المحتويات
العشرة المبشرين بالجنة
وهناك عدد غيرهم من الصحابة قد بُشّر بالجنّة كخديجة بنت خويلد، وعبد الله بن سلام، وعكاشة بن محصن، ولكن اشتهر مصطلح العشرة المبشرين بالجنّة لأنّ تبشيرهم جاء في حديث واحد.
أبو بكر الصديق رضي الله عنه
اسمه هو عبد الله بن عثمان بن عامر بن عمرو بن كعب، وكنيته أبو بكر ولقبه ” الصديق ” وذلك لأنه كان أول من آمن بالرسول صلي الله عليه وسلم وصدق به، ولد سيدنا أبو بكر بعد عام القبل بسنتين وسنة أشهر .
رافق الرسول صلي الله عليه وسلم عندما دخل غار ثور، وقد دخل الصديق قبله إلي الغار حتي لا يصيب النبي أى أذي ولما سارا معاً في طريق الهجرة كان أبو بكر يسير حيناً أمام الرسول وحيناً خلفه وحيناً عن يمينه وحيناً عن شماله من شدة خوفه عليه .
أبو بكر الصديق رضي الله عنه هو أول الخلفاء الراشدين، وأمرنا الرسول صلي الله عليه وسلم أن نقتدي به، قال صلي الله عليه وسلم : ” عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي عضوا عليها بالنواجذ ” .
وكان سيدنا أبو بكر الصديق يتمتع بمكانه عظيمة جداً في نفوس شرفاء قريش فكان أعلم قريش بأنسابها، وقد استغل هذه المكانه العظيمة في الدعوة إلي الله عز وجل، حتي أسلم علي يده عدد من أفاضل المهاجرين المشهود لهم بالجنة، وأبرزهم هم : الزبير بن العوام، وطلحة بن عبيد الله، وسعد بن أبي وقاص، وعبد الرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان رضي الله عنهم أجمعين .
كان رفيق درب الرسول وصاحبه وقد شهد له القرآن بصحبة الرسول صلي الله عليه وسلم، قال تعالي : ” إِلاّ تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لا تَحْزَنْ إن الله معنا ” الآية 40 من سورة التوبة .
عندما حث الرسول صلي الله عليه وسلم الناس علي النفقة في سبيل الله، أنفق ابو بكر الصديق ماله كله وقال عنه الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ” أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نتصدق ، فوافق ذلك مالاً فقلت : اليوم أسبق أبا بكر إن سبقته يوما . قال : فجئت بنصف مالي ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ما أبقيت لأهلك ؟ قلت : مثله ، وأتى أبو بكر بكل ما عنده فقال : يا أبا بكر ما أبقيت لأهلك ؟ فقال : أبقيت لهم الله ورسوله ! قال عمر قلت : والله لا أسبقه إلى شيء أبدا ” رواه الترمذي .
أعتق سبعة من العبيد قبل الهجرة، وهم : بلال بن أبي رباح ، وعامر بن فهيرة ، وزنيرة ، والنهدية وابنتها ، وجارية بني المؤمل ، وأم عُبيس، وكانت من أعظم أعماله التي قام بها هي حرب المرتدين بعد توليه الخلافة فعلي الرغم من كونه رجلاً رحيماً رقيقاً إلا أنه في موقف الحرب كان أشد وأصلب من عمر بن الخطاب الذي عرف عنه الصلابة والشدة في الحق .
جمع في عهده القرآن الكريم وفتحت فتوحات الشام والعراق، كان أبو بكر زاهداً ورعاً، توفي يوم الأثنين في جمادى الاولي سنة 13 من الهجرة عن عمر 63 عاماً وما ترك وراءه درهماً ولا ديناراً من كثرة إنفاقه في سبيل الله عز وجل .
عمر بن الخطاب رضي الله عنه
نشأ سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه في مكة وشب كغيره من فتيات قريش يدين بدين الوثنية، وفي البداية قام دعوة التوحيد واضطهد كل من آمن وصدق بالرسول صلي الله عليه وسلم وعندما علم بإسلام اخته فاطمه وزوجها سعيد بن زيد نالهم منه أذي شديد .
أسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه بسبب سماعه للقرآن الكريم يتلي وتأثر به، فكان إسلامه عزة ورفعه للإسلام وللمسلمين حيث كان يتمتع عمر بمكانه عالية وشخصيه مهيبه في المجتمع الجاهلي، وقد دعا الرسول صلي الله عليه وسلم قائلاً : ” اللعم اعز الإسلام بأحد العمرين ” ، والمقصود عمر بن الخطاب و عمر بن هشام وهو أبي جهل .
قصة إسلام سيدنا عمر بن الخطاب : ذهب عمر رضي الله عنه لقتل الرسول صلي الله عليه وسلم فأخذ سيفه وفي طريقة قابل نعيم بن عبد الله الذي أخبره بإسلام أخته وزوجها، فعاد إلي بيت أخته وشج وجهها حتي سالت دمائها، وهناك سمع عمر القرآن يتلي فرق قلبه ونطق الشهادة .
كان عمر بن الخطاب من أهل الفتوي في حياة النبي وكان من قضاة النبي صلي الله عليه وسلم، شارك عمر في جميع الغزوات وكان له العديد من المواقف التي خلدها القرآن الكريم وسنة النبي صلي الله عليه وسلم، ومن أهم موافقة في غزوة بدر الكبري موقفه من أساري بدر من المشركين، وفيها نزل قرآن موافقاً لرأية بقتل الأسري والإثخان بهم .
كان عمر مثالاً للخليفة العادل والمؤمن الورع المجاهد، القوي الأمين والحصن المنيع للأمه الإسلامية، قضي خلافته في خدمة الدين والعقيدة والامة، عرف بالزهد والتقوي وانتشر في عهده الإسلام في ربوع المعمورة بعد جهاده في الفرس والروم حتي صار أهل الإسلام سادة الدنيا كلها حينها .
كان عمر لا يخاف في الله لومة لائم ويقيم حدود الله علي القريب قبل البعيد، حتي أنه ضرب به المثل في هذا الأمر، وكان قدوة في عدله وإنصافه فبهر العقول وأسر القلوب، سار في خلافته علي نفس نهج الرسول صلي الله عليه وسلم، ونجح في ذلك نجاحاً منقطع النظير حتي اقترن إسمه بالعدل .
وكان عمر رضي الله عنه لديه فراسه عظيمة عليم بطبائع النفوس، لا يغره الظاهر من الناس، ولا يكتفي بالنظرة العابرة ليكون حكماً علي الآخرين، فكان يقضي بين الناس بعقله وذكائه وليس بمشاعره، وقال عنه عبد الله بن مسعود : لو أن علم عمر بن الخطاب وضع في كفة الميزان، ووضع علم الأرض في كفة لرجح علم عمر، وقال أيضًا: إني لأحسب عُمر قد ذهب بتسعة أعشار العلم .
استشهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه سنة 23 من الهجرة، وعمره 63 عاماً، أثناء الصلاة يوم الأربعاء علي يد لؤلؤة المجوسي الذي قام بطعنه، ودامت خلافته لمدة 10 سنوات ونصفاً وأياماً .. وعندما وضع عمر بن الخطاب رضي الله عنه علي سريرة دخل علي بن أبي طالب فترحم عليه وقال : ما خلفت أحدًا أحبّ إليَّ أن ألقى الله بمثل عمله منك، وأيم الله إن كنت لأظن أن يجعلك الله مع صاحبيك وحسبت أني كنت كثيرًا أسمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: ذهبت أنا وأبو بكر وعمر، ودخلت أنا وأبو بكر وعمر، وخرجت أنا وأبو بكر وعمر .
عثمان بن عفان رضي الله عنه
لقب سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه بذي النورين، والمقصود بهذه الكلمة ابنتا الرسول صلي الله عليه وسلم، السيدة رقية والسيدة ام كلثوم، حيث تزوج عثمان بن عفان رضي الله عنه أولاً من السيدة رقية رضي لله عنها وحين توفيت زوجه النبي صلي الله عليه وسلم من ابنته الثانية السيدة ام كلثوم رضي الله عنها .
وأيام الجاهلية كان يكني أبا عمرو، ولكن عندما رزق بولد من السيدة رقية رضي الله عنها بغلام سماه عبد الله، فكناه المسلمون أبا عبد الله، أسلم سيدنا عثمان بن عفان علي يد أبي بكر الصديق رضي الله عنهما، وكان وديعاً صابراً عظيماً راضياً، عفواً كريماً رحيماً باذلاً سخياً، كان يواسي المؤمنين ويعين المستضعفين .
عندما أسلم عثمان بن عفان أخذه عمه الحكم بن أبي العاص وكان كافلاً فأوثقه رباطاً وسأله كيف ترغب عن مله آبائك إلي دين محدث ؟ ولكن عندما رأي شدة سيدنا عثمان وصلابته في دينه تركه .
عثمان بن عفان كان رابع من أسلم من الرجال، فحينما دعاه أبو بكر الصديق للإسلام كان سباقاً أجاب علي الفور دعوته وكان من الأولين السابقين للدخول في الإسلام بدون تلعثماً او تلكواً، وكان يعتق كل جمعة رقبة في سبيل الله منذ أسلم، حتي كان جميع ما أعتقه طوال حياته ألفان وأربعمائة رقبة تقريباً .
وعلي الرغم من ثراءه وشده غناه وماله الوفير، إلا أنه عرف بالزهد في متاع الدنيا وزينتها، وأخرج الإمام أحمد من حديث شرحبيل بن مسلم أن عثمان بن عفان رضي الله عنه كان يطعم الناس طعام الإمارة، ويدخل إلى بيته فيأكل الخل والزيت .
وقد اختص الرسول صلي الله عليه وسلم سيدنا عثمان بكتابة الوحي، وأثني عليه الصحابة ونزلت بسببه آيات من كتاب الله عز وجل، وكان عثمان شديد المتابعة للسنة وكثير قيام الليل .
بلغت مدة ولادته رضي الله عنه وأرضاه إحدى عشرة سنة وأحد عشر شهراً وأربعة عشر يوماً ، وقد استشهد وهو يبلغ من العمر تسعون او ثمانية وثمانون سنة، ودفن بالبقيع وقد كان قتله أول فتنه انفتحت بين المسلمين ولم تنغلق حتي يومنا هذا .
روى الإمام أحمد بسنده عن محمد بن الحنفية قال: “بلغ عليًّا أن عائشة تلعن قتلة عثمان في المربد، قال: فرفع يديه حتى بلغ بهما وجهه فقال: وأنا ألعن قتلة عثمان، لعنهم الله في السهل والجبل. قال مرتين أو ثلاثًا” .
ويعود سبب الفتنه أنه قد ولي عبد الله بن سعد بن أبي السرح علي اهل مصر فشكوه إليه، فولي عليهم بإختيارهم محمد بن ابي بكر الصديق وكتب لهم العهد، وخرج معهم مدد من المهاجرين والأنصار ينظرون فيما بينهم وبين ابن أبي السّرح، فعندما أصبحوا علي مقربة ثلاثة أيام من المدينة، إذ هم بغلام عثمان علي راحته ومعه كتاب مفتري وعليه خاتم عثمان إلي ابن ابي السرح يحرضه ويحثه علي قتالهم اذا قدموا عليه، فرجعوا به إلي عثمان فأقسم لهم أنه لم يأمره بذلك ولا يعلم من الذي أرسله بهذا الكتاب المكذوب، وكان صادقاً رضي الله عنه وأرضاه، هو أنبل وأروع وأرفع من أن يجري مثل هذا علي لسانه أو يده، وقيل ان مروان كان هو الكاتب والمرسل، فطلبوا منه أن يسلمهم مروان فأبي فطلبوا منه أن يخلع نفسه فأبي، لأن النبي صلي الله عليه وسلم كان قد قاله له ” لعلّ الله أن يُلبسَكَ قميصاً فإن أرادوك على خلعه فلا تخلعه ” .
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه
سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وأرضاه، أحد العشرة المبشرين بالجنة وآخرهم موتاً، ولد في مكة عام 23 قبل الهجرة، ونشأ في قريش وكان يعمل في صناعة السهام وصناعة القسي، كان يمضي وقته مع شباب قريش وساداتهم .
أسلم سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه وكان عمره وقتها سبع عشرة سنة علي يد أبي بكر الصديق، وعند إسلامه امتنعت امه عن الطعام ليعود سعد عن إسلامه فقال لها : تعلمين والله يا أماه، لو كانت لك مائة نفس فخرجت نفسًا نفسًا، ما تركت ديني هذا لشيء؛ فإن شئت فكلي، وإن شئت لا تأكلي. فحلفتْ ألا تكلمه أبدًا حتى يكفر بدينه، ولا تأكل ولا تشرب؛ فأنزل الله : {وَوَصَّيْنَا الإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ حُسْنًا وَإِنْ جَاهَدَاكَ لِتُشْرِكَ بِي مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلاَ تُطِعْهُمَا إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} .. الآية 8 من سورة العنكبوت .
سعد بن أبي وقاص هو أول من رمي بسهم في سبيل الل عز وجل وهو أحد الستة أصحاب الشوري، وجمع رسول الله صلي الله عليه وسلم يوم أحد لسعد بن أبي وقاص أبويه، فقد قال له : “ارمِ سعد، فداك أبي وأمي” .. وكان رسولنا الكريم صلي الله عليه وسلم يشير إلي سعد رضي الله عنه قائلاً ” “هذا خالي، فليرني امرؤ خاله” .
بعد إسلام سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لم يعد يعمل في صناعة السهام بهدف الربح والكسب، إنما أصبح عمله موجهاً إلي هدف واحد فقط وهو إعلاء كلمة الله عز وجل ونصرة الإسلام والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس والأهل والولد والعشيرة، فشهد مع النبي صلي الله عليه وسلم غزوة بُواط وكان يحمل لواءها، وغزوة أُحد، وكان النبي يعتمد عليه في العديد من الأعمال مثل إرساله مع علي بن أبي طالب والزبير بن العوام رضي الله عنهما بمهمة استطلاعية عند ماء بدر، وعند عقد صلح الحديبية كان سعد رضي الله عنه احد شهود الصلح .
وفي حرب بلاد فارس والعراق تولي سعد بن ابي وقاص قيادة جيش المسلمين في مرحلة تعد من أصعب مراحل الحرب وقتها، فاستطاع بفضل الله أولاً، وبفضل ذكاءه وقدرته القيادية وكفاءته وتوجيهات عمر امير المؤمنين رضي الله عنه وجيش المسلمين الذي يلمؤه الإيمان بالله والجهاد في سبيل أن يهزم الفرس هزيمة ساحقة في القادسية .. حيث رزقه الله عز وجل مهارات قيادية رائعة في المعركة أهلته لإتخاذ قرارات هامة وحاسمة قبل وأثناء معركة القادسية، ومن أبرز هذه القرارات : اختيار المكان الجغرافي المناسب لبداية المعركة وتحصين النقاط الضعيفة، وكذلك الالتفاف من خلف خطوط العدو لمفاجئتهم وتحديد الظهر موعداً لبداية المعركة وأخيراً تنظيم عملية القتال الليلية ” ليلة الهرير ” والتي كان لها دوراً هاماً في تحديد مصير المعركة الحاسمة وانتصار جيش المسلمين بفضل الله عز وجل أولاً، وبفضل قرارات سعد بن ابي وقاص رضي الله عنه ومهاراته القيادية ثانياً .
علي بن أبي طالب رضي الله عنه
علي ابن أبي طالب هو أول من أسلم من الصبيان ونام في فراش الرسول صلي الله عليه وسلم ليلة الهجرة، وكان من أكابر العلماء والفصحاء والخطباء بالقضاء، وعندما هاجر النبي صلي الله عليه وسلم من مكة إلي المدينة كلف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه أن يبيت في فراشة وأجله ثلاثة أيام حتي يؤدي الأمانات الموجودة عند النبي صلي الله عليه وسلم إلي اهلها، ثم يلحق به في المدينة فهاجر الإمام علي رضي الله عنه من مكة إلي المدينة المنورة سيراً علي الأقدام .
لم يتخلف الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن أى موقف او غزوة من غزوات الرسول صلي الله عليه وسلم إلا في غزوة تبوك ليرعي عياله، واختاره الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بعد طعنه بين الستة من أصحاب الشوري ليخلفه واحد منهم .
في غزوة حنين كان علي رضي الله عنه ممن ثبت مع رسول الله صلي الله عليه وسلم كما ثبت في غزوة أحد وغيرها من الغزوات ولم يفر، قضي عمره مجاهداً مدافعاً عن الإسلام وعن الرسول صلي الله عليه وسلم، عرف بالشجاعه والتقوي والورع .
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه ” إِنَّ اللَّه أَمَرَنيِ بِحُبِّ أَرَبَعَةٍ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ”. قيل: يا رسول الله، سمهم لنا. قال: “عَلِيٌّ مِنْهُمْ- يقول ذلك ثلاثًا- وَأَبُو ذَرٍّ، وَالْمِقْدَادُ، وَسَلْمَانُ، أَمَرَنِي بِحُبِّهِمْ، وَأَخْبَرَنِي أَنَّهُ يُحِبُّهُمْ”.
وكان علي رضي الله عنه ملازم للرسول صلي الله عليه وسلم في كل وقت وحين، حتي في الحرب وبعدها، وكان له شرف النزول إلي قبر النبي ليواريه وشارك في غسله .. وكان الإمام علي غزير العلم زاهداً ورعاً، وورد عن الإمام أحمد رضي الله عنه : ” ما جاء لأحد من فضائل ما جاء لعلي”، فكان رضي الله عنه أعلم الصحابة بكيفية صلاة رسول الله وعلماً بدعاء النبي صلي الله عليه وسلم في الصلاة .
ومن أبزر أقوال سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه : “إن أخوف ما أخاف اتباع الهوى وطول الأمل، فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسي الآخرة” .
امتدت خلافة سيدنا علي بن أبي طالب رضي الله عنه 4 سنين و 9 شهور، وعندما كثرت الفتن وفرق الضلال تآمر البعض وخرج عبد الرحمن بن ملجم ” الخارجي ” علي الإمام علي رضي الله عنه وضربه بالسيف في صلاة الصبح، فكانت وفاة رابع الخلفاء الراشدين علي ابن أبي طالب رضي الله عنه وكرم الله وجهه، واختلف في مكان قبره .
طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه
ولد طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه سنة 28 قبل الهجرة، وأسلم في بدايات الدعوة الإسلامية فكان أحد الثمانية السابقين إلي الإسلام، لم يشهد غزوة بدر مع الرسول صلي الله عليه وسلم ولكنه شهد غزوة احد وما بعدها، وأبلي فيها طلحة رضي الله عنه بلاءً حسناً، وبايع الرسول صلي الله عليه وسلم علي الموت وحماه من الكفار و واتّقى عنه النبل بيده حتى شلِّت أصبعه، ووقاه بنفسه .
قال ابن أبي خالد عن قيس قال : رأيت يد طلحة التي وقى بها النبي – صلى الله عليه وسلم – يوم أحد شلاء . أخرجه البخاري .. و ن عمارة بن غزية ، عن أبي الزبير ، عن جابر قال : لما كان يوم أحد ، وولى الناس ، كان رسول الله – صلى الله عليه وسلم – في ناحية في اثني عشر رجلا ، منهم طلحة ، فأدركهم المشركون ، فقال النبي – صلى الله عليه وسلم – : ” من للقوم ؟ قال طلحة : أنا ، قال : كما أنت . فقال رجل : أنا . قال : أنت ، فقاتل حتى قتل ، ثم التفت فإذا المشركون ، فقال : من لهم ؟ قال طلحة : أنا . قال : كما أنت ، فقال ، رجل من الأنصار : أنا ، قال : أنت . فقاتل حتى قتل ، فلم يزل كذلك حتى بقي مع نبي الله طلحة ، فقال : من للقوم ؟ قال طلحة : أنا ، فقاتل طلحة ، قتال الأحد عشر ، حتى قطعت أصابعه ، فقال : حس ، فقال ، رسول الله – صلى الله عليه وسلم – : لو قلت : باسم الله لرفعتك الملائكة ، والناس ينظرون ” . ثم رد الله المشركين رواته ثقات .
اذا ذكرت أحد ذكر طلحه، وإذا ذكر طلحه ذكرت احد، أصيب طلحه رضي الله عنه في غزوة احد ببضعة وسبعون طعنه دفاعاً عن الرسول وحمايه له صلي الله عليه وسلم، وعند دخول طلحه المسجد أشار النبي صلي الله عليه وسلم إليه قائلاً : “من المؤمنين رجالا صدقو ما عاهدو الله عليه فمنهم من لقي نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلو تبديلا ” .
أطلق النبي صلي الله عليه وسلم علي طلحه رضي الله عنه في غزوة أحد ” طلحة الخير ” ، وفي غزوة ذي العشيرة ” طلحة الفياض ” وفي يوم خبير ” طلحة الجود ” .. ومن ابرز عبارات طلحة رضي الله عنه ” لقد أُعطي ابن عباس فهمًا لقنًا وعلمًا، وما كنت أرى عمر يقدم عليه أحدًا” .
وقال النبي صلي الله عليه وسلم عن طلحة بن عبيد الله ” مَن سرَّه أن ينظر إلى شهيدٍ يمشي على وجه الأرض، فلينظر إلى طلحة بن عبيدالله ” رواه جابر، واستشهد طلحة يوم موقعه الجمل سنة 36 هـ، عندما قرر الإنسحاب من المعركة بعدما أخبره علي بن أبي طالب رضي الله عنه بحديث الرسول صلي الله عليه وسلم كان قد نسيه، يقال رماه مروان بن الحكم بسهمٍ، فأرداه قتيلاً ، والله أعلي وأعلم .
الزبير بن العوام رضي الله عنه
الزبير بن العوام رضي الله عنه وأرضاه هو حواريّ رسول الله صلي الله عليه وسلم وهو ابن صفية بنت عبد المطلب عمة الرسول صلي الله عليه وسلم، وهو احد السته أصحاب الشوري بعد استشهاد عمر بن الخطاب رضي الله عنه وأرضاه .. ولد الزبير عام 28 قبل الهجرة وأسلم وكان عمره 15 سنة علي يد أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وهو أول من سل سيفاً في سبيل الله عز وجل .
أسلم في مكة وعذبه قومة بسبب إسلامه، فكان عمه يعلقه في الحصير ويدخن عليه النار ليرجع عن دين محمد صلي الله عليه وسلم ويدين بدين أباءه وأجداده، وكان يقول رضي الله عنه : لا أكفر أبداً .
هاجر بدينه إلي الحبشة وتزوج من أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهم جميعاً، وهاجراً معاً إلي المدينة المنورة وهناك ولدت له أول مولود للمسلمين في المدينة وهو عبد الله بن الزبير بن العوام، ثم مصعب رضي الله عنهما .
كان ملازماً للرسول صلي الله عليه وسلم ولكن لم يرو عنه الكثير من الاحاديث، نزلت بسيماه جبريل عليه السلام يوم غزوة بدر، وجمع له الرسول صلي الله عليه وسلم في يوم قريظة بين أبويه، كان رضي الله عنه احد مغاوير الإسلامه وأبطاله يوم الفرقان .
قتل الزبير بن العوام رضي الله عنه يوم الميمنة عبيدة بن سعيد بن العاص، والسائب بن أبي السائب بن عابد ونوفل بن خويلد بن أسد عمه، حيث عرف بالشجاعه والفدائية والتوكل علي الله تعالي، كان يوجد بروحه وأوصي ولده عبد الله بقضاء ديونه قائلاً “إذا أعجزك دين، فاستعن بمولاي”. فسأله عبد الله : “أي مولى تعني؟” فأجابه: “الله، نعم المولى ونعم النصير” .
بايع الزبير ولطحة علي بن أبي طالب كرم الله وجهه بعد استشهاد عثمان بن عفان رضي الله عنه، وخرجوا إلي مكة معتمرين ثم إلي البصرة للأخذ بثأر عثمان من قتلته، فحدثت موقعة الجمل عام 36 هـ، طلحة والزبير رضي الله عنهما في فريق، وعلي بن ابي طالب رضي الله عنه في الفريق الآخر .
ولكن بعد ذلك أقلع طلحة والزبير رضي الله عنهما عن المشاركة في هذه الحرب بعد أن جاءهما علي بن أبي طالب رضي الله عنه قائلاً “يا طلحة، أجئت بعرس رسول الله تقاتل بها، وخبأت عرسك في البيت؟” ثم قال للزبير : “يا زبير، نشدتك الله، أتذكر يوم مر بك رسول الله ونحن بمكان كذا، فقال لك: (يا زبير، ألا تحب عليًّا؟) فقلت: ألا أحب ابن خالي، وابن عمي، ومن هو على ديني؟ فقال لك: (يا زبير، أما والله لتقاتلنه وأنت له ظالم). فقال الزبير : نعم أذكر الآن، وكنت قد نسيته، والله لا أقاتلك”.
ودفع الزبير بن العوام وطلحة رضي الله عنهما حياتهما ثمناً لإنسحابهما من هذه الحرب حيث تعقب عمرو بن جرموز الزبير رضي الله عنه وقتله وهو يصلي، بينما قتل مروان بن الحكم طلحة بسهم أودي بحياته، وبعد ان انتهي سيدنا علي بن ابي طالب رضي الله عنه من دفنهما قال : إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة والزبير وعثمان من الذين قال الله فيهم: {وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِمْ مِنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَى سُرُرٍ مُتَقَابِلِينَ} [الحجر: 47].
سعيد بن زيد رضي الله عنه
أسمه بالكامل هو سعيد بن زيد بن عمرو بن نفيل بن عبد العزى العدوي، ولد رضي الله عنه في مكة عام 22 قبل الهجرة، وكان من السابقين الأولين في الإسلام حيث أسلم علي يد أبي بكر الصديق رضي الله عنه وعندما دعاه أبو بكر إلي الإسلام، سارع إليه في لهفة وشوق فقد أسلم قبل أن يدخل رسول الله صلي الله عليه وسلم دار الأرقم بن أبي الأرقام.
حضر سعيد بن زيد رضي الله عنه جميع الغزوات بعد غزوة بدر مع النبي صلي الله عليه وسلم، وذلك لأن الرسول صلي الله عليه وسلم قد أرسله خلال هذه الغزوة لملاحقة عير قريش .
تزوج سعيد بن زيد رضي الله عنه من فاطمة بنت الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنهم أجمعين، وتزوج سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه من أخت سعيد بن زيد ” عاتكة ” وكان أبوه “زيد بن عمرو بن نفيل” من الأحناف في الجاهلية؛ فلم يسجد لغير الله عز وجل في جاهليته .
عرف عن سعيد بن زيد رضي الله عنه الزهد والورع وعندما فتح أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه دمشق ولاه إياها، ثم نهض إلي الجهاد ومن معه فكتب إليه سعيد ( أما بعد ، فإني ما كنت لأُوثرَك وأصحابك بالجهاد على نفسي وعلى ما يُدْنيني من مرضاة ربّي ، وإذا جاءك كتابي فابعث إلى عملِكَ مَنْ هو أرغب إليه مني ، فإني قادم عليك وشيكاً إن شاء الله والسلام ) .
وكان سيدنا سعيد بن زيد رضي الله عنه مجاب الدعوه، حيث عرف بقصته المشهورة مع أروى بنت أوس، التي شكته إلي مروان بن الحكم وادعت أنه غصب شيئاً من دراها ظلماً، فقال سعيد رضي الله عنه وقتها ( اللهم إن كانت كاذبة فاعْمِ بصرها ، واقتلها في دارها ) ، فأصابها العمى ثم تردّت في بئر دارها ، فكانت منيّتُها .وتحققت دعوته بأمر الله .
حضر سعيد بن زيد رضي الله عنه وأرضاه حصار دمشق وفتحها وحضر اليرموك وقد رؤى عن رسول الله صلي الله عليه وسلم ثمانية وأربعين حديثاً .
توفي سعيد بن زيد رضي الله عنه حوالي سنة خمسين بالعقيق، فحمل إلي المدينة وكان عمره بضعاً وسبعين سنة .
أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه
أسمه بالكامل هو عامر بن عبد الله بن الجراح القرشي الفهري، وكنيته هو أبو عبيده بن الجراح و قد اشتهر وعرف بكنيته وبنسبة إلي جده وأمه أميمة بن غنم، ولد أبو عبيده رضي الله عنه في السنة الأربعين قبل الهجرة .
كان أبو عبيده بن الجراح رضي الله عنه وأرضاه من الأولين السابقين في الإسلام والتصديق برسول الله صلي الله عليه وسلم، حيث أسلم في اليوم التالي بعد إسلام أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأسلم علي يد الصديق نفسه فمضى به وبعبد الرحمن بن عوف وبعثمان بن مظعون وبالأرقم بن أبي الأرقم إلي رسول الله صلي الله عليه وسلم، وأعلنوا بين يديه الشهادة وكلمة الحق، فكانوا بمثابة القواعد الاولي التي أقيم عليها دعوه وصرح الإسلام العظيم .
أسلم أبو عبيدة بن الجراح عام 13 قبل الهجرة، فشهد الهجرتين وشهد غزوة بدر وما بعدها، وكان من الذين ثبتوا مع الرسول صلي الله عليه وسلم يوم أحد ولم يفر كما فر الباقيين، وقد أسرع إلي النبي صلي الله عليه وسلم ونزع الحلقتين من المغفر اللتين دخلتا في وجنة الرسول صلي الله عليه وسلم .
وقد أرسل الفاروق عمر رضي الله عنه إلي أبو عبيدة بن الجراح رضي الله عنه بمبلغ قدرة أربعة الآف درهم وأربعمائة دينار وقال لرسوله : انظر ما يصنع؟ فقسّمها أبو عبيدة رضى الله عنه بالعدل ، فلما أخبر عمرَ رسولُه بما صنع أبو عبيدة بالمال، قال: “الحمد لله الذي جعل في الإسلام من يصنع هذا” .
وقد ورد عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت : ” سمعت أبا بكر -رضى الله عنه- يقول: لما كان يوم أُحد ورُمي رسول الله صلى الله عليه و سلم في وجهه حتى دخلت في وجنتيه حلقتان من المغفر، فأقبلت أسعى إلى رسول الله وإنسان قد أقبل من قِبل المشرق يطير طيرانًا، فقلت: اللهم اجعله طاعة حتى توافينا إلى رسول الله . فإذا أبو عبيدة بن الجراح -رضى الله عنه- قد بدرني، فقال: أسألك بالله يا أبا بكر إلاَّ تركتني فأنزعه من وجنة رسول الله . قال أبو بكر : فتركته. فأخذ أبو عبيدة بثنية إحدى حلقتي المغفر فنزعها وسقط على ظهره، وسقطت ثنيَّة أبي عبيدة ، ثم أخذ الحلقة الأخرى بثنيَّةٍ أخرى فسقطت، فكان أبو عبيدة في الناس أثرم ” .
وكان أبو عبيدة رضي الله عنه يعمل بالشورى فيستشير رجاله في كل خطوة يخطونها، وعندما احتشد الروم لاستعادة أرض الشام، استشار أبو عبيدة رضى الله عنه أصحابه، فأشار عليه الأكثرية بقبول الصحار في حمص، أما خالد فقد أشار عليه بالهجوم علي جموع الروم وحينها أخذ أبو عبيده بن الجراح رضي الله عنه رأي الأكثرية .
ويوم السقيفة قال أبو بكر الصديق رضي الله عنه ” قد رضيت لكم أحد هذيْن الرجلين ” وكان المقصود عمر وأبو عبيدة رضي الله عنهما .. ومن أبرز كلماته لإثارة حماس الجنود في الحرب والجهاد ” عباد الله، انصروا الله ينصركم ويثبت أقدامكم. عباد الله اصبروا؛ فإن الصبر منجاة من الكفر، ومرضاة للرب، ومدحضة للعار، لا تتركوا مصافكم، ولا تخطوا إليهم خطوة، ولا تبدءوهم بقتال، وأشرعوا الرماح، واستتروا بالدرق (أي الدروع)، والزموا الصمت إلا من ذكر الله في أنفسكم حتى يتم أمركم إن شاء الله” .
توفي أبو عبيده رضي الله عنه في طاعون عَمْواس سنة ثماني عشرة وكان عمره ثمان وخمسين سنة .
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه
عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه، من العشرة المبشرين بالجنة، ومن السنة أصحاب الشوري بعد مقتل الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شهد الرسول صلي الله عليه وسلم له بالجنة، وأخبر أن الرسول صلي الله عليه وسلم توفي وهو راض عنه .. أسلم عبد الرحمن بن عوف علي يد أبو بكر الصديق رضي الله عنه قبل أن يدخل الرسول صلي الله عليه وسلم دار الأرقم .
كان من أوائل المهاجرين، وحضر الهجرتين، فهاجر إلي الحبشة ثم هاجر إلي المدينة المنورة مع الرسول صلي الله عليه وسلم .. آخي الرسول صلي الله عليه وسلم بين عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وبين سيدنا سعد بن الربيع، وأراد أن يؤثرة بنصف ماله، إلا أنه قابل هذا الكرم بعفه وعزة نفس شديدة علي الرغم من كونه فقيراً معدماً بعد أن ترك أمواله ودياره بمكة وهاجر للمدينة، وهكذا ظهرت آثار تربية النبي صلي الل عليه وسلم عليه في هذا الموقف .
وكان عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه كثير الإنفاق لوجه الله عز وجل وروي أنه أعتق في يوم واحد ثلاثين رقبة، كما كان من القليلين الذي ثبتوا مع رسول الله صلي الله عليه وسلم في غزوة أحد ولم يفر كما فر الباقيين، وأصيب في أحد بعشرين جراحاً إحداها تركت في ساقة عرجاً دائماً .
عندما توفي سيدنا عمر رضي الله عنه، قال عبد الرحمن بن عوف لأصحاب الشوري الذين جعل عمر الخلافه فيهم : من يخرج نفسه منها ويختار للمسلمين؟ فلم يجيبوه إلى ذلك ، فقال: أنا أخرج نفسي من الخلافة ، وأختار للمسلمين ، فأجابوه إلى ذلك ، وأخذ مواثيقهم عليه فاختار عثمان فبايعه .
من أبرز كلمات عبد الرحمن بن عوف : “ابتلينا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بالضراء فصبرنا ثم ابتلينا بالسراء بعده فلم نصبر” .. وقد صلي وراء النبي صلي الله عليه وسلم صلاة الفجر في غزوة تبوك .
عندما حضرت الوفاة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه وجده الصحابة يبكي بكاءاً شديداً، فسألوه عن سبب بكائه فقال : إنَّ مصعب بن عمير -رضى الله عنه- كان خيرًا مني توفي على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولم يكن له ما يكفن فيه وإن حمزة بن عبد المطلب -رضى الله عنه- كان خيرًا مني لم نجد له كفنًا، وإني أخشى أن أكون ممن عجلت له طيباته في حياته الدنيا وأخشى أن أحتبس عن أصحابي بكثرة مالي .
وقد أوصي رضي الله عنه بخمسين ألف دينار في سبيل الله عز وجل، كما أوصي بأربعمائة دينار لكل من شهد غزوة بدر، حتي ان عثمان بن عفان رضي الله عنه أخذ نصيبه من هذة الوصية علي الرغم من كونه ثرياً، إلا أنه قال : ” ان مال عبدالرحمن حلال صفو، وان الطعمة منه عافية وبركة” .
توفي عبد الرحمن بن عوف بالمدينة المنورة عام 32 هـ وكان عمره 75 سنة، ودفع بالبقيع وصلي عليه عثمان بن عفان رضي الله عنه كما وصي هو بذلك .