يُقسَّم حَجّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- من الناحية التاريخيّة إلى قسمَين، وهُما كما يأتي: القسم الأول: حَجُّه قبل البعثة؛ أي أيّام الجاهليّة. القسم الثاني: حَجُّه بعد البعثة؛ وهذا القسم يتفرّع إلى فرعَين من حيث المُدّة الزمنيّة؛ الفرع الأوّل يتحدّث عن الفترة الواقعة بين البعثة والهجرة، إلّا أنّه لا توجد عنه معلومات كافية وقطعيّة، وفيه خِلاف كثير بين العُلماء، والفرع الثاني يتحدّث عن حجّه بعد الهجرة، وتوجد فيه معلومات مُفصَّلة ومُتَّفق عليها بين العُلماء.
كم مره حج النبي صلى الله عليه وسلم
حَجّ الرسول قبل البعثة أورد عدد من العُلماء أقوالاً يُثبتون فيها حَجّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- قبل البعثة، ومنها ما يأتي: قول ابن حجر: إذ أورد أنّ العرب قبل الإسلام كانوا يحرصون على أداء الحجّ، ويُحافظون عليه، ويعدّونه من مَفاخرهم، فلا يتركه منهم إلّا مَن كان مُسافراً، أو مريضاً، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يُشاركهم فيه، وجاء عن جُبير بن مُطعم أنّه رأى النبيّ -عليه الصلاة والسلام- أيّام الجاهلية وهو واقفٌ في عرفة، وقد ثبت عن رسول الله -صلّى الله عليه وسلّم- أنّه كان يدعو الناس إلى الإسلام في مِنى مدّة ثلاث سنوات قبل أن يُهاجر، أمّا عدد الحجّات التي حجّها فلا يعلمها إلّا الله -تعالى-؛ استصحاباً للأصل الذي كانت عليه العرب منذ أيّام نبيّ الله إبراهيم -عليه السلام-.
قول الكشميريّ: إذ أورد أنّ قريشاً كان من عادتهم في كُلّ عام الوقوف بمُزلفة، ولا يخرجون إلى عرفات، أمّا سائر العرب فكان يذهبون إلى عرفة، وكان النبيّ -عليه الصلاة والسلام- يذهب معهم، وقد أورد جبير بن مطعم أنّه رأى النبيّ واقفاً بعرفات وهو يبحث عن ناقته الضائعة، إلّا أنّه تجدر الإشارة إلى عدم وجود عدد ثابت لعدد حججه قبل البعثة.
كم مرة حج الرسول صلى الله عليه وسلم ؟
حَجّ الرسول بعد البعثة قبل الهجرة كان الحجّ معروفاً ومشهوراً عند العرب قبل الإسلام، وكانوا يحرصون عليه؛ تقرُّباً وطاعة، فلَمّا جاء النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بالإسلام، أمرهم بالحجّ بالهيئة التي كانوا يعرفونها من شَرع إبراهيم -عليه السلام-؛ فقد خاطبهم الإسلام بما عرفوه، وألزمَهم به،وقد أورد عدد من العُلماء أحاديث تُبيّن عدد الحجّات التي كانت في الفترة ما بين البعثة والهجرة، ومنها ما يأتي: الحديث الذي أورده جابر بن عبدالله -رضي الله عنه-، إذ قال: (أنَّ النَّبيَّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ حجَّ ثلاثَ حِججٍ حجَّتينِ قبلَ أن يُهاجرَ وحجَّةً بعدَ ما هاجرَ ومعَها عمرةٌ)، وذلك بتخريج الترمذيّ.
الحديث الذي أخرجه الحاكم في مُستدركه على الصحيحين، وقال إنّه حديثٌ صحيح على شرط مُسلم، ولم يُخرّجه، وهو حديث: (حجَّ رسولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ علَيهِ وسلَّمَ حجَّتَينِ قبلَ أن يُهاجِرَ وحجَّةً بعدَ ما هاجرَ منَ المدينةِ وقرَنَ معَ حجَّتِهِ عُمرةً). قول ابن رشد إنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يحجّ في الإسلام إلّا ثلاث مرّات؛ مرّتَين في مكّة قبل الهجرة، ومرّة واحدة في المدينة بعد فَرْضه.