المحتويات
حدد بعض مجالات الوسطيه والاعتدال فى الاسلام
يعتبر ديننا الإسلامي ديناً وسطياً ومعتدل ، حيث يمكننا الإستدلال على ذلك من خلال العقائد والمبادئ والأصول العلمية والأخلاق والعبادات والشرائع والأحكام التي جاءت في الشريعة الإسلامية ، وبهذا فإن الإسلام متصفاً بالاعتدال والوسطيَّة فهي سمةٌ بارزةٌ لكلِّ ما له علاقةٌ بدين الإسلام، وجاء في العديد من الآيات وَصف الإسلام بالصِّراط المُستقيم، كما في قوله -تعالى-: (وَأَنَّ هـذا صِراطي مُستَقيمًا فَاتَّبِعوهُ وَلا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُم عَن سَبيلِهِ ذلِكُم وَصّاكُم بِهِ لَعَلَّكُم تَتَّقونَ)، وطَلب العباد من الله -تعالى- أن يُيسِّر لهم الهداية للصِّراط المستقيم، كما في قوله تعالى: (اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، ومن هنا نستنتج أن الاسلام له مجالات عديدة استخدم فيها الوسطية والاعتدال نذكر لكم بعضها .
حدد بعض مجالات الوسطيه والاعتدال فى الاسلام فسر اجابتك
الوسطية من مميزات أمة الرسالة، فهي التي تؤهلها لأداء الشهادة على الآخرين وأن يشهد لها رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال تعالى: { وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيداً }(1) وهي حالة محمودة وخاصية أساسية من خصائص هذا الدين عقيدة وشريعة ونظاما خلقيا واجتماعيا وسياسيا وحضاريا ، ترتبط وتترجم خاصية أخرى هي خاصية التوازن وعدم الميل إلى إحدى طرفي المعادلة أي الإفراط أو التفريط.
وإذا كان التاريخ الإسلامي قد شهد حالات من الغلو أو الإفراط أو التفريط. فإن أمر الأمة في غالبه قد استقر على التوسط في جميع مجالات الحياة العقدية والفقهية والفكرية والسلوكية والسياسية وفي العلاقة بغير المسلمين، وكانت تلك إحدى مهام العلماء المجتهدين والأئمة المجددين والمتمثلة في نفي انتحال المبطلين وتأويل الجاهلين وغلو الغالين.
والوسطية اليوم هي تيار يسري في الجسد الفكري والثقافي للأمة العربية الإسلامية يستنهض العزم ويقاوم أشكال الاستكانة إلى حال التخلف والجمود في جميع مجالات الحياة كلها. إنها تيار يستلهم الطبيعة الأصلية للأمة العربية كما يعبر عنها تاريخها، يقوم على إحياء الفهم الصحيح للدين وأحكامه ونظامه، ويسعى إلى تجديد معانيه في عقول ونفوس وواقع المسلمين، موصولا في ذلك بما أقرته أصول الإسلام ومصادره الأساسية، وبما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم والصحابة رضوان الله عليهم والسلف الصالح والمجددون الذين توالوا عبر الأجيال.
وهي تيار يسعى أن يقدم الإسلام ويدعو إليه في صفائه و نقائه، وتوازنه واعتداله، ويحرره مما علق به من بعض مظاهر الغلو التي ألصقها به بعض المتنطعين والمتسرعين ممن بضاعتهم في الدين وعلومه مزجاة، وخبرتهم بسنن التغيير ضعيفة، فأفسدوا من حيث أرادوا الإصلاح، وأساءوا من حيث ظنوا أنهم يحسنون صنعا.
إنها تيار يسعى أن يقدم الإسلام في حقيقته ونصاعته وثوابته ومحكماته بعيدا عن تأويلات مغرضة تريد أن تجعله مسايرا للأهواء قابلا لكل انحراف متخففا من كل التزام، مقرا بكل تفريط وتسيب تحت دعوى التسامح والاعتدال، بينما الاعتدال والوسطية في الحقيقة استقامة على ما جاء به القرآن وما أقرته السنة الصحيحة ولو جاء على خلاف الأهواء. فالوسطية هي الصراط المستقيم الذي لا عوج فيه ولا روغان، ولا مداهنة أو تملق للانحرافات التي وقعت في تاريخ الأديان أو عند المتدينين سواء من أهل الإسلام أو من لدن من انحرفوا وحرفوا ما جاء به الأنبياء الذين سبقوا بعثة محمد صلى الله عليه وسلم.
ولذلك كان أهم دعاء يتكرر مع كل ركعة من الصلوات المكتوبة أو في النوافل هو الدعاء الوارد في فاتحة الكتاب حيث أمرنا أن نتلو قوله تعالى: {اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ صِرَاطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ}(2). وإذا كان مصطلح الوسطية مصطلحا حديث الاستعمال وقليل الشيوع في كتب الفقه واللغة والأدب القديمة، فإن معناه موجود فيها، كما توجد مصطلحات أخرى قريبة منه تؤدي معناه مثل العدل والاعتدال والقسط والقصد والرفق والوزن ونحوها.
وتسعى هذه الرسالة إلى بسط هذه الخاصية واستجلاء معانيها، وبيان مجالاتها وتطبيقاتها وبيان ضوابطها، من خلال تمييزها عن الدلالة السياسية الشائعة للوسطية، والدلالة التي تجعل منها تساهلا وتسيبا وتفريطا وحلولا وسطى مع المنكرات.
فإذا كانت من خصائص الوسطية التوسط بين طرفين فإنه ليس لازما أن يكون كل توسط دليلا على الوسطية كما سيتبين من خلال استقراء معنى الوسطية، في القرآن والسنة.
ولقد استعنا في تحريرها بعدة دراسات وخلاصات لندوات ومؤتمرات عدة تناولت المفهوم نذكر منها على الأخص بحوث مؤتمر الوسطية المنعقد بعمان بالأردن في منتصف سنة 2004، والفضل فيها لأصحابها وليس لنا فيها سوى جهد المقل القائم على التجميع والتلخيص والتعليق والتبويب.
مجالات ومظاهر الوسطية والاعتدال في الإسلام
وسطية الإسلام في الاعتقاد
إنّ عقيدة الإسلام وما يجب الإيمان فيه وسطيٌّ، وتتضمّن العقيدة الإسلاميَّة الإيمان بأنَّ للكون خالقاً أزليَّاً أبدياً واحداً لا شريك له، بينما نجد من يؤمن بأكثر من خالقٍ وبآلهةٍ متعدِّدةٍ، ويشركون بها الإيمان بالله -تعالى-، أو يؤمنون بأوثانهم وآلهتهم من دون الإيمان بالله -عزَّ وجل-؛ فيقومون بتَقديسها، وتوجيه كلِّ صور العبوديَّة لها من دون الله -تعالى-، لتختلط عندهم الفِطرة السَّويَّة بالإيمان بوجود خالقٍ بالباطل الذي يدَّعي تَعدُّد الآلهة، ونَجد على كذلك الذين يَجحدون بوجود الخالق، ويؤمنون بأزليَّة المادَّة، وأنَّ كلَّ ما على الأرض من مظاهرٍ بما فيها الحياة ووجود الإنسان هي مَحضُ صُدفةٍ، نتجت عن الحركة الدَّائمة للمادَّة وتطورها، فينفون فيرال الإله تماماً، ومنهم مَن يُعدِّد وجود الآلهة، وفي المقابل نجد الإسلام في عقيدته المُتمثِّلة بوجود خالقٍ للكون، ولكنَّه واحد، ليحتل الإسلام مَكاناً مُنفرداً في المُنتصف بين هذين التَّطرُّفين السابقين -من يُعدّد الآلهة ومن ينكر وجود إله-.
وسطية الإسلام في العبادات والشعائر
إنَّ المجتمع في طَبيعته وبأيِّ مكانٍ لابدُّ أن يحتوي على أطيافٍ متعدِّدةٍ ومُتنوِّعة، من الصَّغير، والكبير، والهَرِم، وسليم الجِسم، والمريض، لذا جاءت العبادات والشَّعائر وسطيَّةً مُعتدلةً، بحيث يستطيع النَّاس وبتنوِّع أحوالهم أدائها، حتَّى تبرأ ذمَّتهم أمام خَالقهم، ولو جُعلت العبادة بحسب حال أقوى شخصٍ لم يَستطع الضَّعيف أداءها، لذا أخذت الشَّريعة الإسلاميَّة بعين الاعتبار اختلاف الأحوال بين البشر واختلاف طاقاتهم وقدراتهم عند تَشريعها لأيِّ عبادةٍ من العبادات، أو شَعيرةٍ من الشَّعائر، ومن هذا الباب شُرِع التَّخفيف على المَأمومين في الصَّلاة، والاعتدال في قيام اللَّيل، وتَعجيل الفطور في الصَّوم، وتأخير السُّحور، وتحَريم الوصال في الصَّوم، وتَحريم صيام الدَّهر كلِّه، وحرَّم الإسلام الإسراف في النَّفقة، وشُرِعت الزَّكاة بحيث يَتمُّ إخراجها من وسط المال، والحَث على التَّوسُّط في الصَّدقة المَندوبة، وحَصر الوصيَّة في ثُلث المال فقط، وكلُّ هذا التَّشريعات تدلُّ على وسطيَّة الإسلام واعتداله، ليتمكَّن جميع النَّاس من أداء حقوق الله -تعالى-
وسطية الإسلام في الأخلاق
يَمتاز الإسلام بموقعة الوسطيِّ أيضاً في نِطاق الأخلاق وكيفيَّة التَّعامل معها وتعريفها التَّعريف الصَّحيح، فالإسلام لا يتعامل مع الإنسان على أنَّه مثاليُّ وملائكيُّ كما فعل بعض الغُلاة، وأرهقوا الإنسان بقيمٍ خياليَّةٍ لا يمكن الوصول إليها، لكنَّه أيضاً لا يأخذ بقول غلاة الواقعييِّن الذين عَدُّوا الإنسانَ حيواناً من الحيونات، وقَبلوا له من السلوكيات ما لا يليق به، فجاء الإسلام بين هذا وذاك، وأعلن عقيدته الوسطيَّة تجاه الأخلاق والإنسان؛ ليبيِّن أنَّ الإنسان مَخلوقٌ مُركَّب، فيه عقلٌ وإرادة، وفيه شَهوةٌ وضعف، وفيه غرائز، وفيه روحانيَّة الملائكة، وأنَّ الله -تعالى -أرشده للسَّبيلين؛ سَبيل الهداية وسبيل الضَّلال، وترك له حريَّة الاختيار، ليتمَّ بعدها مُحاسبته على اختياره الحُرِّ يوم القيامة.