المحتويات
معنى حديث “إن الله لا ينظر إلى صوركم..”
إنَّ الرسول ﷺ يقول: إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فما معنى الحديث ؟ هذا ما سيكون محط اهتمامنا في هذه المقالة حتى يتسنى للباحثين عن معنى الحديث فهم معنى وشرح الحديث بالتفصيل ، وهو من الأحاديث الشهيرة المأثورة عن النبي صلى الله عليه وسلم حيث اختلف العلماء في عدد أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، قيل أن الإمام أحمد بن حنبل قال أن عدد الأحاديث الصحيحة حوالي سبعمائة ألف حديث ونيِّف، وأن الإمام أبو داود السجستاني قال أنّ الأحاديث النبوية الصحيحة بلغ عددها حوالي أربعة آلاف وثمانمائة حديثُا.
ان الله لاينظر الى صورك
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: “إنَّ الله لا ينظر إلى صوركم، ولا إلى أموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم”، بالنظر لذلك الحديث نجد أن الناس قد تفهم من مضمون الحديث أن الجزاء على ما في القلب دون الفعل، وهذا الاحتجاج من ضمن الحجج الشيطانية الباطلة، والمراد من الحديث أن القلب هو أساس الجزاء على العمل الصالح، متى صلح القلب صلح العمل.
الدليل على ذلك هو قول” ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم” في الحديث الشريف حيث قال الله سبحانه وتعالى: “وَقُلِ اعْمَلُوا”، وقال الله عز وجل أيضًا: “ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ”، وبالتمعن للأحاديث النبوية المطهرة وبالنظر للتفسيرات الصحيحة نصل للمعنى الصحيح للحديث، وللمضمون المراد به الحديث، لذلك يجب الرجوع لتفسيرات علماء الحديث الشريف.
شرح ومعنى حديث: ان الله لاينظر الى صورك
وهذا الاحتجاج بهذا الكلام حُجَّة شيطانية باطلة، فإنَّ القلب هو الأساس، فمتى صلح القلبُ صلحت الأعمالُ، كما سمعت في الحديث الآخر، فلو كان الإيمانُ في القلب صحيحًا موجودًا لمنعك من هذه المعاصي، ولكنه ضعيفٌ أو معدومٌ.
ثم في الحديث نفسه قال: ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم، فجعل العملَ مع القلب، هكذا رواه مسلم في “الصحيح”، فلم يقل العمل قال: ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم.
وفي حديث النعمان المتقدم قال: في القلب مُضْغَةٌ، إذا صلحت صلح الجسدُ كلُّه بالعمل الصالح، فإذا صلح القلبُ صلح البدن، فانقادت الجوارح لطاعة الله، وانكفَّت عن محارم الله، هذا هو الصلاح، فإذا كان الجسدُ لم يصلح فهذه علامة أنَّ القلب لم يصلح، وأنَّ الإيمان فيه معدومٌ أو مريضٌ مدخولٌ ضعيفٌ.
والإيمان يزيد وينقص، وهو قولٌ وعملٌ عند أهل السنة والجماعة، والله يقول: وَقُلِ اعْمَلُوا [التوبة:105]، ويقول: ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ [النحل:32]، ما قال بإيمانكم فقط، قال: بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، فالإيمان قولٌ وعملٌ، والصلاة عملٌ، والزكاة عملٌ وهكذا، فالواجبات التي فرضها الله من الإيمان، وترك المحارم من الإيمان.
فالواجب على العبد أن يتَّقي الله، وأن يحذر التَّعلقات التي تضرُّه وتُغضب الله عليه، فإيمانك إذا صحَّ في قلبك حملك على أداء الفرائض، وعلى ترك المحارم، ومتى وُجد منك الخللُ في بعض الواجبات، أو ركوب بعض المحارم، فذلك دليلٌ على ضعف إيمانك، وكلما زاد الضَّعفُ صار الخطرُ أكبر، وربما توالى حتى يزول الإيمانُ بالكلية.
وهكذا المعاصي: كلما زادت ضعف القلبُ، وضعف الإيمان، وربما جرَّه ذلك إلى الانسلاخ من الإيمان بناقضٍ من نواقض الإسلام، فإنَّ المعاصي بريد الكفر، كالمرض بريد الموت.
فالواجب على المسلم أن يتَّقي الله، وأن يحذر الشيطان والهوى، ويتباعد عن محارم الله ويحذرها، وأن يجتهد في أداء ما أوجب الله، فهذا هو الدليل على صلاح القلب.