المحتويات
ما معنى الظهار…؟
الظهار بكسر الضاد لغة : مصدر مشتق من الظهر، وقول الرجل لزوجته (أنتِ عليّ كظهر أمي ) ،والظهار شرعاً : هو أن يشبه الرجل زوجته بامرأة محرمة عليه على التأبيد، أو بجزء منها يحرم عليه النظر إليه كالظهر والبطن والفخذ، كأن يقول لها : أنت علي كظهر أمي أو أختي . ويعتبر أحد أصناف الطلاق قبل الإسلام، ويقال كانوا في الجاهلية قبل الإسلام إذا كره أحدهم امرأته، ولم يرد أن تتزوج بغيره آلى منها أو ظاهر، فتبقى لا ذات زوج ولا هي بلا زوج فتتزوج غير زوجها الأول، ويقال ظاهر الرجل زوجته، يقول لها اقسم بأن ظهرك كظهر أمي، أو أنتِ عليَّ كظهر أمي (أي كعلو ظهر أمي كناية عن الجماع)، وهو بالتالي يحرم زوجته على نفسه دون أن يطلقها وقد حرم الإسلام هذه العادة بعد أن اشتكت إحدى النسوة ظهار زوجها لها للنبي محمد ودعائها أمام بيته بأن تنزل آية تحرم الظهار ونزلت سورة المجادلة التي تحرم الظهار بشكل مطلق في الإسلام وإن كان هناك في الإسلام آيات تتيح هجر الفراش لكن لمدة محددة لكن الظهار قد حرم في الإسلام بشكل مطلق.
حكم الظِّهار المؤقّت
الظِّهار المؤقّت؛ هو الظِّهار المحدّد بمدّة زمنيّةٍ معينةٍ، كأن يقول الزوج لزوجته: “أنتِ عليّ كظَهْرِ أمي ليومٍ أو لشهرٍ”، واختلف العلماء فيما يترتّب عليه، وذهبوا في ذلك إلى قولين، بيانهما فيما يأتي:
القول الأول: ذهب جمهور أهل العلم من الحنفيّة، والحنابلة، والشافعيّة إلى القول بجواز التأقيت في الظِّهار، وزوال أثَرِه بانقضاء المدّة المحدّدة، دون ترتّب الكفّارة على الزوج، إلّا أنّ وطأه لها خلال هذه المدّة يُلزِمه الكفّارة، واستدلّوا بما رُوي عن سلمة بن صخر البياضي، أنّه قال: (ظاهَرْتُ مِن امرأتي حتى يَنْسِلَخَ شهرُ رمضانَ، وأَخْبَرَ النبيَّ أنه أصابَ فيه، فأمَرَه بالكفَّارةِ).
القول الثاني: خالف المالكية جمهور أهل العلم؛ فقالوا بأنّ الظهار يقع، ولكنّه يقعُ مؤبّداً؛ فيسقط التأقيت، ويثبت الظّهار، ولا تحلّ الزوجة به إلّا بأداء الكفّارة، إذ اللفظ يُحرّم الزوجة، ولا يُحدّد بمدّةٍ، قياساً على الطلاق.
أركان الظِّهار وشروطه
بيّن العلماء أركان وشروط الظِّهار، فيما يأتي بيانها:
الزوج: ويطلق عليه المُظاهِر، ويشترط فيه أن يكون عاقلاً، بالغاً، مُختاراً، وهي ذات الأمور المشروطة في المُطلِّق ليصحّ وقوع الطلاق منه.
الزوجة: ويُشترط فيها ما يُشترط لوقوع الطلاق عليها، وإن كانت في العدّة من طلاقٍ رجعيٍ، سواءً كان الظِّهار قبل الدخول، أم بعده، ولا يصحّ الظِّهار من الأجنبيّة، كأن يقول الرجل لأجنبيةٍ عنه: “إن تزوّجتكِ فأنتِ عليّ كظَهْرِ أمي”.
الصيغة: والصيغة في الظِّهار إمّا أن تكون صريحةً، أو كنائيةً، ومن أمثلة الألفاظ الصريحة؛ أن يقول الرجل لزوجته: “أنتِ عليّ كظَهْرِ أمي”، أو يقول: “أنتِ معي، أو عندي، أو لي كظَهْرِ أمي”، ومن الألفاظ الصريحة أيضاً؛ قول الرجل لزوجته: “أنتِ عَلَيّ كبَدَن أو جسم أمي”، وكذلك إن ذكر أي جزءٍ من زوجته، كأن يقول: “نِصفُكِ، أو رُبعُكِ”، ومن الصِيغ الكنائيّة؛ أن يقول الرجل لزوجته: “أنتِ عَلَيّ كرُوح أمي، أو رأسها”؛ فحينئذٍ يُنظر في نيّته؛ فإن أراد الظِّهار وقع ظِهارُه، وإن أراد غير ذلك لم يقع، باعتبار الألفاظ الكنائيّة تُفيد الظِّهار، وغيره، كما قد تُستخدم في العُرف لغير الظِّهار، فكان لازماً تحديد النيّة.
المُشبّه به: وهو الطرف الذي يقع عليه تشبيه الزوجة به؛ كالأمّ، وغيرها من النساء المحرّمات على الزوج حُرمةً مؤبّدةً، سواءً كان سبب التحريم النسب، أو المُصاهرة، أو الرِّضاعة، ويستثنى من ذلك مَن كنَّ حلالاً للزوج في وقتٍ ما قبل التحريم، مثل: زوجة الابن، والمُرضِعَة.
الآثار المترتّبة على الظِّهار
تترتّب عدّة آثارٍ على الظِّهار بتحقّق شروطه، فيما يأتي بيانها
تحريم استمتاع الرجل بزوجته بسبب الظِّهار
يُحرّم على الرجل الاستمتاع بزوجته بسبب الظِّهار، قبل أداء الكفّارة المترتّبة عليه، سواءً كان الاستمتاع بالوطء، أو بمقدّماته؛ مثل: اللمس، أو التقبيل، أو المباشرة دون الوطء، وعلى ذلك أجمع العلماء، استدلالاً بقول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِن نِّسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِّن قَبْلِ أَن يَتَمَاسَّا ذَلِكُمْ تُوعَظُونَ بِهِ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)،[١١] ولِما ورد في السنّة النبويّة أنّ رجلاً ظاهر امرأته، ثمّ جامعها قبل أن يكفّر عن مظاهرته لها، فأعلم النبي بذلك، فأمره بالاستغفار، وعدم العودة إلى ذلك الفعل حتى يكفّر عن مظاهرته لامرأته؛ يدلّ ذلك على حُرمة الوطء بعد الظِّهار قبل التكفير عنه، ووجوب الاستغفار عن الظِّهار؛ ممّا يدلّ على أنّه ذنبٌ محرّم الارتكاب، كما أنّ مُطلق النهي يدلّ على تحريم الأمر المنهي عنه؛ أي تحريم العودة إلى الوطء بعد الظهار، دون التكفير عنه.