نستعرض لكم في موقع فيرال أهم صفات الخوارج وهم عبارة عن اسم أطلقه مخالفو فرقة قديمة محسوبة على الإسلام كانوا يسمون أنفسهم بـ”اهل الأيمان”، ظهرت في السنوات الأخيرة من خلافة الصحابي عثمان بن عفان، واشتهرت بالخروج على علي بن أبي طالب بعد معركة صفين سنة 37هـ؛ لرفضهم التحكيم بعد أن عرضوه عليهم. وقد عرف الخوارج على مدى تاريخهم بالمغالاة في الدين وبالتكفير والتطرف. وأهم عقائدهم: تكفير أصحاب الكبائر، ويقولون بخلودهم في النار، وكفروا عثمان وعلي وطلحة والزبير وعائشة، ويقولون ويحرضون بالخروج على الحكام الظالمين والفاسقين، وهم فرق شتى.
المحتويات
من صفات الخوارج
الغلو في دين الإسلام
لقد كانو الخوارج أهل طاعة وعبادة، فكانوا حريصين كل الحرص على التمسك بالدين وتطبيق أحكامه، والابتعاد عن جميع ما نهى عنه الإسلام، وكذلك التحرُّز التام عن الوقوع في أي معصية أو خطيئة تخالف الإسلام، حتى أصبح ذلك سمة بارزة في هذه الطائفة لا يدانيهم في ذلك أحد، ولا أدلُّ على ذلك من قول رسول الله (ص): “يقرؤون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء، ولا صيامكم إلا صيامهم بشيء”.
وقال ابن عباس رضي الله عنهما يصفهم حينما دخل عليهم لمناظرتهم: دخلت على قوم لم أر قط أشد منهم اجتهاداً، جباههم قرحة من السجود، وأياديهم كأنها ثفن الإبل، وعليهم قمص مرحضة، مشمِّرين، مسهمة وجوههم من السهر. وعن جندب الأزدي قال: لما عدلنا إلى الخوارج ونحن مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، فانتهينا إلى معسكرهم، فإذا لهم دوي كدوي النحل من قراءة القرآن.
فقد كانوا أهل صيام وصلاة وتلاوة للقران، لكنهم تجاوزوا حد الاعتدال إلى درجة الغلو والتشدد، حيث قادهم هذا التشدد إلى مخالفة قواعد الإسلام بما تمليه عليهم عقولهم، كالقول بتكفير صاحب الكبيرة، وسيأتي مناقشة عقائدهم وأفكارهم بإذن الله تعالى.
ومنهم من بالغ في ذلك حتى على كل من ارتكب ذنباً من الذنوب ولو كان صغيراً؛ فإنه كافر مشرك مخلد في النار، وكان من نتيجة هذا التشدد الذي خرج بهم عن حدود الدين وأهدافه السامية، أن كفروا كل من لم ير رأيهم من المسلمين، ورموهم بالكفر أو النفاق، حتى إنهم استباحوا دماء مخالفيهم، ومنهم من استباح قتل النساء والأطفال من مخالفيهم كالأزارقة مثلًا.
الجهل بدين الإسلام
تعتبر هذه الصفة من أكبر الصفات وهي الجهل بالكتاب والسنة، وسوء فهمهم وقلة تدبرهم وتعقلهم، وعدم إنزال النصوص منازلها الصحيحة، وكان ابن عمر يراهم شرار خلق الله، وقال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار، فجعلوها على المؤمنين، وكان ابن عمر إذا سئل عن الحرورية؟ قال: يكفرون المسلمين، ويستحلون دماءهم وأموالهم، وينكحون النساء في عِدَدِهِنّ، وتأتيهم المرأة فينكحها الرجل منهم ولها زوج، فلا أعلم أحداً أحق بالقتال منهم.
ومن جهلهم بشرع الله رأوا أن التحكيم معصية تستوجب الكفر، فيلزم من وقع فيه أن يعترف على نفسه بالكفر، ثم يستقبل التوبة، وهذا ما طالبوا به علياً رضي الله عنه؛ إذ طلبوا منه أن يقر على نفسه بالكفر ثم يستقبل التوبة، فتخطئة الخوارج له ولمن معه من المهاجرين والأنصار، واعتقادهم أنهم أعلم منهم وأولى منهم بالرأي، وهو والله عين الجهل والضلال.
شق عصا الطاعة في الدولة/ الأمة
قال ابن تيمية: فهؤلاء ضلالهم اعتقادهم في أئمة الهدى وجماعة المسلمين أنهم خارجون عن العدل، وأنهم ضالون، وهذا مأخذ الخارجين عن السنة من الرافضة ونحوهم، ثم يعدون ما يرون أنه ظلم عندهم كفراً، ثم يرتبون على الكفر أحكاماً ابتدعوها، هذا وقد شقوا عصا الطاعة، وسعوا في تفريق كلمة المسلمين، ويوضح ذلك موقفهم مع أمير المؤمنين علي، حيث تخلوا عنه وخالفوه في أحرج المواقف وعصوا أمره، وظلت تلك الصفة من صفاتهم على مدار التاريخ أن كل من خالفهم في أمر؛ عادوه ونبذوه، حتى إنهم تفرقوا هم أنفسهم إلى عدة فرق يكفر بعضهما بعضاً، ولذلك كثر فيهم الغارات والشقاق والثورات.
التكفير بالذنوب واستحلال دماء المسلمين وأموالهم
قال ابن تيمية: والفرق الثاني في الخوارج وأهل البدع، أنهم يكفرون بالذنوب والسيئات، ويترتب على تكفيرهم بالذنوب استحلال دماء المسلمين وأموالهم، وأن دار الإسلام دار حرب، ودارهم هي دار الإيمان، وكذلك يقول جمهور الرافضة.. فهذا أصل البدع التي ثبتت بنص سنة الرسول (ص)، وإجماع السلف أنها بدعة، وهو جعل العفو سيئة، وجعل السيئة كفرًا.
حيث تميز الخوارج بآراء خاصة فارقوا بها جماعة المسلمين، ورأوها من الدين الذي لا يقبل الله غيره، ومن خالفهم فيها فقد خرج من الدين في زعمهم، فأوجبوا البراءة منه، بل إن منهم من غلا في ذلك، فأوجبوا قتال من خالفهم واستحلوا دماءهم، فمن ذلك أنهم قتلوا عبد الله بن خباب بغير سبب غير أنه لم يوافقهم على رأيهم. وقال ابن كثير: فجعلوا يقتلون النساء والولدان، ويبقرون بطون الحبالى، ويفعلون أفعالاً لم يفعلها غيرهم.
وقال ابن تيمية: وكانت البدعة الأولى مثل بدعة الخوارج، إنما هي من سوء فهمهم للقران، لم يقصدوا معارضته، لكن فهموا منه ما لم يدل عليه، فظنوا أنه يوجب تكفير أرباب الذنوب، إذ كان المؤمن هو البر التقي، قالوا: فمن لم يكن براً تقياً فهو كافر وهو مخلد في النار، ثم قالوا: وعثمان وعلي ومن والاهما ليسوا بمؤمنين؛ لأنهم حكموا بغير ما أنزل الله، فكانت بدعتهم لها مقدمتان:
- الأولى: أن من خالف القرآن بعمل أو برأي أخطأ فيه فهو كافر.
- الثانية: أن عثمان وعلياً ومن والاهما كانوا كذلك.
ولهذا يجب الاحتراز من تكفير المؤمنين بالذنوب والخطايا، فإنه أول بدعة ظهرت في الإسلام فكفر أهلها المسلمين، واستحلوا دماءهم وأموالهم، وقد ثبت عن النبي (ص) أحاديث صحيحة في ذمهم والأمر بقتالهم.
الطعن والتضليل
من أبرز صفات الخوارج الطعن في أئمة الهدى وتضليلهم والحكم عليهم بالخروج عن العدل والصواب، وقد تجلَّت هذه الصفة في موقف ذي الخويصرة مع رسول الهدى (ص)، حيث قال ذو الخويصرة: يا رسول الله اعدل، فقد عَدَّ ذو الخويصرة نفسه أورع من رسول الله (ص)، وحكم على رسول الله ـ (ص) ـ بالجور والخروج على العدل في القسمة! وإن هذه الصفة قد لازمتهم عبر التاريخ، وقد كان لها أسوأ الأثر لما ترتب عليها من أحكام وأعمال.
سوء الظن
هذه صفة أخرى للخوارج تجلت في حكم ذي الخويصرة الجهول على رسول الهدى (ص) بعدم الإخلاص، حيث قال: والله إن هذه لقسمة ما عدل فيها، وما أريد فيها وجه الله، فذو الخويصرة الجهول لما رأى رسول الله (ص) قد أعطى السادة الأغنياء، ولم يعطِ الفقراء، لم يحمل هذا التصرف على المحمل الحسن، وهذا شيء عجيب خصوصاً وأن دواعيه كثيرة، فلو لم يكن إلا أن صاحب هذا التصرف هو رسول الهدى (ص)، لكفى به داعياً إلى حسن الظن، ولكن ذا الخويصرة أبى ذلك، وأساء الظن لمرضه النفسي، وحاول أن يستر هذه العلة بستار العدل، وبذلك ضحك منه إبليس، واحتال عليه، فأوقعه في مصايده.
فينبغي للمرء أن يراقب نفسه، وأن يدقق في دوافع سلوكه ومقاصده، وأن يحذر هواه، وأن يكون منتبهاً لحيل إبليس لأنه كثيراً ما يزين العمل السيء بغلاف حَسَن براق، ويبرر السلوك القبيح باسم مبادئ الحق. ومما يعين المرء على وقاية نفسه، والنجاة لها من حيل الشيطان ومصايده: العلم، فذو الخويصرة لو كان عنده أثارة من علم، أو ذرة من فهم لما سقط في هذا المزلق.
الشدة على المسلمين
عرف الخوارج بالغلظة والجفوة، وقد كانوا شديدي القسوة والعنف على المسلمين، وقد بلغت شدتهم حداً فظيعاً، فاستحلوا دماء المسلمين وأموالهم وأعراضهم؛ فروَّعوهم وقتلوهم، أما أعداء الإسلام من أهل الأوثان وغيرهم فقد تركوهم وادعوهم فلم يؤذوهم.