تعج حياة المسلمين بمواسم خيرية سنوية يحرص الكثير منهم على اغتنامها والاستزادة فيها من الخير عن طريق العبادات المشروعة وكثير من الأعمال الخيرية ، ونحن اليوم نبدأ موسم الأيام العشر من ذي الحجة لنستقبل أيام مباركة قبل عيد الأضحى 2021 ،ونبدأ صفحة جديدة مع الخالق ولنتفق على الأعمال والأقوال الصالحة التى تُقربنا من الله تعالى ، وتعيننا على مواجهة ظروف الحياة بنفس طيبةٍ وعزيمةٍ صادقة ، فالعشر الأول من ذى الحجة التى فضّلها الله تعالى على سائر أيام العام و التى ينبغى على المسلم أن يتعرّض فيها لنفحات رحمة الله وذلك بالإكثار من اعمال الخير المختلفة فى هذه الأيام من صيام وقيام وقراءة القرآن،وصدقة وتسبيح وتكبير وتحميد وتهليل واستغفار. لقوله -صلّى الله عليه وسلّم: (ما من عملٍ أزكى عند اللهِ ولا أعظمَ أجرًا من خيرٍ يعملُه فى عَشرِ الأَضحي)، وقد ثبت فى صحيح البخارى ، قوله عليه الصلاة والسلام : «ما من أيام العمل الصالح أحب إلى الله فيهن من هذه الأيام » – يعنى عشر ذى الحجة قالوا : ولا الجهاد فى سبيل الله ؟ قال : «ولا الجهاد فى سبيل الله ، إلا رجلا خرج بنفسه وماله ، ثم لم يرجع من ذلك بشيء » .
فضل العشر من ذي الحجة
وتُعَدّ الأيّام العَشر من ذى الحِجّة الأيّامَ المعلومات الواردة فى قَوْل تعالي-: »وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّـهِ فِى أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ«الحج 28, وأن فضيلة هذه العشر جاءت من أمور كثيرة منها: – أن الله تعالى أقسم بها ليدل عباده على فضلها، وقد ذهب جمهور المفسرين إلى أن المراد بها عشر ذى الحِجة: والقسم بالشيء دليل على أهميته وعظم نفعه، قال تعالي: »وَالْفَجْرِ. وَلَيَالٍ عَشْرٍ .وَالشَّفْعِ وَالْوَتْرِ« الفجر-1/ 3 وعن النبى صلى الله عليه وسلم – قال : » إن العشر عشر الأضحى ، والوتر يوم عرفة ، والشفع يوم النحر » . و أن النبى شهد بأنها أفضل أيام الدنيا. و حث عز وجل فيها على العمل الصالح: لشرف الزمان بالنسبة لأهل الأمصار، وشرف المكان -أيضاً- وهذا خاص بحجاج بيت الله الحرام. ومن عظيم فضلها أن فيها يوم عرفة وهو اليوم المشهود الذى أكمل الله فيه الدّين وصيامه يكفّر آثام سنتين , وهو يومٌ عظيم يُعد من مفاخر الإسلام ، وله فضائل عظيمة ، لأنه يوم مغفرة الذنوب والتجاوز عنها ، ويوم العتق من النار ، ويوم المُباهاة فعن أم المؤمنين عائشة -رضى الله عنها-أنها قالت : عن النبى صلى الله عليه وسلم قال : » ما من يومٍ أكثر من أن يُعتق الله عز وجل فيه عبداً من النار ، من يوم عرفة ، وإنه ليدنو ثم يُباهى بهم الملائكة ، فيقول : ما أراد هؤلاء ؟ » ( رواه مسلم). وفى العشر أيضاً يوم النحر الذى هو أعظم أيام السنّة على الإطلاق وهو يوم الحجّ الأكبر الذى يجتمع فيه من الطّاعات والعبادات ما لا يجتمع فى غيره. – و أن فيها الأضحية والحج. إن إدراك هذا العشر (عشر ذى الحجة) نعمة عظيمة من نعم الله تعالى على العبد، يقدّرها حق قدرها الصالحون المشمّرون.
حديث ( ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه الأيام العشر )
الحديث كامل عن ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: ((ما العمل في أيام أفضل منها في هذه؟» قالوا: ولا الجهاد؟ قال: ولا الجهاد، إلا رجل خرج يخاطر بنفسه وماله، فلم يرجع بشيء)). أخرجه البخاري، رقم: (٩٦٩).
أولى العلماء -رحمهم الله- هذا الحديث عناية فائقة رواية ودراية، وقد تقصى طرقه، وأفرد له جزءًا على حدة الحافظ ابن كثير -رحمه الله- كما أشار له في أول تفسيره (٥/ ٤١٥) لسورة الفجر.
وفيما يلي نرصد لكم فوائد كثيرة في هذا الحديث القصير والذي يحمل في جعبته كثير من الفوائد :
1) أن المراد بالأيام عشر ذي الحجة.
2) الترغيب العظيم في الأعمال الصالحة.
3) أن الفضائل لا تدرك بالقياس، وإنما هي إحسان من الله عز وجل لمن شاء.
4) أن شهر ذي الحجة أفضل الأشهر الحرم وأعظمها حُرمة.
5) فضل أيام عشر ذي الحجة على غيرها من أيام السنة.
6) أن العمل في أيام العشر أفضل من العمل في غيرها من أيام الدنيا من غير استثناء شيء.
7) حرص الصحابة رضي الله عنهم على أفعال الخير.
8) مشروعية سؤال المتعلم عما يشكل عليه.
9) جمال الأسلوب النبوي البليغ الذي يهيج النفوس إلى الطاعة، ويبعث القلوب ويعلقها باغتنام هذه الأوقات الفاضلة والمواسم الخيرة.
10) نسبة أيام عشر ذي الحجة إلى سائر الأيام كنسبة أماكن المناسك إلى سائر البقاع.
11) أيام عشر ذي الحجة كلها شريفة مفضلة يضاعف العمل الصالح.
12) أن هذه الأيام العشر هي من الأيام التي يشرع فيها التطوع.
13) تأكيد فضل هذه الأيام والحث على التقرب إلى الله عز وجل فيها بالعبادة.
14) الاستكثار من أعمال الخير في سائر أيام عشر ذي الحجة بعامة، وفي يوم عرفة خاصة.
15) إثبات صفة المحبة لله عز وجل.
16) أن العمل المفضول يصير فاضلًا إذا وقع في زمان فاضل، حتى يصير أفضل من غيره من الأعمال الفاضلة لفضل زمانه.
17) الذي يفهم من العمل عند الإطلاق: العبادة، وهي لا تنافي استيفاء حظ النفس من الأكل وأضرابه.
18) أن كون الشيء أحب إلى الله عز وجل يستلزم أنه أفضل من غيره، ومتى كان لا يستلزم ذلك، فلا حاجة إلى التخصيص لعدم التنافي.
19) أن العمل المفضول في الوقت الفاضل يلتحق بالعمل الفاضل في غيره، ويزيد عليه لمضاعفة ثوابه وأجره.
20) تفضيل بعض الأزمنة على بعضٍ؛ كالأمكنة.
21) أن كل يوم من أيام العشر أفضل من غيره من أيام السنة، سواء كان يوم الجمعة أم لا، ويوم الجمعة فيه أفضل من يوم الجمعة في غيره، لاجتماع الفضيلتين فيه، والله أعلم.
22) تفضيل العمل في هذه العشر على العمل في كل عشر غيره من أيام الدنيا.
23) أن فرائض عشر ذي الحجة أفضل من فرائض سائر الأعشار، ونوافله أفضل من نوافلها، إلا أن نوافل العشر ليست يقينًا أفضل من فرائض غيره.
24) أن من علق عملًا من الأعمال بأفضل الأيام بنذر مثلًا، فلا يتم له الوفاء إلا أن يجعله في مثل هذه الأيام العشر.
25) أن مجموع أيام العشر من ذي الحجة، أفضل من مجموع أيام العشر في رمضان.
26) أن نوافل عشر ذي الحجة أفضل من نوافل عشر رمضان، وكذلك فرائض عشر ذي الحجة تضاعف أكثر من مضاعفة فرائض غيره.
27) يستحب فيها الإكثار من التكبير والتهليل والتحميد.
28) الإكثار من الشكر لله عز وجل على هذه النعمة.
29) فضل التكبير ومشروعيته.
30) تفضيل أيام العشر على يوم الجمعة الذي هو أفضل أيام الدنيا؛ لأن هذه العشر تشتمل على يوم عرفة.
31) تفضيل العمل في عشر ذي الحجة على العمل في أكثر من عشرة أيام من غيره، فيه تفصيل ذكره العلامة ابن رجب الحنبلي رحمه الله.
32) استدل به على فضل صيام عشر الحجة لاندراج الصوم في العمل، خلا يوم العيد للنهي، فيحمل على الغالب.
33) أن صوم عشر ذي الحجة من نوافل الصيام المؤكدة؛ قاله الشوكاني رحمه الله.
34) أن صيام رمضان أفضل من صوم العشر؛ لأن فعل الفرض أفضل من النفل من غير تردُّد.
35) مع اتفاق العلماء رحمهم الله على فضل هذه الأيام على ما سواه، إلا أنهم اختلفوا في لياليه: هل هي أفضل من ليالي العشر الأخير من رمضان؟
36) أن يوم عرفة أفضل أيام الدنيا.
37) تظهر فائدة ذلك فيمن علق عملًا من الأعمال كالنذر مثلًا بأفضل أيام العام، قال: يتم له الوفاء إلا أن يجعله في يوم عرفة؛ لأنه على الصحيح أفضل أيام العشر.
38) إن مجموع هذا العشر أفضل من مجموع عشر رمضان، وإن كان في عشر رمضان ليلة لا يفضل عليها غيرها؛ قاله القسطلاني رحمه الله.
39) استحباب صوم يوم عرفة.
40) أن الشيء يشرف بمجاورته للشيء الشريف، وأيام التشريق تقع تلو أيام العشر، وقد ثبت بهذا الحديث أفضلية أيام العشر، وثبت أيضًا بذلك أفضلية أيام التشريق؛ قاله العيني رحمه الله في عمدة القاري.
41) أن العمل في أيام التشريق لا ينحصر في التكبير.
42) تفصيل العمل في أيام التشريق وأيام العشر جميعًا.
43) معرفة الصحابة لفضل الجهاد عندهم، وأنه من أعظم الأعمال أجرًا، ولذلك سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم.
44) فضل نفل الحج على نفل الصدقة.
45) اجتماع أمهات العبادة في هذه العشر.
46) الزمان المتضمن لمثل هذه الأعمال أهل أن يقسم الرب عز وجل به كما في قوله عز وجل: ﴿ وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾ [الفجر: 1، 2].
47) جمهور المفسرين أن المقصود من الآية ﴿ وَلَيَالٍ عَشْرٍ ﴾: عشر ذي الحجة، وصححه الحافظ ابن كثير رحمه الله في تفسيره.
48) أن الثواب بقدر المشقة.
49) استحب بعض أهل العلم رحمهم الله قضاء رمضان في عشر ذي الحجة لفضل أيامه.
50) استحب بعض أهل العلم رحمهم الله تفريغ هذه الأيام للتطوع، وعليه استحبوا ألا يقضى فيه رمضان.
51) إذا كان العمل في أيام العشر أفضل وأحب إلى الله من العمل في غيره من أيام السنة كلها، صار العمل فيه وإن كان مفضولًا أفضل من العمل في غيره وإن كان فاضلًا.
52) أن كل عمل صالح يقع في هذا العشر، فهو أفضل من عمل في عشرة أيام سواها من أي شهر كان، فيكون تفضيلًا للعمل في كل يوم منه على العمل في كل يوم من أيام السنة غيره.
53) أن هذه العشر هي خاتمة الأشهر المعلومات – أشهر الحج – التي قال الله عز وجل فيها: ﴿ الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُومَاتٌ ﴾ [البقرة: 197].
54) أن أفضل الأعمال ما كثُر ذكر الله عز وجل فيها.
55) وجوب الحذر من المعاصي؛ فإنها تحرم المغفرة في مواسم الرحمة.
56) الحث على انتهاز الفرصة في هذه الأيام العظيمة، فما منها عوض ولا لها قيمة، والمبادرة المبادرة بالعمل، والعجل العجل قبل هجوم الأجَل.
57) الفرح والسرور بمواسم الطاعة؛ لأنها سبب في توثيق الصلة بين أهلها وبين مولاهم عز وجل. والتذكير بأن الفائز حقًّا من أتى بالأعمال الصالحة على وجهها؛ لأنه يثق بوعده عز وجل له، وبعظيم فضله ومغفرته.
58) تذكير من لم يستطع الحج فيها بالاجتهاد بالطاعة والقيام لله عز وجل بحقِّه الذي عرفه، والعزم على طاعته عز وجل، والإكثار من الأعمال الصالحة لاستدراك ما فاته. وتنبيه كل من لم يصل إلى البيت الحرام وهو منه بعيد – أن يقصد رب البيت عز وجل؛ فإنه أقرب إلى من دعاه ورجاه من حبل الوريد.
59) التنبيه على أن العمل الصالح لا يتم، بل لا يكون إلا بكونه خالصًا لله عز وجل، وصوابًا على متابعة السنة. والتأكيد أن أفضل العباد هم من سلكوا طريق النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأصحابه في العبادة.
60) التيسير في التشريع.
رابط الموضوع: https://www.alukah.net/sharia/0/135774/#ixzz70HzFIeqy