالرجم، إنَّما حكمه حكم غير المتزوج.
لم يرد الرجم كعقوبة للزاني المحصن في القرآن الكريم، وهنالك جدل حول وجود آية في القرآن الكريم نُسِخَت لفظًا وبقي حكمها ومفادها: {الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا أَلْبَتَّةَ}، مع وجود اختلاف في الروايات، وهو خلاف بين من يقول بالنسخ في القرآن الكريم وبين من ينكره، وبصرف النظر عن هذا الخلاف فإنَّ الرجم للزاني المُحصَن ثابتٌ بالسنّة النبويّة، فقد ثَبَتَ أنّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- رَجَمَ بعض الزُّناة مثل: ماعز والغامدية وغيرهما.
ورغم ذلك فقد نفى البعض أن يكون الرجم عقوبة للزاني المُحصَن، ويحتج أصحاب هذا الرأي بأنَّ الرجم لم يرد في القرآن الكريم، وأنَّ الرجم الوارد في السنة والذي قام به النبي -صلّى الله عليه وسلّم- نُسِخَ بآية الجلد للزاني، فقد جاءت الآية عامَّة دون تفريقٍ بين المحصن وغير المحصن
ما حكم الزنا في الإسلام لغير المتزوج؟
ذهبَ جمهور الفقهاء إلى أنَّ عقوبة الزاني غير المتزوج – أي غير المُحصَن- هي الجَلْد، وحدِّدَت العقوبة 100 جلدة والتغريب -النفي- عامًا حدًّا، أما الحنفية يرون أنّ الحد هو الجلد 100 جلدة فقط، وقد ثبت حدُّ الزنا لغير المحصن بالكتاب والسنَّة، فمن القرآن الكريم قوله تعالى: {الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ وَلَا تَأْخُذْكُم بِهِمَا رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّـهِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّـهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ}.
ومن السنة النبوية أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- جاءهُ رجلٌ من الأعراب، فسأله عن عقوبة ابنه الزاني -وهو غير محصن- فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “والذي نفسي بيده لأقضين بينكما بكتاب الله: الوليدة والغنم رد، وعلى ابنك جلد مائة وتغريب عام، واغد يا أنيس إلى امرأة هذا فإن اعترفت فارجمها.”، وهذا الحديث دليل الجمهور على أنَّ التغريب مع الجلد حدٌّ، لكن الحنفيّة يعترضون بأن عموم القرآن لا يُخَصَّصُ بأحاديث الآحاد عندهم، وهو خلاف أصوليٌّ مشهور بين الحنفيَّة والجمهور.
فيمكن القول بأنّ الجلد 100 جلدة للزاني غير المحصن مُجْمَعٌ عليه، بينما النّفي لازم عند الجمهور وغير لازم عند الحنفيّة
ما حكم من زنا بغير المسلمة؟
الزنا كما سبق ومن كبائر الذنوب، ولا فرق في الإسلام بين من زنا بمسلمة أو بكافرة، فالزّنا هو الزّنا، فما دام الزاني مسلم فحكم الإسلام سارٍ عليه، بصرف النّظر ديانة المزنيِّ بها، فهو آثمُ ابتداءً وعليه الحد،أمّا الغير المسلمة بالنسبة لإقامة الحدّ عليها ففيه خلاف.
هل يجوز الزنا للضّرورة؟
لا تنطبق قاعدة: الضرورات تبيح المحظورات في الزنا، ولا يمكن أن ترتكَب فاحشة الزنا للضرورة لأن الشهوة الجنسيَّة ليست ضمن الأمور التي يهلكُ الإنسانُ بكبحها، وقد يتعلَّل البعض بصعوبة الحلال هذه الأيام، بسبب ظروف الحياة وغلاء المهور وغيرها من الحجج والأسباب، إلّا أنَّ هذه الحجج غير مُعتَبرة شرعًا، فما أَحلَّته الشريعة للضّرورة متعلّق بما فيه خطرُ على الحياة، كالسرقة أو أكل لحم الخنزير والميتة لسدّ الرمق عند المشارفة على الهلاك، وبذلك بالقدر البسيط الذي يرفع خطر الموت، ولا تتحقَّق هذه الصورة للزِّنا، لذلك لا تعدُّ الضرورة مُبرِّرًا للزِّنا.
ما حكم زواج الزاني من المرأة التي زَنى بها؟
يجوز زواج الزَّاني من المرأة التي زنا بها، وحصل اختلاف في الشروط، فقد وردَ عند الحنابلة أقوال تشترط التوبة قبل الزواج على عكس المذاهب الثلاثة الأخرى، وقد رجّح شيخ الإسلام ابن تيمية اشتراط التوبة في الفتاوى الكبرى، وفي انتظار الاستبراء خلاف أيضًا، لكن يجب التنبيه إلى مسألتين أساسيّتين في هذا الموضوع: الأولى أنَّ زواج الزاني ممَّن زنى بها لا يُعفيهما من العقوبة، وأما الثانية أنّ الزنا بامرأة لا يُلزم بالزواج منها، إنَّما الزواج بينهما يكون بالتراضي، وهو مُفضَّل إن تابا إلى الله، وفي ذلك ما فعله عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في محاولته لجمع من زنيا ببعضهما، وفيه ستر وإعانة على التوبة والتزام الطريق القويم.