سؤال وجواب

من هم الحسن والحسين

من هم الحسن والحسين

أمير المؤمنين الحسن بن علي بن أبي طالب الهاشمي، أبو محمد سبط رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وريحانته، وقد صحبه وحفظ عنه، فهو ابن السيدة فاطمة بنـت رسـول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأبـوه أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وحفيد أم المؤمنين خديجة وخامس الخلفاء الراشدين.

الحسن والحسين ابنا علي رضي الله عنهم ، وحفيدا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، من أهل بيت النبوة ، ومن الصحابة الكرام الأطهار ، نتقرب إلى الله تعالى بمحبتهما وموالاتهما – دون مغالاة ، كما يفعل أهل البدع – ونبرأ إلى الله ممن يبغضهما ولا يحبهما .
روى الإمام أحمد (7876) عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( مَنْ أَحَبَّهُمَا فَقَدْ أَحَبَّنِي ، وَمَنْ أَبْغَضَهُمَا فَقَدْ أَبْغَضَنِي ) يَعْنِي حَسَنًا وَحُسَيْنًا .
وصححه الألباني في “الصحيحة” (2895) .
وروى الترمذي (3768) عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الخُدْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ( الحَسَنُ وَالحُسَيْنُ سَيِّدَا شَبَابِ أَهْلِ الجَنَّةِ ) وصححه الألباني في ” صحيح الترمذي ” .
ثانيا :
تقدم في إجابة السؤال رقم : (112051) كيفية مقتل الحسين رضي الله عنه .
ولم يثبت أن يزيد بن معاوية أمر بقتله ولا رضي به ، ولكنه لم يظهر منه بعد قتله إنكار قتله ولا انتصر ممن قتله ، قال شيخ الإسلام رحمه الله :
” وَجَرَتْ فِي إمَارَتِهِ أُمُورٌ عَظِيمَةٌ : – أَحَدُهَا مَقْتَلُ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَهُوَ لَمْ يَأْمُرْ بِقَتْلِ الْحُسَيْنِ ، وَلَا أَظْهَرَ الْفَرَحَ بِقَتْلِهِ ؛ وَلَا نَكَّتَ بِالْقَضِيبِ عَلَى ثَنَايَاهُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – وَلَا حَمَلَ رَأْسَ الْحُسَيْنِ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – إلَى الشَّامِ .
لَكِنْ أَمَرَ بِمَنْعِ الْحُسَيْنِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، وَبِدَفْعِهِ عَنْ الْأَمْرِ ، وَلَوْ كَانَ بِقِتَالِهِ ؛ فَزَادَ النُّوَّابُ عَلَى أَمْرِهِ ؛ وَحَضَّ الشمرُ بن ذي الْجَوشَن عَلَى قَتْلِهِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زِيَادٍ ؛ فَاعْتَدَى عَلَيْهِ عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زِيَادٍ ، فَطَلَبَ مِنْهُمْ الْحُسَيْنُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ أَنْ يَجِيءَ إلَى يَزِيدَ ؛ أَوْ يَذْهَبَ إلَى الثَّغْرِ مُرَابِطًا ؛ أَوْ يَعُودَ إلَى مَكَّةَ ؟ فَمَنَعُوهُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ إلَّا أَنْ يَسْتَأْسِرَ لَهُمْ … فَقَتَلُوهُ مَظْلُومًا وطَائِفَةِ مِنْ أَهْلِ بَيْتِهِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ،
وَكَانَ قَتْلُهُ – رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ – مِنْ الْمَصَائِبِ الْعَظِيمَةِ؛ فَإِنَّ قَتْلَ الْحُسَيْنِ ، وَقَتْلَ عُثْمَانَ قَبْلَهُ : كَانَا مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ الْفِتَنِ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ ، وَقَاتلُهُمَا مِنْ شِرَارِ الْخَلْقِ عِنْدَ اللَّهِ .
وَلَمَّا قَدِمَ أَهْلُهُمْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ، عَلَى يَزِيدَ بْنِ مُعَاوِيَةَ : أَكْرَمَهُمْ ، وَسَيَّرَهُمْ إلَى الْمَدِينَةِ ، وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَعَنَ ابْنَ زِيَادٍ عَلَى قَتْلِهِ ، وَقَالَ : كُنْت أَرْضَى مِنْ طَاعَةِ أَهْلِ الْعِرَاقِ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ !!
لَكِنَّهُ مَعَ هَذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ إنْكَارُ قَتْلِهِ ، وَالِانْتِصَارُ لَهُ ، وَالْأَخْذُ بِثَأْرِهِ : كَانَ هُوَ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ ، فَصَارَ أَهْلُ الْحَقِّ يَلُومُونَهُ عَلَى تَرْكِهِ لِلْوَاجِبِ ، مُضَافًا إلَى أُمُورٍ أُخْرَى .
وَأَمَّا خُصُومُهُ فَيَزِيدُونَ عَلَيْهِ مِنْ الْفِرْيَةِ أَشْيَاءَ ” .
انتهى ، بتصرف واختصار يسير من “مجموع الفتاوى” (3/ 410-411) .
وحكى ابن كثير أن يزيد بن معاوية لما جاءه خبر مقتل الحسين وأصحابه دَمَعْتَ عَيْنَاه وَقَالَ : ” قَدْ كُنْتُ أَرْضَى مِنْ طَاعَتِكُمْ بِدُونِ قَتْلِ الْحُسَيْنِ ، لَعَنَ اللَّهُ ابْنَ مَرْجَانَةَ – يعني عبيد الله بن زياد – أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي صَاحِبُهُ لَعَفَوْتُ عَنْهُ ، وَرَحِمَ اللَّهُ الْحُسَيْنَ ” .
وَلَمَّا وُضِعَ الْحُسَيْنُ بَيْنَ يَدَيْ يَزِيدَ قَالَ: ” أَمَا وَاللَّهِ لَوْ أَنِّي صَاحِبُكَ مَا قَتَلْتُكَ ” .
انتهى من “البداية والنهاية” (11/ 557) .


ثالثا :
أما الحسن رضي الله عنه : فالمشهور أنه قتل مسموما .
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله :
” يقال إنه مات مسموما ، قال ابن سعد : أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم أخبرنا ابن عون عن عمير بن إسحاق قال : دخلت أنا وصاحب لي على الحسن بن علي فقال: لقد لفظت طائفة من كبدي وإني قد سقيت السم مرارا فلم أسق مثل هذا ، فأتاه الحسين بن علي فسأله من سقاك ؟ فأبى أن يخبره رحمه الله تعالى ” .
انتهى من “الإصابة” (2 /73) .
وإسماعيل بن إبراهيم وابن عون ثقتان حافظان ، وعمير بن إسحاق : قال ابن معين في رواية : لا يساوي شيئا ولكن يكتب حديثه ، وقال عثمان الدارمي : قلت لابن معين : كيف حديثه ؟ قال : ثقة . وقال النسائي ليس به بأس . وذكره ابن حبان في الثقات .
“تهذيب التهذيب” (8 /127) .
وقال قتادة : ” قال الحسن للحسين: ” قد سقيت السم غير مرة ، ولم أسق مثل هذه ، إني لأضع كبدي ” فقال: من فعله ؟ فأبى أن يخبره “.
انتهى من “سير أعلام النبلاء” (3 /274) .
ثم اختلف فيمن دس إليه السم ؟ فقيل : زوجته جعدة بنت الأشعث ، بإيعاز من يزيد بن معاوية ، وقيل : بإيعاز من معاوية نفسه ، وقيل : بإيعاز من نفسها ، وقيل من أبيها ، ولا يصح من هذا شيء ، بل كله منكر ، وأنكرُه قول من قال : بإيعاز من معاوية .
قال ابن الأثير في “أسد الغابة” (2/ 13):
” وكان سبب موته أن زوجته جعدة بنت الأشعث بن قيس سقته السم ، فمات منه ، ولما اشتد مرضه قال لأخيه الحسين رضي الله عنهما : يا أخي سقيت السم ثلاث مرات ، لم أسق مثل هذه ، إني لأضع كبدي ، قال الحسين: من سقاك يا أخي؟ قال: ما سؤالك عن هذا ؟ أتريد أن تقاتلهم ؟ أكلهم إلى الله عز وجل ” .
وقال ابن كثير في ” البداية والنهاية ” (11/ 208):
” وَرَوَى بَعْضُهُمْ أَنَّ يَزِيدَ بْنَ مُعَاوِيَةَ بَعْثَ إِلَى جَعْدَةَ بِنْتِ الْأَشْعَثِ أَنْ سُمِّي الْحَسَنَ وَأَنَا أَتَزَوَّجُكِ بَعْدَهُ ، فَفَعَلَتْ ، فَلَمَّا مَاتَ الْحَسَنُ بَعَثَتْ إِلَيْهِ ، فَقَالَ : إِنَّا وَاللَّهِ لَمْ نَرْضَكِ لِلْحَسَنِ ، أَفَنَرْضَاكِ لِأَنْفُسِنَا ؟
وَعِنْدِي أَنَّ هَذَا لَيْسَ بِصَحِيحٍ ، وَعَدَمُ صِحَّتِهِ عَنْ أَبِيهِ مُعَاوِيَةَ بِطَرِيقِ الْأُولَى وَالْأَحْرَى ” .
وقال الذهبي رحمه الله :
” قال ابن عبد البر: قال قتادة وأبو بكر بن حفص: سم الحسنَ زوجته بنت الأشعث بن قيس ، وقالت طائفة: كان ذلك بتدسيس معاوية إليها ، وبذل لها على ذلك ، وكان لها ضرائر، قلت : هذا شيء لا يصح ؛ فمن الذي اطلع عليه ؟ ” .
انتهى من ” تاريخ الإسلام ” (4 /40) .
وقال ابن خلدون رحمه الله :
” وما نقل من أن معاوية دس إليه السم مع زوجته جعدة بنت الأشعث ، فهو من أحاديث الشيعة ، حاشا لمعاوية من ذلك ” .
انتهى من ” العبر وديوان المبتدأ والخبر” (2/187) .
وقال الشيخ عثمان الخميس :
” المشهور أن الحسن مات مسموما ، لكن لا يعلم إلى اليوم من الذي وضع له السم ، الله أعلم ” .
ولعل الراجح أنه مات كما يموت الناس موتا عاديا لم يسمّه أحد .
قَالَ سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ رَقَبَةَ بْنِ مِصْقَلَةَ قَالَ : ” لَمَّا حُضِرَ الْحَسَنُ بْنُ عَلِيٍّ قَالَ: أَخْرِجُونِي إِلَى الصَّحْنِ حَتَّى أَنْظُرَ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ ، فَأَخْرَجُوا فِرَاشَهُ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ ، فَنَظَرَ ، فَقَالَ : اللَّهُمَّ إِنِّي أَحْتَسِبُ نَفْسِي عِنْدَكَ ، فَإِنَّهَا أَعَزُّ الْأَنْفُسِ عَلَيَّ. قَالَ: فَكَانَ مِمَّا صَنَعَ اللَّهُ لَهُ أَنَّهُ احْتَسَبَ نَفْسَهُ عِنْدَهُ .
… وقَالَ أَبُو نُعَيْمٍ : لَمَّا اشْتَدَّ بِالْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ الْوَجَعُ : جَزِعَ، فَدَخَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ فَقَالَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ، مَا هَذَا الْجَزَعُ؟ مَا هُوَ إِلَّا أَنْ تُفَارِقَ رُوحُكَ جَسَدَكَ فَتَقْدَمَ عَلَى أَبَوَيْكَ عَلِيٍّ وَفَاطِمَةَ، وَعَلَى جَدَّيْكَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَخَدِيجَةَ، وَعَلَى أَعْمَامِكَ حَمْزَةَ وَجَعْفَرٍ، وَعَلَى أَخْوَالِكَ الْقَاسِمِ وَالطَّيِّبِ وَمُطَهِّرٍ وَإِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى خَالَاتِكَ رُقَيَّةَ وَأُمِّ كُلْثُومٍ وَزَيْنَبَ. قَالَ: فَسُرِّيَ عَنْهُ.
وقَالَ يَعْقُوبُ بْنُ سُفْيَانَ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى ، ثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ مُحَمَّدٍ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قُتِلَ عَلِيٌّ وَهُوَ ابْنُ ثَمَانٍ وَخَمْسِينَ سَنَةً ، وَمَاتَ لَهَا حَسَنٌ ، وَقُتِلَ لَهَا الْحُسَيْنُ. رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .
انظر : “البداية والنهاية” (11/ 209-212) .
وهذا إسناد صحيح ، ومحمد هو ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ، وهو أعلم بهذا الشأن ، وقوله مات الحسن ، مع قوله قتل علي وقتل الحسين ، مشعر بأنه مات كما يموت الناس .
ولعل هذا القول أرجح وأسلم من اتهام بريء بهذا الذنب العظيم ، وأبعد عن تسريب التهمة إلى من قد يكون أبعد الناس عنها .
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله :
” وأما قوله: ” إن معاوية سم الحسن ” فهذا مما ذكره بعض الناس ، ولم يثبت ذلك ببينة شرعية ، أو إقرار معتبر، ولا نقل يجزم به ، وهذا مما لا يمكن العلم به ، فالقول به قول بلا علم.
وقد رأينا في زماننا من يقال عنه : إنه سم ، ومات مسموما ، من الملوك وغيرهم ، ويختلف الناس في ذلك ، حتى في نفس الموضع الذي مات فيه ذلك الملك ، والقلعة التي مات فيها، فتجد كلا منهم يحدث بالشيء بخلاف ما يحدث به الآخر، ويقول: هذا سمه فلان ، وهذا يقول: بل سمه غيره لأنه جرى كذا، وهي واقعة في زمانك ، والذين كانوا في قلعته هم الذين يحدثونك ” انتهى من “منهاج السنة” (4/ 469) .
وقال أبو بكر بن العربي المالكي رحمه الله :
” فإن قيل : قد دس – يعني معاوية – على الحسن من سمه ؟
قلنا : هذا محال من وجهين :
أحدهما : أنه ما كان ليتقي من الحسن بأسًا ، وقد سلم الأمر.
الثاني : أنه أمر مغيب لا يعلمه إلا الله ، فكيف تحملونه – بغير بينة – على أحد من خلقه ، في زمان متباعد لم نثق فيه بنقل ناقل ، بين أيدي قوم ذوي أهواء ، وفي حال فتنة وعصبية ، ينسب كل واحد إلى صاحبه ما لا ينبغي ، فلا يقبل منها إلا الصافي ، ولا يسمع فيها إلا من العدل المصمم ” .
انتهى من ” العواصم من القواصم ” (ص 213-214) .
والله أعلم .

                     
السابق
عبارات تهنئة زواج للعريس
التالي
ما هي الكبائر ما حكمها

اترك تعليقاً