المحتويات
من هم الذين لا يجب عليهم إخراج الزكاة؟
تعتر الزكاة من أركان الإسلام وإخراجها له شروط ومنها أن يتم اخراجها وقت وجوبها، وأن يخرجها طيبة بها نفسه، وأن يتصدق من أطيب ماله وأجوده، وأحبه إليه، وأقربه من الحلال، وأن يُرضي المُصَدِّق، وأن يستصغر عطيته؛ ليسلم من العُجب، وأن يُخفيها؛ ليسلم من الرياء، ويظهرها أحياناً؛ إحياء لهذا الواجب، وترغيباً للأغنياء للاقتداء به، وألّا يبطلها بالمن والأذى ، في هذا المقال سنوضح لكم قراءنا من هم الذين لا يجوز دفع الزكاة إليهم .
ما الذي يؤهل الناس لدفع الزكاة؟
يتفق علماء المسلمين على أربعة شروط تلزم أحدها بإخراج الزكاة ، وإن كانت الغالبية لا تتطلب الشرطين الثاني والثالث:
- المسلم
- بالغ(سن الرشد)
- عاقل
- الحد الأدنى من الثراء (يمتلك الفرد ثروة تستحق الزكاة عند الحد الأدنى الذي تم تحديده نبوياً ، والذي يسمى النصاب ، لفترة محددة أو في تاريخ استحقاق الزكاة (انظر النصاب وحساب الزكاة في موجز).
لماذا يجب على المرء أن يكون مسلما لإخراج الزكاة؟
هذا له نتيجتان في العالم الحقيقي. أولاً ، حتى في نظام حكمهم الإسلامي ، لا يستطيع المسلمون فرض الزكاة على أتباع الديانات الأخرى الذين يعيشون في كنف دولتهم، حيث قال الله سبحانه وتعالى”لاَ إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِن بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىَ لاَ انفِصَامَ لَهَا وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ” سورة البقرة: 256.
وقال ايضا”وَمَن يَكْفُرْ بِالإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ” سورة المائدة 5.
ويستدل العلماء على هذا الشرط من الإيمان بخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عندما أرسل رفيقه معاذ رضي الله عنه مبعوثه إلى الجالية اليمنية المسيحية آنذاك: قال صلى الله عليه وسلم إنك تأتي قوما من أهل الكتاب فادعهم إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأني رسول الله فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم خمس صلوات في كل يوم وليلة فإن هم أطاعوا لذلك فأعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة تؤخذ من أغنيائهم فترد في فقرائهم فإن هم أطاعوا لذلك فإياك وكرائم أموالهم واتق دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب .(البخاري).
النقطة هنا هي أن يشهد المرء على الإسلام شرط أساسي لكي تصبح فرائض الإسلام سارية على ذلك الشخص. (من صلاحيات الله وحده ما يحاسب عليه الناس أمام دينه).
هذا يقودنا إلى المعنى الثاني لهذا الشرط المسبق للاعتقاد. أولئك الذين اعتنقوا الإسلام حديثًا لا يدينون بالزكاة المستحقة عليهم قبل أن يسملوا ، وهو رأي العديد من العلماء البارزين. (وبنفس المنطق ، يقول هؤلاء العلماء ، من مدرسة الشافعية ، أنه بمجرد استحقاق زكاة المؤمن ، تظل مستحقة ، بغض النظر عن أي تغيير في القناعة ، على غرار الالتزامات المالية الأخرى التي يتحملها المرء. ويختلف معهم في ذلك فقهاء الحنفية.
وهؤلاء الأصناف الذين حُرِّمت عليهم الزكاة هم :
1- الأغنياء:
مذهب الجمهور مالك والشافعي وأحمد أن الغنى هو من ملك مال تحصل به الكفاية عنده ، ولا حد للغنى معلوم ، وإنما يعتبر حال الإنسان بوسعه وطاقته ، فإذا اكتفـى بما عنده حرمت عليه الصدقة والعكس إذا احتاج حلـت له الصدقة، لما رواه الترمذي وحسنه عن ابن عمر أن رسول الله قال : ( لا تحل الصدقة لغنى ولا لذي مِرة سوى )
والمِرة القوة والشدة ومنه قوله تعالــى عن جبريل ( ذو مِرة فاستوى ) النجم 6 والسوي : المستوى السليم الأعضاء.
، وأيضا قول الرسول صلى الله عليه وسلم (تؤخذ من أغنيائهم وترد على فقرائهم)
إلا إذا كان من العاملين عليها لأن ما يأخذه إنما هو أجر على عمله، أوالمؤلفة قلوبهم أوالغارمين لمصلحة الغير، فهؤلاء يُعطون مع الفقر والغنى.
2- الأقوياء المكتسبون :
وقد سبق الحديث من قوله -صلى الله عليه وسلم-: (لا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي)
والمرة: الشدة والقوة.
والسوي: المستوي الأعضاء، أي أن جسمه سليم من العاهات، وإنما حرمت الزكاة على القوي؛ لأنه مُطالب أن يعمل ويكفي نفسه بنفسه لا أن يقعد ويتكل على الصدقات، فإذا كان قويًا ولكنه لا يجد عملاً فهو معذور، ومن حقه أن يُعان من الزكاة، حتى يتهيأ له العمل الملائم.
3- غير المسلمين :
باتفاق العلماء لا يعطى من الزكاة ملحد ولا مرتد ولا محارب للإسلام، أما أهل الذمة وهم أهل الكتاب ومن في حكمهم ممن يعيشون بين ظهراني المسلمين، حيث دخلوا في ذمتهم، وخضعوا لسلطان دولتهم، وقبلوا جريان أحكام الإسلام عليهم، واكتسبوا بذلك التبعية لدار الإسلام، أو ما يشبه “الجنسية” بلغة عصرنا،فالجمهورعلى أنه لا يجزئ دفع زكاة المال إلى الذمي، واختلفوا في زكاة الفطر لحديث معاذ: (إن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم، تؤخذ من أغنيائهم، وترد في فقرائهم)، فقد أمر برد الزكاة في فقراء من تؤخذ من أغنيائهم، وهم المسلمون، فلا يجوز وضعها في غيرهم، وهذا إذا كان يعطى باسم الفقر والحاجة، أما إذا أعطي تأليفًا لقلبه، وتحبيبًا للإسلام إليه من سهم المؤلفة قلوبهم فلا بأس .
لكن يجوز التصدق عليهم من صدقات التطوع ما داموا مسالمين ويعيشون معنا – قال تعالى: (لا ينهاكم الله عن الذي لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم، إن الله يحب المقسطين) (الممتحنة: 8). وقد نزلت هذه الآية ردًا على تحرج بعض المسلمين من برِّ أقاربهم المشركين.
وقبل هذا ما رواه عن ابن عباس: أنهم كانوا يكرهون الصدقة على أنسابهم وأقربائهم من المشركين، فسألوا فرخِّص لهم، ونزلت هذه الآية (ليس عليك هداهم ولكن الله يهدي من يشاء، وما تنفقوا من خير فلأنفسكم، وما تنفقون إلا ابتغاء وجه الله، وما تنفقوا من خير يوف إليكم وأنتم لا تظلمون) (البقرة: 272).
وقد مدح الله الأبرار من عباده بقوله: (ويطعمون الطعام على حبه مسكينًا ويتيمًا وأسيرًا) (الإنسان: 8). وقد كان الأسرى حينئذ من أهل الشرك .
4- الوالدين والأبناء والزوجة :
إذا كان القريب بعيد القرابة ممن لا تلزم صاحب الزكاة نفقته، فلا حرج في إعطائه من زكاة قريبه سواء إعطاء القريب نفسه، أم غيره من المزكين، أو الإمام أو نائبه، أعني إدارة توزيع الزكاة، وسواء أعطي من سهم الفقراء أو المساكين أم من غيرهما.
أما القريب الوثيق القرابة – كالوالدين والأولاد ففي جواز إعطائهم من الزكاة تفصيل:
فإذا كان القريب يستحق الزكاة لأنه من العاملين عليها أو في الرقاب أو الغارمين أو في سبيل الله، فلقريبه أن يعطيه من زكاته ولا حرج؛ لأنه يستحق الزكاة هنا بوصف لا تأثير للقرابة فيه، ولا يجب على القريب – باسم القرابة – أن يؤدي عنه غُرمه، أو يتحمل عنه نفقة غزوه في سبيل الله، وما شابه ذلك.