المحتويات
شرح نص نشيد الجبار
شرح نص نشيد الجبار أو هكذا غنى بروميثيوس
الشّرح :
* ظاهرة العُنوان:
نشيد الجبّار أو هكذا غنّى بروميثيوس: التخيير ( قد تكون بمعنى (بل) )
نشيد الجبّار: م. إضافي
هكذا غنّى بروميثيوس: م. إسنادي
+ العلاقة اللغويّة
يتكوّن العنوان من وحدتين تفصل بينهما الأداة ” أو “
قد تكون العلاقة بين الوحدتين:
– علاقة تساو / تماثل: الوحدة 1 = الوحدة 2
– علاقة تأكيد / إثبات: الوحدة 2 تُثبتُ الوحدة 1 و تؤكّدها
+ العلاقة الدلاليّة:
نقطة الاشتراك الأولى بين الوحدتين، توسّل مُعجم الغناء و الطّرب ( نشيد / الغناء )
نقطة الاشتراك الثّانية بين الوحدتين، حضور معاني القوّة و البأس و الشدّة.
يضعُنا العنوان في مُفارقة ظاهريّة، فالمعنى يُفتَرَضُ أن يكون رقيقا ليّنا لكنّه صار غليظا شديدا
فكيف تُحلّ هذه المفارقة؟
كيف يُمكنُ الجمع بين اللّين و الشدّة؟
كيف يُنشِدُ الجبّار؟
و ما مضمون نشيده؟
و كيف وظّف الشّاعر الأسطورة في النصّ؟
و هل دعّمت الأسطورة حركة المعنى في النصّ أم خَذلت مقروئيّته؟
المقطع الأوّل: إصرار الشّاعر على الحياة
سأعيش: استقبال ( عدم الانقضاء )
الدّاء و الأعداء: م. عطفي: مضاف إليه
الدّاء: المرض
الأعداء: القدر + النّاس
نبرة تحدّ و تمرّد ينفتح بها النصّ
إنّ انفتاح النصّ بفعل في صيغة المستقبل لا يخلو من دلالات، لعلّ من أهمّها استمراريّة التحدّي و عدم انقضائه.
يُبرزُ لنا الشّاعر طريقته في العيش ( طريقته في الإقامة على وجه الأرض )
تمرّد مُزدوج:
– أمام العوائق الداخليّة: المرض
– أمام العوائق الخارجيّة: النّاس
التمرّد سمة من سمات الرومنطيقيين.
الرومنطيقي يرفض عيش المذلّة و الهوان، و يستبدلُهُ بعيش يُسايرُ إحساسه بالعظمة و التميّز و القوّة.
تشبيه
المشبّه: الشّاعر
المشبّه به: النّسر
أداة التشبيه: الكاف
وجه الشّبه: السموّ / الارتفاع / القوّة / التفرّد
إنّ تشبيه الشّاعر نفسه بالطّائر وظيفيّ في هذا النصّ، فالطّائر مُحمّل برموز كثيرة. فهو الرّوح المُجنّحة، و هو البعث المُتجدّد، و هو المعرفة الدّائمة.
يُحلّق الشّاعر بعيدا في السّماء كأنّه طائر أسطوريّ لا يتنازل عن موضعه ( القمّة الشمّاء ) أبدا.
التّماهي بين الشّاعر و الطّائر فيرال مُتواترة عند الرومنطيقيين.
معاني السموّ و الارتفاع و الأنفة متواترة بكثرة في الشّعر الرومنطيقي
أرنو / أرمق / أسير / أصغي: المضارع
إثبات + نفي : التقرير
أرنو… إنشائي: أحوال
قُدرة الشّاعر على التحدّي و المقاومة مبعثها إيمانه بمستطاع ذاته، و بقدرته على اختراق المستحيل.
تمرّد الشّاعر يشمل العالمين:
– عالم السّماء ( السّحب / الأمطار / الأنواء )
– عالم الأرض ( الهوّة / الظّلال )
تحليق الشّاعر يتجاوز السّماء و ينفذ إلى ما تحجّب و خفِيَ.تمرّد الشّاعر ليس آنيّا، و لكنّه مُستمرّ و دائم: إنّه نهج حياة و طريقة في الإقامة على وجه الأرض.الرومنطيقيّة فلسفة في الحياة.
دُنيا المشاعر: م. إضافي
التخصيص
حالما غردا: حال
الحلم و الخيال و النظم ( قول الشّعر ) وسائل الشّاعر لتحقيق سعادته.
القُدرة الكشفيّة للشّاعر الرومنطيقي
المشاعر / الشعراء: جناس
أصغي / أصيخ: حاسة السّمع
الوحي / الإلهي: معجم دينيأذيبُ / الذوبان: معجم التصوّف
الذّي يُحي…الأصداء: م. موصولي اسمي: نعت
يُؤسّس الشّاعر عالما شعوريّا بديلا: العالم المنشود
الشّاعر يمتلك تلك القُدرة الكشفيّة التّي تجعله يستطيع النفاذ إلى صميم الوجود، أين يسمع سمفونيّة الحياة المتدفّقة وحيا ربّانيّا مُباشرا لا وسائط فيه.
خلفيّة تصوّر المتصوّفة تحضر في هذا المقطع: الذوبان في الذّات الإلهيّة بعد مُجاهدة الجسد و إنهاكه، و بعد إنشاد تراتيل الطّاعة و العبادة.
شرح نص نشيد الجبار أو هكذا غنى بروميثيوس
الرومنطيقي | المتصوف |
الانعزال عليل أناشيد الحياة الكشف ( مصدرالوجود ) الذوبان في العالم المنشود عروج إلى العالم المنشود |
الانعزال مجاهدة النفس تراتيل دينية الكشف ( الذات الإلهية ) الذوبان في الذات الإلهية عروج إلى العالم السماوي |
تقاطع التجربتين: تجربة المُتصوّف و تجربة الشّاعر
الاستلهام من وحي الإله المُباشر: هُو الذّي أحيا في قلب الشّاعر نزعة التمرّد و التحدّي.
تعديل رمزيّة أسطورة بروميثيوس، فالشّاعر لم يتطاول على الآلهة و لم يتحدّاها و لكنّه كان مُنسجما معها ( استلهم روح التحدّي منها )
أسطورة بروميثيوس لا تخذل مقروئيّة النصّ:
– القارئ يستطيع تمثّل النصّ و فهمه بقطع النّظر عن معرفته أو جهله للأسطورة.
– النصّ الشعريّ استوعب الأسطورة و أذابها في نسيجه و أسّس أسطورة بديلة تحيا في الكون الشّعري للقصيدة ( إنّها أسطورة الشّاعر- الجبّار )
إنّ هذا المقطع يُحوصل طريقة الشّاعر في الحياة، هذه الطّريقة التّي تستحضر تجربة المتصوّف لتؤسّس عروجا إلى السّماء يذوبُ فيه الشّاعر في العالم المنشود، أين تتحقّق له طاقة الكشف فيتيقّن من أنّ التحدّي و التمرّد طريقا الحياة الحقيقيّة.
المقطع الثّاني: تحدّي القدر
و: استئناف
أقول: فعل قول و حكاية
الذّي لا ينثني: م. بالموصول الإسمي: نعت
يتأسّس المقطع الثّاني على خطاب مُوجّه من الشّاعر إلى القدر
نبرة الخطاب: متحدّية + مرتفعة
إنّ وصف القدر وظيفيّ في هذا المقطع. فالرّفع من جبروت القدر، فيه رفع مُماثل من قيمة الشّاعر.
لا يُطفئ… الأضواء: نصّ مقول القول: مفعول بهلا يُطفئ: نفي
اللّهب: النّورموج الأسى و عواطف الأرزاء: م. بالعطف: فاعل
اللّهب المؤجّج في دمي: م. نعتي: مفعول به متقدّم للعناية و الإبراز
النّفي يُفيد هنا التقرير و الإثبات، و قد تدعّم ذلك بتقديم المفعول به على الفاعل، فلغة الشّاعر إذن لغة واثقة مُتحدّية.
اللّغة مظهر من مظاهر التحدّي و التمرّد ( لا تُهادِنُ الواقع و لا تُصالِحُه )
انتقال من التّعميم إلى التّخصيص: بعد عروج الشّاعر إلى السّماء و استلهامه التحدّي من الإله، سيخوض صراعا مريرا مع القدر.اهدم / املأ / انشر / انثر: أمر يخرج عن معناه الأصلي ليُفيد التحقير
تشبيه
المشبّه: الفؤاد
المشبّه به: الصّخرة
الأداة: مثل
وجه الشّبه: الصّلابة
تحقير للمُخاطَب ( القدر ) من ناحية و تعظيم للمخاطِب ( الشّاعر ) من ناحية أخرى
مراوحة بين الإنشاء و الخبر: الاعتداد بالمنزلة الرّفيعة و تحدّي القدر
تضخّم الذّات ( النرجسيّة )
أغاني الحياة مُقابل موت القدرو: التعداد
( الشكوى الذليلة / البكاء / ضراعة الأطفال )
التّعداد يُؤكّد صلابة الشّاعر
لا يُمكن أن تُربك هذه العراقيل المُتعدّدة المُتضخّمة تركيز الشّاعر على عالمه المنشود و على فجره الجميل.
سأظلّ: الديمومة
عازفا / مترنّما: تعدّد الأحوال
عازف / قيتارة / غناء: معجم الغناء و الطّرب
العزف و الغناء وسيلتا الشّاعر لتجاوز بشاعة سماع صوت القدر
التوهّج / النّور / الشّعلة: معجم النّور
ظلمة / الظلماء: معجم الظّلمة
تقابل بين مُعجمين: معجم النّور و معجم الظّلمة.
هذا التقابل يعكس صراع الشّاعر في هذا الوجود
إذا: الظرفيّة الزمنيّة
خمدت / انقضى / أخرست / المنيّة / خبا: معجم الفناء و العدم
ختم الشّاعر قصيدته بنبرة تحدّ لا مثيل لها، فالموت المادّي لا يعني هزيمة الرومنطيقي و انبطاحه أمام سطوة القدر، بل إنّ الموت انتصار عظيم و فتح مُبين: انتصار على ضعف ذلك الجسد الفاني / انفتاح أبواب العالم العلوي لروح الشّاعر.
التّأليفينبني النصّ على استراتيجيّة التناص، و هي تعني حضور نصّ سابق ( نصّ الأسطورة ) في نصّ لاحق ( نصّ الشابّي ). و قد وظّف الشّاعر هذه التقنية توظيفا فريدا، فالنصّ السّابق ذاب في النصّ اللاّحق، فأصبحنا بحضرة نصّ باطن و نصّ ظاهر. و العلاقة بين النصّين تقوم على ثنائيّة النشيد المتمرّد و الجبّار العظيم.
إنّ التوظيف الجديد لأسطورة بروميثيوس يفتح هذا النصّ على أبواب الحداثة الشعريّة. كيف لا؟ و الأسطورة لم تخذل مقروئيّة النصّ و إنّما فتحته على آفاق جديدة ( توظيف الرّمز ) و على عناصر فريدة: عالميّة الإنتاج الأدبي و انفتاحه