لم يقف العلماء على مكان مؤكد لسد يأجوج ومأجوج حيث أنه لايوجد نص من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكانه ، لكن هناك بعض الاجتهادات من بعض أهل العلم تقول أنه في جورجيا في جبال القوقاز قرب أذربيجان وأرمينيا ويدل له أثر مروي عن ابن عباس رضي الله عنهما :قيل أنه في أواخر شمال الأرض وقيل غير ذلك.
طول يأجوج ومأجوج
إن معرفة طول يأجوج ومأجوج وكيفية أشكالهم.. لا يترتب عليه حكم ولا ينبني عليها عمل ولو كانت فيه فائدة لنا لأخبرنا الله -عز وجل- بها أو أخبرنا بها نبينا صلى الله عليه وسلم، وقد جاءت أحاديث موقوفة عن أشكالهم وإفسادهم عند الخروج، لا يعتمد على كثير منها.
ويكفي أن نعرف أنهما قبيلتان من بني آدم كانوا يفسدون في الأرض أيام ذي القرنين وسيخرجون في آخر الزمان، فما جاء من خبرهم في الثابت من نصوص الوحي يكفي لأخذ العبرة، ولا ينبغي التعلق بما زاد على ذلك ولو كانت فيه فائدة لقصها علينا القرآن الكريم أو أخبر بها النبي صلى الله عليه وسلم.
قصة ذو القرنين مختصرة :
ذو القرنين، رجل من الصالحين، واعتبره بعض أهل العلم من الأنبياء عليهم السلام، وقد ورد في القرآن الكريم مثلا للحاكم الصالح، حيث مكن الله تعالى له في الأرض، غربها وشرقها، فنشر فيها العدل والسلام، وفي هذا يقول الله تعالى: (إِنا مكنا له في الأرض)، أي منحناه سبل القوة والقدرة والحكم. وذكر المفكر الإسلامي أبو الكلام آزاد في كتاب حققه عن ذي القرنين أنه هو نفسه الملك الأخميني «كورش الكبير»، وقد اختلفت روايات المؤرخين حول سبب تسميته بهذا الاسم، فبعضهم يرجع التسمية إلى وصوله للشرق والغرب، حيث يعبر العرب عن ذلك بقرني الشمس، والبعض الآخر يرجعها إلى أنه عاش قرنين أو أنه حكم قرنين، والبعض الثالث أشار إلى أنه كان يوجد على طرفي رأسه بروز «قرن»، ولهذا السبب سمي ذا القرنين، وأخيراً فإن البعض يعتقد أن تاجه الخاص كان يحتوي على قرنين، وكان ذو القرنين شخصاً مشهوراً بين مجموعة من الناس قبل نزول القرآن، لذا فإن قريش أو اليهود سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه، كما يصرح بذلك الكتاب العزيز في قول الله تعالى: (يسألونك عن ذي القرنين). وقد ذكر القرآن الكريم أن الله تعالى هيأ له أسباب القوة ومقدمات الانتصار، وجعلها تحت تصرفه وفي متناول يده، فقد جهز ثلاثة جيوش مهمة، الأول إلى الغرب، والثاني إلى الشرق، والثالث إلى المنطقة التي تضم المضيق الجبلي، وفي كل هذه الأسفار كان له تعامل خاص مع الأقوام المختلفة. صفات التوحيد وكان ذو القرنين رجلا مؤمنا فيه صفات التوحيد والعطف، ولم ينحرف عن طريق العدل، ولهذا السبب شمله اللطف الإلهي الخاص، إذ كان ناصرا للمحسنين وعدوا للظالمين، ولم يكن يرغب أو يطمع بمال الدنيا، وكان مؤمناً بالله وباليوم الآخر. وكان ذو القرنين مثالاً في تفوق الصناعة، ومثالا للمهندس البارع صاحب أعرق النظريات في البناء والتشييد، حيث صنع واحداً من أهم وأقوى السدود في التاريخ، وقد استفاد في صنعه من الحديد والنحاس بدلاً من الطابوق والحجارة، حيث تمكن من بناء هذا السد من زُبر الحديد، حتى يحول به بين شعوب يأجوج ومأجوج والأمم المعذّبة، فكان سداً عظيماً لم يشهد له التاريخ مثيلاً. ويروي القرآن الكريم قصة بناء ذي القرنين للسد العظيم، حيث يشير إلى سفرة من أسفار ذي القرنين التي وصل فيها إلى موضع بين جبلين (حَتَّى إِذَا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ وَجَدَ مِن دُونِهِمَا قَوْمًا لَّا يَكَادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلًا)، وهناك وجد أناسا كانوا على مستوى دان من المدينة، واغتنم هؤلاء القوم مجيء ذي القرنين، لأنهم كانوا في عذاب شديد من قبل أعدائهم يأجوج ومأجوج، لذا فقد طلبوا العون منه ليقيم سدا بينهم وبين يأجوج ومأجوج، وكان هؤلاء أصحاب وضع جيد من حيث الإمكانات الاقتصادية، إلا أنهم كانوا ضعفاء في المجال الصناعي والفكري والتخطيطي، لذا فقد تكفلوا بتكاليف بناء هذا السد المهم، بشرط أن يتكفل ذو القرنين ببنائه وهندسته، وعندما وافق ذو القرنين على مساعدتهم قال لهم (آتوني زبر الحديد)، وعندما تهيأت قطع الحديد أعطى أمراً بوضع بعضها فوق البعض الآخر حتى غطّي بين الجبلين بشكل كامل، ثم طلب منهم أن يجلبوا الحطب وما شابهه، ووضعه على جانبي هذا السد، وأشعل النار فيه ثم أمرهم بالنفخ فيه حتى احمر الحديد من شدة النار، وكان يهدف من ذلك إلى ربط قطع الحديد بعضها ببعض ليصنع منها سداً من قطعة واحدة. سد حديدي وعن طريق ذلك، قام ذو القرنين بعمل «اللحام» نفسه الذي يقام به اليوم في ربط أجزاء الحديد بعضها ببعض، ثم أصدر لهم الأمر الأخير، فقال: اجلبوا لي النحاس المذاب حتى أضعه فوق هذا السد، وبهذا الشكل قام بتغطية هذا السد الحديدي بطبقة النحاس حتى لا ينفذ فيه الهواء ويحفظ من التآكل، وقال بعض المفسرين: إن علوم اليوم أثبتت أنه عند إضافة مقدار من النحاس إلى الحديد فإن ذلك سيزيد مقاومته، ولأن «ذا القرنين» كان عالماً بهذه الحقيقة فقد أقدم على تنفيذه. وعلى الرغم من أن عمل ذي القرنين كان عظيماً ومهماً، وكان له وفقا لمنطق المستكبرين ونهجهم أن يتباهى به أو يمن به، إلا أنه قال بأدب كامل – كما ذكر القرآن – «قال هذا رحمة من ربي»، وذلك لأن أخلاقه كانت منحة إلهية. وقال قتادة: ذُكر لنا أن رجلاً قال: يا نبي الله، قد رأيت سد يأجوج ومأجوج. قال: «انعته لِي». قال: كأنه البرد المحبر طريقة سوداء، وطريقة حمراء. قال: «من سره أن ينظر إلى رجل قد أتى الردم، فلينظر إلى هذا».