المحتويات
السيدة نفيسة
ميدان ومسجد السيدة نفيسة بالقاهرة.
السيدة نفيسة ابنة الإمام الحسن الأنور بن زيد الأبلج ابن الإمام الحسن ابن الإمام علي بن أبي طالب . ولدت في مكة المكرمة سنة 145هـ في الحادي عشر من ربيع الأول، فرحت بها أمها زينب بنت الحسن واستبشر بها أبوها ، و يقال ان ابوها كان يأخذها وهى صغير لزياره جدهم المصطفى(ص) ويقول انى راضى على ابنتى نفيسه فجاءه الرسول في المنام وقال له انى راضى على ابنتك نفيسه برضائك عليها وان الله راض عنها برضائها على.
نشأت في مكة ، حتى صحبها أبوها مع أمها إلى المدينة المنورة؛ فكانت تذهب إلى المسجد النبوي وتسمع إلى شيوخه، وتتلقى الحديث والفقه من علمائه، حتى لقبها الناس بلقب ( نفيسة العلم) قبل أن تصل لسن الزواج،ً حتى بلغت مبالغ النساء. وعاشت في المدينة لا تفارق الحرم النبوي، قارئة ذاكرة وحجت أكثر من ثلاثين حجة أكثرها ماشية.
زواجها السيدة نفيسة
تزوجت من إسحاق بن الإمام جعفر الصادق بن الإمام محمد الباقر بن الإمام علي زين العابدين بن الإمام الحسين بن الإمام علي ، وكان يدعى (إسحاق المؤتمن)
تقدم إليها الخطاب من السلالة النبوية الشريفة من بني الحسن والحسين(ع)، كما تقدم إلى خطبتها الكثير من أشراف قريش وغيرهم لما عرفوه من كمالها وصلاحها، فكان أبوها يأبى إجابة طلبهم ويردهم ردا جميلا حتي جاء إسحاق المؤتمن ابن الإمام جعفر الصادق يخطبها من أبيها، فصمت ولم يرد جواباً، فقام إسحاق من عنده، وتوجه إلى الحجرة النبوية الشريفة، وخاطب جده ـ بعد الصلاة و السلام عليه ـ وشكى إليه همومه ورغبته في زواج السيدة نفيسة لدينها وعبادتها، ثم خرج. فرأى والدها في المنام تلك الليلة رسول الله(ص) وهو يقول له: (يا حسن! زوّج نفيسة من إسحاق المؤتمن). فزوجه إياها ، في بيت أبيه في شهر رجب سنة 161هـ.وكان إسحاق مشهود له بالصلاح، وقد أخذ عن أبيه الكثير من علومه وآدابه وأخلاقه، حتى أصبح له شأن ومقام وبزواجهما أنجبت لإسحاق ولدًا وبنتًا هما القاسم وأم كلثوم.
السيدة نفيسة والأمام الشافعي
ولمَّا وفد الإمام الشافعي إلى مصر، وتوثقت صلته بالسيدة نفيسة، واعتاد أن يزورها وهو في طريقه إلى حلقات درسه في مسجد الفسطاط، وفي طريق عودته إلى داره، وكان يصلي بها التراويح في مسجدها في شهر رمضان، ويعتبر الإمام الشافعي أكثر العلماء جلوساً إليها وأخذاً عنها، في الوقت الذي بلغ فيه من الإمامة في الفقه مكاناً عظيماً، فقد كان يعتبر مجلسه في دارها مجلس تعلم عنها، ومجلسه في مسجد الفسطاط مجلس تعليم الناس.
وكان الإمام الشافعى في زمانها إذا مرض يرسل لها ليسألها الدعاء فلا يرجع الرسول إلا وقد شفى الشافعي من مرضه، فلما مرض مرضه الذى مات فيه أرسل للسيدة نفيسة يسألها الدعاء كعادته فقالت: متعه الله بالنظر إلى وجهه الكريم، فعلم الشافعى بدنو أجله.
وأوصى الشافعي أن تصلي عليه السيدة نفيسة في جنازته، فمرت الجنازة إلى دارها فصلت عليه مأمومه بالامام يعقوب البويطى ، حين وفاته عام 204 هجرية تنفيذاً لوصيته.
وكان لها دخل كبير في حضور الامام الشافعى إلى مصر ولهذا كان يكثر زيارتها والتلقى عنها وفى صحبته عبد الله بن الحكم وكان يصلى بها في مسجد بيتها وخصوصا تراويح رمضان وكانت تقدره ، وتمده بما يعينه على اداء رسالته العلميه الكبرى ولما مات الشافعى في رجب سنه 204 هجريه حملوه ودعت له وشهدت فيه خير الشهاده وقالت عنه عبارتها العجيبه المشهوره « رحم الله الشافعى فقد كان يحسن الوضوء » وقد حزنت على وفاته حزنا كبيرا .
السيدة نفيسة والأمام أحمد بن حنبل
وللإمام أحمد بن حنبل نصيب في الأخذ عن نفيسة . وبهذا تكون نفيسة ذات أثر علمي في فقه عالمين كبيرين من أئمة المسلمين، وهما الشافعي وأحمد بن حنبل.
صفاتها الشخصية السيدة نفيسة
كانت من أفضل النساء في رعاية زوجها وبيتها وأسرتها، ومن أحسنهنَّ اتقاناً لفنِّ إدارة المنزل الذي كانت تعمره بالعبادة والذكر والتربية الحسنة، وحسن التعامل مع زوجها الذي كان يسعد بها كلَّ السعادة ويصرِّح لها بجمال ما أودع الله فيها من صفات حسنة شكلاً ومضموناً، فما تردُّ عليه إلا بوجهٍ بشوش، وكلماتٍ راقيةٍ تدل على أدبها الجم.
وكانت صاحباتها يجدن من الأنس بمجلسها ما لا يجدنه عند غيرها، وتجد صدورهنَّ من الانشراح، وقلوبهنَّ من الارتياح ما يجعلهن ينظرن إليها نظر التلميذ بشيخه،
وكانت تغمر من يجلس إليها بالمودة، وتُفيض عليهن من التوجيه والعلم
وفاتها السيدة نفيسة
وكان لأخيها يحيى (المتوّج) بنت واحدة اسمها (زينب) انقطعت لخدمة عمتها، تقول: (لقد خدمت عمتي نفيسة أربعين سنة، فما رأيتها نامت بليل أو أفطرت بنهار، إلا في العيد وأيام التشريق) وتقول: (كانت عمتي تحفظ القرآن وتفسّره وتقرأه وتبكي) وهكذا عاشت في مصر معزّزة مكرّمة، ينتهل من نمير علومها أهالي مصر. وكانت مثال الحديث الشريف: (عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنّوا إليكم، وإن متّم بكوا عليكم)، وهكذا ما أن حلّ عام 208هـ – ولم تكد تدخل سنتها الرابعة والستين – حتى أحست بدنو أجلها، فكتبت إلى زوجها تطلب حضوره.
وكانت السيدة نفيسة صائمة كعادتها، فألحوا عليها أن تفطر رفقًا بها، فرفضت فانصرف الأطباء، وقد شدّهم الإعجاب بقوة يقينها وثبات دينها، فسألوها الدعاء، فقالت لهم خيراً ودعت لهم.
وشاءت السيدة نفيسة أن تختم حياتها بتلاوة القرآن وبينما كانت تتلو سورة الأنعام، حتى إذا بلغت آية : (لهم دار السلام عند ربهم وهو وليهم بما كانوا يعملون) الأنعام/ 127 غشي عليها. تقول زينب – بنت أخيها – فضممتها إلى صدري، فتشهدت شهادة الحق، وصعدت روحها إلى باريها في السماء.
ولما فاضت روحها أراد زوجها أن ينقلها إلى البقيع عند جدها عليه الصلاة والسلام ولكن أهل مصر تمسكوا بها وطلبوا منه أن يدفنها عندهم فأبى ولكنه رأى في منامه الرسول يأمر بذلك فدفنها في قبرها الذي حفرته بنفسها في مصر.