المحتويات
من القائل أنا آتيك به قبل أن تقوم من مَقَامِكَ
قال الله تعالى في قصة سليمان مع ملكة سبأ : ( قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ * قَالَ عِفْرِيتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّي عَلَيْهِ لَقَوِيٌّ أَمِينٌ * قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ ) النمل/38- 40 .
من هو المعنيّ بقوله تعالى : ( قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ) ؟
الاجابة : رد سليمان عليه السلام الرسول إلى بلقيس وأهل مملكتها ، وقال له : (ارْجِعْ إِلَيْهِمْ) أي بالهدية ( فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ لَا قِبَلَ لَهُمْ بِهَا وَلَنُخْرِجَنَّهُمْ مِنْهَا أَذِلَّةً وَهُمْ صَاغِرُونَ ) ، فلما رجع الرسول إلى بلقيس تجهزت للمسير إلى سليمان .
قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عَنْ يَزِيدَ بْنِ رُومَانَ قَالَ : ” لما رجعت إليها الرسل بما قال سليمان ، قَالَتْ : قَدْ وَاللَّهِ عَرَفْتُ مَا هَذَا بِمَلِكٍ ، وَمَا لَنَا بِهِ مِنْ طَاقَةٍ ، وَمَا نَصْنَعُ بمكابرته شَيْئًا ، وَبَعَثَتْ إِلَيْهِ : إِنِّي قَادِمَةٌ عَلَيْكَ بِمُلُوكِ قَوْمِي لِأَنْظُرَ مَا أَمْرُكَ وَمَا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مِنْ دِينِكَ ” انتهى من ” تفسير ابن كثير” (6/ 172) .
فلما علم سليمان بمسيرها إليه قال لمن حوله : ( أَيُّكُمْ يَأْتِينِي بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِي مُسْلِمِينَ) ، قال ابن كثير رحمه الله :
” أَرَادَ بِإِحْضَارِ هَذَا السَّرِيرِ إِظْهَارَ عَظَمَةِ ما وهب الله له من الملك ، وما سخر لَهُ مِنَ الْجُنُودِ الَّذِي لَمْ يُعْطَهُ أَحَدٌ قَبْلَهُ وَلَا يَكُونُ لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ ، وَلِيَتَّخِذَ ذَلِكَ حُجَّةً عَلَى نُبُوَّتِهِ عِنْدَ بِلْقِيسَ وَقَوْمِهَا لِأَنَّ هَذَا خَارِقٌ عَظِيمٌ أَنْ يَأْتِيَ بِعَرْشِهَا كَمَا هُوَ مِنْ بِلَادِهَا قَبْلَ أَنْ يَقْدَمُوا عَلَيْهِ ، هَذَا وَقَدْ حَجَبَتْهُ بِالْأَغْلَاقِ وَالْأَقْفَالِ وَالْحَفَظَةِ ” .
القصة كما وردت فى الكتاب المقدس
أما فى العهد الجديد لم يذكر سيرة العرش، لكن ما تم ذكره حسب “إنجيل متى 12،42″، ملكة الجنوب ستقوم يوم الدين مع هذا الجيل ويحكم عليها لأنها أتت من أقاصى الأرض لتسمع حكمة سليمان وههنا أعظم من سليمان”. حسب ما جاء فى كتاب “الملكة بلقيس. . التاريخ والأسطورة والرمز”، للدكتور بلقيس إبراهيم الحضرانى.
كتاب أسرار عرش الملكة بلقيس
فى كتاب “أسرار عرش الملكة بلقيس”، للكاتب عمرو حمدى، إن عرض الملكة بلقيس من القصص التى ذكرت فى القران الكريم وذكر الله عرشها على لسان الهدهد أحد جنود نبى الله سليمان، حيث أعطى الله سليمان الكثير من القدرات الخارقة التى لا تنبغى لأحد من بعده، مثل تسخير الرياح والجن والطير”.
وفى أمر نقل عرش بلقيس يقول الكاتب، عندما طلب نبى الله سليمان بإحضار العرش كما جاء فى قال تعالى فى سورة النمل ” قَالَ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ أَيُّكُمْ يَأْتِينِى بِعَرْشِهَا قَبْلَ أَنْ يَأْتُونِى مُسْلِمِينَ (38) قَالَ عِفْريتٌ مِنَ الْجِنِّ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ تَقُومَ مِنْ مَقَامِكَ وَإِنِّى عَلَيْهِ لَقَوِى أَمِينٌ (39) قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آَتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ فَلَمَّا رَآَهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّى لِيَبْلُوَنِى أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّى غَنِى كَرِيمٌ (40)”.
ويوضح الكاتب أنه على الرغم من قوة الجن الخارقة فى الإتيان بالعرش إلا أنه لم يستطع أن يأتى بالعرش بالكيفية الذى أرداها سليمان، قال الذى عنده علم من الكتاب واحتلف عليه العلماء كافة من يكون هذا الرجل فمنهم من قال إنه اقوى أنواع الجن من المردة ومنهم من قال رجل من وزراء سليمان يملك اسم الله الأعظم دعى به فاستجاب له الله ومنهم من قال أمين الوحى جبريل عليه السلام.
وتابع الكاتب اما إذا تحدثنا عن الرجل الذى يملك اسم الله الأعظم ودعى به فستجيب له فى عرف الدين لا يجوز على الإطلاق أن يكون أحد الرجال يعلم اسم اللع الأعظم وسليمان لا يعلمه، فالأساس هذا الرجل يخدم سليمان عليه السلام، فضلا عن أن سليمان نبى مستجاب الدعاء أفلا ينبغى له أن يدعى هو فيجيبه الله فوكل من يدعى نيابة عن لأنه أكثر منه قربة إلى الله الأمر غير منطقيًا بالمره، ثم ما العلم فى ذلك، فامتلاك الاسم بمثابة قدرة وليست علم.
ويشير الكاتب إلى أنه إذا كان جبريل عليه السلام امين الوحى هنا ممكن أن نقول إن هذا يجوز إذا قال الله “قال الذى عنده علم الكتاب”، ولكن الله قال ” قَالَ الَّذِى عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ”، وقال الله فى آية أخرى ” وَيَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَسْتَ مُرْسَلًا ۚ قُلْ كَفَىٰ بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِى وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِندَهُ عِلْمُ الْكِتَابِ”، إذن جبريل عليه السلام عنده علم الكتاب وليس علم من الكتاب، العلم الكلى وليس الجزئى.
ويوضح الكاتب أن الرجل الذى أتى بالعرش عنده علم من الكتاب وليس علم الكتاب فبالتأكيد إذا كان عنده علم الكتاب كله فهو أمين الله على وحيه ولا ينبغى لرجل أن يكون هكذا أما النفى عن جبريل لعلمه بالكتاب كله الذى أرسله الله به وليس ببعضه.
كما كان للكاتب رأى مختلف عن آراء كثيرة، وهو هناك دليل على عرش بلقيس لم ينقل ولكنه استنسخ، ويدلل على ذلك عندما فال لها سليمان عليه السلام “أهكذا عرشك قالت وكأنه هو”، وهذه الآية تثبت بلا نقاش أن العرش تم نسخه وليس نقله من وجهة نظر الكاتب.