نقدم لكم أعزائي الطلاب والطالبات الاجابات النموذجية على أسئلتكم عبر موقع فيرال الذي يتيح لكم سهولة الوصول لجميع استفساراتكم وأسئلتكم.
ما حكم الاستهزاء بالدين
يعرف الاستهزاء بأنه الاستخفاف أو السخرية من الشيء، أو من الشخص، وهو يقسّم إلى استهزاء يؤدي إلى الكفر، ومنه ما يؤدي إلى الفسق، وكلاهما خطير، وما ينبغي أن يرتكبه الإنسان.
فمن يستهزئ بالله سبحانه وتعالى، أو بكلامه، أو بصفاته، أو يستهزئ بالرسول، عليه الصلاة والسلام، أو بصفاته، فهو بإجماع العلماء كافر، لأن الله تعالى يقول: «ولئن سألتهم ليقولنّ إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون، لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم» .
انظر كيف أن الآيتين بيّنتا الحكم في هذه المسألة بكل جلاء، والمسألة لا تحتمل التأويل طالما القصد السخرية.
أما إذا كان يسخر من أشخاص غير الرسل، أو يسخر من أفعال فلان، وأقوال علاّن، فهذا لا يؤدي إلى الكفر بل إلى الفسق، وقد بيّن الله ذلك في قوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا لا يسخر قومّ من قوم عسى أن يكونوا خيراً منهم، ولا نساء من نساء عسى أن يكنّ خيراً منهن» .
ومما ينبغي أن يتنبه إليه أن بعضهم يسخر من المتديّن بشكل عام، وهذه السخرية يمكن أن تؤدي إلى الكفر، ويمكن أن تؤدي إلى الفسق، لأنه قد يسخر منه استخفافاً بالدين الذي هو يتبعه، وقد يسخر منه كشخص.
خلاصة القول أن الاستهزاء بالدين مباشرة، أو الاستهزاء برمز من رموز هذا الدين، يؤدي إلى الكفر، وقد قال ابن حزم: «صح بالنص أن كل من استهزأ بالله، أو بملك من الملائكة، أو بنبي من الأنبياء عليهم السلام، أو بآية من القرآن، أو بفريضة من فرائض الدين، فهي كلها آيات الله بعد بلوغ الحُجة إليه، فهو كافر» .
وإذا قال المستهزئ: لم أكن أقصد منه الانتقاص، بل أردت أن أضحك القوم لأغير عليهم الجو الكئيب الذي رأيتهم فيه.
إذا قال مثل هذا فهو ما أجابت عنه الآية الكريمة: «إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون، وإذا مروا بهم يتغامزون، وإذا انقلبوا إلى أهلهم انقلبوا فكهين، وإذا رأوهم قالوا إن هؤلاء لضالون وما أرسلوا عليهم حافظين» .
هكذا إذن، المستهزئ من المنافقين الذين هم في الدرك الأسفل من النار يوم القيامة.
يقول القاضي عياض المالكي: «اعلم وفقنا الله وإياك أن جميع من سبّ النبي صلى الله عليه وسلم، أو عابه، أو ألحق به نقصاً في نفسه، أو نسبه، أو دينه، أو خصلة من خصاله، أو عرّض به، أو شبّهه بشيء على طريق السبّ له، أو الازدراء عليه، أو التصغير لشأنه، والعيب له فهو سابّ له، وقد ذكر غير واحد الإجماع على قتله وتكفيره» .
وبالمناسبة، فإن من جالس الذين يستهزئون بالدين وسكت عنهم فهو منهم، لأنه رضي بذلك المنكر، وكان الواجب أن يغادرهم، ففي القرآن: «وقد نزّل عليكم في الكتاب أن إذا سمعتم آيات الله يُكفر بها ويستهزأ بها فلا تقعدوا معهم حتى يخوضوا في حديث غيره، إنكم إذاً مثلهم إن الله جامع المنافقين والكافرين في جهنم جميعاً».