اخبار حصرية

معاهدة لوزان والموصل

المحتويات

معاهدة لوزان والموصل

مشكلة الموصل أو قضية الموصل هي أزمة دبلوماسية نشبت بين المملكة العراقية وجمهورية تركيا بعد الحرب العالمية الأولى حول مصير ولاية الموصل.

كانت ولاية الموصل جزءاً من الدولة العثمانية حتى نهاية الحرب العالمية الأولى، عندما احتلت من قبل بريطانيا. وبعد حرب الاستقلال التركية، إعتبرت تركيا الجديدة الموصل واحدة من القضايا الحاسمة المحددة في الميثاق الوطني. وعلى الرغم من المقاومة المستمرة، تمكنت بريطانيا من طرح هذه القضية في الساحة الدولية، وتوسيع نطاق ذلك وصولاً إلى جعلها مشكلة حدود بين تركيا والعراق.


عيّن مجلس عصبة الأمم لجنة تحقيق والتي أوصت بأن تعود ملكية الموصل إلى العراق، فأُجبرت تركيا على قبول القرار على مضض من خلال التوقيع على معاهدة الحدود مع الحكومة العراقية في عام 1926. قام العراق بمنح إتاوة 10 في المئة من الودائع النفطية في الموصل إلى تركيا لمدة 25 عاماً.

بعد خسارة الدولة العثمانية في الحرب، وقع العثمانيون معاهدة مودروس مع الحلفاء يوم 18 تشرين الأول 1918 م.و نص القرار السادس عشر من المعاهدة استسلام الجيش العثماني في دول المشرق واليمن والحجاز. لكن المعاهدة لم تحدد الحدود الجنوبية للدولة العثمانية و حكومة الأستانة طالبت بالموصل كجزء من أراضيها. إضافة إلى ذلك أن الموصل لم يدخلها الجيش البريطاني إلا يوم 15 تشرين الثاني 1918م، أي بعد 16 يوم من المعاهدة، ويعتبر هذا خرقا للقانون الدولي. تعتبر هذه بداية مشكلة الموصل.

بحكم الانتداب البريطاني على العراق فان البريطانييون كانوا يمثلون العراق على المسرح الدولي.

مؤتمر القرن الذهبي وعلي فتحي بك (أوقيار)

معاهدة لوزان والموصل 1

علي فتحي أوقيار.

بدأت أول محادثات في مؤتمر في القرن الذهبي في 19 مايو 1924، إلا أنها لم تسفر عن اتفاق. فقد أصرت تركيا على أن سنجقي الموصل والسليمانية ينبغي أن يكونا داخل حدود تركيا. وقد رفضت بريطانيا ذلك الطلب التركي، وأثارت مقابل ذلك مطالبة بأراضي إمارة هكاري الكردية Hakkâri التي تواجدت بين القرنين 14 و 19 الميلاديين في المنطقة موضع النزاع.

انفض مؤتمر اسطنبول بدون نتيجة، وتوترت العلاقات بين تركيا وبريطانيا لحدوث اضطرابات في منطقة حدود الانتداب البريطاني على العراق (الذي أصبح مملكة العراق) مع تركيا. ولذلك، اتفق الطرفان، على رفع القضية، حسب معاهدة لوزان إلى عصبة الأمم. إلا أن تركيا لم تكن راضية بهذا الترتيب، إذ لم تكن عضو في عصبة الأمم، وكان لبريطانيا نفوذ في العصبة.

مناورة الموصل المزمعة وجعفر الطيار پاشا (إغيلمز)

معاهدة لوزان والموصل 3

جعفر الطيار إغيلمز

في عام 1924 خطط مصطفى كمال لاحتلال الموصل وطرد البريطانيين منها. فاليونانيون، الذين كانت بريطانيا تدعمهم، فروا من الأناضول وكان عديدهم نحو 150-200,000 جندي ومعهم 70% من سلاحهم. حكومة لويد جورج ببريطانيا اضطرت للانسحاب من تركيا بسبب أزمة چناق، إلا أن تركيا لم تنفذ المناورة العسكرية بسبب تهديد بريطانيا لها بالغزو وبإثارة نقاش دولي حول سياسات تركيا تجاه الأقليات في الأناضول ودورها في الانتفاضة النسطورية ثم تمرد الشيخ سعيد. أدرك مصطفى كمال أنه بسبب ظروف تركيا والتفوق العسكري البريطاني بما لها من 140,000 جندي في العراق، فلن يكون لقواته المنهكة أي فرصة في النجاح.

خط بروكسل

وكانت هناك نقطة خلاف أخرى بين بريطانيا وتركيا، ألا وهي الخط الحدودي. فقد كان هناك “خط بروكسل” الذي قررته عصبة الأمم كحدود حقيقية للعراق، وخط بريطاني كان هو الفاصل الذي كانت بريطانيا تستخدمه من قبل. وحين جـُلِب الأمر للزعماء البريطانيين، ناشد كلٌ من پرسي كوكس، المندوب السامي البريطاني بالعراق، وأرنولد ولسون، المفوض المدني البريطاني في بغداد، لويد جورج، رئيس الوزراء البريطاني، أن يستخدم خط بروكسل لأنهما رأيا أنه لا يوجد فرق كبير بين الخطين الحدوديين.[5]

قرار عصبة الأمم

بسبب تلك العوائق، اضطرت تركيا للقبول بدور عصبة الأمم. وقد انعقدت جلسة مجلس عصبة الأمم في سبتمبر 1924، حيث اقترحت تركيا إجراء استفتاء في سنجقي الموصل والسليمانية. وقد رفضت بريطانيا الاقتراح. وشكـَّلت عصبة الأمم لجنة للتعامل مع مسألة الموصل. وقد نشرت لجنة التحقيق تقريرها قبل سبتمبر 1925. وقد لاحظت اللجنة أن سكان الموصل رفضا الانضمام لأي من الطرفين وفضلوا أن يكونوا مستقلين. وبالرغم من تلك الاكتشافات، فإن لجنة التحقيق قدمت الاقتراحات التالية:

  1. خط بروكسل هو خط الحدود المعترَ به.
  2. لما كان غالبية سكان الموصل هم من الأكراد، فإن الموصل ترتبط بالعراق، ولا مانع من قيام روابط واتفاقات اقتصادية للموصل مع تركيا. إذا انتهى الانتداب في 1928، فإن هذا الترتيب المقترح سيمدد 25 عاماً، على أن يحصل الأكراد على حكم ذاتي وحقوقهم الثقافية.
  3. إذا لم يتم الالتزام بالنقطتين السابقتين، فإن ولاية الموصل تـُعاد إلى تركيا.

في 16 ديسمبر 1925، سحبت الحكومة التركية وفدها من جنيڤ، تاركةً مجلس عصبة الأمم ليمنح منطقة الموصل لبريطانيا بدون موافقة تركيا. ورداً على ذلك، فقد قام أتاتورك بعمل دبلوماسي انتقامي[6] بإبرام معاهدة عدم اعتداء[7] مع الاتحاد السوڤيتي في 17 ديسمبر من نفس العام. ولاحقاً، عـُدِّل الحلف وزيد أجله لعشر سنوات أخرى في 7 نوفمبر 1935.[8]

وافق مجلس عصبة الأمم على توصيات اللجنة. وقد أدى هذا القرار إلى مظاهرات في تركيا. ورتفعت صيحات في تركيا لإعلان الحرب على بريطانيا.

ولكن بفضل التقدير الواقعي من أتاتورك للموقف، فقد هدأ الشعب، لأن تركيا كانت للتو قد خرجت من سلسلة من الحروب، بما استتبعها من مشاكل اقتصادية واجتماعية، التي ينبغي حلها. فقد كانت تركيا منغمسة في الكثير من الأزمات الداخلية والخارجية.

من المشاكل الخارجية، حسب المنظور التركي، أن الدول الأوروبية المسيحية هي من فرض المفاوضات حول الموصل. مما أدى لعزلة تركيا. لذلك وقعت تركيا مع الاتحاد السوڤيتي في پاريس معاهدة عدم اعتداء. وكان الهدف من تلك المعاهدة العثور على حلفاء. المشاكل الداخلية بتركيا تضمنت اضطرابات، من صنع البريطانيين (في رأي الأتراك). ولذلك قبلت تركيا قرار عصبة الأمم ووققعت في 5 يونيو 1926 معاهدة أنقرة مع المملكة المتحدة، لترسيم الحدود التركية-العراقية وإنهاء مسألة الموصل.

1. الحدود التركية-العراقية هي “خط بروكسل”، مع تعديلات طفيفة لصالح تركيا.

2. حسب البند 14 من المعاهدة يتم تعويض شركة النفط التركية بقيمة 10% من دخل نفط الموصل طوال الخمس وعشرين عاماً التالية. وقد تنازلت تركيا عن ذلك البند لاحقاً مقابل استلام مبلغ 500,000 جنيه استرليني ذهب، دفعة واحدة.

                     
السابق
زيارة عاشوراء مكتوبة
التالي
ماهو يوم البارحة إذا كان يوم الإثنين سيكون في غضون يومين؟

اترك تعليقاً