صحابي جليل .. كان هو الوحيد الذي ولد في جوف الكعبة .. فقد كانت أمه قد دخلت الكعبة المشرفة وكانت في ذلك الزمان مفتوحة يمكن دخولها في مناسبات، وحينها أتاها المخاض وهي في جوف الكعبة المشرفة حيث كانت حاملًا به ولم تستطع الخروج، فأتوا لها بجلد وولدت مولودها عليه، ليكون هو المولود الوحيد الذي ولد في جوف الكعبة.
إنه الصحابي حكيم بن حزام رضي الله عنه وأرضاه، الذي كان صديقًا حميمًا للنبي صلى الله عليه وآله وسلم قبل بعثته الشريفة، وكان عمره يزيد عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم بخمس سنوات، ومع ذلك كان يأنس إليه ويحبه ويرتاح لصحبته ومجالسته، وزادت تلك المودة عندما تزوج النبي صلى الله عليه وآله وسلم من عمته أم المؤمنين السيدة خديجة بنت خويلد رضي الله عنها وأرضاها.
لم يُسلم سيدنا حكيم بن خزام رضي الله عنه وأرضاه إلا بعد فتح مكة، وكان قد بلغ الستين من عمره، وكان النبي صلوات الله وسلامه عليه وعلى آله يتمنى دخوله الإسلام، ففي الليلة التي سبقت فتح مكة قال النبي عليه الصلاه والسلام وعلى آله لإصحابه: “إن بمكة لأربعة نفر أربأ بهم من الشرك وأرغب لهم في الإسلام” فقال الصحابة: ومن هم يا رسول الله؟، فقال صلى الله عليه وآله وسلم: “عتاب بن أسيد، وجبير بن مطعم، وحكيم بن حزام، وسهيل بن عمرو”.
وبعد فتح مكة أراد النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يكرم حكيم بن حزام ليشجعه ذلك على الدخول في الإسلام، فأمر مناديه أن ينادي: “من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا عبده ورسوله فهو آمن .. ومن جلس عند الكعبة فوضع سلاحه فهو آمن، ومن أغلق عليه بابه فهو آمن، ومن دخل دار أبى سفيان فهو آمن، ومن دخل دار حكيم بن حزام فهو آمن”. وكانت دار حكيم بن حزام في أسفل مكه ودار أبى سفيان في أعلاها.
وأسلم حكيم بن حزام يوم فتح مكة وحسن إسلامه وشارك في غزوتي حنين والطائف، فعاش ستين عامًا من عمره في الجاهلية، وستين عامًا في الإسلام كما ذكر الإمام البخاري، حيث توفي رضي الله عنه في العام 54 هجريًا، وهو يقول في سكرات موته: “لا إله إلا الله قد كنت أخشاك ، وأنا اليوم أرجوك “.