كم حجه حج الرسول صلى الله عليه وسلم
من المتعارف عليه في السيرة النبوية ان الرسول صلى الله عليه وسلم حج حجة واحدة فقط وهي حجة الوداع ، بعدما فرض الحج كما في الصحيحين والترمذي، ولفظ الترمذي عن قتادة قال: قلت لأنس بن مالك: كم حج النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: حجة واحدة، واعتمر أربع عمر، عمرة في ذي القعدة وعمرة الحديبية وعمرة مع حجته وعمرة الجعرانة .
حجة الوداع
تُسمّى الحجّة التي حجّها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد الهجرة حجّةَ الوداع؛ لأنّه وقف فيها يوم العيد عند الجمرات خطيباً بالصحابة، ووَعَظهم، وبَيَّن لهم مناسك الحجّ، وقال لهم: “هل بلّغت” فقالوا: نعم؛ فقال: “اللهمّ اشهد”، ثمّ ودّعَ الناس؛ فقالوا هذه حجّة الوداع، وكانت في السنة العاشرة من الهجرة، وقد جاء عن ابن القيِّم الإجماع على أنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يحجّ بعد الهجرة إلّا مرّة واحدة، وأورد الترمذي حديثاً عن قتادة يسأل فيه أنس بن مالك -رضي الله عنهما- عن ذلك، فقال: (كَم حَجَّ النَّبيُّ صلَّى اللَّهُ عليهِ وسلَّمَ ؟ قالَ : حَجَّةً واحدةً).
حجّة الوداع تُسمّى الحجّة الوحيدة التي حجّها النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بعد الهجرة (حجّة الإسلام)؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- لم يحجّ بعد الهجرة وفَرض الحجّ إلّا هذه الحجّة، وتُسمّى أيضاً (حجّة الوداع)، كما تُسمّى (حجّة البلاغ والتمام)؛ لأنّ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- بَيَّن فيها مناسك الحجّ بالقول، والفِعل، وبيّن فيها قواعد الإسلام، وقد أنزل الله -تعالى- فيها قوله: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا).
والجدير بالذكر أنّ الله -تعالى- فرضَ الحجّ في أواخر السنة التاسعة من الهجرة، فقرَّرَ النبيّ -عليه الصلاة والسلام- الذهاب إلى البيت الحرام؛ لأداء مناسك الحجّ، فقَدِم إليه عدد كبير من الناس يُريدون الحجّ معه، ثمّ خرج النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ومَن معه مِن المدينة بعد ظهر اليوم الخامس والعشرين من شهر ذي القعدة، ووصلوا إلى ذي الحُليفة؛ فاغتسل النبيّ -عليه الصلاة والسلام- ولَبِس إحرامه، وتوجّه إلى مكّة مُلبِّياً، ونوى بالحجّ والعمرة قارناً بينهما؛ فسار إلى أن وصل إلى مكان قُرب مكّة يُسمّى (ذي طوى)، فبات فيه ليلة الأحد من اليوم الرابع من شهر ذي الحجة، وصلّى فيه الفجر، ثُمّ اغتسل، ودخل مكّة، فلمّا وصل إلى البيت الحرام، بدأ بالطواف، ثُمّ سَعى، ولم يحلّ من إحرامه؛ لأنّه نوى الحجّ قارناً، وساق الهَدْي معه.[١٦] وفي ضحى يوم الخميس الثامن من شهر ذي الحجّة، توجّه النبيّ -عليه الصلاة والسلام- إلى مِنى، فصلّى فيها الظهر، والعصر، والمغرب، والعشاء، وفجر اليوم التاسع، ثمّ مكثَ قليلاً حتى طلعت الشمس، وأقام في نَمِرة، وبعد الزوال قام في الناس خطيباً بخُطبةٍ جامعةٍ ذَكَر فيها أصول الإسلام، وقواعد الدِّين، وصلّى بالناس الظهر والعصر، ثُمّ دخل عرفات، واستقبل القِبلة، وبقي فيها إلى مَغيب الشمس، ثُمّ نزل إلى مُزدلفة، فصلّى فيها المغرب والعشاء بأذان واحدٍ وإقامتَين، ثمّ نام إلى أن أصبح، فنزل إلى مِنى، ورمى فيها جمرة العقبة وهو راكبٌ بسبع حَصيّات كان يُكبّر مع كُلّ واحدة منها،، ثُمّ خطب في الناس، ثُمّ ذهب إلى المَنحر، فنحر ثلاثاً وستّين بُدنة بِيَده، ثُمّ أمر الحلّاق؛ ليحلقَ له رأسه، ثُمّ توجّه إلى الكعبة؛ ليطوف بها طواف الإفاضة، وبعد أن انتهى من ذلك، رجع إلى مِنى، وبات فيها أيّام التشريق، وكان في كُلّ يوم يرمي الجمرات الثلاث بعد الزوال، وفي اليوم الثالث عشر خرج من مِنى، وتوجّه إلى الكعبة، وطاف بها طواف الوداع، وبعدها رجعَ إلى المدينة.