المحتويات
شتان ما بين الثرى والثريا
هذه العبارة باختلاف صياغتها خرجت كلماتها عن معناها الأصلي بحكم التركيب والمجاز إلى معنى آخر بلاغي مصطلح عليه، والمراد المفاضلة بين الأعلى ممثَّلا في الثريا، والأدنى مُمَثَّلا في الثرى الذي هو التراب أو الأرض. أي أنها صارت تعبيرا اصطلاحيّا جرى مجرى المثل وشاع استعماله بهذا المعنى البلاغي فصار له تأثير في النفس.
الفرق بين الثرى والثريا
تعددت معاني كلمة الثرى ؛ فهي في اللغة قد تأتي بمعنى التراب الندي ، وقد تكون نوع من التعبير عن نفاذ البصيرة سواء في الأمور الطبيعية أو غيرها من الأمور السفلية والعلوية ، وفي كثير من الأحيان تأتي الثرى لتشير إلى عمق الأرض.
أما كلمة الثريا ؛ فهي تعني أحد العناقيد النجمية التي تتسم بشدة اللمعان ، ويحتوي هذا العنقود على مجموعة من النجوم الزرقاء الساخنة ، وقد تسطيع العين المجردة أن ترى هذا العنقود.
وقد جاءت المقارنة هنا بين الثرى والثريا لوضح مدى الفارق الشاسع بين الكلمتين في عبارة “شتّان بين الثرى والثريا” ؛ حيث تقارن الدونية التي تعبر عن التحقير من خلال الثرى الذي يعني التراب أو باطن الأرض ؛ والشيء الثمين المضيء وهو الثريا الذي يرتفع مضيئًا في السماء.
كلمتي الثرى والثريا في الشعر
لقد اهتم العديد من الشعراء باستخدام كلمتي الثرى والثريا لتأكيد العلاقة العكسية في بعض مواضع أشعارهم ، ومن بين هؤلاء الشعراء الشاعر أبو العلاء المعري في قوله :
كَم غادَةٍ مِثلَ الثُرَيّا في العُلا
وَالحُسنُ قَد أَضحى الثَرى مِن حُجبِها
وَلِعُجبِها ما قَرَّبَت مِرآتَها
نَزَّهتُ خِلّي عَن مَقالي عُج بِها
والشاعر العراقي محمود المشهداني في قصيدته “بين شروقها وغروبي” :
قصيدة بين شروقها وغروبي
هي في الثريا وأنا فوق الثرى
كيف الوصال وبيننا طال السُرى
مدّي يديكِ إلى غصون محبتي
وتمسكي بالضوء في مقل الورى
بان الصباح ولم تزل في غفوةٍ
والشمس تشرق بين أهداب الكرى
وأنا أعاني من غياب حبيبةٍ
قد شاطرتني الحب من أم القرى
أحبيبتي.. ما قد عرفت من الهوى
إلا بشائر تدّعي ما لا يُرى
قلبي الموسوس يحتويك يقينُهُ
فتوتّقت فيه المودة بالعُرى
كفُ الحقيقة بالشروق مخضّب
وغروب وجدي بالجفاء تعصفرا
لا تشتري قلبًا يعاشر نزوةً
إياك من قلبٍ يُباع ويُشرى