يعرف العبد ربه بأشياء كثيرة منها بكثرة قراءة القصص بالتأمل في الآيات الكونية مثل الليل والنهار.
معرفة العبد ربه هي الإيمان بأنه الله الخالق لكل شيء المتفضل على عباده بجميع النعم، المستحق للعبادة ، ومن المعلوم أن مصدر المعرفة والعلم بالنسبة للمسلمين هو كتاب الله عز وجل وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ، وهو مصدر لا يأتيه باطل من بين يديه ولا من خلفه ، وهو العلم الحق . والإنسان منذ وجوده على سطح هذا الكوكب وهو مشغول بمعرفة نفسه أولا ، وبمعرفة العالم من حوله . وقد ذهب الإنسان مذاهب شتى في تفسير وجوده ، ووجود العالم من حوله، وكان في معظم الأحيان يخبط خبط عشواء في تفسير وجوده ووجود العالم من حوله حتى تداركه الله عز وجل برسالاته عبر أنبيائه ورسله صلواته وسلامه عليهم ، فأخرجه من حيرته ومن خبطه . وعبر هذه الرسالات السماوية المتتالية تترا عرف الإنسان أنه مجرد مخلوق ، وأن العالم من حوله أيضا مجرد مخلوق ، وأن وراء خلقهما خالق سبحانه وتعالى .
يقول الله تعالى في خلق الإنسان : (( ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين ثم جعلناه نطفة في قرار مكين ثم خلقنا النطفة علقة فخلقنا العلقة مضغة فخلقنا المضغة عظاما فكسونا العظام لحما ثم أنشأناه خلقا آخر فتبارك الله أحسن الخالقين ثم إنكم بعد ذلك لميتون ثم إنكم يوم القيامة تبعثون )). ويقول عز من قائل في خلق العالم : (( ولقد خلقنا فوقكم سبع طرائق وما كنا عن الخلق غافلين وأنزلنا من السماء ماء بقدر فأسكناه في الأرض وإنا على ذهاب به لقادرون فأنشأنا لكم به جنات من نخيل وأعناب لكم فيها فواكه كثيرة ومنها تأكلون وشجرة تخرج من طور سيناء تنبت بالدهن وصيغ للآكلين وإن لكم في الأنعام لعبرة نسقيكم مما في بطونها ولكم فيها منافع كثيرة ومنها تأكلون وعليها وعلى الفلك تحملون )) ففي هذين النصين القرآنيين الكريمين يجد الإنسان الجواب الشافي عن حقيقة وجوده وحقيقة وجود العالم من حوله بسمائه وأرضه ونباته وحيوانه ووسائل نقله. وفضول الإنسان لا يقف عند حد معرفة سر وجوده ، وسر وجود العالم من حوله بل يتعدى إلى محاولة معرفة الموجد سبحانه . والله عز وجل أعلم بمن خلق وما خلق ولهذا أجاب الإنسان عن تساؤلاته وعلى رأسها التساؤل عن خالقه بقوله : (( الله نور السماوات والأرض )) . والله العليم بالإنسان يعرف أنه يريد رؤية خالقه كنور لأنه تعود إدراك ما حوله ببصره فيجيبه بقوله : (( لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار )) ليصرفه عن التفكير في رؤيته البصرية لأن مؤهلات حاسة بصره لا تستطيع ذلك .
والله تعالى يعلم أن الإنسان إذا تعذرت عليه الرؤية بالبصر فكر في التمثل العقلي قياسا على الإبصار فأجابه ربه سبحانه : (( ليس كمثله شيء وهو السميع البصير )) فقطع عليه سبيل التمثل العقلي لأن ملكة عقله أعجز من أن تتمثل ما لم يسبق لها رؤيته من قبل أو ما لا تستطيع استيعابه لا ببصر ولا ببصيرة .
ومعلوم أن حيرة الإنسان المتعلقة بمحاولة معرفة خالقه لا يمكن أن تنتهي طالما أنه لم يشف غليل معرفته بما أوتي من مؤهلات الإدراك القاصرة سواء كانت الحواس أم العقل لهذا تداركه الله عز وجل بلطفه فقرب من قدرته العقلية المحدودة صورة ذاته المقدسة من خلال صفات ذاته المقدسة وصفات أفعاله ، وهو ما يمكن للإنسان إدراكه وفق ضوابط ذلك أنه لا يمكنه أن يشبه خالقه بشيء ، ولا يمكن أن يعطل صفة من صفاته ادعاء للتنزيه بل يدركه على قدر طاقة استيعابه بصفات وصف بها ذاته سبحانه وأفعاله دون تمثل يوقع في التجسيد والتشبيه ، ودون تعطيل ينفي هذه الصفات جريا على دأب علماء وأئمة أهل السنة والجماعة من قبيل الإمام مالك رحمه الله تعالى القائل في استواء الله عز وجل على العرش قولته المشهورة : ” الاستواء معلوم والكيف مجهول والسؤال عنه بدعة ” ومن قبيل الإمام أبي الحسن الأشعري الذي وقف موقفا وسطا بين المشبهة والمعطلة ، فلم يشبه ولم يعطل وإنما سلم بما وصف به الله عز وجل ذاته المقدسة دون أن يجسد ودون أن يعطل ويؤول. وأهل الكياسة يرون أن الذي يريد أن يدرك ربه بحاسة أو بتمثل كمن يريد وزن جبال بميزان ذهب ذلك أن عقول البشر أضعف وأعجز من أن تدرك إلها الأرض جميعا قبضته والسماوات مطويات بيمينه ، وكرسيه وسع السماوات والأرض ، ومعلوم أن الواسع لا يسعه ما وسع .
والإنسان إذا نظر في خلقه ، وفي خلق العالم من حوله أدرك خالقه وخالق العالم من حوله عن طريق قاعدة العلة والمعلول ، وهي من قواعد العقل البشري التي هي من أسس التفكير والتي لا يرقى إليها شك ، وإذا شك فيها أحد كان شكه بمثابة الشك في وجود ذاته ، ومن شك في وجود ذاته من العبث أن يبحث في حقيقة من أوجده لهذا وجه الله الإنسان إلى ذاته وإلى الآفاق من حوله لمعرفة حقيقة من أوجده في قوله سبحانه : (( سنريهم آياتنا في الآفاق وفي أنفسهم حتى يتبين لهم أنه الحق )) والحق صفة من صفات الخالق ، والحق نقيض الباطل ، والباطل ممتنع بذاته ، والحق واجب بذاته ، والله عز وجل واجب الوجود بذاته أزلا وأبدا ، والله حق في نفسه وجوده ثابت لذاته أزلا وأبدا ، ومعرفته حق أزلا وأبدا كما قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في مقصده الأسنى الشارح لأسماء الله الحسنى . وأخيرا نشهد أنك الله لا إله إلا أنت لا شريك لك ولا والد ولا ولد ولا صاحبة وليس كمثلك شيء ، ولا تدركك الأبصار وأنت تدرك الأبصار وأنت اللطيف الخبير تسع كل شيء ولا يسعك شيء شهادة نلقاك بها عند الممات وفي القبر ويوم البعث والحشر وليس لنا من دو نها زاد ولا حجة بها نلقاك ،فإن تعذبنا فإنا عبادك المسرفون في الذنب ، ولست بظلام للعبيد ، وإن ترحمنا فأنت أرحم الراحمين وسعت رحمتك كل شيء ، لك الحمد حتى ترضى وإذا رضيت وفوق الرضى ،وسبحانك سبحانك لا يليق التسبيح والحمد إلا لك اغفر لنا كل تقصير في حقك ، وكل ذنب لا يرضيك ما غرنا بك يا ربنا الكريم إلا قولك : (( قل يا عبادي اللذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم )) والحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على أشرف المرسلين .
يعرف العبد ربه بأشياء كثيرة منها
الإجابة : التأمل في الآيات الكونية مثل الليل والنهار والشمس والقمر.