قيس النامق من صاحب هذا الاسم الذي يذكرنا باعتقال الرئيس العراقي السابق صدام حسين ؟ اسم لا ولن ننساه ابداً ما زلنا على قيد الحياة ، فهو السائق الذي كان يقود سيارة الرئيس صدام حسين ووشى به الى الامريكان ، وما يؤكد هذه المعلومات ما رواه الرئيس العراقي السابق صدام حسين لاول مرة وخلال جلسة محاكمته الأخيرة التي نقلت وسائل الإعلام لقطات مسجلة لها روايته الخاصة لقصة اعتقاله التي خلت من الإشارة إلى “الحفرة” الشهيرة التي قال الاميركيون انهم اعتقلوه فيها. ونقلت صحيفة “الحياة” اللندنية عن صحيفة محلية عراقية تدعى “الشاهد المستقل” حضر مراسلها جلسة محاكمة صدام في بغداد قولها إن صدام التقى خلال الاستراحة بين جلستي المحاكمة الاولى والثانية بنائبه السابق طه ياسين رمضان، وبعد أن قام الأخير بتقبيل رأس الرئيس السابق سأله عن كيفية القبض عليه فروى له صدام قصة ما اعتبره “خيانة” أدت إلى اعتقاله. وقالت الصحيفة في عددها الصادر امس إن صدام ضرب على إحدى ساقيه وهو يتحدث مع طه ياسين رمضان قائلا: “والله لم امش يوما وراء عواطفي الا تلك المرة.
ودفعت جراء ذلك أغلى ثمن في تاريخي”، وتابع: “جئت من حمرين بعد ان قضيت هناك يومين شاقين التقيت خلالهما مع بعض القادة.
من هو قيس النامق سائق الرئيس صدام حسين
حيث اكد انه كان الشخص الذي يقود السيارة التي تقلني يدعى قيس النامق وكنت متعبا حينها وعندما وصلنا الى منزل قيس سألته: هل هناك احراج ان أنام عندك الليلة؟ فقال لي: سيدي انت ضيفنا العزيز.. ولم أشك مطلقا بكلامه وفوجئت بأن الاميركيين يقفون على رأسي بعد ان وشى بي قيس النامق”.
وسأل صدام نائبه السابق بعد ذلك عن احوال المعتقلين الآخرين فأكد له انهم ”يتمتعون بمعنويات عالية جداً باستثناء محمد الزبيدي عضو قيادة حزب البعث الذي اصيب بمرض عقلي وعادل عبدالله مهدي عضو القيادة الذي توفي في المعتقل«. عندها قال صدام: ”خلص من الفضيحة والعار”.
وكان يقصد ان العار سيلاحق عادل الدوري لو كان حياً لأن قيس النامق الذي وشى به هو زوج شقيقة الدوري، سيما والأخير هو الذي قدم قيس اليه وكفل وفاءه. ونقلت الصحيفة أيضا تفاصيل ما فعله صدام خلال جلسة المحاكمة، وتفاصيل ما دار معه خلال الليلة السابقة لها، فذكرت أنه دون خلال جلوسه في القفص بيتي شعر من إنشائه يقولان: اشمخ عزيزاً مهرك البارود وان تعثر الزمان يعود عزمنا للدهر نيرانا مخبأة اخدود في الوغى يتبعه اخدود وقالت إن هذين البيتين يعدان اول وثيقة بخط يد صدام منذ اعتقاله في كانون الاول ،2003 وأشارت إلى أنه يبدو من خلال الشعر الذي كتبه صدام انه يدعو الى الصمود.
هل قيس النامق اخو علاء نامق
لا يرغب علاء نامق في الحديث عن هذا الأمر، أو ربما يتوق إلى ذلك، ذلك أمر تصعب معرفته. فلحظة يهز رأسه ليصمت كصخرة صلدة، ثم يشرع في الحديث وكأنه لا يرغب في التوقف.
ويقول – وعيناه تمتلئان بالفخر – : «أنا الذي حفرت له الحفرة»، التي يعرفها العالم باسم «حفرة العنكبوت»، التي كانت غرفة صغير تحت الأرض في مزرعة نامق حيث عثرت القوات الأميركية على صدام حسين في 13 ديسمبر (كانون الأول) 2003.
نادرا ما يتحدث نامق وأخوه قيس علنا عن الطريقة التي ساعدوا بها في إخفاء أكثر الهاربين المطلوبين في العالم قرابة 9 أشهر في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة. لكنه الآن يرشف الشاي في المطعم المتواضع الذي افتتحه هذا الصيف، الذي لا يبعد كثيرا عن «الحفرة»، مستعد لرواية القصة.
ربما يكون قد مضى وقت كاف، ربما سأله بضعة أفراد، لكن أيا كانت الأسباب، استرخى نامق الآن بجسده الطويل ومنكبيه العريضين على مقعد بلاستيكي، ممسكا بلفافة تبغ وبدأ يسترسل في الحديث حول إخفاء الرجل الذي عرفته عائلته لعقود. وقال نامق، البالغ من العمر 41 عاما: «جاء إلى هنا وطلب منا أن نساعده فوافقت. وقال لنا (إنكم قد تتعرضون للأسر والتعذيب)، لكن عاداتنا العربية والشريعة الإسلامية تحثنا على مساعدة من طلب منا العون».
ولد صدام حسين في قرية قريبة من تكريت إلى الشمال من هذه البلدة الصغيرة الواقعة على ضفاف نهر الفرات. وعندما كان الجيش الأميركي يبحث عنه، كانت هناك قناعة في محلها بأنه سيبحث عن مأوى بين أبناء عشيرته في تكريت بين بساتين أشجار النخيل والبرتقال والكمثري الوارفة.
يؤكد نامق أنه وشقيقه قيس تعرضا إلى الاعتقال مع صدام حسين ثم قضى 6 أشهر يائسة في سجن أبو غريب. عمل نامق في السابق سائقا ومساعدا للرئيس السابق، ثم قضى السنوات القليلة الأخيرة سائقا لسيارة تاكسي، حتى تمكن في النهاية من توفير بعض المال لافتتاح مطعم قبل أسابيع قليلة.
قال نامق مرارا خلال المقابلة التي استغرقت ساعتين: «لن أطلعك على كل شيء، يوما ما سأقول كل ما أعرف، وربما أكتب كتابا، أو فيلما سينمائيا، لكني لن أخبرك بكل شيء»، ثم بدأ في الحديث.
أوضح نامق إن عائلته، على الأغلب هو وأخوه قيس (الذي رفض إجراء مقابلة معه)، ساعدت في نقل صدام حسين بين منازل عدة في المنطقة منذ الغزو في مارس (آذار) 2003 وحتى تعرضه للأسر. وقال إن صدام حسين لم يستخدم هاتفا، لأنه يعلم أن الأميركيين كانوا يتنصتون على الاتصالات بحثا عن صوته.
وقال إن صدام حسين كان يقرأ بغزارة النثر والشعر، وقد تمت مصادرة كتاباته من قبل القوات الأميركية التي اعتقلته.
ويضيف نامق إن صدام حسين كتب إلى زوجته وبناته، لكنه لم يرهم على الإطلاق. كان زائراه الوحيدان هما ابناه عدي وقصي – اللذين يقول نامق إنه أعد لهما زيارة سرية إلى المزرعة.
سجل صدام كثيرا من الخطب النارية خلال الفترة التي كان مختبئا فيها يحث مؤيديه على قتال الأميركيين. ويقول نامق إن صدام سجلها على جهاز تسجيل صغير. ولعلمه بأن الأميركيين سيحللون تسجيلاته بحثا عن أدلة تقودهم إلى مخبئه، كان نامق يقود السيارة 10 كيلومترات إلى مدينة سامراء ويقف على جانب الطريق ليسجل صوت المرور، وقال: «كنت أريد أن يشعر الأميركيون بالحيرة والارتباك».
برغم إعدامه شنقا في عام 2006 لا يزال نامق يحمل تقديرا كبيرا لصدام حسين، ويقول نامق: «كان صدام يعلم أنه سيؤسر ويعدم يوما ما. كان في داخله يعرف أن كل شيء قد ضاع وأنه لم يعد رئيسا».
يقول نامق إنه اعتقل في أبو غريب، وخضع للاستجواب من قبل جنود أميركيين بشكل يومي حول أسلحة الدمار الشامل والأماكن التي يختبئ فيها مساعدو صدام. وأوضح أن الغرفة التي أقام فيها صدام كانت مظلمة طوال الوقت وكان الحراس يرشون الأرضية بالماء للحفاظ على رطوبتها، وقال إن الجنود الأميركيين عندما اعتقلوه غطوا وجهه وتعرض للعض من كلاب الحراسة. وقدم لعملية إعدام وهمية وموسيقى روك تصم الآذان بشكل مستمر. وقال نامق دون أي أثر للفكاهة في صوته العميق: «تحملت الكلاب والتعذيب، لكني لم أستطع تحمل تلك الموسيقى».
لكن المتحدث باسم القيادة المركزية الأميركية قال إن مسؤولي الجيش لا يمكنهم تأكيد تفاصيل القبض على نامق أو اعتقاله، لأن سجلات السجناء في أبو غريب في عام 2003 سيكون من الصعب العثور عليها. وقال المتحدث باسم قيادة العمليات الخاصة الأميركية إن «غالبية تفاصيل أسر صدام حسين لا تزال محاطة بسياج من السرية».
ونقل خليل الدليمي، محامي صدام، عن الرئيس السابق في كتابه الذي نشره عام 2009 قوله إنه كان يعرف عائلة نامق منذ عام 1959 وأنهم ساعدوه على الاختباء. وفي الكتاب، ثمة اتهام لقيس نامق، بأنه هو من سلم صدام إلى القوات الأميركية، لكن علاء ينفي ذلك بشكل قاطع.
تحولت عائلة نامق إلى شبيه بأسرة ملكية في الدور، لإيوائهم رجلا قبليا لا يزال يحظى بكثير من الحب هنا.
يقول العقيد محمد حسن، من قوة الشرطة العراقية المتمركزة في الدور: «نحن نعتبر ذلك عملا بطوليا. هذا العمل لا يخص العائلة وحدها، ولكنه يمثل كل مواطني الدور لأن هذه المدينة كانت تحب صدام». وقال حسن إنه لو كان أهل الدور يكرهون صدام، لما استطاعت عائلة نامق العيش هناك. وأكد أن أفراد الأسرة يعاملون باحترام كبير لأنهم عملوا لسنوات طباخين وصيادين عند صدام حسين. والناس في الدور يحترمون هذه الأسرة ويقدرونها أكثر من السابق.
دفن صدام حسين بالقرب من قرية العوجة مسقط رأسه. لكن وعي نوري المالكي، رئيس الوزراء العراقي، بالشعبية الطاغية التي يحظى بها صدام جعله يأمر بإغلاق منطقة قبر صدام أمام العامة حتى لا يتحول قبره إلى ضريح.
وفي المزرعة التي أسر فيها صدام، تمت تغطية «حفرة العنكبوت» الموجودة أسفل نخلة، بقبة خرسانية بطول 4 أقدام، غير واضحة إلى حد كبير تحت أقفاص مليئة بالحمام والببغاوات.
وتجوب الكلاب والدجاج الأرض وتسبح أسماك الشبوط البرتقالية الضخمة في بركتين. وفي أمسيات فصل الصيف تكون الأشجار محملة بالثمار حتى إن هبة نسيم قوية كفيلة بسقوط ثمار الكمثرى الصفراء الصغيرة مثل حبات المطر.