المحتويات
ما هي الليالي العشر
ها قد بدأنا موسم العشر الأول من ذي الحجة الأيام المباركة الفضيلة التي فضلها الله تعالى على غيرها من الأوقات، شحذاً للهمم والعزائم، وسعياً الي زيادة الحسنات، إذ تجتمع فيها أمهات العبادات من صلاة، وصيام، وحج، وغيرها، ولا يكون ذلك في غيرها من أيام السنة، وثبت عن النبي “صلى الله عليه وآله وسلم” أنه كان يصوم التاسع من ذي الحجة؛ ففي «سنن أبي داود» وغيره عن بعض أزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم قالت: «كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصوم تسع ذي الحجة، ويوم عاشوراء، وثلاثة أيام من كل شهر أول اثنين من الشهر والخميس».
وقد أجمع العلماء على أن العشر الأوائل من ذي الحجة هي أفضل أيام الدنيا، وجاء في صحيح البخاري وغيره، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( ما العمل في أيام أفضل منها في هذه، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء))، وجاء في حديث ابن عمر: (ما من أيام أعظم عند الله ولا أحب إليه من العمل فيهن من هذه العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد) رواه أحمد.
فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد
التهليل: والمقصود به قول: “لا إله إلا الله”، وهي شهادة الإسلام، وأول أركانه وعنوان التوحيد، وقد فسر أهل العلم أمر النبي صلى الله عليه وسلم في الإكثار منها في العشر من ذي الحجة المباركة، أنها أيام الحج التي يتوجه فيها الناس إلى ربهم متجردين من الدنيا وزينتها موحدين طائعين منيبين راجين رحمته ومغفرته، خائفين من عذابه، فكان من أكثر الأذكار مناسبة في هذه الأيام التهليل، وقد وردت العديد من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، في فضل التهليل، ومنها قوله صلى الله عليه وسلم: “من قال: “لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير” في يوم مائة مرة، كتبت له مائة حسنة، ومحيت عنه مائة سيئة، وكانت له حرزا من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما أتى به إلا رجل قال مثل ما قال أو زاد” رواه البخاري ومسلم.
وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم أيضًا، قوله: “خير الدعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك، وله الحمد، وهو على كل شيء قدير”.
التكبير: والمقصود به قول: اللّه أكبر، وفي التكبير دلالة على تعظيم المولى عز وجل، فهو إقرار بأن الله تعالى أعظم وأكبر من كل شيء، وأنه هو المستحق وحده بالعبادة، وفيه دلالة أيضًا على التوحيد الذي يعد واحدًا من أعظم مقاصد الحج، وقد صرح أهل العلم أن أصح الصيغ الواردة في التكبير في أيام العشر من ذي الحجة، هو ما رواه عبد الرزاق عن سلمان بسند صحيح قال: كبروا . الله أكبر الله أكبر كبيرا، وعن عمر وابن مسعود: الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.
التحميد: المقصود به تكرار قول الحمد لله، والحمد عبادة يؤديها المسلم سواء حدثت له نعمة أو لم تحدث، لاظهار الرضا بقضاء الله كله خيره وشره وذلك لأن الحمد المطلق إنما يستحقه الله عز وجل لكماله وصفاته، أما بخصوص هذه الأيام فأعظم نعمة ظاهرة فيها أنه عز وجل بلغ العبد هذه الأيام الفاضلة التى تضاعف فيها الحسنات، وتغفر فيها الذنوب، فيجب على كل مسلم في المقابل أن يحرص على الإكثار من التحميد.
ما من ايام اعظم عند الله
كما أسلفنا الذكر في السطور السابقة حول فضل العشر الأوائل من ذي الحجة وعدها من الأيام المباركة التي يتضاعف فيها الأجر وتغفر فيها السيئات، وقد شهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم بأنها خير أيام الدنيا، وقال تعالى: “وَاذْكُرُوا اللهَ فِي أَيَّامٍ مَّعْدُودَاتٍ ۚ فَمَن تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَن تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ ۚلِمَنِ اتَّقَىٰ ۗ وَاتَّقُوا اللهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ” (البقرة 203).
ويعد الذكر والدعاء من أفضل الأعمال في العشر الأوائل من ذي الحجة، وقد ورد في هذه العشر العديد من الأذكار المسنونة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما قد أمرنا بالإكثار منها، قال صلى الله عليه وسلم: “ما من أيام أعظم عند الله سبحانه ولا أحب إليه العمل فيهن من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد”.
اللهم اني اعوذ بك من الهم والحزن
في الحديث الصحيح: اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجبن والبخل ما هو بالجن، (الجبن) والبخل- ومن غلبة الدين وقهر الرجال هذا الحديث الصحيح، الجبن بدل الجن، اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن والعجز والكسل والجذام والجبن والبخل وأعوذ بك من المأثم والمغرم ومن غلبة الدين وقهر الرجال، وإذا استعاذ من الجن كذلك، من أسد وأسود وحية وعقرب، يقول: اللهم إني أعوذ بك من شر الجن، من شر الدواب، من شر الإنس والجن، كله طيب. نعم.
دعاء العشر الأوائل من ذى الحجة
أللّهُمَّ يا أَجْوَدَ مَنْ أَعْطى، وَيا خَيْرَ مَنْ سُئِلْ وَيا أَرْحَمَ مَنْ اسْتُرْحِمْ، أللّهُمَّ صَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الأوَّلِينَ وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي الآخِرِينَ، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي المَلأَ الأعْلى، وَصَلِّ عَلى مُحَمَّدٍ وَآلِهِ فِي المُرْسَلِينَ، أللّهُمَّ أَعْطِ مُحَمَّدًا الوَسِيلَةَ وَالفَضِيلَةَ وَالشَّرَفَ وَالرِّفْعَةَ وَالدَّرَجَةَ الكَبِيرَةَ، أللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَلَمْ أَرَهُ فَلا تَحْرِمْنِي فِي القِيامَةِ رُؤْيَتَهُ وَارْزُقْنِي صُحْبَتَهُ وَتَوَفَّنِي عَلى مِلَّتِهِ وَاسْقِنِي مِنْ حَوْضِهِ مَشْرَبًا رَوِيًّا سائِغًا هَنِيئًا لا أَظْمأُ بَعْدَهُ أَبَدًا، إِنَّكَ عَلى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ. أللّهُمَّ إِنِّي آمَنْتُ بِمُحَمَّدٍ صَلّى الله عَلَيْهِ وَآلِهِ وَلَمْ أَرَهُ،فَعَرِّفْنِي فِي الجِنانِ وَجْهَهُ يارب العالمين.
«سُبْحانَ الَّذِي فِي السَّماء عَرْشُهُ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الأَرْضِ حُكْمُهُ، سُبْحانَ الَّذِي فِي القُبُورِ قَضاؤُهُ،سُبْحانَ الَّذِي فِي البَحْرِ سَبِيلُهُ، سُبْحانَ الَّذِي فِي النَّارِ سُلْطانُهُ، سُبْحانَ الَّذِي فِي الجَنَّةِ رَحْمَتُهُ، سُبْحانَ الَّذِي فِي القِيامَةِ عَدْلُهُ، سُبْحانَ الَّذِي رَفَعَ السَّماء، سُبْحانَ الَّذِي بَسَطَ الأَرْضَ، سُبْحانَ الَّذِي لا مَلْجأ وَلا منجى مِنْهُ إِلَّا إِلَيْهِ».
اللهم إني أسألك بفضلك وعظمتك وجلالك وهيبتك وجبروتك وقوتك وبأسمائك الحسنى وصفاتك العلى أن تفرج عنا ما نحن فيه وأن تقدر لنا الخير فيما نريده وننويه، وأن ترزقنا من رزقك وأن تظلنا بظلك يوم لا ظل إلا ظلك.
اللهم أعنا على شكرك، وذكرك وحسن عبادتك.
اللهم أصلح لي ديني الذي هو عصمة أمري، وأصلح لي دنياي التي فيها معاشي، وأصلح لي آخرتي التي فيها معادي، واجعل الحياة زيادة لي في كل خير، واجعل الموت راحة لي من كل شر.
اللهمَّ إنِّي أعُوذُ بِكَ مِنْ جَهْدِ الْبَلَاءِ، وَدَرَكِ الشَّقَاءِ، وَسُوءِ الْقَضَاءِ، وَشَمَاتَةِ الْأَعْدَاءِ.
اللهم لا تطوي صفحة هذه الايام الفضيلة إلا وقد سترت عورتانا ومحوت سيئاتنا وقبلت توبتنا وفرجت همومنا واستجبت لدعواتنا وأصلحت ابنائنا وبناتنا وأزواجنا وغفرت لموتانا.