خطبة عن اهم الدروس المستفادة من غزوة أحد نروي لكم قراء موقع فيرال بعض الدروس المستفادة من غزوة أحد وهي من الغزوات التي قادها سيد البرية محمد صلوات الله عليه ، حيث تعتبر غزوة أُحُد هي معركة وقعت بين المسلمين وقبيلة قريش في يوم السبت السابع من شهر شوال في العام الثالث للهجرة. وكان جيش المسلمين بقيادة رسول الإسلام محمد، أما قبيلة قريش فكانت بقيادة أبي سفيان بن حرب. وغزوة أحد هي ثاني غزوة كبيرة يخوضها المسلمون، حيث حصلت بعد عام واحد من غزوة بدر. وسميت الغزوة بهذا الاسم نسبة إلى جبل أحد بالقرب من المدينة المنورة، الذي وقعت الغزوة في أحد السفوح الجنوبية له.
وفي هذه الغزوة بقيادة الرسول محمد ، تأكيد لسنة الله في الصراع بين الحق والباطل، والهدى والضلال، فقد جرت سنة الله في رسله وأتباعهم أن تكون الحرب سجالاً بينهم وبين أعدائهم، فيدالوا مرة، ويدال عليهم أخرى، ثم تكون لهم العاقبة في النهاية، ولئن انتفش الباطل يوماً وكان له صولات وجولات، وفيما يلي اليكم بعض الفوائد والدروس المستفادة من غزوة أحد :
اهم الدروس المستفادة من غزوة أحد
1- أن حكمة الله وسنته في رسله، وأتباعهم، جرت بأن يُدالوا مرّة، ويُدال عليهم أُخرى، لكن تكون لهم العاقبة، فإنهم لوا انتصروا دائماً، دخل معهم المؤمنون وغيرهم، ولم يميز الصادق من غيره، ولو انتُصِر عليهم دائماً لم يحصل المقصود من البعثة والرسالة، فاقتضت حكمة الله أن جمع لهم بين الأمرينº ليتميز من يتبعهم ويطيعهم للحق، وما جاؤوا به، ممن يتبعهم على الظهور والغلبة خاصة.
2- تعريف المؤمنين سوء عاقبة المعصية، الفشل، والتنازع، وأن الذي أصابهم إنما هو شؤم ذلك، كما قال-تعالى-:{ ولقد صدقكم الله وعده إذ تحسونهم بإذنه حَتَّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم } آل عمران(152). فلما ذاقوا عاقبة معصيتهم للرسول وتنازعهم، وفشلهم، كانوا بعد ذلك أشد حذراً ويقظة ، وتحرزاً من أسباب الخذلان.
3- أن ما حصل يوم أُحد من أعلام الرسل،كما قال هرقل لأبي سفيان: هل قاتلتموه؟، قال: نعم، قال: كيف الحرب بينكم وبينه؟، قال: سجال، يُدال علينا المرة، ونُدال عليه الأخرى، قال: كذلك الرسل تبتلى، ثم تكون لهم العاقبة.
4- ومنها أن يتميز المؤمن الصادق من المنافق الكاذب، فإن المسلمين لما أظهرهم الله على أعدائهم يوم بدر، وطار لهم الصيت، دخل معهم في الإسلام ظاهراً من ليس معهم فيه باطناً، فاقتضت حكمة الله-عز وجل-أن سبب لعباده محنة ميزت بين المؤمن والمنافق، فأطلع المنافقون رؤوسهم في هذه الغزوة، وتكلموا بما كانوا يكتمونه، وظهرت مُخبَّاتهم وعاد تلويحُهم تصريحاً، وانقسم الناس إلى كافر، ومؤمن، ومنافق، انقساماً ظاهراً، وعرف المؤمنين أن لهم عدواً في نفس دورهم وهم معهم لا يفارقونهم، فاستعدوا لهم، وتحرزوا منهم. قال الله-تعالى-:{ ما كان الله ليذر المؤمنين على ما أنتم عليه حَتَّى يميز الخبيث من الطيب وما كان الله ليطلعكم على الغيب ولكن الله يجتبي من رسله من يشاء} آل عمران(179).أي ما كان الله ليذركم على ما أنتم عليه من التباس المؤمنين بالمنافقين، حَتَّى يميز أهل الإيمان من أهل النفاق، كما ميزهم بالمحنة يوم أُحد، وما كان الله ليطلعكم على الغيب الذي يميز به بين هؤلاء وهؤلاء، فإنهم متميزون في غيبه وعلمه، وهو سبحانه يريد أن يميزهم تمييزاً مشهوداً، فيقع معلومهُ الذي هو غيب شهادة. وقوله: { ولكن الله يجتبي من رسله ما يشاء} استدراك لما نفاه من اطلاع خلقه على الغيب، سوى الرسل، فإنه يطلعهم على ما يشاء من غيبه، كما قال:{ عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول } الجن(27) .فحظكم أنتم وسعادتكم في الإيمان بالغيب الذي يطلع عليه رسله، فإن آمنتم به وأيقنتم، فلكم أعظم الأجر والكرامة.
5- استخراج عبودية أوليائه وحزبه في السراء والضراء، وفيما يحبون وما يكرهون، وفي حال ظفرهم وظفر أعدائهم بهم، فإذا ثبتوا على الطاعة والعبودية فيما يحبون وما يكرهون، فهم عبيده حقاً، وليسوا كمن يعبد الله على حرف واحد من السراء والنعمة والعافية.
6- أنه-سبحانه- ولو نصرهم دائماً، وأظفرهم بعدوهم في كل موطن، وجعل لهم التمكين والقهر لأعدائهم أبداً، لطفت نفوسهم، وشمخت وارتفعت، فلوا بسط لهم النصر والظفر، لكانوا في الحال التي يكونون فيها لو بسط لهم الرزق، فلا يصلح عباده إلا السراء والضراء والشدة والرخاء، والقبض والبسط، فهو المدبر لأمر عباده كما يليق بحكمته، إنه بهم خبير بصير.
7- أنه إذا امتحنهم بالغلبة، والكَسرَة، والهزيمة، ذلٌَّوا وانكسروا، وخضعوا، ما ستوجبوا منه العز والنصر، فإن خِلعة النصر إنما تكون مع ولاية الذٌّل والانكسار، قال تعالى: { ولقد نصركم الله ببدر وأنتم أذلة} آل عمران(123) ،وقال: { ويوم حنين إذ أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً } التوبة (25) .فهو سبحانه إذا أراد أن يُعزَّ عبده ويجبره وينصره، كسره أولاً، ويكون جبره له، ونصره على مقدر ذُلِّه وانكساره.
8- أنه سبحانه هيَّأ لعباده المؤمنين منازل في دار كرامته، لم تبلغها أعمالهم، ولم يكونوا بالغيها إلا بالبلاء والمحنة، فقيض لهم الأسباب التي توصلهم إليها من ابتلائه وامتحانه، كما وفقهم للأعمال الصالحة التي هي من جملة أسباب وصولهم إليها.
9- أن النفوس تكتسب من العافية الدائمة والنصر والغنى طغياناً وركوناً إلى العاجلة، وذلك مرض يعوقها عن جدها في سيرها إلى الله والدار الآخرة، فإذا أراد بها ربها ومالكها وراحمها كرامته، قيض لها من الابتلاء والامتحان ما يكون دواء لذلك المرض العائق عن السير الحثيث إليه، فيكون ذلك البلاء والمحنة بمنزلة الطبيب يسقى العليل الدواء الكريه، ويقطع منه العروق المؤلمة لاستخراج الأدواء منه ، ولو تركهº لغلبته الأدواء حَتَّى يكون فيها هلاكه.
10- أنَّ الشهادة عنده من أعلى مراتب أوليائه، والشهداء هم خواصه والمقربون من عباده، وليس بعد درجة الصِّدَّيقية إلا الشهادة، وهو سبحانه يحب أن يتخذ من عباده شهداء، تراق دماؤهم في محبته ومرضاته، ويؤثرون رضاه ومحابه على نفوسهم، ولا سبيل إلى نيل هذه الدرجة إلا بتقدير الأسباب المفضية إليها من تسليط العدو. راجع: \” زاد المعاد \” (3/ 218-222) .
11- صدق رؤيا النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-، إذ رأى في منامه ثلماً في سيفه، فأوله بموت بعض آل بيته، فمات حمزة-رضي الله عنه-وعبد الله بن جحش ابن عمته -رضي الله عنه-.
12- رد عين قتادة بعد أن تدلت على وجنته، فأصبحت أحسن منها قبل إصابتها وتدليها بعد خروجها، فكانت آية محمد-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-.
13- قتل النَّبيِّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أبي بن خَلَف، كان قد أخبره به في مكة قبل الهجرة وتم كما أخبر فكان آية النبوة المحمدية، لم يقتل النَّبيٌّ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- أحداً سواه، وشر الخلق من قتله نبي كما أخبر بذلك الرسول-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-.
14- تقرير مبدأ الشورى، إذا استشار أصحابه في قتال المشركين خارج المدينة أو داخلها، وأخذ برأي الأغلبية، وسجل حكمة انتفع بها كل من أخذ بها من مؤمن وكافر وهي قوله: \” ما كان لنبي أن يضع لامته على رأسه ثم يضعها قبل أن يحكم الله بينه وبين عدوه \”، الحاكم في مستدركه(2/141)، والبيهقي في سسننه الكبرى(7/41). إنها آية العزم ومظهر الحزم والصدق.
15- بيان شجاعة الرسولِ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-القلبية والعقلية، تجلت في مواقف عديدة له -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- منها أنه لم يثني عزمه رجوع ابنِ أُبي بثلثِ الجيش،وثباته-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ- في المعركة بعد أن فرَّ الكثير من أصحابه.انتفاضته وهو مثقل بجراحاته وطَعنه أبي بن خلف طعنةً خار لها كالثور وسقط منها كالجبل ومات في طريقه.
16- بيان كمال قيادته العسكرية،ويتجلَّى ذلك بوضوح في اختياره مكان المعركة وزمانها، وفي وضعه الرماة على جبل الرماة ووصيته لهم بعدم مغادرة أماكنهم مهما كانت الحال، ولو رأوا الموت يتخطف إخوانهم في المعركة، ويدل على هذا أن الهزيمة النكراء التي أصابت الأصحاب كانت نتيجة تخلي الرماة عن مراكزهم،كما مَرَّ في عرض المعركة، وتسجيل أحداثها.وفي إرساله علياً-رضي الله عنه-يتتبع آثار الغزاة للتعرف على وجهتهم إلى المدينة،أو إلى مكة ليتحرك بحسب ما يتطلبه الموقف.
17- مظاهر رحمة الحبيب-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-حيث تجلت في عفوه عن الأعمى الذي سبه ونال منه، حَتَّى هم أصحابه بقتله، فأبي عليهم، وقال:\”دعوه فإنَّه أعمى القلبِ أعمى البصر\”.وفي قوله وهو يجفف الدم السائل من وجهه الكريم الشريف:\”اللهم اغفر لقومي، فإنَّهم لا يعلمون \”. \”البخاري، رقم(3290).
18- مظاهر صبره-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-وقد تجلى صبره بوضوح في عدم جزعه لما أصابه وأصاب أصحابه من آلام وأحزان، ومن فوات النصر الذي قاربه في أول النهار، وخسره في آخره، حيث انقلب إلى هزيمة مرة وانكسار خطير.
19- بيان الآثار السيئة لتقديم الرأي على قولِ الرَّسُولِ-صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وسَلَّمَ-،إذ كان من عوامل الهزيمة إصرار الصحابة على رأيهم في القتال خارج المدينة، في الوقت الذي كان الرسول يرى عدم الخروج حَتَّى ألجأوه إلى أدراعه ولباس لامته، ثم ندموا فلم ينفعهم ندم.
20- بيان أن الرغبة في الدنيا وطلبها بمعصية الله والرسول هي سبب كل بلاء ومحنة تصيب المسلمين،في كل زمان ومكان.
21- بيان صدق وعد الله للمؤمنين بالنصر،إذ ظهر ذلك في أول النهار قال-تعالى-:{ ولقد صدقكم الله وعد إذ تحسونهم بإذنه} آل عمران(152) .
22- بيان عقوبة الله-تعالى-للمؤمنين لما عصوه بترك الرماة لمراكزهم الدفاعية،وطلبهم للغنيمة،ولما تسائلوا عن سبب هزيمتهم أجابهم–تعالى-بقولِهِ:{ قل هو من عند أنفسكم } آل عمران(165) .وهو ظاهر قوله-تعالى-:{ إذ تحسونهم بإذنه حَتَّى إذا فشلتم وتنازعتم في الأمر وعصيتم من بعد ما أراكم ما تحبون} أي من النصر {منكم من يريد الدنيا ومنكم من يريد الآخرة ثم صرفكم عنهم ليبتليكم ولقد عفا عنكم والله ذو فضل على المؤمنين }. آل عمران(152) .