من قائل اني لكما لمن الناصحين؟ من القائل اني لكما لمن الناصحين؟ اني لكما لمن الناصحين من قالها؟
القائل هو الشيطان عليه لعنة الله و الآية واضحة عند قراءتها : ( وَيَا آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ فَكُلَا مِنْ حَيْثُ شِئْتُمَا وَلَا تَقْرَبَا هَٰذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونَا مِنَ الظَّالِمِينَ (19) فَوَسْوَسَ لَهُمَا الشَّيْطَانُ لِيُبْدِيَ لَهُمَا مَا وُورِيَ عَنْهُمَا مِن سَوْآتِهِمَا وَقَالَ مَا نَهَاكُمَا رَبُّكُمَا عَنْ هَٰذِهِ الشَّجَرَةِ إِلَّا أَن تَكُونَا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونَا مِنَ الْخَالِدِينَ (20) وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ (21) ) ومع قوله هذا أقسم لهما باللّه { إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ } أي: من جملة الناصحين حيث قلت لكما ما قلت، فاغترا بذلك، وغلبت الشهوة في تلك الحال على العقل.
كما ذكرنا فقد وردت هذه الآية الكريمة في سورة الأعراف على لسان إبليس، حيث قال تعالى: {وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ}،[1] وقالها موسوسًا لآدم -عليه السلام- وزوجه حواء، وهما في الجنة، ليخرجهما منها.
تفسير إني لكما من الناصحين
لقد أباح الله -عزَّ وجلَّ- لآدم الجنَّة كاملةً، وأباح لهما أن يأكلا من جميع أثمارها إلا شجرةً واحدةً، وكان نتيجة ذلك أنَّ إبليس حسدهما وسعى في المكر والوسوسة والخديعة ليسلبهما ما هما فيه من النعمة واللباس الحسن، وادَّعى أنَّ الله لم يمنعهما من هذه الشجرة إلا أن يكونا ملكين، وهنا حلف لهما بالله على ذلك حتى خدعهما، وأخبرهما أنَّه ممن يُخذ بمشورته.
قال أبو جعفر: يعني جل ثناؤه بقوله: (وقاسمهما)، وحلف لهما, كما قال في موضع آخر: تَقَاسَمُوا بِاللَّهِ لَنُبَيِّتَنَّهُ ، [سورة النمل: 49]، بمعنى تحالفوا بالله ، وكما قال خالد بن زهير[ابن] عمّ أبي ذويب:
وَقَاسَــمَهَا بِاللــهِ جَــهْدًا لأَنْتُــمُ
ألَـذُّ مِـنَ السَّـلْوَى إِذَا مَـا نَشُـورُهَا
بمعنى: وحالفهما بالله ، وكما قال أعشى بني ثعلبة:
رَضِيعَــيْ لِبَـانٍ, ثَـدْيَ أُمٍّ تَقَاسَـمَا
بِأَسْــحَمَ دَاجٍ عَــوْضُ لا نَتَفَــرَّقُ
بمعنى تحالفا.
* * *
وقوله: (إني لكما لمن الناصحين) أي: لممن ينصح لكما في مشورته لكما, وأمره إياكما بأكل ثمر الشجرة التي نهيتما عن أكل ثمرها، وفي خبري إياكما بما أخبركما به، من أنكما إن أكلتماه كنتما ملكين أو كنتما من الخالدين، كما:-
14396- حدثنا بشر بن معاذ قال، حدثنا يزيد قال، حدثنا سعيد, عن قتادة قوله: (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين)، فحلف لهما بالله حتى خدعهما, وقد يُخْدع المؤمن بالله, فقال: إني خلقت قبلكما، وأنا أعلم منكما, فاتبعاني أرشدكما. وكان بعض أهل العلم يقول: ” من خادَعنا بالله خُدِعْنا “.