المحتويات
الحب
هو عبارة عن مشاعر ايجابية عاطفية وعقلية قوية التأثير، تتراوح هذه المشاعر من أسمى الأخلاق الفاضلة إلى أبسط العادات اليوميَّة الجيدة، المثال على اختلاف وتنوُّع هذه المشاعر أنَّ حب الأم يختلف عن حب الزوج ويختلف عن حب الطعام، ولكن بشكل عام يشير الحب إلى شعور الانجذاب القوي والتعلُّق العاطفي.
أحياناً يُعبِّر الحب عن الفضائل الإنسانيَّة التي تتمثَّل بالتعامل الحسن ومشاعر الإيثار والغيريَّة والعمل على سعادة الآخرين وتحقيق الخير العام، كما يمكن أن يصف التعامل العاطفي مع بقية البشر أو الحيوانات أو حتى النفس.
يعدّ الحب بأشكاله المختلفة أساس العلاقات الشخصية بين البشر، وبسبب أهميته النفسية يعدُّ واحداً من أكثر الموضوعات شيوعاً في الفنون الإبداعية، ويُفترض عادةً أنَّ وظيفة الحب أو غايته الرئيسيَّة الحفاظ على النوع البشري من خلال التعاون معاً ضدَّ الصعاب والمخاطر والمحافظة على استمرار النوع.
حدَّد فلاسفة الإغريق خمسة أنواع من الحب : حب العائلة، حب الصديق، الحب الرومانسي، حب الضيف، حب الإله، فيما ميَّز مؤلِّفون معاصرون أنواعاً أخرى من الحب مثل: الحب دون مقابل، الحب إلى درجة الوله والافتتان، حب الذات، حب التملُّق، نجد أيضاً في الثقافات الآسيوية أسماء وصفات مختلف للحب كحب الكلّ، حب الإله كوسيلة للخلاص، العشق وغيرها من المعاني والصفات المستخدمة في دول الشرق وحضاراته المختلفة، للحب أيضاً معانٍ دينيَّة وروحانيَّة مختلفة وهذا التنوع الكبير في الاستخدامات والمعاني لمصطلح الحب يجعل من الصعوبة بمكان تحديد معنى الحب بشكل ثابت ودقيق مقارنة بالحالات والمشاعر العاطفيَّة الأخرى.
للحب أسماء عدة في اللغة العربية، ولكل اسم دلالة خاصة، ومعنى مختلف
• الهوى: أولى درجاته، وتعني أن تميل النفس إلى شيءٍ ما، وتستخدم هذه الكلمة بشكل عام للحب المذموم.
• الصَّبْوة: تعني الميل إلى شيءٍ ما مع الجهل.
• الشغف: اشتقت هذه الكلمة من شغاف القلب؛ أي الغشاء الرقيق الذي يغلف القلب.
• الوجد: تشير هذه الكلمة إلى الحب الذي يسبب المشقة في التفكير، ويسبب عبئًا على النفس؛ لأنّ المحب يفكر بمحبوبه دائمًا ويظل حزينًا.
• الكَلَفُ: يعني الولع والتعلق الشديد.
• العشق: يعني شدة الحب والإفراط فيه.
• النجوى: الحرقة التي تكون في المشاعر.
• الشوق: حنين القلب الشديد إلى محبوبه، ورحيل المشاعر والعواطف تجاهه.
• الوصبُ: الحب المصحوب بالألم والمرض.
• الاستكانة: الخضوع في المشاعر.
• الوُدّ: الرقة واللطف والحب الخالص، ويكون ممزوجًا بالرحمة والرأفة والعطف.
• الخُلّة: عدم قبول المشاركة بالمحبوب، أي التوحد معه.
• الغرامُ: المشاعر العميقة الملازمة للمُحب.
• الهُيام: العشق المجنون.
تعريف الحب في الإسلام
على ماذا تقوم العلاقة الزوجية في الإسلام؟ إنَّ مفهوم الحُب الحقيقي في الإسلام واسع جدًا، عند قراءة القرآن الكريم سيدرك قارئه أنَّ مفهوم الحُب يعني حُب الله تعالى وحُب رسوله الأمين، ليس فقط ذلك، بل أيضًا إنَّ اللع عز وجل يُحب عباده المُسلمين، رحيمًا بهم في كل أحوالهم، وهذه المحبة من أعظم نعم الله تعالى علينا، لذلك يشعر المؤمن بالامتنان لخالقه، ويحاول دائمًا إرضائه واتباع ما أمر به، كما يأمر الإسلام بأنَّ تتجلى هذه المحبة بين قلوب البشر بعضهم ببعض.
يتجسد مفهوم الحب في كل جانب من جوانب الإسلام، يجب أن تكون جميع العلاقات لرضا الله، وهذا يشمل حب الوالدين وحب الأبناء والبنات لرعايتهم وحب الجيران والزملاء والأقارب وحتى الغرباء، حيث أكدَّ الإسلام على المحبة التي تقوم على الإيمان، ومالها من تأثير كبير على النفس، على سبيل المثال: “عن رجلٍ قال: قلتُ لمعاذِ بنِ جبلٍ: إني أحبُّك في اللهِ أو أُحبُّك للهِ، فقال لي: انظر ما تقولُ، قالها ثلاثَ مراتٍ ثم قال: إني سمعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقول: “إنَّ اللهَ يحبُّ الذين يتحابُّونَ في اللهِ، ويحبُّ الذين يتقاعدون فيهِ، ويحبُّ الذين يتباذلونَ فيه، ويحبُّ الذين يتزاورُونَ فيه، ويحبُّ الذين يتجاورونَ فيهِ”.
لذلك يجب أن تُكرس عادات كل فرد على المغفرة والتسامح والرحمة، أيضًا الحُب بين الزوجين، حيث أنَّ العلاقة الزوجية في الإسلام قائمة على المودّة والإخلاص والرحمة بين الزوجين ولا ننسى حُب المسلمين لبعضهم البعض، ووقوفهم معًا بالسراء والضراء، ومن الأمثلة على ذلك: حينما آخا الرسول -صلى الله عليه وسلم بين المُهاجرين والأنصار:”قَدِمَ عبدُ الرَّحْمَنِ بنُ عَوْفٍ المَدِينَةَ فَآخَى النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بيْنَهُ وبيْنَ سَعْدِ بنِ الرَّبِيعِ الأنْصَارِيِّ فَعَرَضَ عليه أنْ يُنَاصِفَهُ أهْلَهُ ومَالَهُ، فَقَالَ: عبدُ الرَّحْمَنِ بَارَكَ اللَّهُ لكَ في أهْلِكَ ومَالِكَ دُلَّنِي علَى السُّوقِ”
إنَّ الدين الإسلامي دين الرحمة والتسامح، أمر بحب الله تعالى وحب رسوله، وأنَّ يتجلى هذا الحب بإطاعة ما أمرنا به الله تعالى ونبيّه، والابتعاد عن كل ما نهوا عنه، ولم تقتصر المحبة على ذلك فقط، بل أمر بتحلي المُسلم بقلبٍ رحيم وعطوف على كلِّ مخلوقات الكون من الأناس والحيوانات أيضًا.
كيفية الحفاظ على الحب الحقيقي
يُمكن الحفاظ على علاقة الحب الحقيقة مع الشريك ودعم نموّها من خلال اتّباع النصائح الآتية:
إدارة خلافات العلاقة وحل المشاكل التي قد تعترض الحبيبين بودٍ وتناغم معاً، ومعرفة سببها وآليه حلّها، وبالتالي عدم السماح لها بأن تؤثر على علاقتهما أو تهدد استقرارها. الحفاظ على تواصلٍ هادف وبنّاء بين الأحبة، والاتصال بشكلٍ مُنتظم، ومحاولة إجراء حوارات بين الحين والآخر تشرح لكل منهما نظرة الآخر لآلية سير العلاقة، وبالمقابل إظهار كليهما الاهتمام بالآخر والاستماع له دون مقاطعة، والاجتهاد في فهم مشاعره وشخصيّته. وضع قائمة تُشكّل نقاط ضعف العلاقة بين الحبيبين في سبيل تحويلها إلى نقاط قوّةٍ والعمل على تجاوزها بحبٍ وودّ معاً بالشكل الصحيح دون إيذاء أي منهما. التركيز على مشاعر الحبيب بدلاً من العتاب وإلقاء اللوم، حيث إن الخلاف قد ينتهي والمشاكل لا بد من حلّها لكن المشاعر التي جُرحت قد تحتاج وقتاً حتى تشفى. الصدق والأمانة بين الحبيبين، حيث إنهما من مقوّمات العلاقات الناجحة التي تؤسس وتبني الثقة بينهما والتي بدورها تدعم العلاقة وتزيد من قوّتها وصمودها أمام العقبات التي تعترضهما ما دام كل منهما يؤمن ويثق بالآخر. تحمّل كلا الشريكين مسؤوليّة العلاقة والتعاون معاً للارتقاء بها والحفاظ عليها، إضافةً لإدراكهما عواقب الأفعال والاعتراف بها، ولا يعني ذلك أخذ موقفٍ عندما يُخطئ الطرف الآخر، بل شرح وبيان الأمر له وتأثيره عليهما بشفافيّة، والتنازل أحياناً ومُسامحته على أخطاءه التي لا بد له من الوقوع بها في موقفٍ آخر.