كيف يؤدي المسلم الغاية التي من أجلها خلق ؟ هذا من اهم الأسئلة الدينية التي يجب على كل انسان معرفة اجابتها وتطبيقها بشكل صحيح ، وورد هذا السؤال ضمن المنهج التعليمي الذي يدرسه طلاب المملكة العربية السعودية في مدارسهم ، وأولت السلطات ووزارة التعليم اهتماماً كبيراً لتعليم الطلاب مادة الدين بشكل صحيح ومبسط ، وكما نعرف فإن مخلوقات الله تعالى لا تعد ولا تحصى في هذا الكون الواسع ، فلم يخلق الله اي مخلوق عبثاً ولا لعباً ، ولكن هناك غاية لخلق الانسان حيث يقول الله عزّ وجلّ: (وَما خَلَقنَا السَّماءَ وَالأَرضَ وَما بَينَهُما لاعِبينَ)، ونبّه العباد إلى انتفاء العبث في أفعاله سبحانه؛ فقال: (أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ)،وشاءتْ إرادة المولى -عزّ وجلّ- أنْ يختار الإنسان من سائر مخلوقاته ليكلّفه بمهمّة الاستخلاف في الأرض وفق مراد الله -تعالى- ومنهجه، ولأجل تمكينه من تحقيق هذه المهمّة العظيمة فقد هيأ طبيعته لتكون قادرةً على حمل هذه الأمانة، ويتساءل الكثيرون من البشر عن الهدف من خلقهم، وما مهمّتهم ودورهم في الحياة، وهذا المقال يناقش هذه المسألة من ناحيةٍ شرعيةٍ ، فكيف يؤدي المسلم الغاية التي من أجلها خلق ؟ هذا ما سنتطرق للحديث عنه في هذه الصفحة.
جعل الله -تعالى- الحكمة من خلق جميع البشر واحدةً، وجعلها كذلك متعلّقةً بالدنيا والآخرة، ففي الدنيا استخلفه الله، وجعل غاية الاستخلاف الابتلاء، وموضوع الاستخلاف معرفة الله وعبادته، وجعل العبادة هي العمل وفق منهج الله -سبحانه- الذي أرسل به الرّسل والرّسالات، ومن مقتضيات العبادة أنْ يعلم الإنسان أنّه مملوكٌ لله ربّه، وأنّه صائرٌ إليه؛ فهو ربّ العالمين إليه المرجع والمآب، ومحاسب على ما أُمر به؛ فهو مالك يوم الدين، والعبادة بمفهومها العام كما بيّنها أهل العلم هي: اسمٌ جامعٌ لكلّ ما يُرضي الله تعالى، ولذا فإنّ مهمّة الاستخلاف في الأرض داخلة في معنى العبادة، التي هي غاية الوجود الإنساني.
كيف يؤدي المسلم الغاية التي من أجلها خلق
الجواب : كما جاء في كتاب الله تعالى ” وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ [الذاريات:56-58] ”
فإذا تدبر السائل في هذه الآية الجميلة فأنها تهدينا الى معرفة واكتشاف وجود الله عز وجل وطاعته وحفظ اسماءه ومعرفة صفات كماله والعبادة ، ومن أهم المقاصد التي لأجلها خلق الله الحياة أنْ جعلها محلّاً للامتحان والابتلاء، وميداناً للعمل الذي يترتّب عليه الحساب يوم القيامة، قال الله سبحانه: (الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ)، ومن خلال اختبار الحياة الدنيا تظهر آثار معرفة الإنسان بربّه، وتنكشف درجة إيمانه بأسماء الله وصفاته، واليقين بدلالاتها العظيمة، وأهمّها أنّه -تعالى- غنيٌ عن عباده، وغير محتاجٍ لهم، خلافاً للبشر الذين لا غنى لهم عن الله خالقهم، ويعدّ أهم اختبار للإنسان في الدّنيا هو الامتثال لأمر الله -تعالى- في مسألة التوحيد والعبادة، حيث يقول المولى سبحانه: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) وأقوال المفسرين في هذه الآية تندرج كلّها تحت أمورٍ لا تتعدّى معرفة الله وتوحيده وعبادته سبحانه.