سؤال وجواب

من هم العرب المستعربة

المحتويات

من هم العرب المستعربة

من هو جدُّ العرب المستعربة وإلى أين ينتهي نسبهم؟ يرى بعض المؤرّخين من أهل الأخبار أنَّ العرب المستعربة هم الطبقة الثالثة من طبقات العرب بعد العرب البائدة والعرب العاربة، ويطلَق على العرب المستعربة أيضًا اسم “العدنانيّين” نسبةً إلى عدنان، أو “المعديين” نسبةً إلى معد، أو “النزارييّن” نسبةً إلى نزار، ويرجعُ المؤرخون نسبهم إلى نبيِّ الله إسماعيل بن إبرهيم الخليل -عليهما السلام- وزوجته رعلة بنت مضاض بن عمرو الجرهمي من قبيلة جرهم بن قحطان، وأطلِقَ عليهم اسم العرب المستعربة؛ لأنَّهم اندمجوا بالعرب العاربة بعد أن انضموا إليهم في الحجاز وأخذوا منهم اللغة العربية، وقد تعلَّم منهم النبيُّ إسماعيل اللغة العربية، وبذلك يعدُّ هو جدَّ العرب المستعربة.

أصبح نسل إسماعيل -عليه السلام- من العرب وكان مسكنهم الأول في مكة المكرمة، حيثُ فيها سكن إسماعيل واندمج بالعرب ورزقه الله تعالى بأولاده فيها، ويذكر المؤرخون أنَّ إسماعيل رُزق باثني عشر رجلًا وهم: “نابت، قيذر أو قيدار، أذبل، ميشا، مسمعا، ماشي، دما، أذر، طيما، يطور، نبش، قيذما”، وأكثر الأسماء ذكرًا في كتب التاريخ العربية نابت وقيذر، وقد أخذت تلك الأسماء من التوراة التي لم يرد فيها ذكر لاسم زوجة إسماعيل عليه السلام.


ولكن، ورد فيها أنَّ أولاده انتشروا في منطقة ممتدة من حويلة إلى شور، وحويلة هي منطقة تقع في شمال بلاد اليمن، أمَّا شور فهي منطقة تقع إلى الجنوب من فلسطين، وقد سكن فيها أبناء إسماعيل وهي منطقة جنوب وشمال الحجاز، بما فيها أرض فاران، والتي هي الحجاز نفسها.

ويعدُّ عدنان جدَّ العدنانيين أو جدَّ العرب المستعربة، كما هو حال قحطان جد العرب العاربة، وبما أنَّ طبقة العرب الأولى كلها بادت واختفت ولم يبقَ من سُلالتها أحد، فإنَّ العرب المستعربة الباقية هم القبائل المنحدرة من عدنان فقط، ولا يَعرف النسّابون على وجه الدقة كم عدد الآباء بين عدنان وإسماعيل عليه السلام، فذهب البعض إلى أنَّهم أربعون ورأى آخرون أنَّهم عشرون أو خمسة عشر، وذهب آخرون إلى أنَّ العدد أكبر من ذلك بكثير ولا يمكن حصره بسبب طول المدة بينهما، ويرجع هذا الخلاف في أسماء آباء عدنان إلى أنَّ نسبه كان قد نُقل عن أهل الكتاب ولم يحفظ عند العرب قديمًا، فتُرجم عن اللغات الأخرى وتسبب ذلك بأخطاء كثيرة.

ينتهي نَسب العرب المستعربة عند معد بن عدنان كما أشار المؤرخون في نسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الحديث، وقد كذَّبَ النبيُّ النسابين الذين يخوضون في النسب بعد عدنان، رغمَ ورود أحاديث قد تصل بالنسب إلى إسماعيل -عليه السلام- منها ما رواه البيهقي عن ابن إسحاق: “محمدٌ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عبدِ المطلبِ بنِ هاشمٍ بن عبدِ منافٍ بنِ قُصيٍّ بنِ كلابٍ بنِ مُرَّةَ بنِ كعبٍ بنِ لُؤيٍّ بنِ غالبِ بنِ فهرٍ بنِ مالك بنِ النَّضرِ بنِ كِنانةَ بنِ خُزيمةَ بنِ مُدركةَ بنِ إلياسٍ بنِ مُضرَ بنِ نَزارِ بنِ معدٍّ بنِ عدنانَ بنِ أَددٍ بنِ المُقومِ بنِ ناحورَ بنِ تارحٍ بنِ يعرُبٍ بنِ يشجُبٍ بنِ نابتٍ بنِ إسماعيلَ بنِ إبراهيمَ بنِ آزرَ”، ولكن لم تثبت صحة ذلك.

الفرق بين العرب العاربة والمستعربة

كيف استدلًّ بعض المؤرخين على أنَّ العرب العاربة والمستعربة من أبناء إسماعيل عليه السلام؟ تؤكد أقوال معظم المؤرخين والنسابين أنَّ العرب العاربة هي العرب المتبقية بعد العرب البائدة، وهم أبناء قحطان، وقد ورد اسم قحطان في سفر التكوين باسم يقطان أو باسم يقطن، أمَّا في الكتب العربية فقد ورد باسم قحطان، بينما لم يرد اسم عدنان جد العرب المستعربة في التوراة أبدًا، كما تمَّ التأكيد على نسب قحطان مع وقوع خلاف في نسبه في عدد أجداد أو أسمائهم.

كما وقع خلاف كبير في عدد آباء عدنان وأسمائهم حتى إسماعيل عليه السلام، أمَّا نسب قحطان عند معظم النسابين فهو قحطان بن عابر بن شالخ بن أرفخشذ بن سام بن نوح، وجاء مطابقًا لما ورد في التوراة وهو: يقطان بن عابر بن شالح بن أرفكشاد بن سام بن نوح عليه السلام.

ورأى البعض أنَّ عابر هو نبي الله هود نفسه، كما أضاف بعض المؤرخين أسماء عربية إلى نسب قحطان فأصبح: قحطان بن هود بن عبد الله بن الخلود بن عاد بن عوص بن إرم بن سام بن نوح، وقد أضيفت هذه الاسم على النسب المأخوذ من التوراة، وهنا يرجع نسب العرب العاربة من أبناء قحطان إلى نبي الله هود ثمَّ إلى سام بن نوح.

بينما يرى بعض النسابين أنَّ قحطان يعود بنسبه إلى إسماعيل عليه السلام، فتكون العرب العاربة والمستعربة من أبناء إسماعيل، واستندوا في ذلك إلى الحديث الصحيح أنَّه: “مَرَّ النبيُّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ علَى نَفَرٍ مِن أَسْلَمَ يَنْتَضِلُونَ، فَقالَ رَسولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ارْمُوا بَنِي إسْمَاعِيلَ، فإنَّ أَبَاكُمْ كانَ رَامِيًا ارْمُوا”،وقد كانوا من قبيلة أسلم من بني خزاعة، وخزاعة من بني الأزد وهم من القبائل اليمانية القحطانية، وهذا يدلُّ على أنَّ العرب العاربة والمستعربة من نسب إسماعيل بن إبراهيم عليه السلام.

وقد ذكرَ لقحطان عدد كبير من الأولاد وصل إلى واحد وثلاثين ولدًا، ذكر الهمذاني منهم: يعرب وجرهم وحضرموت ولؤي وقاحط وقحيط وغوث وطسم وجديس وظالم وغيرهم، وقد كانوا يقيمون في اليمن، حيثُ تولى يعرب الحكم بعد قحطان، وتوزع إخوته على البدان حوله عمان وحضرموت والتي أخذت أسماءها من أسماء أبناء قحطان الذي حكموها، وكان جرهم في الحجاز، وهي المنطقة التي جاء إسماعيل -عليه السلام- وتزوج منهم واندمج بهم، وعنهم أخذ اللغة العربية، وانتشرت سلالته في تلك المنطقة إلى الشمال.

صحة تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة

هل ورد تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة في مصادر غير عربية؟ رغم وجود خلافات كثيرة حول تقسيم العرب إلى عرب عاربة وعرب مستعربة إلا أنَّ هناك اتفاقًا كبيرًا على ذلك بين المؤرخين، فقد أورد الدكتور جواد علي في كتاب المفصل في تاريخ العرب قبل الإسلام، أنَّ أهل الأخبار والرواة والمؤرخون اتفقوا أو كادوا يتفقون على أنَّ تقسيم العرب قديمًا جعل العرب ثلاث طبقات من حيث القدم هي: العرب البائدة والعرب العاربة والعرب المستعربة، أو العرب العاربة والعرب المتعربة والعرب المستعربة.

أمَّا من حيث النسب فقد قسموها إلى طبقتين اثنتين هما: العرب العاربة أو القحطانيون وهي القبائل العربية من سلالة قحطان والتي كانت منازلها الأولى في بلاد اليمن، والعرب المستعربة أو العدنانيون وهي القبائل العربية من سلالة عدنان والتي كانت منازلها الأولى في بلاد الحجاز.

كما كان بينهم شبه اتفاق على أنَّ القحطانيين هم العرب الخلَّص الأوائل، وهم أصل العرب، بينما العدنانيون فرع لاحق أخذوا اللغة العربية عنهم وسكنوا مناطقهم، بعد أن جاءها إسماعيل وتعلم لغتهم بعد اللغة الآرامية أو الكلدانية أو العبرانية التي كان يتكلمها وهي لغة أبيه إبراهيم عليه السلام، وبعض المؤرخين يقسمون العرب إلى قسمين فقط: عرب عاربة وعرب مستعربة، ويجعلون العرب العاربة في قسمين أيضًا وهم: العرب البائدة كعاد وثمود وجديس وطسم وأميم وجاسم، والعرب الباقية وهم القحطانيون.

وإنَّ تقسيم العرب بتلك الصورة لا وجود له في مصادر الثقافات الأخرى، لا في التوراة ولا في بقية المصادر اليهودية، ولا في المصادر اليونانية ولا في اللاتينية ولا في السريانية، والمؤكد أنَّه تقسيم عربي بحت، وقد نشأ ذلك التقسيم من الجمع بين من بادَ من قبائل العرب قبل الإسلام، وبين من بقي منهم من قبائل قحطانية أو عدنانية، ومعظم أسماء العرب البائدة أخذها النسابون من التوراة ومن مراجع أهل الكتاب، وكانوا يربطون بينها وبين القبائل التي ذكروا أنَّها عرب بائدة وشكلوا من خلال ذلك الطبقة الأولى للقبائل العربية.

تجب الإشارة إلى أنَّ العديد من المؤرخين والعلماء رفضوا فيرال تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة بتلك الصورة، وذهبوا إلى أنَّ القول بوجود عرب عاربة وعرب مستعربة لا يمكن التسليم به، وأنَّ من ذهب إلى وجود عرب عاربة اعتمدَ على أنَّهم من أبناء النبي هود -عليه السلام- وذلك مأخوذ من التوراة وما ورد فيها، كما اعتمدوا في ذلك على بعض أشعار العرب، وقد ذهبت طائفة من كبار العماء في التاريخ والأنساب إلى أنَّ عدنان وقحطان من سلالة نبي الله إسماعيل -عليه السلام- كما سبق، ومن الذين ذهبوا إلى ذلك

                     
السابق
قصائد حسينية مكتوبة
التالي
شرح ما اصاب من مصيبة الا باذن الله ( معنى الآية )

اترك تعليقاً