نرحب بكم من جديد متابعي وقراء موقع فيرال ، في آية جديدة نفسرها لكم وفق التفسيرات الصحيحة ، [تفسير قوله تعالى: (ما زاغ البصر وما طغى)] فعندما ضاقت نفس النبي من فعل المشركين به، وإيذائهم له، وازداد ضيقاً بعد ما مات من كانا أعز عليه من كل نفس، وهما: عمه أبو طالب، وزوجته خديجة، إذ كان يجد عندهما الفرج من كل ضيق، واليسر من كل شدة، وكان يلقى في كنفهما الراحة والأنس، فكان من فضل الله عليه ومنّه أن هيأ له رحلة سماوية تهدئ من نفسه، وتفرج من كربه، وهي رحلة الإسراء والمعراج.
تفسير و معنى الآية ما زاغ البصر وما طغى من كمال ادب النبي
ويتحدث رب العزة سبحانه عن معراجه إلى السموات العلا، وعن مرائيه هناك، ويصفه بقوله في سورة النجم: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) ، بصر مَن؟! بصر النبي صلى الله عليه وسلم، (وما طغى) يقول العلماء: (زاغ) أي: انحرف يميناً وشمالاً (طغى) : أي: تجاوز أمامه، يعني: الرسول عليه الصلاة والسلام كان على كمال الأدب في هذا المقام العظيم، لم يلتفت يميناً وشمالاً ولم يتقدم بصره أكثر مما أذن له فيه، وهذا من كمال أدبه عليه الصلاة والسلام، جرت العادة أن الإنسان إذا دخل منزلاً غريباً تجده ينظر يميناً وشمالاً ما هذا المنزل؟! خصوصاً إذا تغير تغيراً عظيماً في هذه اللحظة لابد أن ينظر ما الذي حدث، لكن لكمال أدب النبي صلى الله عليه وسلم ورباطة جأشه صلوات الله وسلامه عليه وتحمله ما لا يتحمله بشر سواه صار في هذا الأدب العظيم.
(ما زاغ البصر) بصر الرسول صلى الله عليه وسلم، أي: ما انحرف يميناً ولا شمالاً، (وما طغى) أي: ما تجاوز أمامه، بل كان على غاية من كمال الأدب عليه الصلاة والسلام، ولهذا قال الله عنه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} [القلم:4] .
تفسير ابن القيم للآية (ما زاغ البصر وما طغى)
وأخبر عنه بكمال الأدب في ذلك المقام، وفي تلك الحضرة، إذ لم يلتفت جانبا، ولم يمد بصره إلى غير ما أري من الآيات، وما هناك من العجائب، بل قام مقام العبد الذي أوجب أدبه إطراقه وإقباله على ما أري، من دون التفاته إلى غيره، ومن دون تطلعه إلى ما لم يره.
مع ما في ذلك من ثبات الجأش، وسكون القلب، وطمأنينته، وهذا غاية الكمال.
وزيغ البصر: التفاته جانباً. وطغيانه: مده أمامه إلى حيث ينتهي.