التوحيد هو افراد الله تعالى بالربوبية والصفات الالهية التي تستلزم إفراده بالعبودية، وتُعتبر كلمة التوحيد أعظم كلمةً في الإسلام، فهي العروة الوثقى المشتملة على الدين كلّه، ومن الجدير بالذكر أنّ كلمة التوحيد هي كلمة لا إله إلّا الله؛ أي لا معبود بحقّ إلّا الله، إذ إنّه وحده الموصوف بالصفات العليّة التي يستحقّ عليها العبودية، وهي الكلمة التي من أجلها خلق الله -تعالى- الإنس والجنّ، و بعث الرسل، وأنزل إليهم الكتب، كما قال الله تعالى: (وَما أَرسَلنا مِن قَبلِكَ مِن رَسولٍ إِلّا نوحي إِلَيهِ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلّا أَنا فَاعبُدونِ)،[١] ومن أجلها تُنصب الموازين يوم القيامة، وتتطاير الصحف، ويُوضع الصراط، ومن أجلها خُلقت الجنّة والنار، وانقسم الناس إلى مؤمنين وكفّار، فجزاء المؤمنين الجنّة، وجزاء الكفّار النار.
أنواع التوحيد الثلاثة :
اختلف أهل العلم في تقسيم التوحيد؛ فمنهم من قسّم التوحيد إلى نوعين، ومنهم من قسّمه إلى ثلاثة أنواع، فأمّا الذين قسّموه إلى نوعين فاعتبروا النوع الأول هو التوحيد في المطلب والقصد، ومثال ذلك ما تضمّنه قول الله تعالى: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَىٰ كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلَا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلَا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضًا أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللَّهِ فَإِن تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ)،[٣] والنوع الثاني هو التوحيد في المعرفة والإثبات، وهو توحيد الله -تعالى- بأفعاله، وصفاته، وأسمائه، وحقيقة ذاته، وإثبات حكمه، وقدره، وقضائه، ومن الجدير بالذكر أنّ ثمّة الكثير من آيات القرآن الكريم التي تدلّ على هذا النوع من التوحيد، كقول الله تعالى: (اللَّهُ لَا إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ)،[٤] وأمّا الفريق الآخر من العلماء فقد تتبّعوا ونظروا في آيات القرآن الكريم، وأحاديث السنة النبوية الشريفة، ثمّ قسّموا التوحيد إلى ثلاثة أنواع؛ وهي: توحيد الألوهية، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وفي ما يأتي توضيح كلّ نوعٍ من الأنواع:
الربوبية: وهو توحيد الله بأفعاله، كالخلق، والرَّزق، والإحياء، والإماتة، وما أشبه ذلك من أفعاله -جل وعلا-.
توحيد الإلهية، وهو توحيد الخالق بأفعال العباد كالذبح، والاستغاثة، والاستعانة، والتوكل وغيرها من أفعال العباد، فكل هذه يجب إفراد الله -جل وعلا- بها؛ لأنه لا يجوز صرف شيء منها لمخلوق.
توحيد الأسماء والصفات: وهو وصف الله -جل وعلا- بما ثبت عنه- جل وعلا وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- على ما يليق بجلاله وعظمته من غير تعرض لهذا الوصف المثبت بتكييف ولا تمثيل ولا تأويل ولا تعطيل، المقصود أن هذه تُثبت كما جاءت عن الله وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- مع اعتقاد أن لها معاني، فالاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عن ذلك بدعة كما قال الإمام مالك.
اهمية التوحيد
وقد ورد في كل من القرآن الكريم والسنة النبوية ، ما يدلّ على أهمية التوحيد، فثمّة الكثير من الفوائد والثمار المترتّبة عليه، وممّا يدلّ على أهمية التوحيد:
أنّ الله -تعالى- خلق الخلق من أجل التوحيد؛ إذ إنّ الله -تعالى- خلق الإنس والجنّ ليعبوده وحده لا شريك له، حيث قال: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، ولم يخلقهم لحاجته إليهم، بل هم الضعفاء والفقراء والمحتاجون لرحمته، فمن أطاعه دخل الجنة، ومن عصاه عذّبه في النار.
أنّ الله -تعالى- أنزل الكتب من أجل التوحيد؛ حيث دلّت الكثير من الآيات على أنّ الحكمة من إنزال الكتب تكمُن في دعوة الناس للتوحيد.
أنّ أشدّ منكرٍ على الإطلاق ترك التوحيد؛ وممّا يدلّ على أهمية التوحيد أن تركه أعظم ذنبٍ على الإطلاق، فقد سُئل رسول الله صلّى الله عليه وسلّم: أي الذنب أعظم؟ فقال: (أن تَجعَلَ للهِ نِدّاً وهو خلَقَك).
أنّ التوحيد هو أول ما يُسأل عنه العبد في قبره؛ حيث قال الله تعالى: ( يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذينَ آمَنوا بِالقَولِ الثّابِتِ فِي الحَياةِ الدُّنيا وَفِي الآخِرَةِ وَيُضِلُّ اللَّهُ الظّالِمينَ وَيَفعَلُ اللَّهُ ما يَشاءُ)،والقول الثابت هو التوحيد.