حسبنا الله ونعم الوكيل على كل ظالم
قال تعالى: {إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ وَيَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ أُوْلَئِكَ لَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ} ، إختص الله عز وجل الظالمين في هذه الآية ليحذرهم من عواقب ظلمهم ، آية أنزلها الله تعالى وقد تناساها أكثر الناس ، فلم يتدبرها إلا القليل ممن يخافون الله تعالى ولا يسعهم الضمير الحي أن يظلموا الآخرين ، وقد حذر الله تبارك وتعالى الناس من الظلم وأن العذاب الأليم هو مأوى الظالمين الأخير!
فمن ذا الذي يتعظ ويخاف من هذا الوعيد؟! وكم شخصاً منا يخشى أن يجحف حق أخاه المسلم؟!
إنه من يتقِ الله ويخشى عذابه….
يُعرّف الظلم بأنه وضع الشيء في غير موضعه، وهو أيضاً عبارة عن التعدي عن الحق إلى الباطل وفيه نوع من الجور؛ إذ هو انحراف عن العدل، وقد حذّر رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ من الظلم فقال: «إن الله ليملي للظالم، حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ)، فهل بعد هذا الحديث من يقوى عاقبة الظلم؟!
مظلوماً يبكي…
يتيماً وقد سُرق حقه!!
دمعة قد أسالها من لا يخاف الله!
فقيراً أُسيئت معاملته…
والأمثلة كثيرة وللظلم أنواع ولكن!!! مالك الملك واحدٌ أحد!
فردٌ صمد!!!
لم يلد ولم يولد!
ولم يكن له كفواً أحد!
سمى نفسه المنتقم!
وشديد العقاب!
أفلم تعلم بأنه المنتصر؟!
وألم يأن لك بأن تقرأ سورة إبراهيم؟!
وتقع عيناك على قوله الكريم ” وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ “…
تذكر من ظلمت!
ومن خذلت!
ولكن لا تنسى…
بأن ملكك أو منصبك قد يزولان لا محالة…
أتعرف كيف؟
بمجرد دعوة ترسل للسماء…
اختصارها “حسبنا الله ونعم الوكيل”!
“حسبنا الله ونعم الوكيل…..”
“حسبنا الله ونعم الوكيل….. ”
أكفٌ تتضرع لله بأن يكشف عنها الظلم…
فيقول الله عز وجل: «وعزَّتي وجلالي لأنصُرنَّكِ ولو بعد حين» ، ولا ننسى ما قال الحكماء في الظالم وتحذيره : «اذكر عند الظلم عدل الله فيك، وعند القدرة قدرة الله عليك، لا يعجبك رَحْبُ الذراعين سفَّاكُ الدماء، فإن له قاتلاً لا يموت».
فدعوة المظلوم يهتز لها عرش الرحمن…
فلا تتمادى في ظلمك!
فالله تعالى يدافع عن المظلومين…
فهو حاميهم…
وناصرهم…
وملك الموت لايستأذن أحداً…
فانظر إلى حالك تموت ظالماً!
فيستقبلك العذاب الأليم…
الظلم لا مكان محدداً له فهو واقعٌ في كل الأماكن والأزمنة…
متعدد الصور والأشكال..
ونتيجته واحدة!
وهي ألم في قلب المظلوم!
قد تجد الظلم في الحياة الخاصة!
وقد يكون في مجال العمل…
وقد تجده في محل آخر…
والظالم بطبيعة الحال لايشعر بغيره…
ولا يراعي نفسية من ظلمه!
وسوف ينسى مافعل!
ولكن الله لا ينسى…
قال أبو الدرداء رضي الله عنه: «إياك ودمعة اليتيم، ودعوة المظلوم، فإنها تسري بالليل والناس نيام».
هل فكر كل ظالم بحاله عندما يلقى الله عز وجل؟
كيف سيقف بين يدي الله!!؟
هنا أتذكر ماقرأته بأن علي بن الفضيل قد بكى يوماً، فقيل له: ما يبكيك؟ قال: أبكي على من ظلمني إذا وقف غداً بين يدي الله تعالى ولم تكن له حجة.
كل ظالم وله يوم!
وكما تدين تدان!
وحوبة المظلوم قوية…
والله عز وجل حذّر من الظلم فقال في الحديث القدسي: “يا عبادي: إني حرّمت الظلم على نفسي، وجعـلته بيـنكم محرّماً، فلا تـظـالـمـوا”!
هناك من غرّه منصبه وجاهه…
فظن أن منصبه خالداً له..
فلم يترك أحداً إلا وظلمه…
وجحد حقه وسرقه…
متناسياً أن الله يسمع ويرى!
وغير مدرك بأنه من طال عدوانه زال سلطانه..
فقد كان يزيد بن حاتم يقول: «ما هِبْتُ شيئاً قط هيبتي من رجل ظلمته، وأنا أعلم أن لا ناصر له إلا الله، فيقول: حسبي الله، الله بيني وبينك».
أرجع الحق لأصحابه واعتذر ممن أسأت له، اندم على ما فعلت، فالله عز وجل واسع المغفرة ولا تكن قاسي القلب، فتستمر في الظلم، فالظلم ظلمات يوم القيامة ومن ظلم فقد استحق غضب الله { وَمَا ظَلَمَهُمُ اللَّهُ وَلَكِن كَانُواْ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }..