المحتويات
من اشد الناس عداوة للذين أمنوا مع ذكر الآية ؟
اهلا وسهلا بكم مشاهدي ومتابعي منصة فيرال اليوم نعرض لحضراتكم الآية التي ذكرت فيها اشد الناس عداوة للذين آمنو ، وهي في الجزء السابع من القرآن الكريم ، فحين ينطق القرآن بالحقيقة ينبغي أن يكون الاستسلام المطلق لها، خاصة إن كان النص واضحا في دلالته، بل تعضده نصوص أخرى، بل تبينه وقائع عملية تاريخية، إنْ في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، أو في تاريخنا القديم والمعاصر، وإن استدعت الظروف استثناء فلا يجوز أن يبقى هو الأصل، بل مرحلة عابرة ينبغي التخطيط لما بعدها، هذا إن كنا أهل مسؤولية حقيقية، وإن كنا نحسب للأمور حساباتها الصحيحة الواقعية.
حل سؤال من اشد الناس عداوة للذين أمنوا مع ذكر الآية ؟
ولا بد من تذكّر سنة المدافعة حيث الصراع بين الحق والباطل، ولكل جولته حسب قوة الجانب الآخر أو ضعفه، ومن لحظة أن أمهل الله إبليس بالبقاء إلى يوم القيامة، امتحانا للناس، ليكون أحد أعداء ثلاثة للإنسان: هو والنفس وأهل السوء، فإننا نتوقع سجالات بين الحق والباطل، ولا بد من الدفع، وفي الدفع قوة بمفهومها الشامل، قوة إيمانية وعقلية وبدنية وشمولية، مع يقظة وحذر وحسن تخطيط، هكذا يفعل أعداؤنا ونحن غافلون تائهون في ملذات الحياة وشهواتها، العالم يتطور وينزع إلى القوة والتقدم العلمي والنهضة الشاملة، ونحن ننهض باستيراد ما عندهم والاتكال عليهم والتبعية لهم، وفوق هذا غرق في انفتاح على الشهوات وجرأة على الدين والعادات والأعراف.
جاءت هذه الآية: “لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا..” مطلع الجزء السابع، وهي في سورة المائدة الحافلة بالحديث عن أهل الكتاب عموما، والنصارى خصوصا، ولعل اسمها يدل عليها، حيث المائدة التي أنزلها الله من السماء استجابة لدعوة عيسى عليه السلام، ودعوته كانت استجابة أيضا لرغبة الحواريين، لتكون آية قاطعة على صدق عيسى عليه السلام: “إذ قال الحواريون يا عيسى ابن مريم هل يستطيع ربك أن ينزّل علينا مائدة من السماء، قال اتقوا الله إن كنتم مؤمنين. قالوا نريد أن نأكل منها وتطمئن قلوبنا ونعلم أن قد صدقتنا ونكون عليها من الشاهدين. قال عيسى ابن مريم اللهم ربنا أنزل علينا مائدة من السماء تكون لنا عيدا لأولنا وآخرنا وآية منك وارزقنا وأنت خير الرازقين. قال الله إني منزلها عليكم، فمن يكفر بعدُ منكم فإني أعذبه عذابا لا أعذبه أحدا من العالمين”، وعادة بني إسرائيل عموما أنهم لا يؤمنون إلا بوجود الأدلة المادية الحسية، فكان هذا الطلب، وتكرر كثيرا في قصة موسى عليه السلام مع قومه.
حفلت هذه السورة بالحديث أيضا عن اليهود، وزيغهم وجحودهم ومراوغتهم وإعراضهم عن كتابهم التوراة، وجزء من هذا كان سيرة عملية مع النبي محمد صلى الله عليه وسلم، خانوا ميثاق المدينة، ونقضوا عهودهم معه، وكانت قبائلهم الثلاث المشهورة: بنو قينقاع وبنو النضير وبنو قريظة، وكان موقفه صلى الله عليه وسلم حازما معهم، كلما نقضوا عهدا عاقبهم، فأخرج بني قينقاع حين هموا بكشف عورة امرأة قُتِل على إثرها أحد المسلمين، وأجلى بني النضير حين تآمروا على قتله صلى الله عليه وسلم، وقاتل بني قريظة حين نقضوا عهدهم في حصار الأحزاب للمدينة وتعاونوا معهم.
تفسير قوله تعالى: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا..
فقد قال العلامة عبد الرحمن السعدي في تفسير هذه الآية: يقول تعالى في بيان أقرب الطائفتين إلى المسلمين وإلى ولايتهم ومحبتهم وأبعدهم من ذلك: لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا [المائدة:82]. فهؤلاء الطائفتان على الإطلاق أعظم الناس معاداة للإسلام والمسلمين، وأكثرهم سعيا في إيصال الضرر إليهم، وذلك لشدة بغضهم لهم بغياً وحسداً وعنادا وكفرا. وذكر تعالى لذلك عدة أسباب: منها: أن منهم قسيسين ورهباناً، أي علماء متزهدين وعباداً في الصوامع متعبدين. والعلم مع الزهد وكذلك العبادة مما يلطف القلب ويرققة ويزيل عنه ما فيه من الجفاء والغلظة، فلذلك لا يوجد فيهم غلظة اليهود وشدة المشركين. ومنها: أنهم لا يستكبرون أي ليس فيهم تكبر ولا عتو عن الانقياد للحق، وذلك موجب لقربهم من المسلمين ومن محبتهم، فإن المتواضع أقرب إلى الخير من المستكبر. ومنها: أنهم إذا سمعوا ما أنزل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم أثر ذلك في قلوبهم وخشعوا للذي تيقنوه، فلذلك آمنوا وأقروا به فقالوا: ربنا آمنا فاكتبنا مع الشاهدين، وهم أمة محمد صلى الله عليه وسلم يشهدون لله بالتوحيد ولرسله بالرسالة وصحة ما جاءوا به، ويشهدون على الأمم السابقة بالتصديق والتكذيب. انتهى.
وما ذكره الله تعالى في هذه الآية من قرب مودة الذين قالوا إنا نصارى مقصور على فئة معينة هم من وصفهم الله تعالى في آخر الآية. قال سيد قطب رحمه الله في ظلال القرآن: وليس كل من قالوا إنهم نصارى إذن داخلين في ذلك الحكم: وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى [المائدة:82]….. كما يحاول أن يقول من يقتطعون آيات القرآن دون تمامها، إنما هذا الحكم مقصور على حالة معينة لم يدع السياق القرآني أمرها غامضاً ولا ملامحها مجهلة ولا موقفها متلبساً بموقف سواها في كثير ولا قليل. انتهى
والله أعلم.
اجابة سؤال من اشد الناس عداوة للذين أمنوا مع ذكر الآية ؟ رحلة حظ 4 الحلقة 7