سؤال وجواب

الشق المعنوي من الحضاره يسمى

المحتويات

الشق المعنوي من الحضاره يسمى

الحضارة كلمة جديدة بلفظها، وهي نادرة الاستخدام في الأدب والشعر العربي القديم، وحتى في الماعجم اللغوية القديمة مثل” لسان العرب ” لا تكاد تجد لها ذكراً، ولم ترد في القرآن الكريم، ولا في السنة النبوية المطهرة، ولعل أقرب مرادف لها في القرآن الكريم (التمكين في الأرض) و(الاستخلاف في الأرض).

ولما تأملت ما كتبه المفكرون حول مصطلح الحضارة خلصت إلى أن حضارة أمة ما في حقبة زمنية معينة يُقصد بها ” المنهج الفكري للأمّة، المتشكل في إنتاج معنوي ومادّي “.


بهذا التلخيص الموجز نستطيع القول أن الحضارة ليست فقط بناء مزدهرا ولا عمرانا متألقا أو حياة سهلة جميلة مزدهرة – وإن كان هذا كله علامات ونتيجة طبيعية للحضارة – لكنها تبدأ بالفكر والمنهج المنير والبحث العلمي والتفكير الإبداعي والحر وإعمال العقل في كل مناحي الحياة، إذا كان كل هذا موجودا في أمة ما فإنها تبدأ حضارتها وستعلن عنها من خلال الإنتاج المعنوي المتمثل بالقيم والقوانين والأخلاق ومن خلال الإنتاج المادي المتمثل بالاختراعات والاقتصاد والرفاهية والتطور والبناء وغيره.

الشق المعنوي من الحضاره ، و الشق المادي العملي

والمتأمل لمضمونات ديننا الإسلاميّ يجد أنها تبني حضارةً ذات شقّين:
1- شقّ مادّيّ عمليّ حسِّيّ: يظهر من خلاله تطور تراه العين، ويخبره الحسّ.
2- شقّ إنسانيّ تتألّق فيه الأخلاق، ويظهر من خلاله توازن الحضارة المادّية كما يظهر جانبها المعنويّ الإنسانيّ.
وهكذا بنى ديننا الإسلاميّ (ويبني وسيبني) المجتمع الذي إن تفاعل مع هذه المضمونات كان متطورًا في حسِّه ومعناه.
ففي الجانب المادّيّ الحسِّيّ العمليّ: نجد الإسلام يهتم بـ :

  • الاعتناء باعمار الارض في قوله تعالى : {هُوَ أَنشَأَكُم مِّنَ الأَرْضِ وَاسْتَعْمَرَكُمْ فِيهَا} [هود: 61] أي طلب منكم أن تعمروها.
  • الاعتناء بإتقان العمل، ويجعل على الإتقان رقابة من الله تبارك وتعالى ورقابة من الناس: {وَقُلِ اعْمَلُواْ فَسَيَرَى اللّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ} [التوبة: 105] واشارت السنة النبوية الى (إن الله يحبّ العبد إذا عمل عملاً أتقنه).
  • الاعتناء بالنظافة في المكان والبدن: والذي يقرأ أحكام الفقه الإسلاميّ المستمدّة من القرآن وهدي النبي عليه الصلاة والسلام يرى كيف يوجّه الإسلام إلى نظافة المكان والبدن، بل إن الحديث النبويّ جاء فيه: (إِنَّ اللَّهَ نَظِيفٌ يُحِبُّ النَّظَافَةَ).

الشقّ المعنويّ من الحضارة الإسلامية:

وأنت ترى مع تطوّرها المادّيّ العمليّ رُقِيًّا خُلُقِيًّا:
* فتجد دعوة إلى الإيثار الذي لا تعرفه الحضارة المادية المجرّدة، وذلك حينما يتخلّى الإنسان عن حظّ نفسه من أجل مجتمعه.
* وتجد التآخي والرحمة والشفقة.
* وتجد التكافل الاجتماعيّ، فتجد مسؤولية الفرد عن الجماعة، ومسؤولية الجماعة عن الفرد.
* وتجد ترفّعًا عن الغشّ والاحتيال.
* وتجد حفظًا لإخوانك بظهر الغيب…
وهكذا تجد في الجانب الخلقيّ الآخر شِقًّا خُلقيًّا إنسانيًا يشعر فيه الإنسان بالإنسان، ويخدم فيه الإنسان الإنسان، ويَسعى فيه الإنسان من أجل أن تظهر فيه وفي إخوانه قيمُ الإنسان..
وقد اعتدنا أن نسمع في دروس الجمعة وغيرها حديثًا عن الجانب الخلقيّ والجانب الإنسانيّ، أو الجانب المعنويّ، لكن اسمحوا لي وباختصار شديد أن أتساءل: هل نحن نتفاعل مع الجانب المادّيّ الحضاريّ الإسلاميّ ونحن نقرأ القرآن ونسمع توجيه الحبيب المصطفى عليه الصلاة والسلام؟
فكثيرون هم الذين يتحدثون عن الإيثار والأخوة، وعن التصديق بالغيب، وعن معاني الإيمان.. لكن السؤال الذي أحببت باختصار شديد أن أثيره فهو:
هل يعبّر سلوكنا الحسِّيّ العمليّ اليوم عن مستوى رقيّ الإسلام؟
ولئن كنّا نتحدّث عن رقيّ الإسلام فنحن نتحدّث عن رقيّ الإنسان حين يكون تفاعلُه فيه مع معاني الإسلام، فالإسلام لا يوجد في الهواء إنما يوجد في الناس.
ولئن كنا نزعم أننا نتفاعل مع الإسلام ومع معانيه فلابد أن نسأل أنفسنا:

                     
السابق
كم عدد المرات التي توج فيها فريق السد بلقب بطولة الدوري القطري؟
التالي
من القصص الواردة في سورة مريم والدالة على عظيم قدرة الله في خرق العادات و تغيير السنن ___ و ___ ؟

اترك تعليقاً