المحتويات
يري ارسطو ان العقل الضيق يقود صاحبه الي التعصب دلل
يري ارسطو ان العقل الضيق يقود صاحبه الي التعصب
«مشكلة العالم أن الأغبياء والمتعصبين واثقون دائما من أنفسهم.. فى حين أن العقلاء تعتريهم الشكوك فى أنفسهم».. صدقت يا «راسل».. توقفت عند هذه الجملة وأنا أتابع المشهد السياسى والاجتماعى والرياضى والدينى المتعصب حولى.. وأنا أراقب الاتهامات بين القوى السياسية، شيوع فتاوى التكفير والقتل لكل من يخالف الرأى !!.. الجميع متعصب لفيرال، لرأيه، لرؤيته، لقلمه، لناديه، لحزبه، لمعتقداته بصراخ و بتشنج، فالأغبياء يظنون أنفسهم خبراء فى جميع التخصصات.. أما العقلاء فلا صوت لهم ولا نسمع منهم إلا الهمس!!.
كلما شاهدت هذا التعصب أتذكر كلمات «الأحنف بن القيس» عندما قال: «إن عجبت لشىء فعجبى لرجال تنمو أجسامهم وتصغر عقولهم».. ويقول «أرسطو»: «العقل الضيق يقود دائما إلى التعصب».. لذا فنحن نعانى من آفة التعصب القائم على احتقار أو كره الآخر، بل إلغاء الرأى الآخر مع رفض مناقشته.. وكل متعصب يعتقد أنه وحده من يمتلك الحقيقة والرأى الصائب.. وأنه الوحيد الذى على حق، بينما الآخر على باطل أو على خطأ دون منطق، حجة، دليل أو برهان.
والمتعصب يرفض تقبل الآخر، لأنه ينظر للآخر على أنه العدو دون النظر إليه على أنه «إنسان» له فيرال ومعتقداته الخاصة التى قد تخالفه.. ومثل هذا النموذج يصدر أحكامه إما بشكل حكم مسبق.. أو بتعميم الحكم على الجميع دون استثناء.. فمثلاً يقول إن «الشرطة كلها فاسدة» و «الإعلام كله فاشل».. وكلها أحكام تصدر من خلال أفكار نمطية بالية.. مع إصرار صاحبها على التمسك بآرائه!!.
وقد أُخذت كلمة التعصب من «العصبية».. و هى أن يدعو الإنسان إلى نصرة عصبيته، ظالماً كان أو مظلوماً.. مع أن شفيعى وشفيعك سيدنا محمد رسول الله- صلى الله عليه وسلم- قال: «من تعصب أو تعصب له، فقد خلع ربق الإيمان من عنقه».. ويقول ابن القيم: «وما تحلى طالب علم بأحسن من الإنصاف وترك التعصب».
كما رفض الأئمة الأربعة التعصب فى الرأى.. يقول مَالِكَ بْنَ أَنَسٍ: «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ، أُخْطِئُ وَأُصِيبُ، فَانْظُرُوا فِى رَأْيِى، فَكُلَّمَا وَافَقَ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ فَخُذُوا بِهِ، وَكُلَّمَا لَمْ يُوَافِقِ الْكِتَابَ وَالسُّنَّةَ، فَاتْرُكُوهُ».. ويقول الإمام الشافعى: «اذا وجدتم عن رسول الله صلى الله عليه و سلم سنة خلاف قولى، فخذوا السنة ودعوا قولى فإنى أقول بها».. ويقول الإمام أحمد بن حنبل: «لا تكتبوا عنى شيئا ولا تقلدونى ولا تقلدوا فلاناً وفلاناً، وخذوا من حيث أخذوا».
وفى عالمنا.. تختلف الوجوه، الأجناس، اللغات، العادات، الأديان، الثقافة.. لكننا نستنشق الأكسجين نفسه ونعيش على الكوكب نفسه.. فلا تكن متعصباً وترفض من يخالفك الرأى.. فهل تقبل مثلاً أن يرفضك الآخر لاختلافك عنه؟.. والفرد الذى لا يتقبل نفسه لا يتقبل الآخرين.. فلا وجود للآخرين معه على الكوكب نفسه.. تمامًا مثلما فعل الألمانى «هتلر» من قبل.. ويفعله الأمريكى «ترامب» الآن!!.. والتعصب أنواع: التعصب الرياضى لناد معين أو للعبة معينة أو لفريق معين.. التعصب الاجتماعى لطبقة معينة ولمهنة معينة.. التعصب السياسى لحزب معين.. التعصب الدينى أو الطائفى أو المذهبى لجماعة معينة أو لأفكار بعينها.. والتعصب القبلى أو العرقى أو القومى لشعب معين أو لدولة معينة، والمتعصب يشعر بتوتر وكراهية تجاه العرق الآخر أو تجاه القبيلة الأخرى أو للشعب الآخر دون مبرر أو منطق حتى لو جمعتنا العروبة، اللغة والدين. فكل دولة عربية تتعامل على أنها الأكثر عراقة والأكثر تميزاً!!..بل إن المصيبة الأكبر أن كل محافظة من محافظات الدولة الواحدة تتعصب لنفسها!!.
اللهم.. ارحم وأنقذ مصر والعالم بأكمله من المتعصبين على جميع ألوانهم وأشكالهم.. لكن بالدعاء لن تتحقق أمانينا.. ولابد أن نبدأ بتغيير طريقة تفكيرنا من أصغر مواطن وحتى رئيس الجمهورية.. فمن غير المقبول أن يظن كل منا أنه دائمًا على حق والآخر إما خائن أو عميل أو طابور خامس أو جاهل لا يفهم!!.. فمن أجل مستقبل بلا «تعصب»، علينا أن نبدأ الآن وليس بعد بتغيير طريقة تفكير أطفالنا ليتقبلوا الآخر ونغرس بداخلهم الانتماء للوطن وحب مؤسساته.. موعدنا الاثنين المقبل إن شاء الله.
يري ارسطو ان العقل الضيق يقود صاحبه الي التعصب دلل
والمتعصّب لشيء أو ضده يتسم بالعاطفة الشديدة والميل القوي، فهو في حالة التعصب لقومه أو جماعته أو وطنه أو أفكاره.. لا يرى فيما يتعصّب له إلا الإيجابيات والمحاسن، وفي حالة التعصّب ضد شيء، فإنه لا يرى المعايب والسلبيات، وهذا يعني أن المتعصّب مصاب بـ (عمى الألوان). والمتعصّب إنسان غارق في أهوائه وعواطفه، على مقدار ضعفه في استخدام عقله، ولا يعني ذلك أنه لا يفكر، إنه يفكر، ولكن الأفكار التي تتمخض عن تشغيل عقله، يتم إنتاجها في إطار العواطف الجامحة التي لديه، وتكون مهمتها الأساسية ليس ترسيخ الاعتدال والإنصاف، وإنما التسويغ للميول والعواطف العمياء التي تغلي في صدر الإنسان المتعصّب!. ولا يحبّ المتعصّب المناظرة؛ لأن التعصّب الذي لديه يوحي إليه بأنه على الحق الواضح الذي لا يقبل النقاش، لكن المتعصّب يحب الجدال بالباطل الذي يقوم على أسس غير موضوعية وغير عقلانية. والإنسان المتعصّب بعد هذا وذاك إنسان عجول، يُصدر الأحكام على الناس من غير فحص للأدلة والبراهين والأسس التي تقوم عليها تلك الأحكام، إنه مع قومه فيما يحبون ويكرهون، ومع جماعته فيما تقدم عليه، وفيما تحجم عنه، وهم في كل ذلك على صواب، ولا يحتاج ذلك إلى أدلة.