مثل العادة نضفي على مقالاتنا المزيد من المعلومات والثقافات حول العالم ، واليوم نشارككم معلومة جديدة وهي ما معنى الجرخجي ، فقد إرتبط إسم الجرخجي أو البصوانچي أو الحارس الليلي أو الوحاش، في الذاكرة البغدادية والذاكرة العراقية عموماً بأيام التماسك الإجتماعي والتآلف الحميم الذي كانت تعيشه الأحياء السكنية بحيث كان (الچرخچي) يشكل واحداً من أهم أركانها، جنباً إلى جنب مع (المختار)، ومأمور المركز، ومأمور البلدية المسؤول عن نظافة الأزقة وعدم وجود مخالفات تؤذي الناس.وقد يضاف إليهم قارئ مقياس الكهرباء والبوسطجي (موزع البريد)، وفي ليالي رمضان يبرز (المسحرچي) كركن من أركان الحي البغدادي والعراقي عموماً.
المحتويات
ما معنى الجرخجي ؟
الاجابة : الجرخجي لفظة تركية تعني الحارس الليلي، وهذا معناه ان هذه التسمية كانت معروفة في عهد الاحتلال العثماني حيث يذكر لنا العلامة الدكتور حسين علي محفوظ (رحمه الله) في مقاله الموسوم (الالفاظ التركية في اللهجة العراقية) ان لفظة جرخه جي تعني الحارس وهناك لفظة اخرى تطلق على الحارس الليلي وهي بصونجي (باسوانجي) هذه اللفظةتركية مستخدمة في اللهجة العراقية ايضا وتعني الحارس الليلي.
من هو الجرخجي وكيف يتم اختياره
يعتبر الجرخجي ( الحارس الليلي ) رمزاً للأمان والطمأنينة في نفوس أبناء المحلة، بل كان واحداً منهم، يحفظ أمنهم وسلامتهم ويحرس دورهم، ويجول في الأزقة والأسواق يحمي الناس والممتلكات ويشيع الطمأنينة في قلوبهم بصافرته أو بصوته الجهوري وهو ينادي على احد البيوت ينبهم على اقفال بابهم التي نسوا اقفالها او كان يناديهم لفتح بابهم لاحد افرادهم وهو عائد متأخر بعد منتصف الليل من العمل او من سهرة سمر وأنس!!
وكما ذكرنا فإن الچرخچي كلمة تركية استخدمت في اللهجة العراقية وتعني الحارس الليلي، و(جَرَخ) يعني دائر أو دورة، والأسم متأتٍ من دورانه في الأزقة، ويسمى أحيانا النوبجي، ويعني الذي يأتي بالنوبة، أي بوقت معين أو مدة عمل محددة، كما يسمونه في الجنوب بالبصونجي، وأحياناً (الوحاش) لأنه يخرج في وحشة الليل. أما في مصر وبعض البلدان العربية فيسمى بالخفير.
ومنذ تأسيس دولة العراق الحديثة (1921) تم ربط الحراس الليليين بمراكز الشرطة، وكانت مهمتهم إعانة الشرطة بحفظ الأمن ومنع وقوع السرقات في مناطق عملهم، وكانوا يرتدون القميص الخالكي أو السترة الخاكية حسب الموسم مع البنطلون الخاكي ويلبسون العقال واليشماغ ويضعون علامة الشرطة على العقال، وتم تزويد كل منهم برقم معدني يرمز له ويحمله على صدره. وغالباً ما كان يتم تعيين الشرطة المتقاعدين بوظيفة حارس، بسبب خبرتهم ومعرفتهم الأمنية والقدرة على استخدام السلاح ان تطلب الأمر، وكان لايقبل تعيين حارس إلا إذا تجاوز الأربعين من العمر.
كان الحارس الليلي رمزاً يمثل الامن والامان والطمأنينة في نفوس الناس المتعبة من عناء اعمال النهار وتبعاته لتنام مسترخية مطمئنة.وعندما كنا صغارا، وفي ليالي الشتاء الباردة المظلمة، كنا نجلس في (رازونة شباك) البيت المطل على الشارع العام لنتطلع على مرور الحارس الليلي وهو بملابسه الخاكية، يعتمر في راسه اليشماغ والعقال المعلق عليه النجمة الخماسية النحاسية (علامة الشرطة)، وعلى صدره شارة مكتوب عليها رقمه، ويعلق البندقية الانكليزية على كتفه وبيده الدونكي الخشبي ويمسك بيده الاخرى الصافرة ويضع في حزامه حربة، مع علبة جلدية صغيرة يضع فيها الاطلاقات، وهو يمضي في الشارع يتلفت يمينا ويساراً يراقب المحلة ويتاكد من اقفال ابواب البيوت والدكاكين ويرد بصفارته على صوت صافرة دورية افراد الشرطة المكلفة بمراقبة الحراس الأهليين. وفي صبيحة أول يوم من ايام عيدي الفطر والأضحى، كنا نشاهد الجرخجي وهو يلف على بيوت المحلة مهنئاً بالعيد منتظراً ما تجود به الأيادي من عيدية.
للحارس الليلي مواقف انسانية اخرى غير الحراسة، حيث كان يهرج الى مساعدة ابناء المحلة اثناء تعرضهم ليلاً الى الحوادث كالحريق او المرض أو ما شابه ، ومازالت ذاكرتنا تختزن الكثير من حكايات جرخجي المحلة وما يواجهه من احداث وطرائف، فالحارس كان يستفسر من أصحاب البيت إن وجدهم متأخرين في الرقود أو شاهد أضوية الدار مفتوحة بعد منتصف الليل.
كيف يتم اختيار الجرخجي ؟
يجب أن يتوفر لدى الشخص الجرخجي هذه الشروط :
أ- السلامة من الامراض والعاهات بموجب تقرير طبي رسمي.
ب- حسن السلوك والسمعة وعدم المحكومية بجناية او جنحة مخلة بالشرف.
ج- شهادة الجنسية العراقية بالولادة او التجنيس بها بعد مرور خمس سنوات.
د- عدم خضوعه لخدمة العلم.
هـ- يفضل في التعيين من سبقت خدمته في قوات الشرطة والجيش او حراسة السجون لان هؤلاء لهم كفاءة في استعمال السلاح الناري.
كم راتب الجرخجي في محلة العراق قديما
يوم كان راتب الجرخجي (ديناراً و350 فلساً) شهرياً