المحتويات
من تعار من الليل
قال عُبَادَةُ بْنُ الصَّامِتِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- :« مَنْ تَعَارَّ مِنَ اللَّيْلِ فَقَالَ : لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ
سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ ، ثُمَّ قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي غُفِرَ لَهُ أَوْ قَالَ فَدَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ ، فَإِنْ هُوَ عَزَمَ فَقَامَ فَتَوَضَّأَ وَصَلَّى قُبِلَتْ صَلاَتُهُ ». رَوَاهُ الْبُخَارِي فِي الصَّحِيحِ
صحة الحديث
صحة حديث هو صحيح وقد أخرجه كل من الإمام البخاري في صحيحه وأبو داود في سننه والترمذي وابن ماجه والإمام الدارمي وابن حبان في صحيحه والبيهقي في السنن الكبرى والإمام أحمد في المسند والنسائي في عمل اليوم فهو صحيح
شرح من تعار من الليل
كلمة تعار الراء فيها مشددة , وهي في أصلها تدل على السهر والتقلب على الفراش وهو لا يكونُ إِلاّ يَقَظَةً معَ كَلاٍم وصَوْتٍ
قال أبو عبيده: قال الكسائيّ: تعار: إذا استيقظ من نومه. قال: ولا أحسب يكون ذلك إلا مع كلام. قال الخليل: تعارَّ الرّجلُ يتعارُّ، إذا استيقظ من نومه قال: وأحسب عِرارَ الظَّليم من هذا.
ما معنى تعار من الليل
والجواب أنه الاستيقاظ من النوم والتنبه منه مع ذكر وتسبيح فهذا هو المعنى والذكر المذكور موجود في الحديث ونحن نشرح ألفاظه بإذن المولى.
وهذا الحال من الاستيقاظ على ذكر المولى يدل أن نفسه اشربّت بذكره حتى أصبح في اليقظة وفي النوم متلحفا به فلا يقوم ولا ينام إلا وهو مستحضر مراقبة الله
ومستسلم وذاكر له فقلبه معلق به وحده لا يشغله عن ربه أحد من الخلق ولا مصيبة من المصائب فهنيئا لمن كان هذا حاله مع مولاه.
قال: (لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ) وهذا الذكر قد جاء في فضله عدة أحاديث فمنها أنه أكثر دعاء الرسول صلى الله عليه
وسلم في العرفة وقد حسنه بعض أهل العلم, وأنه خير ما قاله نبينا والنبيون من قبله.
وهذا وإن كان ذكرا إلا أنه بمعنى الدعاء من جهتين: الأول: أنه من باب شكر الله عز وجل وهو سبب لجلب مزيد النعم. والثاني: لأن الثناء على الغني الكريم
من المحتاج الفقير تعرض لقضاء الحاجات بأبلغ وجه.
ومعنى لا إله إلا الله: أي لا معبود بحق إلا الله فكل المعبودات التي عبدت فهي عبدت بالباطل وإنما العبادة الحقة والصحيحة هب عبادة رب العالمين, فهناك من يعبد القمر ومن يعبد الشمس
ومن يعبد الملائكة أو الأنبياء والمرسلين أو العباد الصالحين إلا أن كل هذه المعبودات عبدت وهي لا تستحق لأنهم كلهم عبيد وخلق لله الواحد القهار فالذي يستحق العبادة وهو الله وحده.
وَقَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَا إلَهَ إِلَّا اللَّهُ إظْهَارٌ لِلتَّوْحِيدِ وَإِعْلَامٌ بِهِ وَاسْتِدَامَةٌ لِلْإِيمَانِ بِهِ وهي كلمة التوحيد والإخلاص وهي اسم الله الأعظم لدى بعض العلماء ومعنى التسبيح داخل فيها فإنه التنزيه عما لا يليق به.
قوله: (لا شريك له) تأكيد للمعنى السابق فهو واحد لا شريك له لا في ألوهيته ولا في ربوبيته ولا في أسمائه وصفاته وأفعاله.
قوله: (لَهُ الْمُلْكُ) بضمّ الميم، قال في “اللسان”: الْمُلْكُ: معروف، وهو يُذكّر ويُؤنّث كالسلطان، وملك اللَّه تعالى، ومَلكوته: سلطانه وعظمته، وقال أيضًا: قال ابن سِيدهْ: “الْمَلْكُ -بالفتح- والْمُلْك -بالضمّ- والْمِلْك -بالكسر-
احتواء الشيء، والقدرة على الاستبداد به. انتهى قدم الملك لأنه ملك فحمد في مملكته وختم بقوله ( وهو على كل شيء قدير ) ليتم معنى الحمد.
ومن أسماءه (الملك) ومعناه الذي له السلطان الكامل الشامل فله له التصرف في خلقه كيفما يشاء من غير ممانع له ولا مدافع فهو سبحانه لا يسأل عما يفعل.
ولابد أن يعتقد المسلم إفراد الله بالملك: فلا يملك الخلق إلا خالقهم؛ كما قال تعالى: { ولله ملك السماوات والأرض } [آل عمران: 19]، وقال تعالى: { قل من بيده ملكوت كل شيء } [المؤمنون: 88].
وأما ما ورد من إثبات الملكية لغير الله؛ كقوله تعالى: { إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين } فهو ليس ملكا تاما كاملا بل محدودا وأيضا لا يتصرف فيه كما يشاء
إنما بما أذن الشارع له فيه فقد جمع بين محدودية الملك وأنه ليس حرا فيه كما يشاء. يتصرف فيه كما يشاء إنما بما أذن الشارع له فيه فقد جمع بين محدودية الملك وأنه ليس حرا فيه كما يشاء.
قوله: (وَلَهُ الْحَمْدُ) أي جميع حمد أهل السماوات والأرض، وجميع أصناف المحامد في الأولى والآخرة للَّه -عَزَّ وَجَلَّ-؛ لأنه المستحق لها دون غيره.
قوله: (سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ) وهنا نوضح أن أصل التسبيح هو التنزيه والتقديس والتبرئة من جميع النقائص سبحته تسبيحا وسبحانا إذا معنى سبحان الله هو تنزيهه,
نصب على المصدر بمحذوف أي أبرىء الله من السوء براءة والعرب تقول سبحان الله من كذا إذا تعجبت منه , والحمد فيه إثبات المحامد له فجمع بين التنزيه والإثبات.
قوله: (وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ) وهذه الجملة تسمى الحوقلة ومعناها قال ابن مسعود : معناه : لا حول عن معصية الله إلا بعصمته ، ولا قوة على طاعته إلا بمعونته ،
قال الخطابي : هذا أحسن ما جاء فيه. فالقائل بهذا يستحضر ضعفه وعجزه وأنه لا قوة له ولا حول إلا به وحده.
قوله: (ثُمَّ قَالَ : رَبِّ اغْفِرْ لِي غُفِرَ لَهُ أَوْ قَالَ فَدَعَا اسْتُجِيبَ لَهُ) أي دعا بهذا رب اغفر لي أو بما شاء من الأدعية (استجيب له) دعاؤه (فإن قام) أي من فراشه الشخص الذي قال هذا الذكر
(فتوضأ) أي الوضوء المعروف للصلاة (ثم صلى) ولو ركعتين سواء قائمًا أو قاعدًا (قُبلت صلاته).
فوائد الحديث
1- فيه ما يقوله المسلم إذا قام من الليل وأنه أول ما يبدأ به
2- فيه بيان وقت من أوقات استجابة الدعاء مع الهيئة المذكورة.
3- وأيضا يدل على أهمية تعلق قلب العبد بالله وفضله.
4- وأيضا يدل على أن هذا الأمر سبب من أسباب تقبل صلاته
5- وفيه الحث والحض على قيام الليل وقد دلت على ذلك أدلة كثيرة غير هذا.
6- قال الإمام ابن عبد البر رحمه الله: وثبت عن النبي عليه السلام من وجوه أنه كان يقوم من الليل فيذكر الله بأنواع من الذكر ثم يتوضأ ويصلي اهـ.
لذلك نص أهل العلم بأنه له أن يذكر الله بأي ذكر شاء إلا أن هذا الفضل جاء مقيدا بهذا الذكر المذكور في الحديث.
قصص عن دعاء التعار من الليل
وهذا الأمر كتبناه لأن البعض يبحث عنه ولكننا نقول لا تبحثوا عن قصص تتعلق بدعاء تعار من الليل بل افعلوا ذلك موقنين بإجابة الله وأما من كان شاكا مترددا حتى
يقرأ القصص قد لا تنفعه وقد تدل على ضعف التوكل واليقين.
دعاء من تعار من الليل
لمن يبحث عن الدعاء هو لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، لَهُ الْمُلْكُ ، وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ قَدِيرٌ ، سُبْحَانَ اللَّهِ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ ، وَلاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ ، وَاللَّهُ أَكْبَرُ ، وَلاَ حَوْلَ وَلاَ قُوَّةَ إِلاَّ بِاللَّهِ