نقدم لكم في هذه المقالة من هو نضال قبلان وأبرز ما قاله نضال قبلان خلال لقاءه الأخير : دكتور نضال بداية أرحب بك كإعلامي ودبلوماسي مثلت الوطن في تركيا ونرجو أن يكون هذا اللقاء حاراً وليس كما وصف أحد الظرفاء الدبلوماسية السورية بالباردة
أولاً نود منك أن نعلم كيف تقرأ الأزمة السورية كإعلامي ودبلوماسي؟؟
هذا سؤال عام يحتاج إلى الكثير من الشرح لكن نستطيع أن نركز على الملامح الأساسية فما تأكد واتضح في هذه الأزمة أن هناك مؤامرة كونية على سوريا لربما لأول مرة في تاريخها يجتمع هذا العدد الكبير من الدول والجهات العربية والدولية التي تسعى إلى إحداث تغيير في القوى داخل سوريا على عكس رغبة جزء كبير من الشعب السوري فمنذ بداية الأزمة حتى الأن اتضحت لنا ملامح واضحة لم تعد حتى تحتاج إلى شرح ماحدث على الأرض يمكن تقسيمه إلى قسمين أساسيين هنالك جزء من الشعب السوري بدأ يطالب بحقوق وإصلاحات وبمكافحة الفساد و بحريات في الإعلام وبتعددية سياسية في البلاد وهذا شيء مشروع و ثمثل بهذا شيء مشروع ندعمه جميعاً حتى أنا عندما كنت سفيراً في تركيا خرجت على وسائل الإعلام التركية أكثر من مرة وقلت: أنا كسفير أمثل بلدي ولي الشرف أن أمثل بلدي سوريا والسيد الرئيس بشار الأسد
ويتابع قائلاً: نحن أول المطالبين بالإصلاح فالإصلاح يصب في مصلحة تقدم البلد وليس في مصلحة شخص أو جهة أو نظام وبالتالي نحن مع الإصلح مع مكافحة الفساد ومع زيادة الحريات أيضاً لأن منح مزيد من الحرية للإعلام بشكل خاص والتعددية السياسية تغني الحياة السياسية في سوريا وتغني الخطاب الإعلامي السوري وبالتالي نحن جميعاً مع هذا النوع من المعارضة
لكن ماحدث على الأرض أن هناك جهات محلية و عربية و دولية وإقليمية استغلت المطالب المحقة لجزء من الشعب السوري وحاولت تشجيره إلى منحى خطير جداً وهو فرض بالقوة حيث أخذت هذه المعارضة منحى خطير من خلال ارتكاب اعمال ارهابية قتل مدنيين وعسكريين ورجال الجيش العربي السوري وهذه كلها خطوط حمراء فضلاً على أنهم أصبحوا يستهدفون البنى التحتية التي بنتها سوريا على مدى عقود
والتي حيرت كبار المفكرين والمحللين السياسيين في العالم أمثال ”هنري كسنجر”
الذي قال ما بناه حافظ الأسد في سوريا من بنى تحتية وما عززه الرئيس بشار الأسد في هذا المجال شيء يدعو للذهول كيف لم تسقط البنية التحتية بعد أكثر من عام من التخريب والدمار والإجرام والدم
وبالتالي عندما نقول مؤامرة نحن لا نبالغ فالدور العربي قذر جدا سواء أكان الدور القطري أو حتى السعودي لا يحتاج إلى شرح لأن تصريحاتهم تدينهم ونحن لا نريد أن نتهم أحداً الدور التركي خطير جداً والإصبع الغربي واضح “أمريكا بريطانيا فرنسا ” والدور الفرنسي قذر جداً لكن والحمدلله وبعد أكثر من عام وأربعة أشهر على هذه الأزمة نلاحظ أن زعماء الدول التي تزعمت و ترأست هذه المؤامرة على سوريا أخذوا يسقطون أمثال ساركوزي وغيره البقية على الطريق
ويتابع :
سوريا لازالت صامدة بفضل الثلاثي “المعجزة” الشعب الجيش والقيادة
صمود هؤلاء الثلاثة أسقط المؤامرة لكن هذا وبالطبع لا يقلل من حجم الحزن الذي نشعر به كسوريين على هذه الدماء السورية التي تزهق في غير مكانها
الجيش العربي السوري وقوات حفظ النظام وحتى الشعب السوري يربي أبناءه ليزودوا عن فلسطين والجولان وجنوب لبنان وعن كل شبر محتل من الأراضي العربية هذا هو الفكر الذي تربينا عليه و هذه هي بيوتنا
قبل أن نتحدث في السياسة هذه هي تربية الشعب السوري القومي العروبي الذي ضحى من أجل جميع الدول التي تعرضت إلى محن
موضحاً بقوله:
سوريا تستقبل نحو مليون فلسطيني منذ نكبة 1948
وأصبحوا جزءاً من المجتمع السوري يعيشون بيننا يتخرجون من جامعاتنا ليس فيهم فلسطيني واحد يعيش في خيمة
سوريا استقبلت كذلك نحو مليوني عراقي يشاركوننا الماء و المأكل والرعاية الصحية والتعليم ليس فيهم عراقي واحد يعيش في خيمة و أنا قلت هذا على الإعلام التركي لا يمكن للسوري أن يقبل أن يعيش في خيمة عشرة أو خمسة عشرة ألف لاجئ هجروا بالقوة أو بالإغراء إلى تركيا أو بضعة ألاف إلى لبنان و الأردن ونحن نأوي أكثر من مليونين ونصف المليون عربي
العقل السوري لا يقبل مثل هذه المعادلات الغير منطقية لذلك حتى موضوع المخيمات في تركيا كان جزءاً من اللعبة وموضوع المناطق العازلة كان جزءاً من اللعبة والتحرش التركي اليوم من خلال خرق الأجواء السورية هو أيضاً جزء من اللعبة فبعد ما فشلت تركيا على الأرض واخذت الجماعات المسلحة التي ترعاها وتدربها وتمولها دول عدة من بينها تركيا تركيا تتلقى ضربات موجعة لذا كان لابد لها من نقل التصعيد إلى مربع أخر ,منها جاء التحرش التركي اليوم عن طريق خرق الأجواء السورية لكن أعتقد أن الرسالة وصلت قوية الى تركيا بأن موضوع السيادة السورية هو موضوع ليس فقط خط أحمر و إنما موضوع كمن يلعب بالنار واسقاط الطائرة التركية وإثابة الطائرة الأخرى رسالة قوية
وباعتقادي الأتراك الذين سيعقدون بعد لحظات اجتماعاً لمجلس الأمن القومي طارئاً بغض النظر عما سيصدر عنه لكن الرسالة وصلتهم أن هناك خطوطاً لا تقبل سوريا ولا بأي شكل من الأشكال لا شعباً ولا قيادة ولا جيشاً أن يتم المساس بها وبالتالي من يريد أن يلعب هذه اللعبة عليه أن يتحمل النتائج
سعادة السفير كلنا صدمنا بالموقف التركي علماً أننا في السنوات الفائتة كنا نعتبر تركيا صديقة لسوريا
كيف تقرأ الموقف التركي راهناً وهل في رأيك هناك فرق بين الموقف الرسمي والشعبي؟؟؟
لا بالطبع الموقف التركي ليس واحداً هناك معارضة شديدة داخل تركيا لسياسة أردوغان حتى داخل حزب العدالة والتنمية هناك معارضة شرسة على رأسها حزب الشعب الجمهوري وحزب العمال هنالك فئات وشرائح كبيرة في تركيا خرجت بأصوات قوية ومجلجلة تدين هذه المغامرات المتهورة لحكومة أردوغان فحكومة أردوغان ومنذ أن استلمت حكومة العدالة والتنمية خصوصاً بعد تسلم أحمد داوود أوغلو حقبة الخارجية وفي كتابه العمق الاستراتيجي الذي أصدره عام 2000 هو يدعو إلى تصغير المشاكل مع دول الجوار نظرة سريعة على علاقات تركيا مع دول الجوار تقودنا إلى معادلة واحدة وهي تصفير الصداقة و العلاقات مع دول الجوار علاقات تركيا متوترة مع جميع جيرانها تركيا فقدت جميع أصدقائها وحلفائها وأعتقد بأن فقدان تركيا لجارة صديقة حليفة استراتيجياً مثل سوريا لايمكن أن يعوضها عنه أي انجاز دبلوماسي أخر لأنه وباعتراف الأتراك من مختلف الأطياف والتوجهات السياسية سوريا لها أهمية استراتيجية بالنسبة الى تركيا وسوريا هي بوابة تركيا الى العالم العربي والإسلامي وقد أغلق الأتراك هذه البوابة وأعتقد اذا كانت القيادة السورية قد استغرقت أكثر من حقبة من الزمان لإقناع المواطن السوري بالتعاطي إيجاباً مع التركي الذي له في تاريخنا صفحات سوداء الأن نحن نحتاج الى عقود وعقود قبل أن يمكن لأي سوري أو أي عربي عاقل أن يثق بالأتراك مرة أخرى
دكتور نضال هل كان هناك تعاون مع تركيا لوقف عمليات تسلل المسلحين وتهريب السلا من الجانب التركي وذلك وفق اتفاقية التعاون الأمني الموقعة بين البلدين؟؟
لا مطلقاً لم يكن هناك تعاون من الأتراك بل على العكس رغم أن هناك بيننا وبين الأتراك معاهدة استراتيجية تم انجازها عام 2010 وتشكيل لجنة أمنية على مستوى رفيع عقدت العديد من اللجتماعات في تركيا وسوريا اذ كان أكبر انجازاتها توسيع نطاق اتفاق أضنة ليصبح هناك اتفاق أمني يشمل محاربة الإرهاب بكافة أشكاله وأطرافه بما فيه القاعدة التي أخذت تنشط في تركيا في السنوات الأخيرة
وسوريا وهذا باعتراف العديد من المسؤوليين الأتراك وبعضهم لي شخصياً بأن سوريا هي أكثر دولة تعاونت جدياً على الأرض مع تركيا لمكافحة الإرهاب فجاء الرد من الجانب التركي بتحويل ما يسمى بـ “مخيمات النازحين” إلى مخيمات لتدريب المسلحين وإيواء تجار الدم والأسلحة والقتلة والإرهابيين وتجار المخدرات فضلاً عن إقامتهم معسكرات لتدريب المسلحين وتزويدهم بالسلاح من قطر والسعودية وليبيا ومساعدتهم على عبور الحدود وتقديم مساعدات لوجوستية ومالية وأجهزة اتصالات وحتى الطائرة التي كانت اليوم فوق المياه السورية هنالك الأن تحقيقات جدية في أكثر من جهة وأكثر من بلد لمعرفة طبيعة المهمة التي كانت
تقوم بها الطائرات ماذا كانت تفعل على عمق خمسة عشر كيلو متراً داخل المياه السورية التركية!!!!! يعني على الجميع
أن يجيب على هذه التساؤلات.
سعادة السفير أود منك أن تحدثني عن المسيرة المؤيدة لسوريا حيث استخدم الأتراك فيها قنابل غازية أصيب العديسد من السوريين بحالات اختناق وقيل يومها بأنك كنت أحد المصابين فضلاً عن الاعتقالات بحق السوريين؟؟؟؟
لانريد هنا أن ندعي البطولة هذا أقل مايجب فعله تجاه بلدنا كانت هناك محولات من الإخوان المسلمين الذّين ترعرعوا في أُحضان تركيا منذ جرائمهم في الثمانينيات التي ارتكبوها في دمشق وحلب والعديد من المدن السورية , كانت هناك محاولات لاستفزاز البعثة الدبلوماسية السورية
حاولو التجمع أمام السفارة علماً أنه لم يكن هناك تجاوب في أنقرة حيث أخذوا يجمعون أنفسهم من كل المدن التركية للتظاهر أمام السفارة السورية في أنقرة ومع ذلك لم تكن هناك أعداد تذكر لذلك أصبحوا يحضرون بعض الأتراك من الجناح الإسلامي المتطرف ليتظاهروا معهم قبالة السفارة
السوريون الوطنيون شعروا أن عليهم أن يقفوا وقفة مقابل هذا التحرك فكان هناك تجمع سلمي لبعض الطلبة ممن يدرسون في تركيا وبعض العائلات السورية هناك
ويتابع قائلاً كنا ضمن المسيرة نتحث ونرفع أعلام الوطن قام أحد عناصر الأمن التركي برش الغاز المسيل للدموع وأنا كنت في المقدمة نقلنا إلى المشفى أنا وثلاثة أشخاص حيث كنا قد أصبنا بشكل مباشر بهذا الغاز تلقينا العلاج أنا شخصياً لم أحتاج أكثر من فترة بسيطة من الراحة والغسيل بالماء البارد ولكن أحد الأشخاص كان لديه حالة ربو مزمنة أصيب إصابة خطيرة مكثنا معه في المشفى حتى اطمئنانا عليه
إضافة إلى مشاركة العشرات من السوريين الذّين جاؤوا من مختلف المحافظات السورية براً
يتابع : تم اعتقال شابين وأجبرا على الترحيل قسراً إلى سوريا حيث تم الاتصال بالقيادة السورية وتم تأمين سيارة خاصة لهم من السفارة أخذتهم إلى سوريا. سعادة السفير لن أطيل عليك أكثر أخيراً أود أن أعلم منك كيف ترى أفاق حل الأزمة في سوريا في ظل تعنت تعنت البعض ورفضهم مبدأ الحوار؟؟؟
لايمكن أن تحل الأزمة حلاً أمنياً فقط ولا يمكن أن تحل بدون الأزمة بدون حل أمني إطلاقاً علينا توضيح ذلك هناك جماعات مسلحة مصّرة على عدم إلقاء السلاح رغم اصدرار الرئيس للعفو ثلاث مرات علماً أن الناس كانوا يتفاجؤن من إصدار الرئيس للعفو إلا أن الرئيس حريص على الدم السوري فقد كان ومازال حريصاً على حل الأزمة دون سفك الدم السوري الطاهر ولو أراد حلها بالقوة لحُلت منذ البداية بأيام أو لربما بأسابيع قليلة لكنه أعطى الجماعات المسلحة والمعارضة أكثر من فرصة لإلقاء السلاح
وباعتقادي أن الفرصة الأخيرة كانت هي أخر عفو وبعد الخطاب الأخير للسيد الرئيس لم يعد أمام المسلحين سوا خياريين إما أن يلقوا السلاح ويسلموا أنفسهم ويتم تقديمهم أصولاً للعدالة لينالوا جزاءهم أو ليبرؤا إن كانوا أبرياء
و إما سيتم التعامل معهم بمنتهى الحسم
فكما شهدنا اليوم مجزرة دار عزة وفبلها مجزرة الحولة هناك ألاف السوريين الأبرياء فقدوا حياتهم بسبب ممارسات هذه العصابات الإرهابية لذلك الشق الأمني ضروري جداً لكنني أعتقد وبالتوازي مع ذلك هناك عملية إصلاح تجري على الأرض ولم تتوقف رغم كل هذا العنف والدم وأنا أعتقد بأنها ستظهر قريبا مبادرة وطنية ضخمة الحجم تستوعب أصوات معارضة شريفة ونحن كسوريين علينا أن نعتاد على وجود هكذا أصوات مخالفة للرأي وأصوات معارضة شريفة هذا شيء طبيعي موجود في كل بلاد العالم وهذا لايفسد للود قضية فنحن جميعاً أبناء وطن واحد يتسع لكل السوريين ولكن على أن تكون المعارضة بأسلوب سلمي وبالتالي يمكن للدولة التعاطي معها بإيجابية فنحن فتحنا الباب أكثر من مرة للحوار ولكنهم ردوا بتسمية جمعة باسم “لا للحوار”
وأعتقد أن هذا كشف الوجه الحقيقي
والدولة بالفعل بدأت منذ الأسابيع الأخيرة بالتعاطي بشكل حاسم مع الظواهر والمظاهر المسلحة على امتداد الوطن واعتقد أن هذا الشقر سيتم الانتهاء منه خلال فترة قريبة وبالتالي من يريد الحوار مع السلطة فالأبواب مفتوحة ومن يريد المشاركة بشكل حضاري وفاعل الأن الأبواب مفتوحة حيث تم تأسيس أكثر من عشرة أحزاب جديدة وقوانين جديدة المُناخ أصبح جاهزاً الى حد بعيد أعتقد أننا بعد هذه الأزمة التي شارفت على الانتهاء نحن أمام سوريا أقوى و أجمل و أكثر حداثة
تطوراً وحرية
وهنا نود أن ننوه إلى الدكتور نضال قبلان كان قد تولّى منصب سفير سورية في تركيا عام 2009 بعد أن كان مديراً لقناة الفضائية السورية.