المحتويات
وفاة ستالين ويكيبيديا
يوسف فيساريونوفيتش ستالين (بالجورجية: იოსებ ბესარიონის ძე სტალინი، بالروسية: Иосиф Виссарионович Сталин) (الكنية الأصلية: جوغاشفيلي) (18 ديسمبر 1878 – 5 مارس 1953) هو ثائر جورجي[7] والقائد الثاني للاتحاد السوفييتي، حكم من منتصف عشرينيات القرن العشرين حتى وفاته عام 1953 وهو من إثنية جورجية، وشغل منصب السكرتير العام للجنة المركزية للحزب الشيوعي السوفييتي من 1922 حتى 1952، ومنصب رئيس مجلس الدولة من 1941 حتى 1953. ترأس في بادئ الأمر حكومة جماعية قائمة على نظام الحزب الواحد وأصبح بحلول ثلاثينيات القرن العشرين دكتاتوراً بحكم الأمر الواقع. يتبع ستالين أيديولوجياً للتفسير اللينيني. وأسهم ستالين في وضع أفكار الماركسية اللينينية ويُطلق على مجموع السياسات التي انتهجها “الستالينية”.
حظي ستالين الذي يعتبر على نطاق واسع واحداً من أهم شخصيات القرن العشرين، بعبادة شخصية واسعة الانتشار داخل الحركة الماركسية اللينينية الدولية، والتي تبجله كبطل للطبقة العاملة والاشتراكية. منذ تفكك الاتحاد السوفيتي في عام 1991، احتفظ ستالين بشعبية في روسيا وجورجيا كقائد منتصر في زمن الحرب، أسس الاتحاد السوفيتي وجعل منه قوة عالمية كبرى. وعلى الجانب الآخر، فقد تمت إدانة أسلوب حكمه الشمولي على نطاق واسع بسبب إشرافه على القمع الجماعي والتطهير العرقي وعمليات الترحيل ومئات الآلاف من عمليات الإعدام والمجاعات التي أودت بحياة الملايين.
طفولته وبداية حياته
وُلد ستالين في مدينة غوري في الإمبراطورية الروسية لإسكافي يدعى فيساريو، وأم فلاحة تدعى “إيكاترينا”. كانت عائلته تعيش في وضع اجتماعي يدعى القنانة وهو حالة من الرق أو العبودية. ستالين هو الولد الثالث للعائلة، لكن الولدين الأولين توفيا في مرحلة الطفولة نتيجةً للأمراض. أرادت أمه أن يصبح كاهنًا كعلامة شكر لله لأنه نجا من الموت خلافاً لإخوته. كان والد ستالين مدمنا على الكحول وكان دائم الضرب لستالين ولأمه؛ وفي أحد الأيام دفع الوالد ابنه أرضًا، ونتيجةً لهذه الضربة عانى ستالين من تصريف الدم مع البول لعدة أيام. استمر وضع الوالد بالتدهور حتى ترك عائلته ورحل وأصبحت أم ستالين بلا معيل، وذلك لأن النظام الاجتماعي في جورجيا هو نظام أبوي. وعندما بلغ ستالين 11 عامًا، أرسلته أمه إلى المدرسة الروسية للمسيحية الأرثوذكسية ودرس فيها. تعود بداية مشاركة ستالين مع الحركة الاشتراكية إلى فترة المدرسة الأرثوذكسية التي قامت بطرده من على مقاعد الدراسة في العام 1899 لعدم حضوره في الوقت المحدّد لتقديم الاختبارات. وبذلك خاب ظن أمه به حيث كانت تتمنى دائماً أن يكون كاهناً حتى بعد أن أصبح رئيساً. أصيب ستالين وهو في السابعة من عمره بمرض الجدري، وكانت على وجهه ندوب كثيرة بسبب المرض، لكنه تعافى منه. تعلم ستالين اللغة الروسية وهو في التاسعة من عمره لكنه ظل محتفظاً بلهجته الجورجية. كانت علاقة ستالين مع أمه حميمة جدًا، وقد اعتاد أن يرسل لها رسائل يغلب عليها طابع من الحنان والحب، لكن أمه لم تتقبل أبدًا حقيقة أنه ترك مسار الدين والكهنوت.
الرواية الرسمية
بحسب ما قاله خروتشوف، ففي 28 من شهر شباط/فبراير لعام 1953، استدعى ستالين الدائرة المقربة منه إلى الكرملين لمشاهدة فيلم جديد، ومن ثم تناولوا طعام العشاء حتى وقت متأخر من الليل. وبعد ذلك غادر الأعوان في الساعة الخامسة صباحاً. ويزعم أن ستالين أمر حراسه بالذهاب إلى النوم بإشارة منه أنه سيستيقظ في وقت متأخر. ولهذا لم يكلف أحداً من حراسه نفسه عناء معرفة حال الزعيم حتى مساء الأول من آذار/ مارس للعام نفسه.
الأسرار الطبية
لم يستجوب المجلس الاستشاري لا الحراس ولا الخدم، ولم يتساءل حول الطعام الذي تناوله ستالين، وكيف استلقى، وهل تناول الأدوية، ولا حتى كيف وجدوه في آخر لحظة، بعبارة أخرى لم يكن أحد مهتماً بصياغة إضبارة للمريض، علماً أن هذا الأمر يتم تدريسه في السنوات الأولى في كلية الطب. بالرغم من السلوك غير المهني للمجلس الطبي، إلا أن شهيتهم في ذلك الوقت كانت ممتازة، حيث أشار أحد الطهاة أنهم كانوا يحضرون الطعام دون توقف للمجلس الطبي الاستشاري.
كما أنه لم تتم مناقشة نقل ستالين إلى المستشفى، ووصفت له الراحة التامة مع حقنة مؤلمة من المغنيسيوم والكافور بكميات كبيرة. وبدا العلاج عشوائيا ومثيرا للسخرية، حيث كانت توصف له الأدوية في الصباح، وتلغى في الليل. بالإضافة إلى أن سلوك الأطباء لم يكن يتوافق مع التشخيص، وما يثير الدهشة هو أن المريض فاقد للوعي ومصاب بالشلل في الجانب الأيمن من جسمه، وغير قادر على النطق. من أين لهم معرفة بأنه غير قادر على النطق إذا كان المريض فاقداً للوعي!
وبحسب قول بعض الأخصائيين، فإن مجموعة الأدوية التي كانت تعطى لستالين كان لها تأثير سلبي على صحته، حتى أن الأطباء تجاهلواً عمداً بعض نتائج التحاليل، ولم يقوموا ببعض الدراسات الطبية الأخرى. ناهيك عن أن العلاج الذي وصف إثر التشخيص الطبي الذي أجري، في الثاني من شهر آذار/ مارس، لم يعطى إلا في الخامس من آذار/ مارس، علماً أنه وصف له العلق وهذا الدواء بالمناسبة لا يعطى في حالة الجلطة الدماغية لأنه يميع الدم.
عصابة من الأكاديميين
نريد هنا القول أن نتائج بعض الاختبارات تشير بوضوح على وجود علامات تسمم، إلا أنه لم تجرى الدراسات المطلوبة للتأكد من هذه الحقيقة. ويعتقد الخبراء والأخصائيون المعاصرون بأن أعراض مرض ستالين الغريب شبيه إلى حد بعيد بالتسمم عن طريق مادتي الوارفارين أو ديكومارول.
يشار إلى أن هذه الأدوية تشكل خطراً على كبار السن وتساهم في نقص التروية للشرايين، أي أنها بعبارة أخرى تؤدي إلى حدوث جلطة دماغية سريريه. نذكر هنا أن مادة الوارفارين تم تصنيعها في أمريكا عام 1948، ولذلك فإن استخدامها لم يشكل خطراً في الاتحاد السوفيتي آنذاك، ولكن بشرط واحد أن يكون هناك إجماع من قبل جميع أعضاء المجلس الاستشاري الطبي.
بالمناسبة إن الأورام الدموية التي ظهرت أثناء تشريح الجثة تبين إلى أنه من الصعب على ستالين أن يصمد 4 أيام، وهذا يعني أن الأورام تشكلت أثناء العلاج أو بسببه، علاوة على أنه هناك أدلة تشير إلى أن ستالين كانت صحته تتحسن من فترة إلى أخرى، وفي هذه اللحظة بالذات كان الأطباء يحقنونه بمادة المغنيسيوم والكافور التي لا فائدة منها، حتى أن جرعة واحدة منها كافية لتسبب فشل كلوي وتشمع في الكبد. ومما زاد الطين بلة، هو قيام الأطباء بحقن المريض بمادة الأدرينالين التي تسبب تشنج في الأوعية الدموية، وهذا أمر مرفوض أثناء الإصابة بالجلطة الدماغية. كانت هناك آراء من بعض الخبراء التي تشير إلى أن برنامج العلاج كان خاطئاً. لكن الجميع غضوا النظر عن الأعراض التي ظهرت، وبالتالي يمكن القول إن هذا المجلس الطبي الاستشاري ليس إلا عصابة من الأكاديميين كانت تعمل تحت جناح المكتب السياسي.
هل كان ذلك الرجل هو ستالين؟
حدثت أمور غريبة الأطوار بين الأول والخامس من شهر آذار /مارس، أولها إهمال الحراس، وهنا لا بد أن نشير بأن طاقم الحرس كان يتم اختياره بعناية شديدة، وكان عليهم إدراك أن ستالين يمكن في أي لحظة أن يعود إلى وعيه، ويعاقب جميع المسؤولين عن هذا الإهمال، وهذا ما ينبغي أن يدركه أيضاً الأطباء. فالموت من جراء الجلطة الدماغية لا يعتبر حتمياً مئة بالمئة، وكان هناك احتمال أن يبقى ستالين على قيد الحياة حتى ولو كان مقعد على كرسي متحرك، ومن المرجح أن يقوم بتصفية حساباته مع الحراس والضباط. هذه الفيرال كانت لا بد من أن تحوم في أذهان أعوانه المقربين مثل خروتشوف، وبيريا، وبولغانين، وكاغانوفيتش، ومالينكوف وميكويان الذين كانوا وراء هذه المؤامرة، والسؤال الذي يطرح نفسه هو كيف لهؤلاء أن يقدموا على هذه الخطوة، مع أنهم يعرفون تمام المعرفة كيف سيكون غضب الزعيم في حال بقائه على قيد الحياة.