ماذا يحدث في لبنان الان
تفاصيل اخر اخبار لبنان عاجل اليوم ١٤/١٠/٢٠٢١
قد تكون هذه المؤامرة الجديدة على لبنان هي بداية التحضير الحقيقي لتهيئة المنطقة لواقع جيوسياسي جديد، فلبنان لمن لا يعرف ذلك، يتنازع ومنذ مدة مع اسرائيل على احقية امتلاك البلوك رقم 9 الذي يحتوي على مخزون كبير من الغاز وبدأ هذا النزاع عندما اتهمت لبنان اسرائيل بسرقة مخزونها الطبيعي من الغاز الذي تكتنزة منطقة البلوك رقم 9 المتنازعة على ملكيته كون الحدود البحرية بين لبنان واسرائيل غير مرسمة بحكم عدم وجود اي معاهده بين البلدين، وكانت لبنان قد اتهمت اسرائيل في السابق بانها تنتهج تقنية الحفر الافقي بغية سرقة الغاز اللبناني الموجود في المنطقة البحرية القريبة من حقل ليفانت الاسرائيلي ، وفور نشوب هذا النزاع سارعت الولايات المتحدة الامريكية بالتدخل لدى الطبقة الحاكمة في لبنان بغية اغلاق هذا الملف بذريعة حماية المصالح الاقتصادية لشركة ايكسون موبيل عملاق الطاقة الامريكية والتي فازت بمناقصة التنقيب عن الغاز الاسرائيلي واستغلال جزء منه ، وهي ذات الشركة التي وقع معها الاردن اتفاقية توريد الغاز الاسرائيلي، بعد ذلك قامت الاحتجاجات الشعبية في لبنان لتحسين ظروف الحياة المعيشية وتطورت للمطالبة باعادة النظر في بنية النظام السياسي اللبناني القائم على اساس المحاصصة الطائفية ، وهو الامر الذي شكل اساسا جوهريا لظهور الطبقة الحاكمة في لبنان والتي يتهمها المحتجون بانها اتخذت من ذريعة المحاصصة الطائفية سببا للثراء من خلال انتهاج اساليب الفساد المؤسسي ، وبعد وصول البلاد الى مرحلة حرجة جدا بعد ازمة الدولار وهبوط سعر صرف الليرة اللبنانية، جائت محاولة احكام الطوق على رقبة هذا البلد العربي، من خلال تلكؤ الدول العربية في تقديم يد العون والمساعدة لهذا البلد الشقيق، ليترك منفردا في مواجهة صندوق النقد الدولي ليكتمل مشروع الخنق الاقتصادي للبنان بحجة تأديب ذراع ايران القوي في المنطقة حزب الله اللبناني والحد من قدراته العسكرية والاقتصادية ، لنرى سيناريوهات الفشل المتكرر في الوصول الى تفاهمات بين الحكومة اللبنانية وبعثة صندوق النقد الدولي ليزيد البلل على طينة الازمة التي تهدد في دخول البلاد في ازمة اقتصادية خانقة قد تجر لبنان الى سيناريو الحرب الاهلية من جديد لتكون النخب السياسية الحاكمة في لبنان مهيئة لقبول الاملاءات الخارجية المتمثلة بالتنازل عن البلوك رقم 9 المتنازع عليه، وتقليم اظافر ايران الاقليمية بدءا بما هو اقرب الى اسرائيل وهو حزب الله اللبناني الذي يعد اقوى اذرع المشروع الصفوي الايراني في المنطقة ، وظهور كيان العدو الاسرائيلي كقوة اقليمية مؤثرة في منطقة الشرق الاوسط ولتتحقق مقولة خبراء الاستراتيجية الاسرائيلية القائلة بان الطريق الى واشنطن يجب ان يمر من خلال القدس ، بعد هذا العرض بمجريات الاحداث داخل لبنان ، يتولد في الاذهان سؤال فحواه هل يعرض كاتب هذا المقال هذه المجريات للاحداث في لبنان من باب الترف الفكري ام ان هنالك علاقة لما يحدث في لبنان مع واقعنا الاردني ؟ وهنا اود ان ابين بعض الامور المتشابهة بين لبنان و الاردن فالبلدان يعتبران من البلدان الصغيرة في الحجم وجارتان لكيان العدو الاسرائيلي ، كما انهما بلدان يعانيان من ازمة ديون كبيرة ، ويتحاوران مع صندوق النقد الدولي على حزم اصلاحات اقتصادية ، كما انهما يشهدان مطالبات شعبية للاصلاح ومحاربة الفساد ، ويشتركان في نفس الاهمية الجيو استراتيجية ، حيث يعتبرها كثير من الباحثين في الشأن الاقليمي يمثلان مع فلسطين منطقة القلب في النظام الاقليمية للشرق الاوسط ، ويتحكم موقعهم الجيواستراتيجي في فضاءات التواصل الجيوسياسي بين مشرق الوطن العربي ومغربه ، ويحكمان الطوق البري الشرقي والشمالي امام عمليات الاندماج الاقليمي الاسرائيلي ،خصوصا مع مروجي التطبيع المجاني مع اسرائيل ، كل هذه المعطيات وغيرها من المجالات التي تختص بها الاردن على وجه الخصوص والتي من ضمنها بعض المزايا الجيواقتصادية التي تمكن الاردن من ان يكون حائط الصد المتين امام الطموحات الاسرائيلية الرامية الى الوصول الى الاسواق الخليجية ، وتحسين شروط موقعها الاستراتيجي على مسار طريق الحرير الصيني خصوصا بعد توقيع الصين واسرائيل على معاهدة تطوير واستغلال ميناء حيفا ، كل هذة الامور قد تجعل من الاردن المحطة الثانية في مخطط الاستهداف الاسرائيلي من اجل اجهاض الحقوق العربية في فلسطين وتحويل اسرائيل الى كيان طبيعي في المنظومة الاقليمية الشرق اوسطية ، بل واحتلالها موقع الدولة الحاكمة في هذة المنظومة الاقليمية بعد الانتهاء من مشاريع الاندماج الاقليمي الاسرائيلي بكل مستوياته الحضارية والثقافية والاقتصادية والسياسية.