لماذا يخرج الإمام المهدي من مكة
قال ابن كثير في وصفه للمهدي عليه السلام: وهو أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين، وليس هو بالمنتظر الذي تزعمه الرافضة، وترتجي ظهوره من سرداب سامراء، فإنّ ذلك ما لا حقيقة له، ولا عين، ولا أثر، ويزعمون أنّه محمد بن الحسن العسكري، وأنّه دخل السرداب وعمره خمس سنين.
وفي كتاب (الفتاوي الحديثية) لابن حجر الهيثمي المكي أفتى بتكفير الطائفة الشيعية لأنّها تعتقد بوجود الإمام المهدي عليه السلام، ثم نقل قولاً للإمام الغزالي يثبت به مزاعمه الباطلة وصحّة فتواه حيث قال: وقد قال الغزالي رحمه الله نحو هؤلاء الفرقة: إنّ قتل الواحد منهم أفضل من قتل مائة كافر: أي لأنّ ضررهم بالدين أعظم وأشد، إذ الكافر تجتنبه العامّة لعلمهم بقبح حاله فلا يقدر على غواية أحد منهم، وأمّا هؤلاء فيظهرون للناس بزيّ الفقراء والصالحين مع انطوائهم على العقائد الفاسدة والبدع القبيحة، فليس للعامة إلاّ ظاهرهم الذي بالغوا في تحسينه…).
وقبل أنْ نذكر الروايات الدالة على أنّ ظهور الإمام المهدي عليه السلام سيكون من مكة المكرمة وليس من سرداب سامراء كما يزعم هؤلاء المتلبسون بلباس علماء الدين المسلمين، وإنّ عقيدة الشيعة وعلماء المسلمين قاطبة أنّ ظهوره من مكة وليس من مكان آخر. قبل تدوين الروايات المذكورة نقول:
هل هناك حقد أشدّ وأكثر قساوة من هذا الحقد الأسود الذي يتفجّر من أعماق هؤلاء المتلبّسين بزي العلم وكأنّه البراكين المحرقة المدمّرة؟.
وعلى فرض أنّ عقيدة الشيعة بوجود الإمام عليه السلام عقيدة فاسدة، فهل يصح اتهامهم بالكفر وهدر دمائهم مع أنّهم ينطقون بالشهادتين ويقيمون الصلاة ويؤدّون الفرائض كما أمر الله بها، ويعتبرون قتل الواحد منهم أفضل من قتل مائة كافر؟.
فلو تصفّحنا تاريخ البشرية منذ وجودها إلى يومنا هذا لم نجد في سجل الطواغيت الكفرة ومستعبدي الشعوب أحكاماً أشد قساوة وإجراماً من أحكام هؤلاء المتلبسين بلباس علماء الدين المسلمين.
أهكذا أمرنا الله أنْ ندعو لسبيله، أتنسجم هذه الأحكام الجائرة مع تعاليم الإسلام الإنسانية القيّمة؟.
الإيمان بوجود الإمام المهدي عليه السلام عقيدة فاسدة تستوجب القتل، ولكن وضع مئات الآلاف من الأحاديث الكاذبة على لسان النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقتل ذريّته وصحبه الأخيار، وتبرير جرائم القتلة تعدّ عقيدة صحيحة تستحقّ المدح والثناء!!.
فنحن لا نستبعد أنّ القتلة الذين يفجّرون أنفسهم في مواكب العزاء الحسيني ويقتلون المئات من الشيوخ والشباب والنساء والأطفال، أنّهم يستمدّون شرعيّة جرائمهم البشعة من فتاوى هؤلاء الحاقدين الموتورين..
وهنا نماذج من الأخبار التي حدّدت مكان ظهور الإمام المهدي عليه السلام المروية في كتب الفريقين:
– عن ابن محبوب رفعه إلى جعفر عليه السلام قال: (إذا خسف بجيش السفياني… إلى أنْ قال: والقائم يومئذ بمكة عند الكعبة مستجيراً بها يقول: أنا ولي الله، أنا أولى بالله وبمحمد صلى الله عليه وآله وسلم، فمن حاجّني في آدم عليه السلام فأنا أولى الناس بآدم، ومن حاجّني في نوح عليه السلام فأنا أولى الناس بنوح، ومن حاجّني في إبراهيم عليه السلام فأنا أولى الناس بإبراهيم، ومن حاجّني في محمد صلى الله عليه وآله وسلم فأنا أولى الناس بمحمد، ومن حاجّني في النبيين عليهم السلام فأنا أولى الناس بالنبيين، (إِنَّ اللَّهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ * ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ).
فأنا بقيّة آدم عليه السلام وذخيرة نوح عليه السلام ومصطفى إبراهيم عليه السلام، وصفوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم، ألا ومن حاجّني في كتاب الله فأنا أولى الناس بكتاب الله، ومن حاجّني في سنّة رسول الله فأنا أولى الناس بسنّة رسول الله وسيرته، وأنشد الله من سمع كلامي لما يبلّغ الشاهد الغائب.
– وفي (إسعاف الراغبين) في حاشية نور الأبصار، قال: وصحّ أنّه صلى الله عليه وآله وسلم قال: يكون اختلاف عند موت الخليفة، فيخرج رجل من المدينة هارباً إلى مكة فيأتيه ناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام، ويبعث إليهم بعث من الشام فيخسف بهم البيداء بين مكة والمدينة… الحديث).
– وعن أبي داود في (سننه)، والترمذي في (جامعه)، وأحمد في (مسنده) وابن ماجة في (سننه)، والحافظ أبي عبد الرحمن النسائي في (سننه)، والبيهقي في (البعث والنشور) وغيرهم عن أم سلمة زوجة النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنّه قال: يكون اختلاف عند موت خليفة فيخرج رجل من أهل المدينة هارباً إلى مكة، فيأتيه الناس من أهل مكة فيخرجونه وهو كاره فيبايعونه بين الركن والمقام الحديث.