المحتويات
معركة وادي الصفراء
نستعرض لكم في هذا المقال المعلومات الكافية حول معركة وادي الصفراء , حيث انها معركة وقعت عام 1812م في الخيف في وادي الصفراء بين المدينة وينبع، بين قوات ولاية مصر العثمانية بقيادة طوسون باشا وقوات الدولة السعودية الأولى بقيادة الأمير عبدالله بن سعود، الذي لعب دوراً كبيراً في قلب موازين المعركة، وشارك فيها جابر بن جباره العياشي أمير ينبع الموالي للدولة السعودية، وانتهت بانتصار السعوديين وانسحاب طوسون بقواته إلى ينبع، وكان من بين قتلى القوات السعودية هادي بن قرملة القحطاني ودحيم بن بصيص المطيري.
في حين بدأت قوات الأتراك الغازية مسيرها بعد الاستيلاء على ينبع الذي هرب أميرها ابن جباره إلى المدينة المنورة، وكان الجيش السعودي قد جهز عدته بقيادة عبد الله بن سعود بن عبد العزيز بن محمد آل سعود لملاقاتهم.
والجدير بالذكر أن أعداد الجيش العثماني قُدرت آنذاك بثمانية آلاف والقوات السعودية بعشرة آلاف منهم ثمانمائة من الفرسان؛ وقد سلك الأتراك طريق القوافل من ينبع فدحرتهم فرقة متقدمة من الجيش السعودي. ثم تقابل الجيشان بقواتهما الرئيسية في وادي ضيق عند أحد خيوف وادي الصفراء في حرب ضروس انتهت بدحر الأتراك، وتفرق شملهم، وهروبهم إلى سفنهم على الساحل بعد أن قتل منهم خمسة آلاف مقابل ستمائة من السعوديين ومن بينهم مقرن بن حسن بن مشاري بن سعود وهادي بن قرملة وكان ذلك في يناير 1812م.
فيما تعد معركة وادي الصفراء، من أكبر المعارك التي خاضتها الدولة السعودية الأولى قبل معركة وادي بسل بين الطائف وتربة التي عدت الخسارة في الأخيرة لاحقا إيذانا بنهاية الدولة السعودية الأولى.
أحداث المعركة
زحف طوسون على وادي الصفراء في قوة تبلغ ثمانية آلاف من الجنود وهاجمها الجند حتى صاروا إلى طرق ضيقة يشرف عليها الوهابيون من علي، فانهالت القذائف على الجنود وفتكت بهم فتكا ذريعا، فانقلبت الصفوف الأولى منهزمة، ووقع الذعر فيما وراءها، فاختل نظام الجيش وكانت عليه الهزيمة، وتشتت الجند تاركين مضاربهم واثقالهم ومدافعهم وتراجعوا يرمي بهم الرعب قاصدين الساحل.
كانت هذه الواقعة هزيمة كبرى فقد فيها الجيش المصري نحو ستمائة قتيل، وفقد معظم مدافعهم وذخيرته وأرزاقه، ورجعت فلوله بغير نظام إلى ينبع، وقتل منهم عدة آلاف في الطريق بحيث لم يبق من الجيش بعد أن رجع الى ينبع غير ثلاثة آلاف، ولو أن الوهابيين الذين دافعوا عن وادي الصفراء كانوا أكثر عددا وأكثر دراية بفنون القتال لتعقبوا جيش طوسون باشا بعد الهزيمة وكان من المحقق ألا ينجو منه أحد.
بعث طوسون بنبأ هذه الهزيمة إلى أبيه، ونسبها إلى اختلاف قواده وتقصيرهم وكان أكثر الجنود والضباط الهاربين من الأرناءود، ثم طلب طوسون المدد كي يسد الفراغ الذي وقع في صفوف الجيش، فتأثر محم علي باشا لهذه الهزيمة تاثرا شديدا، وأرسل يستدعي رؤساء الجيش المسئولين عنها، وعاد بعضهم إلى مصر من تلقاء أنفسهم، فغضب عليهم محمد علي وأقصاهم من مراكزهم ونفاهم من مصر، وكان منهم صالح قوش رئيس الجند الأرناءود الذي كان له شأن خطير في مذبحة المماليك بالقلعة.
لم تضعضع هذه الهزيمة من عزيمة محمد علي باشا، بل قابلها بالجلد والثبات، وأخذ يعد العدة لإرسال حملة جديدة إلى الحجاز، قال الجبرتي في هذا الصدد:
“ولما حصل ذلك لم يتزلزل الباشا واستمر على همته في تجهيز عساكر أخرى وبرزوا إلى خارج البلدة”.
واضطر محمد علي باشا للقيام بنفقات الحملة إلى فرض ضرائب جديدة، فاستوفى الضريبة من باقي الاطيان الموقوفة، وطلب اتاوة من القرى، وكان الفلاحون بمنزلة من الضنك والفاقة، فأذن لهم أن يؤدوها غلالا، وأمكنه أن يمون منها الجيش المصري في الحجاز.
موقف طوسون باشا
بقى الوهابيون بعد انتصارهم في واقعة الصفراء في معاقلهم لا يفكرون في مهاجمة طوسون باشا بينبع، واكتفوا بتحصين المدينة، وانتهز طوسون باشا هذه الغفلة وأخذ في فترة انتظار المدد من مصر يستميل القبائل الضاربة بين ينبع والمدينة بالمال والهدايا، وقد رأى أن هذه الوسيلة أعود عليه بالنفع من الانتصار على الوهابيين في معركة بل معارك، كما أنها هي الوسيلة الفعالة في التغلب عليهم، وقد نجح فعلا في خطته هذه، وأرسل له محمد علي باشا صناديق الأموال والكساوي لتفريقها على رجال القبائل، فمهدت له السبيل للإستيلاء على المدينة ومكة.
احتلال الصفراء
تلقى طوسون باشا المدد، فتحرك قاصدا المدينة، وانضم إليه كثير من القبائل من عرب جهينة وحرب، واحتل الصفراء بدون مقاومة بفضل مؤازرة العرب الموالين له. قال الجبرتي في هذا الصدد: “في 24 رمضان سنة 1227 (أول أكتوبر سنة 1812) وردت هجانة مبشرون باستيلاء الاتراك على عقبة الصفراء والجديدة من غير حرب بل بالمخادعة والمصالحة مع العرب وتدبير شريف مكة (الشريف غالب)، ولم يجدوا بها أحدا من الوهابيين، فعندما وصلت هذه البشائر ضربوا مدافع كثيرة تلك الليلة من القلعة”.