سؤال وجواب

كيف تستقبل شهر محرم الحرام على طريقة أهل البيت (ع) ؟

كيف كان أهل البيت (ع) يستقبلون شهر محرم الحرام؟

بدأ شهر محرم اليوم الاثنين 9 أغسطس 2021 وها نحن نمضي في سنة جديدة قمرية وسنستقبل السنة الهجرية الجديدة عقب حلول شهر محرم وفي هذه المناسبة نسرد لكم كيف كان اهل البيت ع يستقبلون شهر المحرم .

ان مصيبة الحسين (ع) وأبنائه الكرام قد بلغت عنان السماء وبكت لها السموات والارض بالدماء وناحت لها الوحوش والحيتان في لجج الماء وأقامت الملائكة فوق السبع الطباق مأتما ونضبت من اجلها مياه البحار والانهار وسكنت بسببها حركات الفلك الدوار كيف لا وقد اصبح لحم رسول الله اشلاء على التراب وأعضاؤه مفصلة بسيوف اهل البغي فلا قرت العيون بعد ذلك المصاب ولا التذت النفوس بلذيذ الطعام والشراب واعلم ان الشهر شهر حزن اهل البيت وشيعتهم .

وعن الامام الرضا (ع) قال: كان الإمام الكاظم (ع) اذا دخل شهر المحرم لم ير ضاحكا وكان حزنه يغلب عليه حتى يمضي منه عشرة ايام فاذا كان اليوم العاشر كان ذلك اليوم يوم مصيبته وحزنه وبكائه ويقول هذا اليوم الذي قتل فيه الحسين (ع).


وروي عن الامام الصادق (ع) انه اذا هل هلال عاشور اشتد حزنه وعظم بكاؤه على مصاب جده الحسين (ع) والناس يأتون إليه من كل جانب ومكان يعزونه بالحسين (ع) ويبكون وينوحون على مصاب الحسين(ع) فإذا فرغوا من البكاء يقول لهم: ايها الناس اعلموا ان الحسين (ع) حي عند ربه يرزق من حيث يشاء وهو (ع) دائما ينظر الى مكان مصرعه ومن حل فيه من الشهداء وينظر الى زواره والباكين عليه والمقيمين العزاء عليه وهو اعرف بهم وبأسمائهم وأسماء آبائهم وبدرجاتهم ومنازلهم في الجنة وانه ليرى من يبكي عليه فيستغفر له ويسأل جده وأباه وأمه وأخاه ان يستغفروا للباكين عليه والمقيمين عزاؤه ويقول لو يعلم زائري والباكي علي لإنقلب الى اهله مسرورا وما يقوم من مجلسه الا وما عليه ذنب وصار كيوم ولدته امه.

 وعنه عليه السلام قال: لما استشهد الحسين (ع) بكت عليه السموات السبع ومن فيهن من الجن والانس والوحوش والدواب والاشجار والاطيار ومن في الجنة والنار وما لا يرى كل ذلك يبكون على الحسين (ع) ويحزنون لأجله.

فما عذر من هلّ عليه شهر عاشور وتغافل عن هذه المصيبة التي ابكت كل عين؟؟

وعن الامام الصادق (ع) انه قال: اذا هلّ هلال المحرم نشرت الملائكة قميص الحسين (ع) وهو مخضب بالدماء فنراه نحن ومن احبنا نراه بالبصيرة لا بالبصر أي يعيش في مشاعرنا فتحزن لذلك نفوسنا وعندما يأتي هذا الشهر تأتي معه هذه الذكريات الأليمة تأتي معه صور من واقعة الطف وتعود الى الذهن صور مما جرى في واقعة الطف فيكثر الحزن والألم اذا هل على اهل البيت هذا الشهر يعقدون له المأتم فلقد كان الامام الصادق (ع) يجتمع مع شيعته وخاصته ويعقد المأتم ويستدعي بعض الشعراء ويكلفهم ان ينظموا في واقعة الطف القصائد الحزينة ويجلس نساؤه من وراء الستر ويروي المؤرخين لما دخل دعبل الخزاعي على الامام الرضا (ع) وأنشأ قصيدته بينما هو ينشد الشعر على الحسين (ع) وإذا بجارية من وراء الستر وقد خرجت فاندهش الجالسين لانهم لم يعتادوا ذلك من جواري الامام ان يخرجوا امام الناس خرجت تحمل على يديها شيء ودنت من الامام واذا بها تحمل رضيعا على يديها ووضعته بين يدي الامام لما نظر إليه الامام علا نحيبه لأنها ارادت ان تصور له صورة ومشهد من صور الطف وتقرب الى ذهنه شيء مما وقع في كربلاء وهو ذبح الاطفال هذا الطفل اهاج وجد الامام فانتحب انتحابا عاليا وجرت دموعه على خديه وتذكر كلما جرى في هذا الشهر من المصائب .

لقد كان هذا الشهر اذا هل هلاله على بني هاشم من بعد واقعة الطف تتحول بيوتهم الى حزن ولوعة . وقيل بالاخص اذا مر هذا الشهر على الوديعة زينب (ع) فهي التي شاهدت ما جرى فيه من المصائب والمحن اذا مر عليها هذا الشهر تجول بديار بني هاشم من دار الى دار.

  وروي عن الريان ابن شبيب: قال دخلت على الامام الرضا (ع) في اول يوم من المحرم فقال لي يابن شبيب اصائم انت؟ فقلت ان هذا اليوم هو الذي دعا زكريا ربه فقال ربي هب من لدنك ذرية طيبة انك سميع الدعاء فاستجاب الله تعالى وأمر الملائكة فنادت زكريا وهو قائم يصلي في المحراب ان الله يبشرك بيحيى، يا بن شبيب ان المحرم هو الشهر الذي كان اهل الجاهلية يحرمون فيه القتال لحرمته فما عرفت هذه الامة حرمة شهرها ولا حرمة نبيها لقد قتلوا في هذا الشهر ذريته وسبوا نساءه وانتهبوا رحله فلا غفر الله لهم ذلك، يا بن شبيب ان كنت باكيا لشيء فابك الحسين ابن علي ابن ابي طالب (ع) فأنه ذبح كما يذبح الكبش وقتل معه من اهل بيته ثمانية عشر رجلا ما لهم في الارض شبيه ولقد بكت السماء والارض لقتله ولقد نزل الى الارض من الملائكة اربعة آلاف لنصرته فلم يؤذن لهم فهم عند قبره شعث غبر الى ان يقوم القائم (ع) فيكونون من انصاره وشعارهم يالثارات الحسين (ع).

  يا بن شبيب لقد حدثني ابي عن جده (ع) انه قال: لما استشهد جدي الحسين (ع) امطرت السماء دما وترابا احمر، يا بن شبيب ان سرك ان تلقى الله ولا ذنب عليك فزر الحسين(ع)، يا بن شبيب ان سرك ان تسكن الغرف المبنية في الجنة مع النبي (ص) فالعن قاتله (ع) يا بن شبيب ان سرك ان تكون معنا في الدرجات العلى من الجنان فاحزن لحزننا وافرح لفرحنا وعليك بولايتنا فلو ان رجلا احب حجرا لحشره الله معه يوم القيامة.

الامام الخميني (رض): كل ما لدينا هو من شهر محرم الحرام

كان مفجر الثورة الاسلامية في العالم و مؤسس النظام الاسلامي الامام الخميني (رض) يؤكد دوما ضرورة الحفاظ على مكاسب شهر محرم الحرام و يدعو إلى تكريم هذا الشهر الذي قدم فيه قائد أباة الضيم الامام الحسين (ع) أغلى ما لديه: دماؤه الزكية وروحه الطاهرة وابنائه الابرار واصحابه الاوفياء، ومن هنا اطلق كلمته الخالدة: “ان كل ما لدينا، هو من شهر محرم، وأن هذا الشهر وشهر صفر هما سبب الحفاظ على الاسلام و مجالس العزاء فيهما انما هي مدرسة لتبليغ الفكر الاسلامي” .

وبهذه المناسبة نذكر من أقوال الامام الراحل (رض)، حول شهر محرم الحرام بمناسبة حلول هذا الشهر:

1- شهرا محرم وصفر من الاشهر الاسلامية المباركة حيث أنهما ساهما في احياء الاسلام.

2- ان كل ما لدينا هو من شهر محرم الحرام وأن المجالس التي تقام فيه انما هي من بركة استشهاد الامام الحسين (ع) فهذان الشهران حافظا على الاسلام بفضل تضحيات سيد الشهداء (ع) . ويجب أن نحافظ على المآتم التي تقام في هذين الشهرين اذ أن بقاء الدين تم بفضل مراثي و مآتم أهل البيت عليهم السلام .

3- يجب أن نرى ما هو سر بقاء مذهب أهل البيت عليهم السلام وبلاد شيعتهم. يجب أن نحافظ على ذلك السر. وأحد هذه الاسرار الكبيرة: هو سر قضية عاشوراء سيد الشهداء (ع)، التي ضمنت هذا المذهب حيث أن الامام الحسين (ع) ضمن بقاء الاسلام بدمه الطاهر. والبكاء والنحيب عليه حافظ على كيان المذهب ويجب الاستمرار في ذلك.

4- ان مفهوم شعار «كل يوم عاشوراء وكل ارض كربلاء»، هو كبير للغاية، فما الذي صنعته كربلاء؟ وما هو الدور الذي أدته كربلاء في واقعة عاشوراء ؟ يجب أن تصبح كل أرض كربلاء التي شهدت واقعة وقف فيها سيد الشهداء مع ثلة من اصحابه و أهل بيته، أمام ظلم يزيد، و صمدوا بوجه حكمه الظالم وامبراطورية ذلك الزمن، و ضحوا بأنفسهم لينالوا درجة الشهادة، و انهم رفضوا الظلم و الحقوا الهزيمة بيزيد . يجب أن يصبح كل مكان بهذا الشكل ويصبح كل يوم بهذا النوع، و علينا أن نقف أمام الظلم كما وقف هؤلاء في عاشوراء وهنا الآن كربلاء التي يجب أن نؤدي دورها .

5- ان البعد السياسي لهذه المجالس أسمي من كل الابعاد الاخرى، و ليس من قبيل الصدفة أن يقول بعض ائمتنا عليهم السلام: “ارثوني في منابركم” أو “من بكى أو أبكى فله كذا من الثواب والأجر” . فالقضية ليست مسألة بكاء أو تباكي، بل ان القضية هي سياسية كما كان ائمتنا عليهم السلام ينظرون إلىها وأرادوا بذلك تحصين الشعوب من الآفات والانحرافات.

6- ان شعار «كلُّ يومٍ عاشُوراء و كلُّ أَرضٍ كربَلاء» يجب أن تتخذه الدول الاسلامية نبراسا لها، وتنطلق منه الحركات العامة في كل يوم أو أرض . لقد كانت واقعة عاشوراء من أجل اقامة العدل و شاركت فيها فئة قليلة، لكن ايمانها كان كبيرا للغاية، و حبها للمطلق كبير أيضا، لتقف امام الظالمين الذين يقبعون في القصور والمستكبرين الناهبين لأموال الناس، وبالتالي فان الشعار يعني  الوقوف بوجه هؤلاء و يجب اعتماد ذلك نبراسا للحياة في كل يوم وفي كل أرض .

وفي الختام نقول: يجب علينا ان نواسي اهل البيت (ع) في هذا المصاب الذي اهتز العرش لأجله ونذكر ما جرى عليه ونذكر عطشه وعطش اطفاله وعطش ذلك الطفل الرضيع الذي ابو ان يسقوه الماء وقد كاد قلبه ان ينفطر من الظمأ.

                     
السابق
كم عمر عمر الدهماني الحقيقي زوج نجوى كرم ؟
التالي
اكبر نادي وهمي في ليبيا هو …. ؟

اترك تعليقاً