المحتويات
الحج والعمرة واجبان في العمر
الحج لا يشرع في العام إلا مرة، فكذلك العمرة.
وقد شرع الله -تعالى- العبادات على عباده المسلمين، وجُعلت العبادة هي الغاية من خَلْق الله -تعالى- لمخلوقاته من الإنّس والجنِّ، ودليل ذلك قول الله تعالى: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ)، وقد تنوّعت أشكال العبادات وتعدّدت أقسامها وِفْق اعتباراتٍ مختلفةٍ، فمن حيث الوجوب والعدم؛ فالعبادات منها ما هي مفروضة على كلّ مسّلم، ومنها ما هي مندوبة أو مستحبّة، ومن حيث طبيعة العبادة فإنّها تتعدّد؛ فمنها: الصّلاة والصّيام والحجّ والعمرة والصّدقات والذّكر والدُّعاء وتلاوة القرآن، وقد عدّ الله -تعالى- بعض هذه العبادات من أركان الإسلام التي بُني عليها، وقد جاء في حديث النبيّ -صلّى الله عليه وسلّم- الذي رواه عنه عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: (بُنِي الإسلامُ على خمسٍ: شَهادةِ أن لا إلهَ إلّا اللهُ، وأنَّ محمّداً رسولُ اللهِ، وإقامِ الصلاةِ، وإيتاءِ الزكاةِ، والحجِّ، وصومِ رمضانَ)، ومن بين العبادات التي شرعها الله تعالى: الحجّ والعُمرة، وقد ورد ذكرهما وبيان أحكامهما وتفصيل كيفياتهما في نصوصٍ شرعيّةٍ عديدةٍ من القرآن الكريم والسنّة النبويّة، وقد جمع الله -تعالى- بينهما في الذّكر؛ حيث قال: (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ ۚ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ ۖ)، وقال أيضاً: (إِنَّ الصَّفَا وَالْمَرْوَةَ مِن شَعَائِرِ اللَّهِ ۖ فَمَنْ حَجَّ الْبَيْتَ أَوِ اعْتَمَرَ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِ أَن يَطَّوَّفَ بِهِمَا ۚ)،وفي هذه المقالة سيتم بيان كيفيّة عبادتي الحجّ والعمرة، وبيان أحكام كلّ منهما.
وخلال فقراتنا التالية في موقع فيرال ستتعرف عزيزي القارئ على الحج والعمرة واجبات في السنة كم مرة ، والعمرة هي الزيارة ، أو القصد. وقيل: إنما اختُص الاعتمار بقصد الكعبة؛ لأنه قصد إلى موضع عامر وأمّا العمرة اصطلاحاً وشرعاً فالمقصود بها أداء نُسك وعبادة، يُستهل بالإحرام والتلبية، ثم قصد الكعبة والطواف حولها، والسعي بين الصفا والمروة، والحلق أو التقصير .
وقد شُرعت العمرة لقوله تعالى: ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[ (سورة البقرة: الآية 196). وقول رسول الله r ]حُجَّ عَنْ أَبِيكَ وَاعْتَمِرْ[ (سنن الترمذي، الحديث الرقم 852).، لمن سأله: “إِنَّ أَبِي شَيْخٌ كَبِيرٌ لاَ يَسْتَطِيعُ الْحَجَّ وَلا الْعُمْرَةَ وَلاَ الظَّعْنَ”
اما بالنسبة الى حكم العمرة ، إذا كان الحج فرضا بالإجماع، فقد اختلف العلماء في حُكم العمرة، فذهب جماعة من العلماء إلى أنها فرض كالحج، ودليلهم قول الله تعالى ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[(سورة البقرة: الآية 196). ومقتضى الأمر الوجوب، وقد عطفها الله تعالى على الحج،والأصل في اللغة التساوي بين المعطوف والمعطوف عليه. قال ابن جرير الطبري، في تفسير هذه الآية الكريمة: “فتأويل هؤلاء، في قوله تبارك وتعالى ]وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ[ (سورة البقرة: الآية 196). في أنهما فرضان واجبان، من الله تبارك وتعالى، بأمر إقامتهما، كما أمر بإقامة الصلاة، وأوجب العمرة بوجوب الحج”. وقالوا: معنى قوله وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّه (سورة البقرة: الآية 196): وأقيموا الحج والعمرة لله.
وذهب الشافعي إلى أن ظاهر هذه الآية ـ إن لم يكن باطنها ـ يدل على أن العمرة واجبة، قال: والذي هو أشبه بظاهر القرآن وأولى بأهل العلم عندي، وأسأل الله التوفيق أن تكون العمرة واجبة، فإن الله U قرنها مع الحج فقال ] وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلّهِ فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ[ (سورة البقرة: الآية 196). وأن رسول الله اعتمر قبل أن يحج، وأن رسول الله سنّ إحرامها والخروج منها بطواف وحلاق وميقات. وفي الحج
زيادة على العمرة، فظاهر القرآن أولى إذا لم يكن دلالة على أنه باطن دون ظاهر.
الوقت المناسب لأداء العمرة
القول الذي عليه جمهور الفقهاء هو أن العمرة جائزة بلا كراهية، في جميع أيام السنة. قبل الحج وبعده؛ فقد قال ابن عمر لا بأس على أحد أن يعتمر قبل الحج، فقد اعتمر النبي قبل الحج.
وثبت أن عائشة رضي الله عنها، اعتمرت بعد الحج في ذي الحجة. وكان ذلك في حجة الوداع ، عن عائشة رضي الله عنها قالت:]خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ مُوَافِينَ لِهِلَالِ ذِي الْحَجَّةِ فَقَالَ لَنَا مَنْ أَحَبَّ مِنْكُمْ أَنْ يُهِلَّ بِالْحَجِّ فَلْيُهِلَّ وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلْيُهِلَّ بِعُمْرَةٍ فَلَوْلَا أَنِّي أَهْدَيْتُ لَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ
قَالَتْ فَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ وَمِنَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ وَكُنْتُ مِمَّنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَأَظَلَّنِي يَوْمُ عَرَفَةَ وَأَنَا حَائِضٌ فَشَكَوْتُ إِلَى النَّبِيِّ فَقَالَ ارْفُضِي عُمْرَتَكِ وَانْقُضِي رَأْسَكِ وَامْتَشِطِي وَأَهِلِّي بِالْحَجِّ فَلَمَّا كَانَ لَيْلَةُ الْحَصْبَةِ أَرْسَلَ مَعِي عَبْدَ الرَّحْمَنِ إِلَى التَّنْعِيمِ فَأَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ مَكَانَ عُمْرَتِي[ (صحيح البخاري، الحديث الرقم 1658).
وعند الأحناف، تُكره العمرة في خمسة أيام محددة من السنة هي: يوم عرفة،ويوم النحر، وأيام التشريق (ثاني وثالث ورابع أيام العيد) لأن الحاج يكون مشغولاً بأداء الحج إلا إذا قضى القران أو التمتع، فلا بأس بها في حق المُحْرم، من داخل المواقيت.
أعمال العمرة وصفتها
أ. الإحرام.
ب. الطواف.
ج. السعي بين الصفا والمروة.
د. الحلق أو التقصير.
6. تكرار العمرة
اختلف العلماء حول تكرار العمرة في السنة أكثر من مرة؛ فَكِرَه ذلك طائفة منهم، وهو مذهب الإمام مالك. وقال إبراهيم النخعي: ما كانوا يعتمرون في السنة إلا مرة واحدة، وذلك لأن النبي وأصحابه لم يكونوا يعتمرون إلا عمرة واحدة، لم يعتمروا في عام مرتين، فتكره الزيادة على ما فعلوه، ولأنه في كتاب النبي الذي كتبه لعمر بن حزم ]إن العمرة هي الحج الأصغر[،وقد دل القرآن على ذلك بقوله تعالى]يَوْمَ الْحَجِّ الأكْبَرِ[ (سورة التوبة: الآية 3).
ورخص في ذلك آخرون، وهو مذهب الشافعي، وأحمد، وهو المروي عن الصحابة كعليّ وابن عمر وابن عباس، وأنس؛ لأن عائشة اعتمرت في شهر مرتين بأمر النبي ، عمرتها التي كانت مع الحجة، والعمرة التي اعتمرتها من التنعيم بأمر النبي ليلة الحصبة، التي تلي أيام منى، وهي ليلة أربعة عشر من ذي الحجة، وهذا على قول الجمهور، الذين يقولون لم ترفض عمرتها، وإنما كانت قارنة.
وروى الإمام الشافعي عن علي بن أبي طالب t أنه قال: في كل شهر مرة، وعن أنس أنه كان إذا حمم رأسه خرج فاعتمر، وروى وكيع عن إسرائيل، عن سويد بن أبي ناجية، عن أبي جعفر، قال: قال علي: اعتمر في الشهر إن طقت مرارا. وروى سعيد بن منصور عن سفيان عن ابن أبي حسين عن بعض ولد أنس: أن أنسا كان إذا كان بمكة فحمم رأسه خرج إلى التنعيم، واعتمر.
قال شيخ الإسلام أحمد بن تيمية: “وهذه ـ والله أعلم ـ هي عمرة المحرّم، فإنهم كانوا يقيمون بمكة إلى المحرّم ثم يعتمرون. وهو يقتضي أن العمرة من مكة مشروعة في الجملة، وهذا مما لا نزاع فيه، والأئمة متفقون على جواز ذلك، وهو معنى الحديث المشهور مرسلا: عن ابن سيرين، قال:]وقّت رسول الله لأهل مكة التنعيم [وقال عكرمة: يعتمر إذا أمكن الموسى من رأسه، إن شاء اعتمر في كل شهر مرتين، وفي رواية
عنه: اعتمر في الشهر مراراً.