المحتويات
سيطرت الدولة العثمانية على مصر بعد معركة
في عام 1501 اختار المماليك السلطان قانصوه الغوري ليكون سلطانا علي مصر والشام وبلاد الحجاز. وكان قد اشتكي للبابا في روما من البحرية البرتغالية التي لفت حول أفريقيا ودخلت المحيط الهندي والبحر الأحمر. وأنشأ الغوري أسطولا هزم البرتغاليين عند سواحل مالابار بالهند عام 1508 وكان من البحارة المماليك والعثمانيين وفي العام التالي أغرق البرتغاليون الأسطول المصري في معركة ديو.
بني المماليك أسطولا ثانيا بمعاونة العثمانيين استطاع أن يدافع عن عدن عند باب المندب عام 1513.وكان السلطان العثماني سليم الأول قد تولي الحكم عام 1512. وهاجم المماليك في آسيا الصغري لمدة أربع سنوات قبل احتلاله الشام ولم يصمد فرسان قانصوه من المماليك أمام الأسلحة والمدافع العثمانية في معركة مرج دابق بحلب عام 1516. وهزم طومانباي في الريدانية قرب القاهرة بصحراء العباسية في يناير عام 1517 وأعدم طومنباي علي باب زويلة بعد القبض عليه. وكان قد حارب سليم قرب المطرية بجوار مسلة عين شمس وكان قد عرض سليم عليه حكم مصر تحت الحكم العثماني ورفض. ودارت معركة عند الأهرامات استمرت يومين ولجأ طومانباي للبدو لكنهم باعوه حيث قادوه لسليم بالسلاسل وأقتيد من بولاق لباب زويلة حيث أُعدم. وبهذا انتهي عصر حكم السلاطين المماليك بمصر والشام والحجاز. وعند الإعدام نادي علي الجماهير لتنقذه من الشنق فلا مجيب. وقرأ البسملة ثلاث مرات.
لما تولي خاير بك وكان واليا علي حلب ولاية مصر إتخذ قرارا بإلغاء الإقطاع المملوكي وجعل تحصيل المال ثابتا وخراج القمح كان يرسل جزء منه لإدارة شئون الامبراطورية. واتخذ له حامية من أوجاق الانكشارية لحراسة اسوار القاهرة والقلعة التي كانت مقر الوالي العثماني. وكان يطلق عليهم المستحفظان ويرأسهم الأغا. وكان كتخدا مستحفظان مهمته السيطرة علي أوجاقات الأقاليم التي كانت من الانكشارية أيضا. ولما تولي الوالي أحمد باشا بعده عام 1522 أعلن السلطنة في مصر وكان يعاونه اليهود بالمال إلا أنه قُتل عام 1524
البداية
بعد أن انهى السلطان سليم فتح الشام والانتصار الذي حققه سنان باشا على جان بردي الغزالي في خان يونس، بدأ التقدم باتجاه مصر.
لكنه، وقبل التوجه إلى مصر، أرسل السلطان سليم رسولا إلى الزعيم الجديد للمماليك طومان باي يطلب منه الخضوع له والطاعة للدولة العثمانية وذكر اسمه بالخطبة وعرض عليه أن تكون مصر له بدءا من غزة ويكون هو واليا عليها من قبل السلطان العثماني على أن يرسل له الخراج السنوي لمصر وحذره من الوقوع فيما وقع فيه سلفه قانصوه الغوري. بدا طومان باي قابلاً للعرض خصوصاً مع ضياع معظم الجيش في معركة مرج دابق لكن أتباعه الجراكسة غضبوا وقتلوا الرسل مجبرين إياه على محاربة العثمانيين .
التوجه إلى مصر
بعد حادثة مقتل الرسل، قرّر السلطان سليم الأول التوجه بجيشه صوب مصر بجيش مقداره مائة وخمسون ألف مقاتل وصحبة كثير من المدافع مجتازا الصحراء مع جيشه، حيث وصل السلطان منطقة العريش بتاريخ 17 ذي الحجة 922 الموافق 11 يناير 1517 قاطعا صحراء فلسطين. أثناء ذلك، حثَّ طومان باي أصحابه على التجمع لمواجهة العثمانيين هناك حيث يكون عبور الصحراء قد أنهك العثمانيين واستنفذ مياههم، لكنه واجه تخاذل أتباعه واتكالهم على الدفاعات الحصينة في الريدانية، لدرجة أن بعضهم كان يبقى في المعسكر نهاراً ليكون أمام طومان باي ثم يرجع ليلاً إلى بيته في القاهرة.[4] و قد نزلت الأمطار على أماكن سير الحملة مما يسر على الجيش العثماني قطع الصحراء الناعمة الرمال وذلك بعد أن جعلتها الأمطار الغزيرة متماسكة، الأمر الذي سهل اجتيازها . وصل السلطان سليم الأول منطقة الصالحية مع جيشه بتاريخ 22 ذي الحجة بعد عبوره الصحراء بخمسة أيام
تعرض الجيش العثماني إلى غارات البدو أثناء اجتيازه للصحراء حيث كان السلطان المملوكي يحث البدو على ذلك ويدفع مقابل كل رأس تركي وزنه ذهبا، الأمر الذي أدى إلى تواتر غارات البدو لدرجة أن الوزير الأعظم خشي حدوث معركة كبيرة كادت تودي بحياته هو الآخر
المعركة
جمع طومان باي 90 ألف جندي نصفهم من أهالي مصر والنصف الآخر من العسكر المماليك وفي قول آخر كان عدد جيشه 70 ألف مقاتل. وقد استقدم 200 مدفع مع مدفعيين من الفرنجة ووضعها في الريدانية والهدف منها هو مباغتة العثمانيين عند مروره والانقضاض عليه وحُفرت الخنادق وأقيمت الدشم لمئة مدفع وكذلك الحواجز المضادة للخيول على غرار ما فعله سليم الأول في معركة مرج دابق ولكن استخبارات العثمانيين تمكنت من اكتشاف خطة الجيش المصري حيث تمكن والي حلب المملوكي خاير بك والذي دخل بخدمة العثمانيين من تأمين خيانة صديقه القديم جانبردي والذي كان على خلاف مع السلطان طومان باي وهو الذي أشار على السلطان سليم بالالتفاف على جيش المماليك. وقد علم طومان باي بالخيانة بعد فوات الأوان وتردد بمعاقبته خوفا من أن يدب الخلل في صفوف الجند.
قام السلطان العثماني بعملية تمويهية بعد اكتشافه للخطة المصرية، بأن أظهر نفسه سائرا نحو العادلية على الطريق للريدانية ولكنه التف وبسرعة حول جبل المقطم ورمى بكل ثقله على المماليك بالريدانية من الخلف وكانت تلك حيلة جانبردي الغزالي الذي أبلغ خاير بك ذلك، فوقعت المواجهة بتاريخ 29 ذي الحجة 922 الموافق 22 يناير 1517.
ماقاله ابن اياس
يقول ابن اياس بكتابه (بدائع الزهور في وقائع الدهور): وصلت طلائع عسكر ابن عثمان عند بركة (الحاج) بضواحي القاهرة، فاضطربت أحوال العسكر المصرية، وأغلق باب الفتوح وباب النصر وباب الشعرية وباب البحر.. وأغلقت الأسواق، وزعق النفير، وصار السلطان طومان باي راكبا بنفسه وهو يرتب الأمراء على قدر منازلهم، ونادى للعسكر بالخروج للقتال، وأقبل جند ابن عثمان كالجراد المنتشر، فتلاقى الجيشان في أوائل الريدانية، فكان بين الفريقين معركة مهولة وقتل من العثمانية ما لا يحصى عددهم. ويستطرد ابن إياس فيقول: (ثم دبت الحياة في العثمانية، فقتلوا من عسكر مصر ما لا يحصى عددهم). انتهى كلام ابن اياس.
استمرت المعركة الضارية بين العثمانيين والمماليك ما بين 7-8 ساعات وانتهت بهزيمة المماليك وفقد العثمانيون خيرة الرجال منهم سنان باشا الخادم وقد قتل بيد طومان باي الذي قاد مجموعة فدائية بنفسه واقتحم معسكر سليم الأول وقبض على وزيره وقتله بيده ظناً منه أنه سليم الأول. وأيضا فقد من القادة العثمانيين وأمراء الجيش بسبب الشجاعة المنقطعة للمماليك ولكنهم لم يستطيعوا مواجهة الجيش العثماني لمدة طويلة فقد خسر المماليك حوالي 25 ألف قتيل بفضل مدفعية العثمانيين واستخدامهم المكثف للبنادق، وفرَّ طومان باي من المعركة ودخل العثمانيون العاصمة المصرية وقد استغرق منهم الكثير من الوقت والرجال حتى استكملوا سيطرتهم بالكامل على القاهرة.