المحتويات
اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة؟
اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة؟ يعتبر سقيفة بني ساعدة أو حادثة السقيفة هو المكان الذي اجتمع فيه الأنصار في 12 ربيع الأوَّل سنة 11هـ، المُوافق فيه 7 يونيو سنة 632م بعد وفاة النبي محمد مباشرةً، للتشاور لبيعة أميرًا للمسلمين، فاختاروا في البداية سعد بن عبادة، ثم وصل أبو بكر وعمر بن الخطاب وأبو عبيدة بن الجراح إلى السقيفة، وانتهى الأمر إلى بيعة أبي بكر الصديق.
لماذا لم يحدّد رسول الله صلى الله عليه وسلّم الخليفة؟
هذا الحراك السّياسي العاجل بعد وفاة النبيّ صلّى الله عليه وسلّم يدلّ على أمور عدّة من أهمّها:
أولًا: أنَّ رسول الله صلّى الله عليه وسلّم لم يستخلف أحدًا بعده، بل جعل الخلافة أمرًا متاحًا للنّاس ليختاروا هم مَن يحكمهم، فلم يحدّد طريقةً أو شكلًا لاختيار الحاكم، بل جعل الأمر خاضعًا لإرادة النّاس واحتياجات الواقع المتغيّر.
ثانيًا: أنّ هذا الحراك العاجل يدلّ على أنَّ المجتمع يملك درجةً عاليةً من الوعي السّياسي، وهو نتاج التربيّة النبويّة، وهذا يحمّل القيادات السّياسيّة مسؤوليّة تعميم الوعي السّياسي في الأوساط التي يحكمونها أو يديرونها.
ثالثًا: مسارعةُ الصّحابة لبحث قضيّة الحكم تدلّ على إدراكهم خطورةَ أن تعيش الأمّة فراغًا وشغورًا في منصب الحاكم والقائد، وهذا ليس متعلّقًا بالتّنافس على الحكم كما يحلو للبعض أن يصوّره بل هو علامة إدراك لأهميّة القضيّة والحرص على إبحار السّفينة بسلاسة في ظلّ العاصفة الهوجاء التي أحدَثَتها وفاة رسول الله صلّى الله عليه وسلّم.
كان اجتماع المسلمين في سقيفة بني ساعدة بعد وفاة؟
بعد وفاة النبي في 12 ربيع الأوَّل سنة 11هـ .
اين تقع سقيفة بني ساعدة
تقع سقيفة بني ساعدة في الجهة الشمالية الغربية من المسجد النبوي بين مساكن قبيلة بني ساعدة الخزرجية، وكانت السقيفة داخل مزرعة تتخللها بيوت متفرقة حيث تسكن قبيلة بني ساعدة داخل البساتين المتجاورة، وقد كانت سقيفة بني ساعدة كبيرة بحيث اجتمع فيها عدد كبير من الأنصار، وأمامها رحبة واسعة تتسع لهذا العدد إن ضاقت عنهم السقيفة نفسها، وكان بقربها بئر لبني ساعدة. وتحولت هذه السقيفة فيما بعد إلى مبنى، تغيرت أشكاله عبر العصور، وهو الآن حديقة تطل مباشرة على السور الغربي للمسجد النبوي.
قصة سقيفة بني ساعدة
في ذات يوم وفاة النبي في 12 ربيع الأوَّل سنة 11هـ، المُوافق فيه 7 يونيو سنة 632م، اجتمع نفر من الأنصار في سقيفة(1) بني ساعدة، وهو مكان من عريش يُستظل بها الناس من الشمس، وهي الدار التي اعتادوا أن يعقدوا فيها اجتماعاتهم ومجالسهم، وتعود لبني ساعدة. فاجتمع الأنصار أوسهم وخزرجهم لاختيار أميرٍ من بينهم، واتفق الأنصار على مُبايعة سعد بن عبادة الخزرجي، فأجلسوه وعصبوه بعصابة وثنوا له وسادة. بينما كان علي بن أبي طالب والزبير بن العوام وطلحة بن عبيد الله في بيت فاطمة. وكان المهاجرون مجتمعين عند أبي بكر حين خطب فيهم بعد وفاة النبي، كما كان النبي قد استخلفه على إمامة صلاة المسلمين عند مرضه.
فقال عمر لأبي بكر: يا أبا بكر انطلق بنا إلى إخواننا من الأنصار، فخرجوا، فبينما هم في الطريق لقوا رجلين من الأنصار، وهما: عويم بن ساعدة ومعن بن عدي أخو بني العجلان. فأخبروهم بما حدث في السقيفة من اجتماع الأنصار على سعد بن عبادة، فانطلقوا حتى وصلوا إلى سقيفة بني ساعدة، فلما جلسوا قام خطيب الأنصار، فأثنى على الله وقال: «أما بعد، فنحن أنصار الله وكتيبة الإسلام، وأنتم يا معشر المهاجرين رهط نبينا، وقد دفت دافة منكم تريدون أن تختزلونا من أصلنا، وتحصنونا من الأمر.»
فلما سكت أراد عمر بن الخطاب أن يتكلم، وكان قد أعدّ في نفسه خطابًا يريد أن يُلقيه، فأشار إليه أبو بكر أن ينتظر، ثم قام أبو بكر فقال: «أما بعد فما ذكرتم من خير فأنتم أهله، وما تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش، هم أوسط العرب نسبًا ودارًا، وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين أيهما شئتم». وأخذ بيدي عمر بن الخطاب وأبي عبيدة بن الجراح، يقول عمر: «فلم أكره مما قال غيرها، كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقربني ذلك إلى إثم أحب إلي أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر، إلا أن تغير نفسي عند الموت».
فقال قائل من الأنصار يقال أنه الحباب بن المنذر: «أنا جُذَيلُها المُحَكَّك، وعُذيقُها المُرَجَّب. منا أمير، ومنكم أمير». فكثر اللغط، وارتفعت الأصوات، فقال: يا معشر الأنصار ألستم تعلمون أن رسول الله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس، فأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر، فقالت الأنصار: نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر. فقال عمر: أبسط يدك يا أبا بكر، فبسط يده فبايعته، وبايعه المهاجرون، ثم بايعه الأنصار. ونزونا على سعد بن عبادة فقال قائل منهم: قتلتم سعدا. أي «خذلتموه». وفي رواية قال عمر: «يا معشر المسلمين إن أولى الناس بأمر النبي الله ثاني اثنين إذ هما في الغار، وأبو بكر السباق المسن»، ثم أخذ بيده وبادر رجل من الأنصار وهو بشير بن سعد بن ثعلبة، فضرب على يده قبل أن يضرب عمر على يده، ثم ضرب على يده وتبايع الناس.
وفي رواية عن أبي سعيد الخدري قال: قبض رسول الله واجتمع الناس في دار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قال: فقام خطيب الأنصار فقال: أتعلمون أن رسول الله كان من المهاجرين، وخليفته من المهاجرين، ونحن كنا أنصار رسول الله، ونحن أنصار خليفته كما كنا أنصاره. فقام عمر بن الخطاب فقال: صدق قائلكم!أما لو قلتم على غير هذا لم نبايعكم، وأخذ بيد أبي بكر وقال: هذا صاحبكم فبايعوه، فبايعه عمر، وبايعه المهاجرون والأنصار.
وقد أورد الإمام أحمد بن حنبل رواية حول مبايعته كالتالي: «توفي رسول الله ﷺ وأبو بكر في طائفة من المدينة قال: فجاء فكشف عن وجهه فقبله وقال: “فداك أبي وأمي، ما أطيبك حياً وميتاً مات محمد ورب الكعبة” – وفيه – فانطلق أبو بكر وعمر يتقاودان حتى أتوهم فتكلم أبو بكر فلم يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله ﷺ من شأنهم إلا ذكره وقال: ” لقد علمتم أن رسول الله ﷺ قال: “لو سلك الناس وادياً، وسلكت الأنصار وادياً، سلكت وادي الأنصار، ولقد علمت يا سعد أن رسول الله ﷺ قال وأنت قاعد: “قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم تبع لفاجرهم”، فقال له سعد: “صدقت نحن الوزراء وأنتم الأمراء”».
ويؤكد علي الصلابي أن سعد بن عبادة بايع أبا بكر وعمر وبقى على العهد حتى مات وقال: «ثبت بيعة سعد بن عبادة، وبها يتحقق إجماع الأنصار على بيعة الخليفة أبي بكر، ولا يعود أي معنى للترويج لرواية باطلة، بل سيكون ذلك متناقضاً للواقع واتهاماً خطيرًا، أن ينسب لسيد الأنصار العمل على شق عصا المسلمين، والتنكر لكل ما قدمه من نصرة وجهاد وإيثار للمهاجرين، والطعن بإسلامه من خلال ما ينسب إليه من قول: لا أبايعكم حتى أرميكم بما في كنانتي، وأخضب سنان رمحي، وأضرب بسيفي، فكان لا يصلي بصلاتهم ولا يجمع بجامعتهم، ولا يقضي بقضائهم، ولا يفيض بإفاضتهم أي: في الحج. إن هذه الرواية التي استغلت للطعن بوحدة المهاجرين والأنصار وصدق أخوتهم، ما هي إلا رواية باطلة للأسباب التالية: أن الراوي صاحب هوى وهو «إخباري تالف لا يوثق به» ولا سيما في المسائل الخلافية. قال الذهبي عن هذه الرواية: وإسنادها كما ترى؛ أي: في غاية الضعف أما متنها فهو يناقض سيرة سعد بن عبادة، وما في عنقه من بيعة على السمع والطاعة، ولما روي عنه من فضائل أبي بكر الصديق.».
ثم خطب أبو بكر معتذراً من قبول الخلافة فقال: «والله ما كنت حريصاً على الإمارة يوماً ولا ليلةً قط، ولا كنت فيها راغباً، ولا سألتها الله عز وجل في سر وعلانية، ولكني أشفقت من الفتنة، وما لي في الإمارة من راحة، ولكن قلدت أمراً عظيماً ما لي به من طاقة ولا يد إلا بتقوية الله عز وجل، ولوددت أن أقوى الناس عليها مكاني». وقد ثبت أنه قال: «وددت أني يوم سقيفة بني ساعدة كنت قذفت الأمر في عنق أحد الرجلين: أبي عبيدة أو عمر، فكان أميرَ المؤمنين وكنت وزيراً»، كما قال: «أيها الناس، هذا أمركم إليكم تولوا من أحببتم على ذلك، وأكون كأحدكم»، فأجابه الناس: رضينا بك قسماً وحظاً، وأنت ثاني اثنين مع رسول الله ﷺ.[26] وقد قام باستبراء نفوس المسلمين من أي معارضة لخلافته، واستحلفهم على ذلك فقال: «أيها الناس، أذكركم الله أيما رجل ندم على بيعتي لما قام على رجليه»، فقام علي بن أبي طالب ومعه السيف، فدنا منه حتى وضع رجلاً على عتبة المنبر والأخرى على الحصى وقال: «والله لا نقيلك ولا نستقيلك، قدمك رسول الله فمن ذا يؤخرك؟».
إتمام بيعة أبي بكر
فلما كان صبيحة يوم الثلاثاء في 13 ربيع الأوَّل سنة 11هـ، المُوافق فيه 8 يونيو سنة 632م اجتمع الناس في المسجد، فتممت البيعة من المهاجرين والأنصار قاطبة، وجلس أبو بكر على المنبر، وقام عمر فتكلم قبل أبي بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله ثم قال: أيها الناس إني قد كنت قلت لكم بالأمس مقالة ما كانت إلا عن رأيي وما وجدتها في كتاب الله، ولا كانت عهدا عهدها إلي رسول الله، ولكني كنت أرى أن رسول الله سيدبر أمرنا يقول: يكون آخرنا وإن الله قد أبقى فيكم كتابه الذي هدى به رسول الله، فإن اعتصمتم به هداكم الله لما كان هداه الله له، وأن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله وثاني اثنين إذ هما في الغار، فقوموا فبايعوه، فبايع الناس أبا بكر بيعة العامة بعد بيعة السقيفة.
ثم تكلم أبو بكر، فحمد الله وأثنى عليه بما هو أهله، ثم قال:
|
أما بعد أيها الناس، فإني قد وُليت عليكم ولست بخيركم، فإن أحسنت فأعينوني، وإن أسأت فقوموني، الصدق أمانة والكذب خيانة، والضعيف فيكم قوي عندي حتى أرجع عليه حقه إن شاء الله، والقوي فيكم ضعيف عندي حتى آخذ الحق منه إن شاء الله، لا يدع قوم الجهاد في سبيل الله إلا خذلهم الله بالذل، ولا تشيع الفاحشة في قوم إلا عمهم الله بالبلاء، أطيعوني ما أطعت الله ورسوله، فإذا عصيت الله ورسوله فلا طاعة لي عليكم، قوموا إلى صلاتكم يرحمكم الله. |