قصيدة على قدر أهل العزم تأتي العزائم
نهتم في هذه المقالة في توضيح وشرح ابيات قصيدة على قدر اهل العزم كاملة للمتنبي وهو إحدى أهم الشعراء العرب الأكثر شهرة عبر التاريخ، فقد كان أحسن الشعراء صياغة، وقد يعرف الكثير عن خفايا اللغة العربية، لذا فقد عرف على انه واحد من كبار الادباء العرب، وقد شهد له كثير من الناس بشعره المتميز الذي كان يجيده، وقد كان المتنبي من الشعراء الذين يمدحون بشكل كبير الملوك، وخاصة سيف الدولة الحمداني وهو الذي ظل معه فترة طويلة من الزمن، حتى انه تم قتله بسبب بيت شعر قد كتبه، وقد كان ذلك في بغداد من عام 965م، واليوم سنتعرف على واحدة من اهم قصائد المتنبي وهي، على قدر اهل العزم.
تحليل و شرح ابيات قصيدة على قدر اهل العزم
قد تحدث المتنبي في تلك القصيدة على عدد كبير من الأشياء التي سنحاول اليوم ان نقوم بشرحها
عَلى قَدرِ أَهلِ العَزمِ تَأتي العَزائِمُ وَتَأتي عَلى قَدرِ الكِرامِ المَكارِمُ
وَتَعظُمُ في عَينِ الصَغيرِ صِغارُها وَتَصغُرُ في عَينِ العَظيمِ العَظائِمُ
يقول هنا الشاعر، ان لكل شخص من الاشخاص همة معينة، وان العزائم تأتيه على قدر همته، وقال أيضا ان أصحاب العزائم الكبيرة تأتيه العزائم الكبيرة التي تناسب عزمه، ولكن إذا كان الرجل فاشل وتضمر عزيمته وتصيب همته الفتور، ذلك القانون يسير أيضا على المكارم، فان كان الشخص كريم بشكل كبير او حتى قليل الكرم.
ثم بعد ذلك يؤكد الشاعر على انه لديه حكمة وهي ان الشخص الصغير يرى كل الأشياء الصغيرة بالرغم من صغرها أشياء كبيرة للغاية وأنها عظيمة للغاية وأنها كبيرة لا يستطيع حلها، ولكن الشخص الكبير العظيم يري الأشياء العظيمة على انها صغيرة للغاية حتى وان كبرت.
يُكَلِّفُ سَيفُ الدَولَةِ الجَيشَ هَمَّهُ وَقَد عَجَزَت عَنهُ الجُيوشُ الخَضارِمُ
وَيَطلِبُ عِندَ الناسِ ما عِندَ نَفسِهِ وَذَلِكَ ما لا تَدَّعيهِ الضَراغِمُ
بعد ذلك يبدا المتنبي بالكلام عن سيف الدولة ومدحه، وكان ذلك هو الغرض الرئيسي من الابيات، فيقوا ان سيف الدولة يطلب من جيشه ان يكون له همة كبيرة وعزيمة كهمت سيف الدولة وقال أيضا ان الجيش همته وعزيمته اقل بكثير من همت سيف الدولة وعزيمته.
حتى انه ذكر ان سيف الدولة يطلب من الناس ان يكون لديهم الخير و الشجاعة والعطاء وهي الأشياء التي توجد في سيف الدولة، وهي الأشياء التي تصعب على ان تمتثل به الأسود.
يُفَدّي أَتَمُّ الطَيرِ عُمرًا سِلاحُهُ نُسورُ المَلا أَحداثُها وَالقَشاعِمُ
وَما ضَرَّها خَلقٌ بِغَيرِ مَخالِبٍ وَقَد خُلِقَت أَسيافُهُ وَالقَوائِمُ
كما يذكر أيضا المتنبي على ان النسور الكبيرة المسنة، تقوم بفداء سلاح جيوش سيف الدولة، وذلك لان جيوش سيف الدولة قد تركت من ورائها الكثير من الطعام من الجثث والقتلى من الحروب، وهي التي وفرت على النسور مشقة الصيد، حتى وان كانت تلك النسور دون مخالب فأنها لن تضر من ذلك الامر فجيوش سيف الدولة تكفيها.
هَلِ الحَدَثُ الحَمراءُ تَعرِفُ لَونَها وَتَعلَمُ أَيُّ الساقِيَينِ الغَمائِمُ
سَقَتها الغَمامُ الغُرُّ قَبلَ نُزولِهِ فَلَمّا دَنا مِنها سَقَتها الجَماجِمُ
قد قيل بان الحدث هو اسم قلعة ولكن كان للمتنبي رأى اخر، فقد قال المتنبي بان الحدث الحمراء، هي كناية عن اللون الأحمر من الدم الذي اراقه سيف الدولة فيها، ويسال ان كنت لازلت تعرف الحدث بلونه الأول ام نسيته بسبب الدماء التي قد جرت عليها.
وبعدها يقول ان تلك الغمائم قد سقت قلعة الحدث بالماء، ولكن كان ذلك قبل ان يأتي سيف الدولة مع جيشه فقد غير لونها الى الأحمر بسبب الدماء التي جرت بسبب قطع الرؤوس.
بَناها فَأَعلى وَالقَنا تَقرَعُ القَنا وَمَوجُ المَنايا حَولَها مُتَلاطِمُ
طَريدَةُ دَهرٍ ساقَها فَرَدَدتَها عَلى الدينِ بِالخَطِّيِّ وَالدَهرُ راغِمُ
تُفيتُ اللَيالي كُلَّ شَيءٍ أَخَذتَهُ وَهُنَّ لِما يَأخُذنَ مِنكَ غَوارِمُ
هنا يقول المتنبي بالرغم من ان القلعة لها بناء عالي للغاية، ولكن لم تكن عالية بالنسبة الى سيف الدولة وجيوشه، فقد كانت رماح الجيش تتطاير فوق القلعة بالرغم من ارتفاعها، ومن هنا كانت موجة كبيرة من الموت اصابت القلعة العالية.
وبعدها قال المتنبي أيضا ان وحتى ان كانت تلك القلعة عالية للغاية وان كانت هي طريدة الدهر والتي أعطاها للروم بعد عهد المسلمين، وبعد ذلك قام المسلمين، وبعدها اخذوها بالغصب ورغم عنهم، وهنا يقول ان ما تأخذه الأيام من غيرك فانه يأخذه وان ما اخذته منه لا ترد عليه مرة اخرى، ولكن الامر مختلف عندك انت يا سيف الدولة، فان الليالي تغرم لك ما تأخذه منك، وتعيده لك مرة أخرى.